Al Sabîl

Index

Table des matiéres
Résumé
Télechargement
Texte Integral
Notes
Bibliographie
Auteur

Information

01 | 2016

أسواق صفاقس من خلال وثيقة مؤرخة من سنة 1652

فوزي محفوظ

الملخص

نقدم في هذه الورقة وثيقة محفوظة في متحف الفنون والتقاليد الشّعبية، دار الجلولي بمدينة صفاقس، أشار إليها مستعملا فقرة من نصها الكامل، المرحوم أبو بكر عبد الكافي في الجزء الأول من كتابه تاريخ صفاقس. واستغلها استغلالا جيدا الأستاذ علي الزواري في مناسبتين الأولى في مقال له بالفرنسية حول فندق الحدّادين ترجم فيه نصها وعلّق عليها، والثانية في ثنايا كتابه الصّادر مؤخرا تحت عنوان "صفاقس في القرنين الثامن والتاسع عشر: قصة مدينة متوسطية". وهي، فيما نقدر من الوثائق الثّرية التي تنير التاريخ المحلي والوطني

Dans cet article, nous présentons un document conservé au Musée des Arts et Traditions populaires, Dar Al-Jalouli dans la ville de Sfax, auquel a fait référence, à travers un paragraphe de son texte complet, par feu Abou Bakr Abdel Kafi dans le première partie de son livre, L'Histoire de Sfax. Le professeur Ali Al-Zawari en a fait bon usage à deux reprises, la première dans un article qu'il a écrit en français sur l'hôtel Haddadine dans lequel il en a traduit et commenté le texte, et la seconde dans son livre récemment paru intitulé « Sfax en les XVIIIe et XIXe siècles : l’histoire d’une ville méditerranéenne. Ce sont, comme on l’apprécie, de riches documents qui éclairent l’histoire locale et nationale.

In this paper, we present a document preserved in the Museum of Popular Arts and Traditions, Dar Al-Jalouli in the city of Sfax, which was referred to, using a paragraph from its complete text, by the late Abu Bakr Abdel Kafi in the first part of his book, The History of Sfax. Professor Ali Al-Zawari made good use of it on two occasions, the first in an article he wrote in French about the Haddadine Hotel in which he translated its text and commented on it, and the second in his recently published book entitled “Sfax in the Eighteenth and Nineteenth Centuries: The Story of a Mediterranean City.” They are, as we appreciate, rich documents that illuminate local and national history

الكلمات المفاتيح

صفاقس، أسواق، القرن التاسع عشر، السبيل، التاريخ الاقتصادي، سيالة، حمودة باشا المرادي، العهد العثماني

المرجع لذكر المقال

فوزي محفوظ، «أسواق صفاقس من خلال وثيقة مؤرخة من سنة 1652»، في السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية ]نسخة الكترونية]، عدد 1، 2016. http://www.al-sabil.tn/?p=2039

تحميل

Cliquez pour télecharger l’article

مقال

مقدمة

نقدم في هذه الورقة وثيقة محفوظة في متحف الفنون والتقاليد الشّعبية، دار الجلولي بمدينة صفاقس1 ، أشار إليها مستعملا فقرة من نصها الكامل، المرحوم أبو بكر عبد الكافي في الجزء الأول من كتابه تاريخ صفاقس 2. واستغلها استغلالا جيدا الأستاذ علي الزواري في مناسبتين الأولى في مقال له بالفرنسية حول فندق الحدّادين ترجم فيه نصها وعلّق عليها 3 ، والثانية في ثنايا كتابه الصّادر مؤخرا تحت عنوان "صفاقس في القرنين الثامن والتاسع عشر: قصة مدينة متوسطية" 4. وهي، فيما نقدر من الوثائق الثّرية التي تنير التاريخ المحلي والوطني. وتكمن أهميتها في عدة نواح، فهي تعود إلى منتصف القرن السابع عشر وقد أُرّخت بـ"أوايل ربيع الثاني من سنة اثنتين وستين وألف" (1062هـ) الموافق تقريبا لـبدايات مارس 1652م، وهي حقبة تقل فيها الوثائق الأرشيفية المحلية5 ، ذلك أن أغلب ما لدينا يعود إلى القرنين الثامن والتاسع عشر. وبالتّالي، لا يزال القرن السابع عشر في كثير من جوانبه غامضا يستدعي مزيدا من الاهتمام بالبحث عن الوثائق. وهذه الملاحظة يمكن أن تطلق على كامل البلاد التّونسية، لكنها تنطبق أكثر على مدينة صفاقس موضوع الوثيقة التي بين أيدينا. ويمثل منتصف القرن السّابع عشر إحدى الفترات الانتقالية الأساسية في تاريخ البلاد التّونسية إذ يوافق عهد حمودة باشا المرادي، أعظم البايات المراديين، عمل على تطوير سلطة الحكم ودواليب الدولة وجيشها وتنشيط الدّورة الاقتصادية فكان ذلك سببا في نمو الإنتاج بمختلف أرجاء البلاد وازدهار التجارة داخليا و خارجيا، ونتيجة لهذه الانتعاشة تطورت المجالات الحضرية وشهدت نهضة معمارية بعدما عرفته من أفول في القرن السادس عشر. و للوثيقة كذلك فوائد مؤكدة، تتعلق بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والعسكري للمدينة. ولذلك هي من أهم ما يمكن اعتماده لدراسة الإدارة المركزية والمحلية ومعرفة المشهد العام لأسواق المدينة العتيقة وتطورها

نص الوثيقة

"بسم الله الرحمان الرحيم صلى الله عليه على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما بعد أن كان المكرم المرعي أبو عبد الله محمد بن المرحوم أبي عبد الله السيالا 6 ابتاع من جانب بيت المال جميع الخراب الكائن قرب باب الجبلي من صفاقس يحده غربا رحبة الذبح وقبلة للخراط وغيره وشرقا لعباس وغيره وجوفا مخازن جوفية الباب بسوق النجارين له ولغيره مع ميضات 7 هنالك واستجد في ناحية منه مما يلي الشرق خمسة حوانت 8 لبيع اللحم هنالك ملاصقة لغران 9 المخازن المذكورة،10 فقيم عليه في الخراب المذكور أنه كان فندقا محبسا على برج كرك المجاور لمقام سيدي منصور خارج صفاقس من شرقيها، ونازعه في ذلك من له النظر على حبس سور مدينة صفاقس مع جماعة من أهل البلد، أن البرج المذكور كان احتاج لإصلاح وبناء فأسرف 11عليه من حبس السّور وأن الحوانيت التي استجدها في الخراب داخلة في الفندق. وأتوا بأمر من الديوان المنصور مع أمر من المعظم الأرفع الأضخم أبي عبد الله محمد باي صاحب المحال المنصورة لآغة النوبة، بأنه إن ثبت حبس الفندق يرفع المكرم محمد السيالا يده عنه وإن لم يثبت يبقا بيده12. فحضر الآن لمجلس المعظم مصطفا 13 بلكباشي آغة صفاقس حين التاريخ من له النظر في الحبس وهو الأمين لطيف الأومي والحاج سعيد بوعصيدة المقدم عليه مع جماعة من أهل البلد وحضر محمد المذكور وحضر بالمجلس المكرم الأجل القايد مراد قايد صفاقس والفقيه النايب في الأحكام الشرعية مع من حضر من أهل العلم وطلبوا من المكرم محمد السيالا المذكور رفع يده عن الخراب لثبوت حبسه على ما ذكر بابتياع حانوت جوفي بسوق النجارين من الحوانيت المحدد بها ويجعل سقيفة ومدخلا للفندق المذكور المحبس على ما ذكر وذلك عن إذن أمير المؤمنين الحفصيين بتونس حينئذ وبتقديم أيضا من بعض القضات 14لمن يتولا 15 النظر في الفندق وإكرائه وإصلاحه عن جانب الحبس وتحديد الفندق من الغرب فيه فقط برحبة الذبح. فادعا 16 المكرم محمد أن الموضع الذي بنا 17 فيه الخمسة حوانيت غير داخل في الفندق المحبس وإنما هو فندق آخر مستقل يذكر بفندق الفخارين غير حبس وليس عليه يد لأحد وبيع بيت المال فيه ماض وزعم أن هنالك أثر ساس 18 فاصل بين الموضعين فالذي هو من جهة الغرب المجاور لرحبة الذبح حبس وأن هذا غير حبس فعورض بأن الساس قد انقطع وفيه أثر مدخل للآخر وأن فندق الحبس كان أكري لعمل الفخار فصار يسما19 به وذلك مما يثبته حبسا فوقع إشكال فيه من طول مدته خرابا وعدم تحديده من بقية الجهات فرغب الحاضرون من المكرم محمد المذكور أن يرفع يده عن ذلك ويكون الجميع حبسا إن كان أصله واحدا فقد سلم منه في الدنيا والآخرة وإن لم يكن كذلك فيبقا 20 ثوابه له وأن الحوانيت الخمسة التي بناها يبقا 21 البناء له ملكا يتصرف فيها ويعطي كراء أرضها لجانب الحبس المذكور ريالين ونصف في كل عام لأن الحبس ليس له ما يدفع منه قيمة البنا22 وبمقتضا 23 أمر سابق من الديوان المنصور بتونس المحروسة أن الخراب الحبس إذا لم يكن في حبسه فضل يكرا 24 أرضا لمن يبني فيه ويتملك البناء [...] أبي يوسف وغيرها، فقبل منهم ذلك وأشهد أنه تمم جميع ذلك الحبس المذكور ورفع يده عنه وأسقط فيه الدعوا والمقال والتزم كراء أرض الخمسة حوانيت المذكورة بريالين ونصف عن كل عام من عام التاريخ بموافقة الفقيه النايب المشار إليه سدده له وأكرا له [كل ما] ذكر بموافقة المعظمين الآغة والقايد المذكورين والمقدم والناظر والجماعة لما رأوا في ذلك من الصلاح والسداد وتفرقوا على الرضا مكاراة صحيحة عارفين قدرها بثبوت القيمة في الكراء المذكور ودفع المكتري كراء عام التاريخ للمقدم والناظر صير ذلك في 25 مصالح الحبس ولمجلس الآغة فمن حضر المجلس المذكور وسمع فيه من إبراء على نحو ما ذكر من إسقاط ... غير ذلك به شهادته بتاريخ أوايل ربيع الثاني عام اثنين وستين وألف وكتب مثله بيد المكتري وبجميع... إمضاء العدل عبد الله ... محمد الشّرفي عفا 26 الله تعالى عنه بمنه وأحمد السماوي لطف الله به بمنه

. مدينة غار الملح (ديوان رسم الخرائط وقيس الأراضي)

أولا : أطراف النزاع، أعيان المدينة

هذه الوثيقة هي كما يفهم من نصها الذي عرضناه أعلاه، محضر جلسة صلح بين التّاجر محمد السّيالا (السّيالة) والمشرفين على إدارة الأحباس. وصورة الإشكال، أن التّاجر محمد السّيالة اشترى من بيت المال أرضا خرابا داخل المدينة قرب الباب الجبلي وهو الباب الشمالي لمدينة صفاقس. وأقام بهذا الخراب خمسة حوانيت لبيع اللّحم، غير أن المسؤولين عن الأحباس عارضوا الشّراء والبناء محتجين بأن الأرض التي شيدت عليها الدّكاكين هي في الأصل فندق حبس من أحباس السّور منذ العهد الحفصي، ولقد حاول التّاجر محمد السّيالة إبطال هذا القول، مبينا أن الأرض التي اشتراها ليست تابعة للفندق المحبس بل تابعة لفندق مجاور ليس فيه تحبيس وهو فندق الفخارين. وبعد أن عرض كل جانب قرائنه تم الاتفاق على أن تبقى ملكية الحوانيت لبانيها في حين يحتفظ الحبس بملكيته للأرض، فيستغل التّاجر محمد السّيالة حوانيته ويدفع مقدار ريالين ونصف في السّنة، مقابل كرائه للأرض التي أقيمت عليها الدكاكين. " يبقا البناء له ملكا يتصرف فيها ويعطي كراء أرضها لجانب الحبس المذكور ريالين ونصف في كل عام" و"الحجة" مؤرخة بـ"أوايل" ربيع الثاني سنة 1062هـ أي بدايات شهر مارس سنة 1652م، وقد حررها عدلان من عدول الإشهاد هما : أحمد السّماوي و محمد الشّرفي، وكلاهما ينتمي إلى عائلة عريقة من عائلات صفاقس. فعائلة السّماوي، التي لا تزال معروفة إلى اليوم، من العائلات القديمة المرموقة، وهذه الإشارة إليها هي أقدم ما ورد عنها في صفاقس حسب علمنا. وهي إشارة أقدم من تلك التي وردت في نقيشة القصبة المؤرخة في سنة 1738 والتي ذكر فيها: "المعلم الأمين الحاج قاسم السّماوي" وهو الذي تولى ترميم القصبة27 . أما العدل الثّاني، فهو ينتمي إلى عائلة الشّرفي. وهذه الأسرة مشهورة وهي بيت من بيوت العلم والفقه. استقرت بصفاقس منذ العصر الزيري أو قبل ذلك، ولكن ذاع صيتها في العصر الحفصي، فأسّست ورشة لصنع "الطّبلات "28 والخرائط البحرية. وقد وصلتنا خرائط وأطالس خمسة علماء من أبناء الشّرفي، امتد نشاطهم من سنة 1551 إلى سنة 1814. ونذكر من بينهم: علي بن أحمد بن محمد الشّرفي (1551) ومحمد بن عبد العزيز الشّرفي (نهاية القرن 17) وأحمد بن عبد العزيز الشّرفي (1669) ومحمد بن علي الشّرفي (1601) 29. كما جاء ذكر الخطيب الإمام محمد عبد السلام الشّرفي في نقيشة مؤرخة من سنة 301630 . أورد محمود مقديش من جهته في كتابه نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار قائمة في أسماء شخصيات علمية من آل الشّرفي منهم : الشيخ محمد ابن المؤدب الشّرفي (عاصر حسين بن علي باي وشيّد أول مدرسة بصفاقس 31 و توفيّ سنة 1744)، والشيخ أبو محمد حسن الشّرفي (تولّى خطبة الجامع الكبير سنة 1752)، والشيخ أحمد بن محمد الشّرفي (كان قاضيا سنة 1752)، وأحمد بن محمد بن عبد السلام الشّرفي، المكنى بأبي العباس، المتوفي سنة 1774 وقد كان والده شيخا على رواق المغاربة بالأزهر، والشيخ أحمد الشّرفي (توفي سنة 1781 ) والشيخ الطيب الشّرفي (توفي قبل سنة 1785 ) وأحمد بن أحمد الشّرفي (كان حيا زمن مقديش في نهاية القرن الثامن عشر) وأبو عبد الله محمد بن حسن الشّرفي (كان حيا زمن مقديش في نهاية القرن الثامن عشر)32 . وقد حاول الأستاذ على الزواري وضع شجرة من جذعين لعائلة الشّرفي في القرن الثامن عشر الميلادي و تسنّى له الوصول إلى ثلاثة عشر اسما ممن تولوا القضاء والإفتاء في صفاقس. واعتقادي، أن هذه الوثيقة تضيف علما كان مجهولا من عائلة الشّرفي، وهو من النّخبة المتعلمة بالمدينة لاضطلاعه بمهنة العدل-الكاتب، وهي من المهن الرّاقية التي تتطلب ممارستها معرفة بالعلوم الدينية وعلم الفرائض على وجه الخصوص. ولكن الوثيقة تؤكد حقيقة أخرى هي ضعف التكوين الذي كان عليه العدول عامّة وهو ما نلمسه في استعمال الألفاظ العامّية كقولهم "ساس" عوض أساس أو جدار، وقولهم "فضل" وهي عبارة تعني بقية ما تبقى أو الفواضل. كما نجد أخطاء عديدة في الرّسم مثل: "قضات" وصحيحه قضاة و"صيّر" ذلك في مصالح الحبس، وهو يعني سجله في مصالح الحبس، و"السيالا" عوض السّيالة و"بمقتضا" عوض بمقتضى ...إلخ. ومهنة العدول أو عدول- الإشهاد كانت، كما نعلم، من المهن الهامّة في المدن الإسلامية التي كانت فيها المجتمعات تعاني من الجهل وضعف مستوى التّعليم و قلّة عدد من يحسن القراءة والكتابة. فكان العدل يقوم إلى حد ما بدور الكاتب العمومي ولكن وظيفته الأساسية ارتبطت جوهريا بالمعاملات الاقتصادية والأحوال الشخصية في المدن والأرياف. فكلما نشطت الحركة الاقتصادية وازدهرت المعاملات العقارية والمسائل الشّخصية (زواج وطلاق...)، زاد عدد العدول. ولذلك نرى أنه ومنذ القرن السابع عشر بدأ عدد العدول يرتفع في مدينة صفاقس. وقد أحصى الأستاذ علي الزواري في القرنين 18 و19 حوالي 69 عدلا بالمدينة، تجمعوا كلهم بسوق منفرد غير بعيد عن الجامع الأعظم كان ولا يزال يحمل اسم سوق العدول. ويستمد العدل شرعيته وشرفه وألقه من القرآن، فبوّأه ذلك مكانة متميزة في المجتمع. وقد جاء في سورة البقرة الآية 282 : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ وتبقى مسألة تعيين العدول من المسائل القائمة التي لا تزال تطرح على الباحثين. ففي العهد الحفصي وربما قبله كان "قاضي القضاة" أو "قاضي الجماعة" يعين عدول مختلف مدن إفريقية وقراها الكبرى ويشرف عليهم بصفة مباشرة. و في العهد الحسيني، صار تعيين العدول من مشمولات الباي الذي عادة ما كان يكتفي بالتأشير على المطالب الواردة إليه والتي حصلت قبل ذلك على تزكية قائد المدينة وأعيانها من العلماء والفقهاء. ولن تعرف الخطة تنظيما محكما إلاّ خلال القرن التّاسع عشر. ولذلك كانت مهنة العدل من المهن الراقية المربحة التي توفر لمن يتعاطاها المال والجاه. وهذا ما يفسر جمع أغلب العدول بين ممارسة مهنة الإشهاد من جهة وإمامة المساجد والتدريس من جهة ثانية وقد تكون هذه حالة كاتب العقد أعلاه. والأصل أن يكون العدل من أهل العلم والثّقة مستقيم السّلوك، ملما بالمسائل الدّينية والفقهية الشّرعية، متقنا لأسلوب تحرير العقود والوثائق في شتّى المجالات. غير أن هذه الشروط لم تكن من الناحية العملية كافية للحصول على رخصة ممارسة المهنة. فقد كانت في الواقع كثيرا ما تنحصر في بعض العائلات. وهذا يعني أن عامل التوريث لعب دورا في إسنادها وممارستها وكان من العوامل الميسرة لتقلدها. وجعل هذا الاعتماد أرباب المهنة والمزاولين لها أشبه ما يكونون بالمجموعة المغلقة التي يعسر على "غير المنتمين" الانضمام إليها. وهي خطط احتكرتها بعض العائلات التي أصبحت تنعت عبر الزمن بالعائلات الدينية، ويدخل هذا الاحتكار المزدوج للخطط الدينية والعدالة في باب احتكار خطط الوجاهة والمكانة الاجتماعية والمادية. وقد اشتهرت عائلة الشّرفي في صفاقس بارتفاع عدد أفرادها من الذين تداولوا على هذه المهنة، وقدر ذلك بـ : 22 عدلا في القرنين 18 و19. وتصدق نفس الملاحظة على مدينة تونس التي اشتهرت فيها بعض العائلات بممارسة العدلية مثل عائلة الشّريف والرّصاع ومهاود وغيرها. وبالرجوع إلى أطراف النزاع نتبيّن أن: - الطرف الأساسي المدّعى عليه هو التّاجر أبو عبد الله محمد السّيالة. ولا تطلعنا الوثيقة على نوعية التجارة التي كان يتعاطاها، أهي تجارة محلية أم تجارة كبرى. كما لا تطلعنا على المواد المتاجر بها. وتذكر أن الرجل كان من الملاكين العقاريين، تمكن من شراء الخراب القريب من باب الجبلي من بيت المال. وينتمي محمد السّيالة إلى عائلة وصفها ابن أبي الضياف "بالبيت العريق 33 وقد جاء ذكر بعض أفرادها المستقرين بصفاقس في نقائش المدينة ومن بين من ذكر نجد : "عبد الله محمد بن عبد الله السّيالة" الذي جدّد من ماله الخاص، سنة 1649 حمام السلطان بصفاقس وهو أقدم حمام بالمدينة 34، ومن الواضح أن مرمم الحمام هو عينه المذكور في وثيقتنا، وهو بالتالي صاحب الدكاكين موضوع النزاع.(ويبدو من الواضح أن مرمّم الحمام هو عينه المذكور في وثيقتنا. ويكون بالتالي صاحب الدكاكين موضوع النزاع) ونعرف من أفراد أسرة السّيالة "المعين عطية السّيالة" الذي ساهم سنة 1684 في إعادة بناء مسجد سيدي بوشويشة القريب جدا من الدّكاكين الوارد ذكرها في وثيقتنا 35. ونجد من نفس العائلة "الرايس محمد السّيالة" الذّي شارك في إعادة بناء مسجد سيدي البحري قرب باب الديوان في القرن الثامن عشر 36 هذا من جهة. من جهة ثانية لا بد أن ننزّل الوثيقة ضمن إطار أشمل يتمثل في ما يعرف بأراضي السياليين وعقاراتهم. فهذه العائلة قديمة الاستيطان في مدينة صفاقس وترجعها الذاكرة الشعبية إلى الفترة الأغلبية وهو ما يتعذّر التحقق منه بصفة قطعية. ويتأكدّ لدينا المؤكد أنها كانت بالفعل من العائلات النافذة الثرية بالمدينة في العهد الحفصي وفي العصر العثماني. وقد كانت تمتلك أراض على غاية من الامتداد بجهة صفاقس يصعب حصرها بدقة. ويتضح من هذه الوثيقة بصفة جلية أن العلاقة الوطيدة مع السّلطة المركزية والحظوة التي كانت تتمتع بها مكنتها من الحصول على الكثير من الإقطاعات والامتيازات في المعاملات مع "بيت مال المسلمين". ويختلف بيت المال، في الفترة التي تعنينا، عن المؤسسة القديمة التي برزت في صدر الإسلام والتي كانت أشبه ما يكون بخزينة الدولة العامة. تتجمع بها جميع المداخيل. وتتولى صرف الأجور والأرزاق. وتسهر على إنجاز المشاريع العمومية. فقد أصبحت في الفترة المتأخرة التي نحن بصددها جهازا إداريا معقدا. انحسرت مهمته واقتصرت على الإشراف على الأراضي الموات والممتلكات المهملة التي انقرض أصحابها بفعل عمليات التحبيس المتكررة وانعدام العقب. فبيت المال هو وارث من لا وارث له. ويوجد مقره المركزي بمدينة تونس الحاضرة. كما كان له نواب في المدن الكبرى التي منها صفاقس. وكان في بداية الوجود العثماني بتونس تحت إشراف الديوان العسكري. ثمّ فقد مكانته مع ظهور مؤسسة مالية جديدة مرتبطة بتطور مكانة البايات وهي مؤسسة "بيت خزندار". ولئن بقي بيت مال المسلمين تابعا للديوان إلا أنه كان من ضمن بعض المؤسسات الفرعية المتخصصة مثل بيت "مال العبيد" و"بيت مال الحنفية" وغيرها. وجاء هذا الدور الجديد نسبيا لبيت المال المختلف عن دوره في الفترة السابقة نتيجة تطور الأوضاع العقارية بالبلاد الإسلامية عامة. إذ يكفي أن نتصفح كتب الفقه والنوازل لنرى كثرة الأراضي المهملة التي تخلى عنها أصحابها أو انقطعت صلتهم بها. وكان هذا الوضع العقاري المتردي قائما في مدينة تونس والقيروان وصفاقس وغيرها من المدن العربية الإسلامية التي تأثرت كثيرا بأزمة القرن السادس عشر. وبطبيعة الحال كانت هذه الأراضي ومختلف العقارات، سواء الخربة أو المهجورة، مطمع الكثيرين خاصة بعد الانتعاشة وفي عهد حمودة باشا المرادي (1631-1666). ولا نشك في أنها كانت سهلة المنال للنافذين والمقربين من السّلطة، بسبب انعدام المنافسين لضعف الثروات إثر سقوط الحفصيين وبدايات العثمانيين بالإيالة. وقد كان بعض الأعيان الذين انخرطوا مبكرا في التشكيلة الحاكمة والدورة الاقتصادية الجديدة يتحصلون على هذه الأراضي والعقارات بأيسر السبل وأقلّ التكاليف. ولعل هذا هو وضع محمد السّيالة الذي تمكن من شراء الخراب قرب باب الجبلي من بيت المال. كما تمكن كذلك من اقتناء حمام السلطان وبعض العقارات الأخرى داخل المدينة وخارجها مما أنمى الرصيد العقاري لهذه العائلة التي أصبحت بلا منازع من أكبر الملاكين العقاريين بالبلاد التونسية. من الناحية الشكلية قدمت الشكوى للديوان باعتباره المسؤول على بيت المال في تلك الفترة، والمشرف على كل ما يتصل بالمسائل العسكرية والدفاعية. وحيث أن المكان كان حبسا من أحباس السور فهو يعود بالنظر إلى الديوان، الذي نراه في صفاقس يتدخل باستمرار في المباني ذات الطابع العسكري وبالخصوص في أبواب المدينة وقلعتها و منارتها. ويتمثّل الطرف القائم بالدعوى في شخصيات رسمية راجعة بالنظر إلى الديوان في الحاضرة تونس. وهو كما نعلم، من المؤسسات التي أنشأت بالبلد مع قدوم العثمانيين وكان الديوان، أيام الباشاوات، مجلسا ينظر في شتى المسائل السياسية والإدارية والقضائية والعسكرية. وضمّ في بداية أمره كبار الضباط من الانكشارية. ثم أصبح بعد واقعة البولكباشية سنة 1591 للضباط الصغار أهمية متزايدة. واستطاع عثمان داي إعادة ترتيبه. وكان يحكم منه. وهو يضم حوالي 100 أوضباشي و24 بلكباشي علاوة على من يحضره من أعيان البلد. وقد عرف تنظيمه تغيّرات حسب الفترات ليتحول تدريجيا من مركز الحكم إلى مؤسسة مشرفة على جوانب من الشؤون العسكرية. ولذلك كان في فترة الصراع بين البايات والدايات محلّ تجاذبات سياسية أثرت فيه. وشكل في حالات الفراغ السياسي أو الصراع ما يمكن أن ينعت بالمحكمة العليا. ونحصي من بين قرارات الديوان المصيرية اختيار حسين بن علي بايا، ومحمد خوجة الأصفر دايا بعد أسر أتراك الجزائر إبراهيم الشريف في جويلة سنة 1705 وحدوث فراغ سياسي على مستوى المركز37 . وقد حافظ الديوان، رغم التحولات العديدة التي عرفها، على بعض الصلاحيات التي كان قد احتكرها زمن سيادته السياسية على غرار الإشراف على بيت المال وعلى الأحباس المتصلة بالمنشآت ذات الصبغة العسكرية مثل أحباس الأسوار والإشراف على الموانئ الكبرى. ويبدو واضحا في وثيقتنا دور الديوان الهام في المسائل المتعلقة بالهياكل الإدارية العائدة له بالنظر. حيث أرسل لقاضي البلد أمرا، مؤشرا عليه من طرف باي الأمحال أبو عبد الله محمد باي باعتباره المشرف المباشر على شؤون دواخل البلاد. ومع هذا نلاحظ أن الأمر لا يغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وليس فيه تغليب لطرف على الآخر "إن ثبت حبس الفندق يرفع المكرم محمد السيالا يده عنه وإن لم يثبت يبقا بيده". كما تكمن أهمية الوثيقة فيما ذكرته من مؤسسات أخرى. فقد ضمت الجلسة الصّلحية كلا من آغة صفاقس مصطفى بلكباشي والأمين الناظر في أحباس المدينة ومقدم أحباس السّور علاوة على قايد البلد والقاضي الشرعي الذي يمكن أن نفسّر حضوره هنا بمعرفته الدقيقة بالمسائل القانونية الشرعية. - فالمسؤول الأول الذي حصل الاجتماع عنده واستقبل جميع الأطراف في مقره هو آغة صفاقس. وقد كان يقطن القصبة الواقعة في الركن الجنوبي الغربي من المدينة. وهو يعدّ، بحكم وظيفته هذه، المعني الأول بحماية صفاقس. وكان يتولى الإشراف على كل ما يتصل بالمسائل الأمنية بما في ذلك فتح الأبواب وغلقها. وقد كان ينتدب من ضمن العساكر المتميزين في الحاضرة. وقد حضر الاجتماع لأن الإشكال العقاري يمس أحد مكوّنات النظام الدفاعي والمداخيل الراجعة إليه بالنظر لاسيما وأن مؤسسة بيت المال هي كذلك من المؤسسات التي يشرف عليها الديوان العسكري. ويمكن لمتتبع الوثائق والنقائش الموجودة بمدينة صفاقس أن يلمس تطورا في الرتب التي يتقلدها قواد الحامية العسكرية في المدينة. فقد نعت في الحجة التي بين أيدينا والمؤرخة من سنة 1652، قائد الحامية بالآغة. ولكننا نجده دون هذه الرتبة قبل ذلك وأعلى منها بعد ذلك. وتسعفنا النقائش المثبتة على المباني العسكرية ببعض الإشارات المهمة حول الموضوع. - فقد ورد في نقيشة حجرية كانت مثبتة في باب الديوان مؤرخة من سنة 1619، ما يفيد أن الباب شيد من "منفعة أحباس السّور" بأمر من الديوان بعناية الحاج "خليل أبو النور ومحمد وضباشي". وتعد رتبة الأوضباشي من الرتب الوسطى في التراتبية العسكرية العثمانية وهي أقل من البلكباشي والآغا 38. وفي نفس المعلم، أي باب الديوان، جاء في نقيشة الناظور الذي جدد سنة 1630-1631 أن الأشغال تمت بإشراف "خطيب الجامع الكبير أبي محمد عبد السلام الشّرفي ورجب بولكباشي". كما نجد خطة بولكباشي بعينها في نقيشة تعود إلى سنة 1646 تخلّد أشغالا حدثت بباب الديوان وأشرف عليها "أبو لكباش مراكشي من عسكر مدينة تونس"39 . وتعد هذه النقيشة الوحيدة التي تذكر السلطان العثماني إبراهيم (1639-1648). لكن أصبحت بعد سنة 1646 وفي عهد حمودة باشا، رتبة القائد العسكري بصفاقس آغة، وهذا ما يفيده النص الذي نحن بصدد شرحه. ويمكننا القول بالعودة إلى تاريخ حمودة باشا، و دون الدخول في التاريخ السياسي، إنه أدخل عدة تغييرات في المؤسسة وفي التشكيلات العسكرية. فقد استحدث أو أعاد بعث وحدات عسكرية على غرار عسكر زواوة و أوجاق الصبايحية بباجة والكاف والقيروان 40. كما أعاد تنظيم العساكر المتمركزة في القلاع والحصون لاسيما في المدن الموانئ في تلك الفترة، وهو ما يبرز بوضوح من خلال تطور رتبة حاكم حامية صفاقس. وتتأكد الرتبة عند النظر في نقيشة قصبة المدينة المؤرخة بسنة 1681 والتي ذكر فيها "المكرم حمو آغا مملوك سيدي علي باي" 41(1677-1696) . وقد تطورت الخطة بعد ذلك لتصبح صفاقس تحت إمرة باش آغة كما نتبين ذلك من نقيشة تعلو باب القصبة مؤرخة بسنة 1738 42 . - إلى جانب الشخصيات العسكرية تشير الوثيقة إلى حضور القايد مراد، وهو من الشخصيات الإدارية المدنية الذي يعينه الباي، والممثل الرئيسي له في قيادته، وله نظر شامل على المدينة وأريافها أيضا في حدود مضبوطة معلومة، وهو المكلف بجمع الضرائب بأنواعها. والقايد مراد هذا قد يكون من الأتراك، حسب ما يبدو من اسمه، وهو يضاف إلى أسماء بعض القادة الآخرين مثل القائد عطية الذي تولى أمر المدينة في النصف الثاني من القرن السابع عشر زمن مراد باي وأخيه محمد الحفصي وباسمه سميت إحدى طرق المدينة، وكذلك القائد قاسم القفال الذي حكم حوالي سنة 1679 والذي لا يزال منزله معروفا غربي المدينة، والقائد عبد اللطيف الغراب 1696 والقائد محمود المصمودي 1702 وغيرهم43 . بالإضافة إلى الآغة والقايد فقد كان القاضي الشرعي ينتمي حسب الوثيقة إلى المذهب الحنفي، إذ تم فصل القضية على ضوء قول أبي يوسف 44 وهو من تلامذة أبي حنيفة والأكثر تأثيرا في المذهب الحنفي. وهوما يبين أن المسائل المتعلقة بالدولة ودواليبها تخضع للمذهب الرسمي حتى وإن لم يكن له وقع فعلي في المجتمع المحلي. - كما حضر المجلس شخصان آخران هما : "أمين الأحباس وناظرها" لطيف الأومي و"المقدم" على أحباس السّور سعيد بوعصيدة. وكلاهما من العائلات المستقرة قديما بصفاقس والتي لا يزال لها عقب متواصل. فقد ترجم مقديش لأبي عبد الله محمد الأومي 45 الذي توفي سنة 1646. وترجم أيضا لأبي الحسن علي الأومي (توفي سنة 1790). كما أطلعنا على رمضان أبي عصيدة 46 الذي توفي سنة 1757. لكن من المفيد أن ننبه إلى أن وثيقتنا تقدم أول إشارة واضحة وصريحة عن وجود خطة "مقدم أحباس السّور"، وهي الخطة التي ستتواصل فيما بعد، على كامل امتداد القرن الثامن عشر، وهذا ما يؤكده نص نقيشة باب الديوان المؤرخة بسنة 1748 والتي جاء فيها ذكر لـ" الأمين الحاج عبد العزيز السّلامي مقدم سور البلد". ولا شك أن وجود هذه الخطة الخصوصية مرتبط بوفرة الأحباس المخصصة للسور والتي تدر دخلا يتطلب مسك حسابات دقيقة. وورد ذكر مال السّور في وثيقة الصلح هذه. كما توفرت لنا بشأنه إشارات في نقائش المدينة التي تتحدث عن "مال السّور" و"منفعة السّور" 47 . و قد كان صرف المال يتم بعد أخذ رأي "أهل الحل والعقد" ومن "له النظر" 48 . وما يلفت النظر في متقلد هذه الخطة هو انتماؤه للمجتمع الصفاقسي حسب ما يتضح من لقبه "لطيف الأومي"، وهو أمر يختلف عن مدينة تونس حيث كان ناظر أحباس سورها، التابع كذلك إداريا إلى مؤسسة الديوان، من العسكريين الأتراك 49. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول خصوصيات التفاعل بين المؤسسات العثمانية والمؤسسات المحلية وتشريك المحليين من الصفاقسية في إدارة شؤون المدينة في منتصف القرن السابع عشر، لاسيما أن الذي أثار قضية بناء السّيالة حوانيتا بأرض حبس هما "الناظر" و"المقدم" إلى جانب بعض أعيان المدينة. وتوجه جميعهم بشكايتهم إلى الديوان وإلى الباي رغم كون السّيالة تحصل على الأرض المتنازع فيها من بيت المال التابعة كذلك كما أشرنا إلى الديوان. يوحي بأن الشكوى بصورة أخرى موجهة ضد قرار الديوان نفسه وبالتالي تكون السّلطة المحلية ممثلة في أعيان صفاقس هي الجهة المواجهة والمتفاعلة مع الأجهزة العثمانية وممثليها الذين يُعترف بسلطتهم وربما اعتبارهم جهاز تواصل بين المحلي والعثماني. و قد ورد في الوثيقة، التي نحن إزاءها، ذكر خطتين متعلقتين بالأحباس داخل المدينة. الخطة الأولى هي "ناظر الأحباس" وقد تكون صلاحيات الناظر أشمل بكثير من صلاحيات "مقدم أحباس السّور". فيكون "المقدم" يأتمر بأوامر "الأمين أو ناظر الحبس". و خطة "مقدم أحباس سور المدينة"، من الخطط التي لم نجد لها ذكرا في المدن التونسية الأخرى ولعلها من الموروث القديم الذي يرقى إلى العهد الحفصي، ولكنها خطة خصوصية تتطلبها الظرفية العامة للمدينة. فلا بد أن نذكر أن صفاقس كانت مسرحا متواصلا للأحداث منذ منتصف القرن السادس عشر وطوال القرن السابع عشر، وقد كانت في ذات الوقت من أهم نقاط القرصنة في البلاد. ولعل هذا ما يفسر تخصيص أموال طائلة للسور الذي كان يحظى بالتعهد المستمر، على غرار أسوار المدن الساحلية المينائية، على نحو بنزرت وتونس وسوسة. وهذا الجهد المتواصل هو الذي جعل أحباس السّور، على أهميتها، غير كافية لسد كل النفقات كما صرحت به الوثيقة، " و "الحبس ليس له ما يدفع منه قيمة البنا". من الإضافات الهامة والفريدة التي تمدنا بها هذه الوثيقة أن أموال "حبس السّور" لم تكن تصرف على السّور المحيط بالمدينة فقط، بل كانت تصرف أيضا على بعض المعالم العسكرية خارج الأسوار. وقد ورد في الحجة أن "برج كرك"، الواقع شرقي صفاقس على بعد 11 كلم، رمم من دخل أحباس السّور. وكان برج كرك هذا من المعاقل البيزنطية القديمة التي أصبحت رباطا في العهد الأغلبي. وحافظ بعد ذلك ولأمد طويل على صبغته الدفاعية. ثمّ تحوّل في العهد الحديث إلى مركز من مراكز الصوفية. وصار يعرف لدى السكان باسم برج قزل وهو الذي دفن به الزاهد منصور الغلام على حد رواية محمود مقديش 50. ويكتسي الحصن أهميته لوقوعه على الطريق الساحلية المؤدية إلى إنشلة من جهة، وإشرافه على الساحل المقابل لجزر قرقنة، من جهة ثانية. فكان ترميمه من باب الدفاع عن صفاقس أيضا. وكانت خطة مقدم السّور وأموال أحباس السّور كما يظهر، تعني كامل المنظومة الدفاعية المتصلة بمدينة صفاقس وليس السّور الأغلبي فقط

ثانيا: المشهد العام للأسواق

إن أول ما يلفت النظر عند قراءة هذه الوثيقة هو بداية تطور الأسواق وانتقالها من نظام قديم إلى نظام جديد. ففي الماضي كانت أسواق المدينة متخصصة أي أن كل سوق كانت تخصّص لمهنة دون سواها. ثمّ بدأ هذا النمط التقليدي يتراجع وأخذت الأسواق تتداخل. ونشهد من ذلك ، ومنذ العهد الحفصي، دخول مهنة الفخارين للمنطقة التي تعنينا. كما اقتطع جزء من هذا المجال الذي كان للنجارين والحدادين ليصبح للذبح والجزارين. ولذلك نفهم إقامة بعض الدكاكين في صلب سوق النجارين وهو أمر غير معتاد في المدن التقليدية وفي العصر الوسيط المتقدم. ولنحاول الآن تحديد مكان العقار محل النزاع. تعطي الوثيقة إشارات واضحة تسنى لنا استغلالها لتواصل التسميات عبر الزمن منذ القرن السادس عشر وربما قبله إلى اليوم: - الباب الجبلي الذي ورد ذكره في الوثيقة لا يزال يعرف بهذا الاسم وهو الباب الشمالي الوحيد للمدينة وهو من إنجازات العصر الأغلبي. شيد مع السّور وقد تم ترميمه في العهد الزيري في عصر أبي الفتح المنصور. وأدخلت عليه إصلاحات في الفترة الحفصية وفي العهد العثماني. ووثقت هذه الترميمات بنقائش. - ويقع سوق النجارين، الذي تمت الإشارة إليه أيضا، في طريق مواز للسور الشمالي للمدينة. وهو يمتد على حوالي 50 مترا من الشرق إلى الغرب. وينتهي عند سوق الصباغين وهو الشارع المقابل لمدخل المدينة. ويعتبر سوق النجارين من الأسواق التي جلبت اهتمام الرحالة الأوروبيين لحركيته الدائبة وخصوصيته المتمثلة في وجود ثلاثة مستويات من البناء: مستوى تحت أرضي وهو ما تسميه الوثيقة بـ"الغيران"، ومستوى أرضي وهو ما تسميه الوثيقة بـ"المخازن"، ومستوى علوي وهو ما يعرف بالغرف والتي تشتمل على شرفات تطل على الطريق. ويعرف السوق حاليا بسوق الحدادين. - أما رحبة الذبح، فيبدو من نص الوثيقة أنها تقع في الطرف الغربي من سوق النجارين، في موضع يتسع فيه الطريق على شكل مثلث نتيجة التقاء نهج سوق النجارين بنهج سوق الصباغين. ونستشف من هذا أن الرحبة صغيرة المساحة وهي ناتجة عن اتساع في المسالك وليست وليدة تخطيط مسبق. وتختلف بذلك عن رحبة القصبة أو رحبة الرماد أو رحبة النعمة التي شكلت مساحات مستقلة خطط لها لتكون متنفسا داخل المدينة. - ويوجد في الصف القبلي لسوق النجارين فندق كبير، يعرف اليوم بـ"فندق الحدادين" ولكنه سمي بهذا الاسم مؤخرا، فلم يكن يعرف من قبل بهذه المهنة، وهذا الفندق هو الذي أشارت إليه الوثيقة بكونه فندقا محبسا وقد كان في منتصف القرن السادس عشر، كما يبدو، مخصصا للفخارين. وفندق الحدادين/ الفخارين سابقا هو أقرب الفنادق إلى الباب الجبلي وأكبرها أيضا. وهو لا يختلف في تخطيطه كثيرا عن الفنادق المألوفة في البلاد التونسية إذ به المخازن والغرف موزعة حول ساحة عارية، وهو يتألف من طابقين وله مدخل مباشر على شكل سقيفة ممتدة تحيط بها غرف المراقبة. ومن الواضح أن هذا الفندق قديم وهو ما يفسر أنه محبس منذ العهد الحفصي حسب ما جاء في الوثيقة. واعتقادي، أن المعلم زيري على أقل تقدير، وهذا ما يتبين من بعض الخصوصيات المعمارية التي من بينها شكل السقيفة ونوعية أقبيتها وإطار الباب الرئيسي. - ويوجد من الجهة الشرقية لفندق الحدادين فندقا آخر أقل اتساعا، ساحته مستطيلة جدا وله ممر يصله بفندق الحدادين ولكن ليس له منفذ على الطريق العام، والدكاكين التي توجد به على الطريق لا تزال قائمة ويمكن تحديدها تقريبا على المثال. ومن البديهي أن شكل الساحة الممتدة جدا ليست أصلية بل هذا الوضع ناتج عن توسع الأبنية المجاورة لهذا الفندق على حسابه. كما يمكن أن نلاحظ أن هذا الجزء المتبقي من الفندق ليس له مدخل على الطريق العام وهذا ما كان طالب به من قام بالدعوى على محمد السّيالة: "ويجعل سقيفة ومدخلا للفندق". وتفيدنا الوثيقة أن هذا الفندق والمجاور له استعملا من قبل الفخارين. وهنا لا بد أن نشير إلى أن صفاقس لم تكن تصنع الفخار بل كانت تجلب كل حاجياتها منه من جربة بدرجة أولى ومن بقية المدن التونسية الأخرى بدرجة أقل. لماذا نشب النزاع حول الدكاكين والفنادق؟ لا بد أن نذكر هنا، أن منطقة الباب الجبلي هي منطقة تركز الأسواق، وهي بهذا الوجه ومن الناحية الاقتصادية البحتة أكثر المناطق جلبا وأقل المناطق خطورة بالنسبة إلى المستثمرين. ولعل هذا ما يفسر تعدد الفنادق بها، ففي الوثيقة ورد ذكر فندقين اثنين ولكن، ودون أن نبتعد كثيرا عن المكان الذي نحن فيه وعلى كامل امتداد نهج الباي سابقا، أي نهج المنجي سليم حاليا، توجد سلسلة من الفنادق لا تزال آثارها ترى إلى اليوم في معمار المدينة. وكثيرا ما نجد للفندق مدخلا ضيقا على الطريق، يفضي إلى ساحة تحيط بها مجموعة من المحلات التي يستعملها الحرفيون. ويعرف هذا الحي تاريخيا بحومة الفنادق وهو ما تشير إليه وثائق عديدة ذكرها أبو بكر عبد الكافي والأستاذ علي الزواري. والأكيد أن العديد من هذه الفنادق ترقى إلى العهد الأغلبي والزيري إذ هي من النسيج الهيكلي للمدينة. ومما يدعم رأينا وجود بعض التيجان من الطراز الزيري في مداخل إحدى الفنادق. ونسوق من الإشارات النصية الواردة والتي تؤكد وفرة الفنادق ما تطرّق إليه البكري في القرن الحادي عشر وأقره ياقوت الحموي في القرن الثالث عشر حين قالا:" وفيها، أي صفاقس، حمامات وفنادق... " 51. وهذه الإشارة المخصوصة للفنادق لها أهمية بالغة في نظرنا، وهي أقدم الإشارات إلى هذا العنصر المعماري الذي بات مميزا لمدينة صفاقس. وتوجد ظاهرة الفنادق أيضا، ولكن بأقل حدة، في مستوى نهج الصباغين، ومن أبرز المعالم القائمة نذكر قيصرية سوق الغزل وهي لا تختلف هيكليا عن الفندق من حيث الشكل المعماري. ويمكن تفسير كثرة الفنادق قرب باب الجبلي بنوعية تجارة صفاقس التي كانت بالأساس تجارة وساطة وعبور، ففي هذا المجال المتسع كان يتم خزن البضائع المستوردة والمعدة للتصدير كما يتم إيواء الأعداد الكبيرة من التجار. فقد ذكر الجغرافيون العرب وبالتحديد،ابن حوقل 52 والبكري 53 والإدريسي54 ، دور صفاقس الهام في تصدير الزيت نحو المشرق. كما ذكروا مكانتها، التي فاقت الإسكندرية، في القصارة 55 والكمادة 56 علاوة على ما اشتهرت به من ثروة بحرية. واعتقادي أن أهمية المدينة الاقتصادية ودورها الكبير في التجارة العالمية هما اللذان دفعا بالعديد من الدويلات الإيطالية كجنوة وبيشة إلى إقامة فنادق بصفاقس منذ القرنين الثالث عشر. ولذا، ونظرا إلى أهمية الدخل الذي تدره تجارة الجملة كان لا بد من وضع البنية اللازمة حتى يتسنى استقبال التجار وبضاعتهم. إن الأهمية القصوى التي أصبحت عليها منطقة باب الجبلي، المعنية بهذا النص، جعلت أرباب الصناعات والتجار يحاولون التمركز بها وعدم الخروج منها. وهذه الرغبة هي التي تفسر لنا الكثافة التي نستشفها من النص، فالفنادق كانت بطابقين، والحوانيت حولت إلى مخازن وأضيف إليها طابق تحت أرضي (غيران) وطابق علوي. و تعدد المستويات ظاهرة قلّما نجدها في المدن الأخرى وهي كما يتجلّى من هذه الوثيقة قديمة سابقة للعصر المرادي بالكاد. وظاهرتي التركز والاستغلال الأقصى للمجال على ضيقه لهما علاقة وطيدة بنظام السوق كله، فنحن نعلم أن ثروة صفاقس متأتية من حوزها وأن عيش أهلها الحضر مرتبط بالريف. ويكفي أن نعرف أن سوق الأغنام كان ينتصب أمام الباب الجبلي لنفهم رغبة التجار في امتلاك حوانيت في مدخل المدينة في أقرب نقطة من هذا السوق. انطلاقا من باب الجبلي تنتظم جملة الأسواق والمهن في سلسلة مترابطة متكاملة، حيث تكون كل مهنة في علاقة عضوية بالمهنة القريبة أو المجاورة لها. وهكذا فمن البداية يتولى الجزار شراء الأغنام من السوق القريب عند مدخل المدينة، ويقوم بذبحها وسلخها في الرحبة قرب باب الجبلي، ويبيع اللحم في الدكاكين على عين المكان تقريبا ويوجه الصوف إلى سوق الصباغين حيث تصبغ ومنه تحول إلى سوق الغزل، وتوجه الأمعاء إلى سوق الصباغين أيضا لصنع الغرابل، وتحول الجلود بعد دبغها، إلى سوق العقبة المجاور حيث تصنع منها النّعال 57 وغيرها. ولا شك أن الحفاظ على هذه السلسلة ينمي الدخل من ناحية ويقلل العناء من ناحية ثانية. ولذلك ترى رغبة التجار وأهل الحرف كبيرة لعدم الخروج من الحيز المخصص لهم. أشارت الوثيقة، فيما أشارت إليه، إلى وجود خراب في قلب منطقة السوق والفنادق، وظاهرة الخرابات ظاهرة معروفة، نجدها بكثرة في القيروان 58، وصفاقس. ولا شك أن نمو الخرابات داخل المدينة مرتبط بالتدهور العام الذي عرفته إفريقية منذ النصف الثاني من القرن الحادي عشر. وهو تراجع له أسباب عدة منها الزحف الهلالي، والاحتلال النرماندي والانقسام الداخلي وأزمات الفترة الحديثة ولكنه يفسر أيضا، بكثرة الأوقاف وعجز هذه المؤسسة على حماية ممتلكاتها التي أصبحت فيما يبدو عاجزة عن حصرها حصرا دقيقا. يكفي أن نذكر مثلا أن معظم سوق الربع بصفاقس، وقد كان يسمى "سوق الرهادرة"، كان حبسا. وبالتالي كانت الأحباس سببا في تحجر المبادلات العقارية وإتلاف العديد من المباني

1. الباب الجبلي ورحبة الذبح والفندق محل النزاع عن علي الزواري. على يسار المثال أمام باب الجبلي مسجد سيدي بوشويشة المسامت لقيسرية الغزل (لاحظ كثرة الفنادق في مستوى نهج المنجي سليم)
2. فندق الحدادين 59
3. بطاقة بريدية من نهاية القرن التاسع عشر وفيها سوق الحدادين و رحبة الذبح قرب مسجد سيدي بوشويشة (آخر الصورة)، والدكاكين محل النزاع على يسار الصورة.

هوامش

1 أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيدة سهام القلال، فقد وفرت لي نسخة مصورة من الوثيقة والسيدة نادية بوسعيدي لمساعدتي على قراءتها والأستاذ فوزي المستغانمي الذي راجع النص ولفت انتباهي إلى بعض المسائل التاريخية الهامة
2 أبو بكر عبد الكافي، 1966، ج.1، ص. 94.
3 Ali Zouari, 1994, T .2, p. 237-279.
4 Ali Zouari, 2016.
5لا بد أن نشير هنا إلى الكتاب الهام الذي أصدره الأستاذ أحمد السّعداوي، تونس في القرن السابع عشر: وثائق الأوقاف في عهد الدايات والبايات المراديين، كلية الآداب والفنون والانسانيات بمنوبة و وحدة البحث "المدن التاريخية التونسية والمتوسطية"، تونس،
2011
6 كثيرا ما نجدها بصيغة السيالة وهي الصيغة الموجودة على نقائش بعض المعالم
7 أي : ميضاة
8 أي : حوانيت والصغة المستعملة عامية
9 أي غيران. وهو البناء المحفور في الأرض ويعرف أيضا بالدهليز
10 بمعنى اعترض عليه
11 أي: فصرف عليه
12 أي: يبقى
13 أي مصطفى
14 أي: قضاة
15 أي: يتولى
16 أي ادعى
17 أي: بنى
18كلمة دارجة أصلها في الفصحى الأساس وتعني عادة الجدار
19 أي: يسمى
20 أي يبقى
21 أي يبقى
22 البناء
23 أي: بمقتضى
24 أي: يكرى
25 صير ذلك في" معناها سجله في أو نقله
26 عفا أي عفى
27 حول هذه النقيشة انظر: : فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص.757
28 الكلمة من أصل لاطيني Tabula
29 M. Chapoutot, T. Mansouri et F. Mahfoudh, 1995, p. 84-96
30 انظر: : فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص.726
31 لا تزال موجودة وهي برحبة الرماد وتعرف بالمدرسة الحسينية
32 حول آل الشرفي يراجع: علي الزواري ومحمد محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 390- 414
33 انظر: ابن أبي الضياف، 1965، ج.7، ص. 162
34 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 731
35 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 740-744
36 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 751
37 A. Guellouz, A. Masmoudi, M. Smida et A. Saadaoui, 2007.
38 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 723-725
39 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص.726-727
40 أنظر: ابن أبي دينار، 1967، ص. 236
41 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 738-739
42 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 757-759
43 أبو بكر عبد الكافي، 1980، ج. 2، ص. 85-96
44 أبو يوسف (113 هـ182 هـ 731- 798 / م) يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المشهور بـأبي يوسف
45 علي الزواري ومحمد محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 346
46 علي الزواري ومحمد محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 372
47 أنظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 723-725
48 انظر: فوزي محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 760-761
49 محمد فوزي المستغانمي ، 2009، ص. 81
50 علي الزواري ومحمد محفوظ، 1988، ج. 2، ص. 347
51 انظر البكري، 1992، ج. 2، ص. 668-669. ونص البكري نقله حرفيا تقريبا ياقوت الحموي ، 1938، ص. 223-224
52 ذكر أن "جل غلاتها الزيتون والزيت وبها منه ما ليس بغيرها مثله وكان سعره عندهم فيما بلغني من ستين قفيز بدينار إلى مائة قفيز
بدينار على حسب السنة وريعها، وزيت مصر في وقتنا هذا من ناحيتها يجلب لقلته بالشام"...و ذكر لاحقا "...وأسواقها عامرة
53 قال البكري "..." ومن زيوتها يمتار أكثر أهل المغرب وكان يحمل إلى صقلية والروم ويكون فيها رخيصا جدا يقصدها التجار من الآفاق بالأموال لابتياع الزيت وعمل أهلها القصارة والكمادة مثل أهل الإسكندرية وأجود"
54 ذكر الإدريسي قال "هي مدينة قديمة عامرة بها أسواق كثيرة وتجارة شاملة...وأسواقها متحركة...و جل غلاتها الزيتون والزيت وبها ما ليس يوجد بغيرها مثله، بها مرسى حسن ميت الماء"
55 القصارة هي عملية تبييض الثوب وإزالة الألوان التي قد تكون علقت به. والقصار المبيِّضُ للثِّياب ، وهو الذي يُهَيِّئُ النسيجَ بعد نَسجه بِبَلِّه ودقِّه بالقَصَرَة
56 الكمادة هي عملية دق الثوب ويتولاها الكماد، وهي عملية ضرورية في الملابس الصوفية بالخصوص حتى تكون لينة عند ارتدائها
57 هذا هو معنى العقب. وجاء في القاموس: العَقِبُ: عظم مؤَخَّر القدم، وهو أَكبر عظامها، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ: لتارك غسلهما في الوضوء
58 انظر: مراد الرماح، 2005. ص. 5-56
59 صورة للأستاذ زاهر كمون، مع أخلص عبارات الشكر

المصادر والمراجع

ابن أبي دينار، 1967، المؤنس في أخبار افريقية وتونس، تحقيق محمد شمام، المكتبة العتيقةـ تونس أبو عبيد البكري، 1992، كتاب المسالك والممالك، ج. 2، تونس الحموي ياقوت، 1938، معجم البلدان، دار صادر، بيروت الرماح مراد، 2005 ، "وثائق قيروانية من العهدين الحفصي والعثماني"، إفريقية : سلسلة الفنون والتقاليد الشعبية، عدد 14 السّعداوي أحمد، 2011، تونس في القرن السابع عشر: وثائق الأوقاف في عهد الدايات والبيات المراديين، تونس – 2015، تونس زمن حسين بن علي وعلي باشا 1705-1756 وثائق أوقاف من العهد الحسيني، تونس عبد الكافي أبو بكر، 1966، تاريخ صفاقس: الحياة العمرانية، ج. 1، صفاقس – تاريخ صفاقس، 1980، ج. 2، صفاقس محمد فوزي المستغانمي، 2009، كراسات الأرشيف : وثائق من القرنين السادس عشر والسابع عشر، الأرشيف الوطني التونسي، تونس محمود مقديش، 1988، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار، تحقيق علي الزواري ومحمد محفوظ، بيروت، ج.2.

Chapoutot Mounira, Mansouri Tahar, et Mahfoudh Faouzi, 1995, "Les Charfi et la cartographie", Itinéraire du Savoir en Tunisie, éd. Alif, Tunis, p. 84-96. Guellouz Azzedine, Masmoudi Abdelkader, Smida Mongi et Saadaoui Ahmed, 2007, Histoire Générale de la Tunisie: Les temps modernes, Sud Editions, Tunis. Mahfoudh Faouzi, 1988, Sfax: Recherches d’archéologie monumentale et évolution urbaine, Thèse de doctorat Paris IV, Sorbonne. Zouari Ali, 1994, « Un établissement économique du XVIIIe siècle de Sfax: le fondouk des forgerons », Les villes dans l’empire ottoman: activités et sociétés. T .2, CNRS edition, Paris, p. 237-279. – 2016, Sfax aux XVIIIe et XIXe siècles, CPU, Tunis.

الكاتب

فوزي محفوظ

أستاذ تعليم عال ، مخبر الآثار والعمارة المغاربية- جامعة منوبة

Retour en haut