Al Sabîl

Index

Information

A propos Al-Sabil

Numéros en texte
intégral

Numéro 14

2022 | 14

ملاحظات أولية حول نقائش زاوية الشيخ أحمد التليلي بفريانة

عامر الحاجي

الفهرس

الملخّص

لا تزال زاوية الشيخ أحمد التليلي بفريانة تحتوي على مجموعة من النقائش التاريخية المثبتة في مواضعها الأصلية في مداخل بعض مباني الزاوية (الأضرحة، المدرسة القرآنية، المسجد، الدور)، وباعتبار الأهمية العلمية والتاريخية والفنية التي تكتسيها هذه النصوص النقائشية كمصادر ذات علاقة مباشرة بالمعلم، إذ نجد بها عديد المعطيات الهامة، نصوص، أدعية، آيات قرآنية، تواريخ، اسم أحد النقاشين، ارتأينا تقديم هذه المجموعة النقائشية ومحاولة استخراج إضافتها بالنسبة إلى تاريخ الزاوية وعمارتها وإلى بلدة فريانة بشكل عام.

الكلمات المفاتيح

نقائش، قرية فريانة، الزاوية، أحمد التليلي.

Résumé

La zaouia de Sheikh Ahmed Al Tlili à Feriana, contient des inscriptions historiques fixées dans leurs positions d'origine à l’entrée de certains bâtiments de la zaouia : sanctuaires, l'école coranique, la mosquée, le rôle. Ces inscriptions ont une grande 'importance scientifique, historique et artistique en tant que sources directement liées au monument. Elles contiennent de nombreuses données importantes : des textes, des supplications, des versets coraniques, des dates, le nom de l'un des sculpteurs. Nous avons décidé de présenter ces inscriptions et essayer de souligner son apport à l'histoire de la zaouia ainsi que ses caractéristiques architecturales.

Mots clés

Inscriptions , Village de Feriana, la Zaouia, Ahmed Al Tlili.

Abstract

The Zawiya of Sheikh Ahmed Al Tlili in Feriana contains historical inscriptions fixed in their original positions at the entrance of some buildings of the Zawiya: sanctuaries, the Koranic school, the mosque, the role. These inscriptions have great scientific, historical and artistic importance as sources directly related to the monument. They contain many important data: texts, supplications, Koranic verses, dates, and the name of one of the sculptors. We have decided to present these inscriptions and try to highlight its contribution to the history of the Zawiya as well as its architectural characteristics.

Keywords

Inscriptions , Village of Feriana , The Zawiya , Ahmed Al Tlili.

المرجع لذكر المقال

عامر الحاجي، « ملاحظات أولية حول نقائش زاوية الشيخ أحمد التليلي بفريانة »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 14، سنة 2022.

URL : https://al-sabil.tn/?p=6338

تحميل

انقر لتحميل المقال

نص المقال

المقدمة

خلال الفترة الحديثة مثل تأسيس الزاوية الأحمدية بفريانة انطلاق مرحلة جديدة في تاريخ البلدة بشكل خاص والسباسب العليا الغربية عموما. ومن المصادر الأساسية التي يمكن دراستها لتعميق فهمنا لتطور تاريخ الزاوية نجد مجموعة هامة من النقائش التي لاتزال في أماكنها الأصلية.

هذه المجموعة النقائشية لم تتم دراستها من قبل، كنت قد اكتشفتها خلال العمل الميداني في إطار انجاز أطروحة الدكتوراه حول "التعمير والعمارة بفريانة ومجالها خلال العهد الحسيني 1705-1956"، حيث قمت بالإشارة إليها ونشر نصوصها خلال دراسة زاوية فريانة والمعالم المتأتية منها في الاطروحة1، ونظرا للأهمية البالغة لهذه النقائش في تاريخ الزاوية كان لابد من دراستها وتحليلها ضمن مقال مستقل.

نقدم في هذا البحث مجموعة النقائش التي تم العثور عليها بزاوية فريانة، إذ تم الاختيار على ثمان نقائش من أصل عشر نقائش بناءً على أهميتها من الناحيتين التاريخية والفنية إذ تم استثناء نقيشتا حمام سيدي تليل ودار سيدي عبد الرحيم. وتعتبر نقائش ضريح الولي أحمد التليلي ومقام جده تليل بن نصر والمدرسة القرآنية متماثلة من حيث الخصائص ولا تختلف عن بعضها إلا في النص والتاريخ، وكذاك تعتبر نقيشتا الجامع متماثلتين في الأبعاد والخصائص الفنية.

1- تقديم النقائش والتعليق عليها

1.1. نقيشة ضريح سيدي أحمد التليلي

.صورة 1. نقيشة ضريح الشيخ أحمد التليلي
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

النقيشة عبارة عن عدة أجزاء في أشكال مختلفة من حجارة الكذال الأصفر محاطة بالجليز متعدد الألوان. الجزء الرئيسي الذي نقشت عليه عبارات التأريخ مستطيل الشكل بطول 220 سم وعرض 53 سم وإذا أضفنا المحيط الزخرفي يصبح الطول 260 سم والعرض 104 سم، ويحيط بالمساحة المكتوبة شريط على شكل إفريز يحتوي على زخرفة هندسية ثم حزام ثان من مربعات جليز وإفريز ثالث من حجر الكذال من قسمين بزخرفة هندسية.

يتألف النص من أقسام منفصلة وفي أسطر غير منتظمة ويمكن اعتبارها ست أسطر ثلاث من الدائرة في الإفريز العلوي وثلاث مندمجة في النص الأصلي وربما يعود سبب هذا التوزيع غير المنتظم لمحتوى النص لغياب التخطيط المسبق من قبل النقاش.

وقد نحت النص بشكل بارز وكتبت حروفه بخط مغربي محلي مزخرف تغيب فيه علامات الإعراب أو الشكل وتمتلئ الفراغات بين الأحرف بزخرفة هندسية بسيطة على شكل دوائر ولا يزال النص تاما والنقيشة في حالة ممتازة.

تحتوي النقيشة على دعاء والبسملة والتصلية كاملة ودعاء مرة ثانية ثم تاريخ النقش بالإضافة إلى ذلك نجد زخرفة متنوعة هندسية، ونباتية، وخطية.

        النص

1-ما شاء الله ولا قوة إلا بالله.
2-بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد.
3-وعلى آله وصحبه وسلم.
4-اللهم اغفر لي / وافتح لي/ أبواب/ رحمتك.
5-عام 1178.

        التعليق

ضريح الولي أحمد التليلي، الجد المؤسس لزاوية فريانة الذي بدأ رحلته في التعلم عندما هاجر لطلب العلم الشرعي في الجنوب التونسي وتحديدا في زاوية سيدي أبو علي النفطي "بنفطة"2" ، ثم انتقل بعد ذلك إلى زاوية سيدي عبد الحفيظ بخنقة سيدي ناجي بالجزائر ليتولى القضاء بواد سوف بعد ذلك لمدة ثلاث سنوات حين قرر العودة لموطنه الأم " دشرة فريانة" لتأسيس مدرسة لتعليم القرآن 3.

وقد شرع في بناءها بدعم كبير من قبل قبائل السباسب العليا الغربية والشرق الجزائري، وقد تم ذلك بين سنوات 1728 و1732 أما التاريخ الموجود في النقيشة فيعود لسنة 1178 هجري/ 64-1765 ميلادي وهو تاريخ وفاة الولي 4.

2.1. نقيشة المدرسة القرآنية

.صورة 2. نقيشة المدرسة القرآنية
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

أنجزت هذه النقيشة من الكذال الأصفر، على شكل مستطيل بطول 263 سم وعرض 105 سم، قسم النقاش المحمل الى قسمين رئيسيين، محمل النقيشة الذي يحمل النص والمحيط الزخرفي المحيط بالنص من ثلاث جهات. كما تجدر الإشارة إلى أن المحمل متكون من عدة أجزاء وليس كتلة واحدة.

تم نحت النص بشكل بارز، كما أن أسطر النص غير منتظمة ومتداخلة، كتبت بخط محلي مغرب تتخلله زخرفة وتغيب فيه علامات الشكل والاعراب، وتم ملء باقي النقيشة بزخرفة متنوعة (هندسية ونباتية).

        النص

1-بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
2-قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.

        التعليق

بحسب ما ذكره الشيخ أحمد التليلي في نص مناقبه فإن فترة بناء المدرسة القرآنية تمت بين 1728 و1732 5 والنقيشة دون تاريخ ونرجح أنها وضعت في نفس الفترة التي وضعت فيها نقيشة ضريح الولي المؤسس أي 1765.

وهذا الترجيح بناء على عملية ربط قمنا بها بين المدرسة ومؤسسها فربما حاول الأحفاد التأريخ لوفاة جدهم بوضع نقيشة على ضريحه وفي نفس الوقت إعداد نقيشة للمدرسة دون كتابة التاريخ عليها بالإضافة إلى أن عملية المقارنة بين النقيشتين تبين أن نوعية الحجارة (المحمل) والخط نفسهما مما يعني أنهما من نفس المصدر وعلى يد نفس الخطاط على الأرجح.

وقد يكون عدم ذكر التاريخ كخيارٍ من النقاش لعله يعتبر أن كتابة التاريخ على نقيشة واحدة كافية باعتباره قام بنقش نقيشتين لنفس المعلم، أو لاعتبارات تتعلق بمساحة المحمل.

3.1. نقيشة مقام الشيخ تليل بن نصر

.صورة 3. نقيشة ضريح الشيخ تليل بن نصر
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

صُنعت نقيشة ضريح الجد تليل بن نصر، على محمل مستطيل الشكل بطول 2.64 سم وعرض 107 سم، قسمت على جزء رئيسي في الوسط نجد به نص النقيشة، يحيط بها ثلاثة أفاريز زخرفية على شكل أحزمة مستطيلة من ثلاث جهات فقط (الأعلى والجانبين؛ الأيمن والأيسر).

يتكون النص من ستة أسطر نقشت بطريقة غير منتظمة، حيث تداخلت أغلب الأسطر مع أحجام مختلفة، على الأرجح يعود ذلك لأسباب تقنية تتعلق بحجم المساحة الممكن التصرف فيها على المحمل وربما أيضا لأغراض فنية مما يضفي نوعا من الجمالية الزخرفية على النقيشة. كتب النص بخط مغربي محلي مزخرف دون شكل إعراب أو شكل مع زخرفة هندسية ونباتية في كامل المحمل النقائشي.

        النص

1-ما شاء الله ولا قوة إلا بالله.
2-بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد.
3-وعلى آله وصحبه وسلم.
4-اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب رحمتك.
5-صانعه فقير ربه أحمد بن حمودة الزغل.
6-عام 1309.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى مدخل مقام سيدي تليل بن نصر، جد الولي أحمد التليلي مؤسس الزاوية، حيث يذكر الحفيد في نص مناقبه بدقة قصة جلب رفات جده من قرية قنتيس الواقعة في مجال قبيلة أولاد سيدي عبيد الحدودية بين قفصة وتبسة 6.

والمعلوم لدينا من خلال مناقب أحمد التليلي التي يذكر فيها بوضوح عملية نقل رفات جده وما حفّ بها من أحداث وتفاصيل. أي أن عملية النقل حدثت في النصف الأول من القرن السابع عشر، بينما النقيشة المذكورة يبدو واضحا ومؤكدا أنها وضعت بعد بناء المقام بسنوات طويلة، فالراجح عندنا أن الضريح بني في نفس فترة بناء المدرسة القرآنية أي بين 1728 و71732 والتاريخ الموجود في النقيشة يعود لسنة 1309 هجري/ 91-1892 ميلادي، ربما يكون سبب تركيز النقيشة عملية ترميم أو تجديد، أو حتى لأسباب فنية خاصة وأن النقيشة من حيث نوع المحمل والشكل والزخرفة تتماثل مع نقيشتا ضريح الشيخ أحمد التليلي والمدرسة القرآنية.

وبالإشارة إلى صانع النقيشة أحمد بن حمودة الزغل، فإن بعض المراجع تشير إلى عائلة الزغل من العائلات الأندلسية التي هاجرت إلى إفريقية، واستقرت بمدينة صفاقس واشتغلت بمجال البناء 8 وهذا يؤشر لعملية تواصل بين قرية فريانة ومدينة صفاقس في مجال الزخرفة والبناء خلال هذه الفترة.

4.1. نقيشة مدخل دار الزاوية

.صورة 4. نقيشة مدخل دار الزاوية
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

النقيشة عبارة عن قطعة من الرخام الأصفر مستطيلة الشكل بطول 60 سم وعرض 40 سم، وإذا أضفنا المحيط الزخرفي يصبح الطول 80 سم والعرض 60 سم يحيط بالمساحة المكتوبة حزام على شكل إفريز يحتوي على زخرفة هندسية.

يتألف النص من خمس أسطر منظمة بشكلٍ واضح ومستقيم وقد نُحت النص بشكل بارز كتبت حروفه بخط مغربي محلي تغيب فيه علامات الإعراب أو الشكل ولا يزال النص تاما والنقيشة في حالة ممتازة.

تحتوي النقيشة على البسملة والتصلية والتوحيد وآية قرآنية ثم تاريخ النقش بالإضافة إلى ذلك نجد زخرفة بسيطة تحيط بالنقيشة.

        النص

1- بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد.
2- لا إله الا الله محمد رسول الله يا أيها الذين آمنوا.
3- اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر.
4- لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
5- عام 1304.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى مدخل بيت كبير على شكل "حوش"، بجانب الزاوية مباشرة وحسب موقعه وامتداده فإنه من الواضح أنه كان لأحد أحفاد الولي الذين يشرفون على أعمال الزاوية وأنشطتها التعليمية.

كما أن وجود نقيشة في منزل عائلة في قرية فريانة خلال هذه الفترة يعبر بوضوح على المستوى الاجتماعي والثقافي للعائلة، حيث أنه من غير المعتاد وجود نقائش في مداخل المباني بالدشرة عدا نقيشتا الزاوية، وبذلك فان وجود نقيشة في محل سكني خاص يعبر عن رغبة العائلة في إبراز تميزها الاجتماعي والثقافي عن باقي سكان القرية عبر هذه النقيشة البارزة للعموم.

5.1. نقيشة بهو دار الزاوية

.صورة 5. نقيشة بهو دار الزاوية
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

النقيشة عبارة عن كتابة بارزة في السقف باستعمال الملاط المستعمل في عملية التسقيف أصفر اللون، وقد نفذت الكتابة بمحيط على شكل مستطيل بطول 80 سم وعرض 40 سم.

        النص

1-عام 1304.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى بهو مدخل الحوش السابق والنقيشة عبارة عن تاريخ النقش، وربما يكون هو تاريخ إنشاء الحوش أو إعادة ترميم باعتبار أن التاريخ متأخر نسبيا عن إنشاء الزاوية الذي يعود إلى فترة تأسيس المدرسة بين سنوات 1728 و1732.

وبذلك فإن التاريخ المنقوش 1304 هجري أي 1886-1887 ميلادي الأرجح أنه يشير إلى عملية ترميم أو إعادة بناء في مدخل الحوش الذي كان مقرا لإحدى العائلات المشرفة على تسيير مدرسة فريانة وتوفير الخدمات لمريديها ولطلبة القرآن بها.

6.1. النقيشة الأولى لجامع الزاوية

.صورة 6. نقيشة المدخل الاول بيت الصلاة
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

نقيشة بيت الصلاة، تتكون من عدة أجزاء من الرخام، تم دمجها لتكون بأبعاد 1.52 سم طولا و29 سم عرضا، نقش عليها النص في أربعة أسطر غير منتظمة، ومفصولة، المحمل من الرخام الأصفر، وخط النقش النسخي المحلي الذي يتضمن علامات الاعراب والشكل.

        النص

1-بسم الله الرحمان الرحيم.
2-في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيه اسمه يسبح له فيها بالغدو.
3-والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
4-صدق الله العظيم.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى المدخل الأول لجامع الزاوية الذي تم إنشاؤه في منتصف القرن العشرين والذي أصبح فرعا زيتونيا سنوات 1947 و1948 9.

7.1. النقيشة الثانية لجامع الزاوية

.صورة 7. نقيشة المدخل الاول بيت الصلاة
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

تتمثل النقيشة في لوح من الرخام يتكون من خمسة أجزاء مركبة، بطول 1.50 سم وعرض 30 سم. ويتألف النص من سبعة أسطر غير منتظمة، وقد نقش النص بشكل بارز على لوح رخامي من عدة أجزاء، كتبت حروفه بخط نسخي محلي يتضمن علامات الإعراب والشكل ولا يزال النص تاما والنقيشة في حالة ممتازة.

تحتوي النقيشة على البسملة وآية قرآنية (سورة الجن، 18) وعبارتي الله ومحمد على الجانبين كل منهما وسط نجمة مثمنة. النقيشة دون تاريخ.

        النص

1-الله.
2-بسم الله الرحمان الرحيم.
3-وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا.
4-صدق الله العظيم.
5-محمد.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى المدخل الثاني لجامع الزاوية، وهي لا تزال في حالة ممتازة ولا يزال المسجد أيضا في حالة جيدة بفضل الصيانة الدائمة باعتباره لا يزال مفتوحا لأداء الصلوات، كما تقام به الاحتفالات الدينية (المولد النبوي الشريف، صلاة التراويح خلال شهر رمضان، حلقات الذكر...).

8.1. نقيشة مدخل حوش السوق

.صورة 8. نقيشة مدخل حوش السوق
المصدر : (إنجاز شخصي)

        تقديم

النقيشة عبارة عن كتابة بارزة في أعلى مدخل "الحوش" باستعمال الملاط المستعمل في عملية طلاء الحائط الخارجي أبيض اللون، ونفذت الكتابة بمحيط على شكل مستطيل بطول 80 سم وعرض 60 سم.

يتألف النص من ستة أسطر غير منتظمة والكتابة متداخلة بشكل كبير. نقش النص بشكل بارز على الناحية القبلية للحائط الخارجي للحوش دون محمل، كتبت حروفه بخط مغربي محلي تغيب فيه علامات الإعراب أو الشكل ولا يزال النص تاما والنقيشة في حالة ممتازة.

تحتوي النقيشة على البسملة والتاريخ وآية قرآنية (سورة الاحزاب، 70) ثم دعاء بالإضافة إلى ذلك نجد زخرفة بسيطة تحيط بالنقيشة.

        النص

1- بسم الله الرحمان الرحيم.
2- سنتا (هكذا) 1367.
3- يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا.
4- يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله.
5- فقد فاز فوزا عظيما.
6- يا من دخل وخرج ما بعد الضيق إلا الفرج.

        التعليق

توجد النقيشة في أعلى مدخل حوش في حومة الزاوية من ناحية السوق وهو مبنى من الحجم الكبير يحيل إلى المستوى الاجتماعي لصاحبه.

2- إضافـات النقائـش

رغم أن فريانة لا تحتوي على عدد كبير من النقائش وما هو موجود غير ثري من حيث المحتوى التاريخي أو الفني إلا أن هذه المجموعة تعبر عن انخراط البلدة في نوع من الحركية الثقافية والفنية التي انتشرت في أغلب القرى والمدن في الايالة التونسية في تلك الحقبة.

فالمجموعة النقائشية تعتبر مصدرا مهما لقراءة بعض الملامح التاريخية المتعلقة بعمليات التوسع العمراني أو الترميم والإصلاح المعماري في محيط المدرسة القرآنية في فترات تاريخية مختلفة ومتباعدة امتدت منذ منتصف القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن العشرين.

وتقدم لنا مجموعة النقائش المتناولة بالدراسة إضافات على مستويات عديدة سواء في الشكل أو في المضمون مما يتيح لنا فهم الكثير من المعطيات المعمارية والفنية المتعلقة بظاهرة التعمير بدشرة فريانة وزاويتها.

أما بالنسبة إلى محامل النقائش فإنها تبدو غير محلية وقد تم جلبها من مكان بعيد ربما تكون قفصة أو صفاقس أو حتى بلاد الجريد، بالإضافة إلى أن عملية الاعداد للنقش والنقل تكون مكلفة ماديا، فالرخام الأصفر غير متوفر في مجال فريانة ولم تعرف بإنتاجه في مختلف الفترات.

كما أن عملية النقش قام بها نقاشون من خارج فريانة وقد ذكر اسم أحدهم ونسبه الذي يحيل إلى أنه من أصل صفاقسي وهو ما يؤكد أن من قام بعملية النقش والتنفيذ من الجهات المجاورة التي انتشر فيها هذا النوع من الفنون في تلك الفترة مثل صفاقس وقفصة وجهة الجريد، وهذا لا يختلف عن عملية بناء الزاوية والمعالم المجاورة لها التي قام بها بناؤون من قفصة ومن بلاد نفزاوة مثلما يذكر الشيخ أحمد التليلي في مخطوط مناقبه.

أما نوعية الخط والزخرفة فقد تنوعت ولم تكن من نفس الصنف فقد تم اعتماد أكثر من طريقة في الكتابة ربما يرجع ذلك إلى حجم المحمل ومقارنته مع النص أو لطبيعة المهارة التي يتقنها الخطاط كما تنوعت الزخارف بين خطية وهندسية وبعض الأشكال النباتية.

وفي مجملها تحتوي النقائش على عبارات دينية موزعة بين آيات قرآنية وأدعية، بالإضافة إلى بعض المعطيات المتعلقة بالتاريخ مثل من قام بالكتابة أو تاريخ النقش في بعض النقائش، وبشكل عام فإننا لا نجد الكثير من المعطيات الدقيقة، عدا النقيشتان اللتان ذكر فيهما تاريخ النقش بدقة بالإضافة إلى اسم النقاش وصفته وهو ما منحنا مساحة للتعرف على أصول النقاشين.

كما أن الأماكن التي وجدت فيها النقائش (الزاوية وبعض الأحواش المحيطة بها)، تعبر عن المستوى الثقافي والاجتماعي لأصحاب هذه الأماكن وللمشرفين عليها وعن علاقاتهم الثقافية والتجارية بمناطق بعيدة من الايالة (صفاقس وبلاد الجريد).

ثقافيا، فان وصول هذه الضروب من الفنون إلى جهة السباسب العليا الغربية وتجسيدها في بعض المعالم بدشرة فريانة وإن كان ذلك بشكل محدود فإنه يؤشر لحالة التبادل الثقافي والفني مع جهات كانت لها علاقات تجارية هامة مع أهل الدشرة مثل بلاد الجريد وصفاقس، حيث ينتسب أغلب التجار في فريانة إلى الجهتين المذكورتين إلى حدود وقتنا الحالي.

تاريخيا تبين مجموع النقائش بوضوح حملة التوسع العمراني لمحيط الزاوية، إذ انطلقت مع بناء مقام الجد تليل بن نصر، ثم تأسيس الزاوية والتغييرات والإضافات التي لحقت بها وأبرزها بناء الجامع الذي تحول لفرع زيتوني.

ختاما من المهم الإشارة إلى تعرض نقيشتين من المجموعة إلى عملية تشويه بعد طلائها بالدهن من قبل إدارة الزاوية خلال عملية تهيئة المعلم إبان الاستعداد لاحتفالات "الزردة" خلال خريف 2020، مما يبين أهمية توثيق وحماية هذه النقائش كمادة وثائقية تاريخية وموروث فني محلي ووطني.

        ملاحــق

.صورة 9. نقيشة ضريح الشيخ أحمد التليلي بعد تعرضها للتشويه بالدهن الصناعي
المصدر : (تصوير شخصي)
.صورة 10. نقيشة المدرسة القرآنية بعد تعرضها للتشويه بالدهن
المصدر : (تصوير شخصي)

الهوامش

1- حاجي عامر، 2019، ص 180-199.

2 Ltifi Adel, 2006, p. 167-182-
   Alouani, Saleh, 2010, p. 169-183-

3 اللطيفي محمد الطاهر، 2007، ص 10.
اللطيفي محمد الطاهر، 1987، ص 4-16.
اللطيفي عادل،2001، ص 11-152.
4 التليلي محسن، 2002، ص 98-124.
التليلي محسن، 1988، ص 8-25.
5 التليلي أحمد، المناقب، مخطوط
6 لماجري الأزهر،2007، ص 123-175.
7 التليلي احمد، المناقب، مخطوط
8 الحمروني أحمد، 2017.

9 Série (D)-carton 15- dossier 04- 193, Mosquée de Feriana
Série (D)-carton 63 bis- dossier 01, Mosquée de Feriana
Série (D)-carton 133 - dossier 02, Zaouia de Feriana

المصادر والمراجع

Archives
Série (D)-carton 15- dossier 04- 193, Mosquée de Feriana
Série (D)-carton 63 bis- dossier 01, Mosquée de Feriana
Série (D)-carton 133 - dossier 02, Zaouia de Feriana

التليلي، احمد، المناقب، مخطوط.
التليلي محسن، 2002، زاوية الشيخ احمد التليلي بفريانة، قراءة في أصول أولاد سيدي تليل وتاريخ مؤسستهم الدينية، سوسة، مطبعة العلم، 1998.
التليلي محسن، 1988، الشيخ أحمد التليلي، حياته وآثاره، شهادة الكفاءة في البحث، إشراف الأستاذ سعد غراب، جامعة تونس، كلية الآداب.
اللطيفي محمد الطاهر،2007، بلاد فريانة قديما وحديثا، (فريانة، تلابت، ماجل بالعباس)، تونس.
اللطيفي محمد الطاهر، 1987، موجز في تاريخ سيدي تليل والأعلام من أبنائه، القصرين، مطبعة الاب.
الحمروني، أحمد، 2017، مقالات ومطالعات موريسكية، تونس.
الماجري الأزهر،2007، قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر (في جدلية العلاقة بين المحلي والمركزي)، منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيات، منوبة.
لطيفي عادل،2001، زاوية سيدي احمد التليلي بفريانة: تطورات المؤسسة والعائلة بين 1730-1959، دكتوراه تاريخ، كلية العلوم الإنسانية الاجتماعية بتونس.
حاجي عامر، 2019، التعمير والعمارة بفريانة ومجالها خلال العهد الحسيني (1705_1956)، أطروحة دكتوراه في التاريخ والاثار والتراث، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.

ALOUANI, Saleh, 2010, Tribus et marabouts, A‘râb et walâya dans l’intérieur de l’Ifriqiya entre le VIe/XIIe et les XIIe/XVIIIe siècles, Academia Scientiarum Fennica, Finlande
LTIFI Adel, 2006, «la famille maraboutique de sidi Ahmad Tlili : un exemple d’alliances matrimoniales de notables », in être notable au Maghreb dynamique des configurations notabiliaires, direction Henia Abdelhamid, IRMC, Tunis p 167-182

الكاتب

عامر الحاجي

أستاذ بالمدرسة الكندية ـ مخبر الآثار والعمارة المغاربية.

Retour en haut