Al Sabîl

Index

Table des matiéres
Résumé
Télechargement
Texte Integral
Notes
Bibliographie
Auteur

Information

01 | 2016

ملاحظات حول مدينة توزر وواحتها في نهاية القرن السابع عشر من خلال وقفية المدرسة المرادية

ذاكر سيلـه

ملخص

تمثّل وثيقة تحبيس المدرسة المرادية التي أمر ببنائها محمّد باي المرادي بتوزر في نهاية القرن إضافة هامة لمعرفتنا بتطوّر المشهد العمراني للمدينة وأوضاع واحتها في بداية الفترة الحديثة. وتعتبر هذه المدرسة أولى المعالم الدينية والتعليمية التي شيّدتها السلطة العثمانية بتوزر وبجهة الجريد بصفة عامة. تميّز هذا المعلم بوفرة الأملاك المحبّسة عليه والتي عكست العناية الفائقة التي كان يوليها مؤسسها لمنشأته رغبة منه في تدعيم نفوذ السلطة المركزية بهذه المنطقة التي ما زالت القوى المحلية بها خلال هذه الفترة ذات صلاحيات واسعة. وقد أتاحت لنا وثيقة التحبيس تبيّن دور السلطة الرسمية في تدعيم المركز العمراني الجديد بمدينة توزر الذي تمحور حول حي أولاد الهادف وذلك من خلال اختياره ليكون مقرا للمدرسة التي ضمنت أحباسها الكثيرة حسن صيانتها والتكفل برواتب موظفيها وطلبتها. كما سمحت وثيقتنا أيضا برصد وضعية نظام توزيع الماء بواحة توزر في بداية الفترة الحديثة وقدمت معلومات لم يرد ذكرها في المصادر السابقة لها. فمن خلال تفصيل الحقوق المائية للبساتين المحبّسة على المدرسة تبينت لنا الخطوط الكبرى للتوزيع المجالي والزمني لمياه واحة توزر خلال هذه الفترة. إضافة إلى ذلك تبرز وثيقة التحبيس كشاهدة على أوضاع الجباية وبعض التحولات العقارية التي عرفتها الواحة في بداية الفترة الحديثة، وهي أوضاع استفاد منها أساسا أعيان حي أولاد الهادف الذين ربطت بينهم وبين العثمانيين سياسة تحالف بدأت مع هذه الفترة وتواصلت إلى منتصف القرن 19

Act Document of the confinement of the Al-Muradiyya school, which was ordered to be built by Muhammad Bey Al-Muradi in Tozeur at the end of the year The century is an important addition to our knowledge of the evolution of the landscape Urban survey of the city and the conditions of its oasis at the beginning of the modern period. This school is considered the first Religious and educational monuments built by the Ottoman authority in Tozeur and the Jerid region in general. This landmark was distinguished by the abundance of properties enclosed on it, which reflected care The premium that its founder gave to his establishment out of his desire to strengthen the influence of the central authority In this region, the local forces still had broad powers during this period. And it has The enclosure document allowed us to clarify the role of the official authority in strengthening the urban center The new city of Tozeur, which centered around the Oulad El Hadif neighborhood, was chosen to be The headquarters of the school, whose many prisons ensured its good maintenance and took care of the salaries of its employees And I asked for it. Our document also allowed monitoring the status of the water distribution system in Tozeur Oasis at the beginning The modern period provided information that was not mentioned in previous sources. It is through Detailing the water rights of the orchards reserved for the school showed us the major lines The spatial and temporal distribution of Tozeur Oasis water during this period. Additionally, it stands out The confiscation document as a witness to the conditions of collection and some of the real estate changes that it witnessed The oasis at the beginning of the modern period, a situation that mainly benefited the notables of the Awlad neighborhood Al-Hadif, who were linked to the Ottomans by a policy of alliance that began with this period and continued To the middle of the 19th century

Acte Document de confinement de l'école Al-Muradiyya dont la construction a été ordonnée par Muhammad Bey Al-Muradi à Tozeur à la fin de l'année Le siècle est un ajout important à notre connaissance de l'évolution du paysage Étude urbaine de la ville et des conditions de son oasis au début de la période moderne. Cette école est considérée comme la première Monuments religieux et pédagogiques construits par l'autorité ottomane à Tozeur et dans la région de Jerid en général. Ce monument se distinguait par l'abondance de propriétés qui y étaient entourées, qui reflétaient le soin La prime que son fondateur a accordée à son établissement dans sa volonté de renforcer l'influence du pouvoir central Dans cette région, les forces locales disposaient encore de larges pouvoirs durant cette période. Et il a Le document de clôture a permis de clarifier le rôle de l'autorité officielle dans le renforcement du centre urbain La nouvelle ville de Tozeur, centrée autour du quartier Oulad El Hadif, a été choisie pour être Le siège de l'école, dont les nombreuses prisons assuraient son bon entretien et veillaient aux salaires de ses employés Et je l'ai demandé. Notre document a également permis de suivre l'état du système de distribution d'eau dans l'oasis de Tozeur au début La période moderne a fourni des informations qui n'étaient pas mentionnées dans les sources précédentes. C'est à travers Détailler les droits d'eau des vergers réservés à l'école nous a montré les grandes lignes La répartition spatiale et temporelle de l’eau de l’oasis de Tozeur durant cette période. De plus, il se démarque Le document de confiscation comme témoin des conditions de collecte et de certaines des modifications immobilières dont il a été témoin L'oasis au début de la période moderne, une situation qui profitait principalement aux notables du quartier Awlad Al-Hadif, liés aux Ottomans par une politique d'alliance qui commença à cette époque et se poursuivit Au milieu du 19ème siècle

كلمات مفاتيح

توزر، المدرسة المرادية، الواحة، الماء، حي أولاد الهادف

لذكر هذا المقال

المرجع لذكر المقال: ذاكر سيلـه، «ملاحظات حول مدينة توزر وواحتها في نهاية القرن السابع عشر من خلال وقفية المدرسة المرادية»، في السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية ]نسخة الكترونية]، عدد 1، 2016. الرابط: http://www.al-sabil.tn/?p=2095

تحميل

Cliquez pour télecharger l’article

مقال

المقدمة

شهدت مدينة توزر خلال الفترة العثمانية تحولات عميقة شملت خاصة علاقتها بالسلطة المركزية، حيث تخلت عن نزعتها الاستقلالية التي ميزتها طوال فترات من العصر الوسيط، وتطور مشهدها العمراني بتشكل مجال جديد خارج الواحة مفتكّا بذلك مركزية المدينة من المجال الوسيطي. أمّا الواحة فقد عرفت أيضا تحولات هامة شملت أساسا نظام توزيع الماء بها وأوضاعها العقارية وذلك ارتباطا بتوافد مجموعات بشرية عديدة على المدينة. ورغم عمق هذه التحولات التي عرفتها المدينة وواحتها خلال العصر الحديث، فإن معرفتنا ببداياتها تبقى محدودة نتيجة قلة المصادر المتوفرة حول الجهة وخاصة في القرن (1)17 . وفي هذا الإطار كان الاعتماد على وثائق الأوقاف لإثراء معرفتنا بهذه الفترة التاريخية، خاصة وأن هذا الصنف من الوثائق يتميز بتنوع وثراء المعطيات التي يوفّرها. ويحتوي دفتر الأوقاف المرادية 2 رسما لـ «حبس مدرسة توزر"، وهي نسخة من عقد تحبيس لعقارات وقّفها محمد باي المرادي على المدرسة التي أنشأها بمدينة توزر سنة 1102هـ/ 1690-1691م، يصحبه "بيان مصرف الحبس" الذي يفصّل كيفية توزيع ريع هذه الأحباس على المدرسة وكذلك الجامع الملاصق لها وعلى موظفيهما3. يعود تاريخ أصل هذا الوثيقة إلى سنة 1103هـ/ 1692، أي بعد فترة تميزت بشدّة الصراع على حكم الإيالة التونسية بين محمد باي وأخيه علي باي والذي كانت فيه مدينة توزر إحدى واجهاته 4. فبعد انتهاء الصراع لفائدة محمد باي بعيد سنة 1686 شهدت البلاد استقرارا مكّن من تحسين الظروف التي ساعدت على القيام بالعديد من المشاريع العمرانية والمعمارية التي استفادت منها مدن كثيرة بالإيالة5 . وتحتوي الوقفية على معلومات متنوعة حول مدينة توزر وواحتها في نهاية القرن 17، فهي تبيّن أهمية الأملاك المحبّسة على المدرسة المرادية التي تمثل أولى المعالم الدينية والتعليمية العثمانية بالمدينة، وهي أحباس ساهمت من خلال أهمية ريعها في حسن إدارة المنشأة. كما تبرز الوثيقة كشاهدة على وضعية نظام توزيع الماء وبعض التحولات الجبائية والعقارية التي شهدتها واحة توزر في بداية الفترة الحديثة

المدرسة المرادية: أولى المعالم الرسمية العثمانية بمدينة توزر

تمثل المدرسة المرادية بتوزر أولى المعالم الدينية والتعليمية التي أسستها السلطة الرسمية بالمدينة وبالجريد بصفة عامة 6. أمر ببناء هذا المعلم محمد باي المرادي سنة 1102هـ/1690-1691 7، أي بعد أن انتهت الصراعات على الحكم داخل البيت المرادي لصالحه واستقرت الأوضاع بالإيالة، حيث بادر بتأسيس جملة من المنشآت العمرانية والمعمارية في عدة مناطق من الإيالة8 كان اختيار السلطة المرادية على حي أولاد الهادف ليكون مكان بناء المدرسة، وهو اختيار يفسر بسياسة التحالف التي انتهجتها السلطة المركزية مع الاعيان المحليين بدواخل الايالة. فقد مثل حي أولاد الهادف أو "ربط فطناسة" منذ بداية تشكّله في النصف الثاني من القرن 15 القسم الذي عمّره أثرياء المدينة وأصحاب النفوذ الأكبر بها، وتطورت مكانته العمرانية من ربض إلى مركز المدينة الحديثة9 . كما مثل شيوخ هذا الحي الحكام الفعليين لتوزر إلى منتصف القرن 1019 . أشار الدرعي إلى المدرسة أثناء مروره بمدينة توزر سنوات قليلة بعد تأسيسها ووصفها بالجيّدة وذكر أن أعمدتها كلّها من رخام 11. وحسب نص الوقفية المرادية فإنه كان يقطن بها عشرون طالبا أي أنه من المرجح أن تحتوي المدرسة على الأقل على عشرين غرفة لإيوائهم. وقد مثل هذا المعلم بعد تأسيسه مركزا علميا هاما بمدينة توزر 12حيث تميز بإشعاع شيوخه وكثرة التلاميذ الذين درسوا عليهم . تعدّد الوقفية الملكيات المحبّسة على المدرسة، وهي ملكيات تتميز بكثرتها وبتوزّعها بين مدينة قفصة وواحتي توزر ونفطة

تبين من خلال هذا الإحصاء العدد الهام من العقارات المحبّسة على المدرسة المرادية وهي في أغلبيتها العظمى بساتين، مما يعكس بداية أن أهم ملكية عقارية في منطقة الواحات بصفة عامة هي ملكية البستان. وتبدو أهمية هذه الملكيات من خلال كمية المياه المتحصل عليها، ذلك أن الماء في منطقة الواحات هو الذي يحدد قيمة البستان بل إن ملكية الماء مستقلة عن ملكية الأرض ومتفوقة عليها 13، وهو ما يفسر التنصيص على كمية المياه المستحقة لكل بستان في وثيقتنا. ورغم وفرة المعلومات التي تتيحها وثيقة التحبيس، إلا أنها تصمت عن ذكر كيفية تملك محمد باي لكل هذه العقارات وذلك بخلاف وثيقة تحبيس الباي نفسه لبستان "كلم حمّو" الكائن بواحة توزر على الشابية والمؤرخة بسنة 1107هـ/1695، حيث تذكر أن التملك وقع "بالمقاسمة والتصيير الصحيح والإرث14" . فهل أن الأمر نفسه ينطبق على أحباس المدرسة المرادية أم أنه خلاف ذلك؟ رغم عدم توفر معلومات واضحة حول هذه المسألة فإنه يمكن الإستنتاج أن أحباس المدرسة تكشف عن أهمية الإقطاعات العثمانية بتوزر في نهاية القرن 17، وهي فترة بداية السيطرة والهيمنة الفعلية على بلاد الجريد والتي بدأت منذ بداية هذا القرن بحملة عثمان داي على قلعة سدادة وتوزر 15 يوضح "بيان مصرف الحبس" كيفية توزيع ريع العقارت حسب النظام التالي: غلة الربع تبدأ بما تحتاج إليه المدرسة من رمّ وبناء. ريالان كبيران ونصف الريال كل شهر لمؤدب المدرسة. ثلاثة ريالات كبيرة ونصف الريال كل شهر للمدرس. ريالان كبيران كل شهر لإمام الجامع الملاصق للمدرسة. ريال واحد كل شهر لمؤذن الجامع. ريال واحد كل شهر لنقيب المدرسة. ريالان كبيران لناظر أحباس المدرسة. عشرون ريالا لعشرين طالبا. يصرف الباقي لإصلاح الجامع، وإن كان هناك باق بعد ذلك يشرى به ربع يلحق بالحبس المذكور. ضمنت الأحباس المرادية من خلال أهمية مداخيلها حسن إدارة المدرسة وذلك بتكفلها بأعمال الترميم والإصلاح وضمان رواتب الطلبة العشرين وموظفيها، وحتى الجامع الملاصق لها، والمعروف بجامع سيدي عبد الله بوجمرة والذي تصفه وثيقتنا بالـ"جامع ذي الثلاثة أبواب"، فقد شمله أيضا مصرف الحبس بتكفله برواتب إمامه ومؤذنه وصرف ما بقي لإصلاحه وترميمه وتحصيره واستصباحه. فبتكفلها بمجمل هذه النواحي ترتقي الأحباس إلى مستوى المؤسسة الضامنة لحسن إدارة المنشآت العمومية وبالتالي اضطلاعها بدور اجتماعي وعمراني فاعل بالمدينة. إن أهمية المدرسة المرادية بتوزر، سواء من خلال قيمة أحباسها أو مكانتها العلمية، تبرز العناية الفائقة التي كان يوليها لها مؤسسها. ولعل ذلك يمكن تفسيره برغبته في تدعيم نفوذه في هذه المنطقة التي تعودت على وضع استقلالي منذ العصر الوسيط وخاصة في فترات ضعف السلطة المركزية. فتصبح بذلك مؤسسة الوقف بمثابة الأداة السياسية من أجل تدعيم أركان السلطة العثمانية ببلاد الجريد خاصة وأنها فترة ما زالت فيها القوى المحلية متنفذة وخاصة في مدينة توزر. ولعل هذا الإستنتاج تدعمه وثيقة تحبيس بستان "كلم حمّو" على الشابية سنة 1107هـ/1695 وذلك نتيجة لمناصرتهم لمحمد باي أثناء حربه ضد أخيه علي باي والتي كانت مدينة توزر إحدى مسارحها. كما يتدعّم هذا الرأي كذلك من خلال اختيار الباي لحي أولاد الهادف لبناء مدرسته، ذلك أنه الحي الذي كانت تسكنه العشيرة الأقوى في توزر خلال هذه الفترة.

. ساحة المدرسة المرادية بتوزر في منتصف القرن 20 وخلفها مئذنة مسجد سيدي عبد الله بوجمرة الملاصق لها (المصدر: أرشيف جمعية صيانة مدينة توزر)

نظام توزيع الماء

تقدّم وقفية المدرسة المرادية من خلال ذكر البساتين المحبّسة عليها وتفصيل حقوقها المائية معطيات هامة عن نظام توزيع الماء بواحة توزر لم يرد ذكرها في المصادر السابقة لها والمؤرخة بالعصر الوسيط. فالبكري مثلا، والذي يمثل أقدم من تعرض لهذا النظام في القرن 11م16 ، أشار إلى الخطوط الكبرى لتوزيع الماء والقائم أساسا على وجود مستويين؛ يتعلق المستوى الأول بحجم الماء في حين يمثل المستوى الثاني زمن الاستفادة منه. وقد دعّم ابن شباط في القرن 13م ما أورده البكري عندما ذكر أن لتوزر ثلاثة أنهار ينقسم كل واحد منها إلى ستة جداول 17. أما التجاني، الذي زار المدينة وواحتها في مطلع القرن 14م، فقد أشار خاصة إلى تقسيم كمية الماء حسب تداول ساعات الليل والنهار مع وجود "أمناء من ذوي الصلاح" كانت مهمتهم الإشراف على عملية التوزيع 18 تذكر وثيقة المدرسة المرادية عددا هاما من أسماء السواقي التي تسقي واحة توزر من بينها أحد الوديان الثلاثة الكبرى التي أشير إليها منذ القرن 11م وهو "واد الأوسط"، كما تذكر الأقسام الثلاثة الكبرى المكونة للواحة وهي "جرّ الأوسط" و"جرّ ساقية الربط" و"جرّ عبّاس". تنقسم الوديان الثلاثة الكبرى إلى ستة جداول حسب أول وصف لنظام توزيع الماء بواحة توزر في القرن 11م وإلى سبعة حسب آخر ستعمال لهذا النظام في بداية القرن العشرين19 . تنسب الذاكرة الجماعية هذا التحول إلى المؤلف التوزري ابن شباط الذي عاش في القرن 13م 20، وهو رأي شائع بكثرة في مدينة توزر أين يرتبط نظام توزيع المياه بواحتها دائما بهذه الشخصية التاريخية، وهو ما يطرح علينا فعلا إشكالية العلاقة بين هذا النظام وابن شباط. إن ما هو متوفر من مصادر ووثائق مختلفة لا يتيح لنا البتة تأكيد هذا الرأي، بل إن هذه الفكرة لم يرد ذكرها في النصوص إلا منذ نهاية القرن 19 21، أما قبل ذلك فلم يشر إليها أي من الرحالة العرب أو الأوروبيين الذين زاروا المدينة واسترعت انتباههم واحتها ونظام توزيع مياهها. كما أننا لا نجد في «صلة السمط" لابن شباط إشارة واحدة توحي بمساهمته في هذا النظام، بل إننا نراه يؤكد ما ذكره البكري حين ينقل عنه قسمة كل نهر من الأنهار الثلاثة إلى ستة جداول. انطلاقا مما تقدّم يمكن الـتأكيد أن إضافة ساقية سابعة لكل واد من الوديان الثلاثة المتفرعة من النهر الرئيسي قد تمت بعد القرن 13م، وهي مسألة يمكن ربطها بالتحولات البشرية العميقة التي شهدتها المدينة منذ هذا التاريخ، حيث بدأت أعداد كبيرة من عرب مرداس في الإستقرار بها 22 بعدما كان مشهدها البشري مكوّنا أساسا من الروم والأفارقة والبربر 23، ثم شهدت بداية من النصف الثاني من القرن 15م وإلى نهاية الفترة الحديثة استقرار مجموعات بشرية عديدة مثل أولاد الهادف والجماعة والزبدة ومسغونة 24. فالتحولات التي شهدتها الواحة طوال هذه الفترة هي إذن استجابة وتوافقا مع التشكلات البشرية الجديدة وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تطّور للمساحات الزراعية وتحول في الأوضاع العقارية وملكية المياه. وتجدر الإشارة إلى أن الساقية السابعة من كل واد من الوديان الثلاثة في واحة توزر تتكوّن بمعزل عن المصارف الرئيسية لهذه الوديان وهو ما يعكس أن إضافتها متأخر عن التقسيم الأصلي. وهذه السواقي الإضافية هي "ساقية الرقيقة" بالنسبة لواد عباس و"ساقية قرناز" بالنسبة لواد الوسط و"ساقية العقيلي" بالنسبة لواد ساقية الربط. وبالرجوع إلى وقفية المدرسة المرادية فإننا نجد فيها ذكرا لـ"ساقية قرناز" في مواضع متعددة، وبالتالي فإنها تقدم لنا سقفا زمنيا وهو نهاية القرن 17، أي أن هذا التحول قد تم على الأرجح بين القرنين 13 و17. بعد توزيع الماء بين مختلف أرجاء الواحة يتم احتساب زمن استفادة كل بستان منه وفقا لطرق عديدة وردت الإشارة إليها في وثيقة الوقفية المرادية مفصّلة بذلك نسبيا ما ذكرته مصادر العصر الوسيط بصفة إجمالية. فقد استعملت خاصة مواقيت الصلاة لقياس زمن الري ("بعد آذان العشاء"، "من التأهيب الأول إلى وقت العصر"). ويكون توزيع الماء حسب نظام "النوبة" أي الدورة المائية والتي تدوم بصفة عامة سبعة أيام، أي أن كل بستان يستفيد من حقه من الماء مرة كل أسبوع، كما يمكن أن تكون الدورة أيضا كل أربعة عشر يوما وتكون هذه الدورة في أغلب الأحيان تكميلية. ولتحقيق التوازن بين المستفيدين، ولإصلاح ما يمكن أن يترتب عن الإختلاف في أوقات الري، تكون الإستفادة "تارة بالليل وتارة بالنهار" و"تارة أولا وتارة أخرا". بالإضافة إلى ذلك اعتمد القادوس25 لقياس زمن الري في واحة توزر، وهو استعمال قديم تمت الإشارة إليه منذ القرن 11م. فحسب البكري فإن سقي اليوم الكامل هو 192 قدسا 26، أي بمقدار 7.5 دقيقة للقادوس الواحد. وقد تطور مقدار قادوس توزر إلى أن أصبح موافقا لخمس دقائق 27حسب آخر استعمال له في بداية القرن العشرين . بالنسبة للوقفية المرادية فقد وقع الإكتفاء فيها بذكر عبارة "القادوس المصطلح عليه بتوزر" في إشارة إلى اختلاف مقداره من منطقة إلى أخرى 28. غير أن الالتجاء إلى بعض وثائق الأرشيف يمكن أن يوضح لنا هذه المسألة، حيث احتوت إحدى هذه الوثائق التي تعود إلى نهاية القرن 19 معلومات مفادها وجود قادوس مرجعي معتمد في واحة توزر منذ أكثر من قرنين يسمى "قادوس سيدي التواتي" وقيمته حوالي 4 دقائق29 ، أي أنها من المرجح أن تكون قيمة "القادوس المصطلح عليه بتوزر" كما ورد في الوقفية المرادية. وتجدر الإشارة إلى أن أهم استعمال للقادوس بواحة توزر هو لقياس مدة تفويت صاحب الحق في الماء إلى غيره، وهو ما يحيلنا إلى مسألة بيع الماء وشراءه في منطقة الواحات بصفة عامة. وقد جاء في وقفية المدرسة المرادية ما يفيد ذلك عند التنصيص على حقوق الشرب لكل سانية، من ذلك مثلا أن "جميع السانية نخيلا بغابة توزر بجر ساقية السواني وتعرف بسانية قرّة...من حقوقها الشرب المعلوم لها نصف يوم يخرج منه خمسة وعشرون قادوسا وباقيه لها في دور سبعة أيام..."، أي أن "سانية قرّة" مطالبة بالتفويت بما يوافق مدّة خمسة وعشرين قادوسا من جملة مدّة نوبتها المحدّدة بنصف يوم وذلك لسانية أخرى. إن ظاهرة بيع الماء في واحة توزر قديمة، حيث أشار إليها البكري بقوله:" كل ساقية سعة شبرين في ارتفاع فتر يلزم كل من يسقي منها أربعة أقداس مثقال العام، وقيل يلزم كل من يسقي نهارا أربعة أسداس المثقال في العام، وبحساب ذلك في الأكثر والأقل..."30. وقد تواصلت هذه الظاهرة إلى بداية القرن العشرين إذ تمت الإشارة إليها في "جدول الماء" 31. إن دراسة نظام توزيع الماء بواحة توزر تسمح لنا بالقول بأنه لم يكن بمستوى الصرامة الفائقة التي أشير إليها غالبا، وهو ما يمكن أن نتبينه من خلال مبدأ "التثقيل" الذي تقدّم الوقفية المرادية أقدم إشارة نصّية إليه. والتثقيل، كما ورد تعريفه بـ"جدول الماء"، هو "الحق لبستان مجاور لساقية في أخذ جانب من كمية الماء في الأيام التي تجري فيها الساقية في بعض الأجنة الصادر منها الماء...ومدة التثقيل يقع قيسها بالقواديس ومقدار الماء المأخوذ لا يمكن أن يكون أقل من سبع كمية الماء بالساقية، والتثقيل يكون دائما نهارا، ولا ينطبق ذلك بتوزر إلا على ساقية قرناز أثناء بعض سويعات من يومي الأحد والجمعة وعلى مجرح من مجارح مصرف التوانسة صباح يوم الأحد" 32. يوافق هذا الوصف كثيرا ما جاء في وثيقتنا التي تذكر بدورها أن التثقيل ينطبق على ساقية قرناز ويكون يومي الأحد والجمعة. كما أن التطابق في الوصفين يؤكد أن نظام توزيع المياه في آخر استعمال له كما ورد في "جدول الماء" كان في خطوطه العريضة مستعملا في نهاية القرن 17 على الأقل. إن اعتماد مبدأ التثقيل والإستفادة منه بشكل يصعب معه مراقبة كمية الماء المأخوذة يعكس لنا وجود ملاكين متنفذين في الواحة بإمكانهم الإستفادة أكثر من غيرهم بمياه الري. ولعل هذا الأمر في علاقة بظهور عائلات أو عشائر قوية سيطرت على مدينة توزر بشكل كبير مثل عائلة بني يملول في الفترة الحفصية 33 وعشيرة أولاد الهادف خلال العصر الحديث34 .

الجباية والأوضاع العقارية بواحة توزر في نهاية القرن من خلال الوقفية المرادية

تقدم لنا الوقفية المرادية معلومات تتعلق بالجباية والتحولات التي شهدتها واحة توزر في بداية الفترة الحديثة. وهي في الحقيقة معلوماتها أمام ندرة الوثائق المتعلقة بنظام الجباية في العهد المرادي، فمن هذه الفترة لم يصلنا إلا دفتر جبائي وحيد مؤرخ بسنة 1087هـ/1676-167735 . نتبين من خلال وثيقتنا أن الملكيات الحبس كان لديها وضع خاص في نظام الجباية، حيث وقع التخفيف في قيمة جبايتها من خلال تقاسمها مع مختلف المجموعات البشرية المكونة لمدينة توزر. وتخضع هذه الملكيات، مثلها مثل البقية، إلى نظام الخرص كما هو مبين في الوثيقة، والخرص معناه إعطاء قيمة تقديرية لملكية معينة لتحديد حصتها من كامل جباية المجموعة المطالبة بدفعها إلى المخزن 36. ومن الضروري الإشارة في هذا الإطار إلى أن كل مجموعة في مدينة توزر كان لها خرص خاص بها، حيث نجد مثلا "خرص فطناسي" أي خاص بعشيرة فطناسة أو أولاد الهادف، وكذلك "خرص جهيمي" أي خاص بعشيرة جهيم، وهو ما يفيد أن كل مجموعة كانت لها معاييرها الخاصة لتقييم ملكياتها وهو ما يعكس وجود استقلالية محلية تميز كل مجموعة37 . يعكس لنا هذا الاختلاف أيضا واقعا عمرانيا ميز المدينة منذ الفترة الحفصية، فقد كانت متكونة من أحياء أو مراكز عمرانية عديدة بعيدة نسبيا عن بعضها ويأخذ كل حي شكل القرية المستقلة، وبالتالي فنحن أمام مشهد عمراني متفتت يجد أسبابه في اختلاف أصول سكان المدينة وتعدّد عشائرها. وقد أشارت وثيقتنا إلى بعض هذه الأحياء مثل "ربض جهيم" و"مدينة الحضر" التي مثلت مجال مركز مدينة العصر الوسيط. غير أن أهم ما يجلب الانتباه هو اختلاف قيمة المساهمة في جباية الملكيات الحبس من مجموعة إلى أخرى. حيث نلاحظ تميز "أهل فطناسة" المطالبين بالمساهمة في جباية بساتين قيمتها 15 و25 دينارا خرصا، في حين أن بقية المجموعات مطالبة بالمساهمة في جباية مرتفعة مثل "أهل ربض جهيم" (100 و109 دينار) و"جماعة عبد العاطي" (200 دينار). إن هذا الاختلاف يجد تفسيره في الإمتيازات الجبائية الهامة التي احتكرتها عشيرة فطناسة أو أولاد الهادف 38، وهي امتيازات تعتبر مؤشرا على قوتهم الاقتصادية التي ضمنت لهم الهيمنة السياسية على مدينة توزر من بداية الفترة العثمانية إلى منتصف القرن 19، هيمنة كان أهم مظاهرها أن شيخ المدينة تمّ اختياره من داخل هذه العشيرة طوال كامل هذه الفترة 39. وقد امتد نفوذه على كامل بلاد الجريد حتى أن فيليبي الذي زار المنطقة سنة 1829 اعتبره بمثابة "الباي الحقيقي للجريد"40 . لقد مثلت القوة الإقتصادية العامل الرئيسي الذي أوصل عشيرة أولاد الهادف إلى هذه المرتبة، وهي قوة تجد أوضح مظهر لها في كثرة تملك البساتين 41 مما أدى إلى تحولات عقارية كبيرة في واحة توزر، ويمكن أن نجد في وثيقتنا صدى لهذه التحولات التي تذكر مثلا: "وجميع الغابة نخيلا بغابة توزر بجر الأوسط بساقية الدفلة وتعرف قديما بأنفرة بن عجيمي والآن بأنفرة أحمد بن علي والد بلقاسم بن أحمد بن علي الهادف التوزري". وأحمد بن علي هو أحد أبناء الهادف مؤسس عشيرة أولاد الهادف أو فطناسة. لقد انعكست هذه المكانة الاقتصادية الكبيرة والهيمنة السياسية لهذه العشيرة على حيّهم الذي شهد تطورا عمرانيا ومعماريا هاما وذلك بفضل بناء وتشييد العديد من المعالم مما جعله يتميز بوضوح وإلى اليوم عن بقية أحياء مدينة توزر.

الملحق عدد 1. صورة لجزء من الصفحة الأولى من وقفية المدرسة المرادية بتوزر (المصدر: أ.و.ت.، دفتر 3992، ص 313)

هوامش

1 حول مصادر تاريخ مدينة توزر والجريد في الفترة العثمانية، انظر: ذاكر سيله، 2013، ص. 17-21
2 أحمد السعداوي، 2011
3 نفسه، ص. 329-337
4 ابن أبي دينار، 1869، ص. 251-252؛ الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 480 و483
5 الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 559-560
6 أصبحت المدرسة خلال الفترة الاستعمارية مقرا للمحكمة الشرعية بعد أن كانت قبل ذلك في "دار الباي" التي تحولت إلى مقر للمراقبة المدنية. ولم يبق حاليا من المعلم الأصلي سوى الاسم وعوّضه معلم جديد يتمثل في الزاوية الإسماعيلية. وحول معالم توزر والجريد خلال الفترة العثمانية، انظر: ذاكر سيله، 2013، ص. 57-225
7 الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 560
8 نفسه، ج. 2، ص. 559-560
9 حول تطور المشهد العمراني لمدينة توزر ومكانة حي أولاد الهادف ضمنه، انظر: ذاكر سيله، 2013، ص. 302-304
10 A. Hénia, 1993, p. 125-148
11 الدرعي، 1902، ج. 1، ص. 53
12 حسين خوجة ، 1975، ص. 142.
13 P. Penet, 1913, p. 93
14 علي الشابي ، 1980، ص. 86-87
15 ابن أبي دينار، 1869، ص. 192؛ الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 349؛ ابن أبي الضياف، 1990، ج. 2، ص.33
16 البكري، 1992، ج. 2، ص. 708-709
17 ابن شباط، ج. 3 و4، ص. 105 ب
18 التجاني، 1981، ص. 157
19 P. Penet, 1912, p. 4-5 ; idem, 1913, p. 72
20 Pâques, 1974, p. 366 V
21 Du Paty de Clam, 1893, p. 331
22 التجاني، 1981، ص. 163
23 اليعقوبي، 1860، ص. 139؛ الإستبصار، 1985، ص. 155
24 ذاكر سيله، 2013، ص. 305- 309
25 القادوس عبارة عن إناء في أسفله ثقب يملأ ماء، والمدة التي يستغرقها نفاذ الماء منه تسمى قادوسا، أي أنه يستعمل للدلالة على الآلة والوحدة معا.
26 البكري، 1992، ج. 2، ص. 709.
27 P. Penet, 1913, p. 76
28 حول القادوس في واحات الجريد، انظر: ذاكر سيله، 2013، ص. 373-377
29 أ.و.ت.، السلسلة التاريخية، صندوق 21، ملف 237، وثيقة 56
30 البكري، 1992، ج. 2، ص. 709
30 البكري، 1992، ج. 2، ص. 709
31 P. Penet, 1912, p.5
32 Ibid., p. 5
33 حول عائلة بني يملول وتطور حكمهم في مدينة توزر انظر: ابن خلدون، 1983، ج. 6، ص. 928-932
34 A. Hénia, 1993, pp. 125-148
35 محمد فوزي المستغانمي ، 2010. Bachrouch, 1972, p. 125-146
36 A. Hénia, 1980, p. 68
37 Ibid., p. 70
38 Idem, 1993, p. 141
39 Idem, 1980, p. 180
40 Filippi, 1926, p. 54
41 العدواني، 1996، ص. 252-253

مراجع

بن أبي دينار أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم، 1968، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، تونس. ابن أبي الضياف أحمد، 1990، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، الدار التونسية للنشر، 8 أجزاء،
تونس
ابن شباط، صلة السمط في سمط المرط، مخطوط دار الكتب الوطنية، تونس، ج. 3 و4، رقم 6506
البكري أبو عبيد الله، 1992، المسالك والممالك، تحقيق أدريان فان ليوفن وأندري فيري، الدار العربية للكتاب وبيت الحكمة، تونس، جزآن
التجاني عبد الله، 1981، الرحلة، الدار العربية للكتاب، ليبيا-تونس ابن خلدون عبد الرحمان، 1983، كتاب العبر، 7 أجزاء، بيروت خوجة حسين، 1975، ذيل بشائر أهل الإيمان بفتوحات آل عثمان، تحقيق الطاهر العموري، الدار العربية للكتاب، ليبيا-تونس الوزير السراج محمد الأندلسي، 1985، الحلل السندسية في الأخبار التونسية، تحقيق محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، 3 أجزاء، بيروت
الدرعي أبو العباس أحمد بن محمد بن ناصر، 1902، الرحلة الناصرية، جزآن، فاس اليعقوبي، 1860، كتاب البلدان، ليدن مجهول، 1985، الإستبصار في عجائب الأمصار، تحقيق سعد زغلول عبد الحميد، الدار البيضاء الفاسي الحسن الوزان، 1983، وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، جزآن، بيروت السعداوي أحمد، 2011، تونس في القرن السابع عشر: وثائق الأوقاف في عهد الدايات والبايات المراديين، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة
سيلة ذاكر، 2013، المعمار والتعمير ببلاد الجريد من القرن 16 إلى القرن 19، أطروحة لنيل شهادة الدكتورا في علوم التراث، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس
الشابي علي، 1980، "العلاقات بين الشابية والأتراك العثمانيين بتونس بين أواخر القرن السادس عشر ونهاية القرن السابع عشر"، المجلة التاريخية المغربية، عدد 17-18، تونس، ص. 69-89
العدواني محمد بن محمد بن عمر، 1996، تاريخ العدواني، تحقيق أبو القاسم سعد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت
المستغانمي محمد فوزي (مراجعة وتوضيب)، 2010، كراسات الأرشيف: الدفتر الجبائي رقم 1، الأرشيف الوطني، تونس

Bachrouch (T.), 1972, « Sur la fiscalité muradite: présentation d’une source et des premiers résultats d’une enquête en cours », Les Cahiers de Tunisie, t. XX, n°79-80, p. 125-146.


Du Paty de Clam, 1893, « Etude sur le Djérid », Bulletin de géographie historique et descriptive, p. 283-338.    

Filippi, 1926, « Itinéraire dans quelques régions du Sahara (5 mars- 8 mai 1829) », in Revue Française d’histoire d’outre-mer, 4e trimestre, p. 537-590.


Hénia (A.), 1980, Le Ğrid ; ses rapports avec le Beylik de Tunis (1676-1840), Publication de l’Université de Tunis, Tunis.  

  • 1993, « Mémoire d’origine d’un lignage dominant le pouvoir local à Tozeur (XVIe-milieu XIXe s.) », in Mélanges offerts à Mohamed Talbi, Publications de la Faculté des Lettres de la Manouba,  p. 125-148.   

Pâques (V.), 1974, L’arbre cosmique dans la pensée populaire et dans la vie quotidienne du nord-ouest africain, Paris.


Penet (P.), 1912, Tableau d’eau de Tozeur, Tunis.

  • 1913, L’hydraulique agricole dans la Tunisie méridionale, Tunis.

Pignon (J.), 1961, « Un document inédit sur la Tunisie au début du XVIIe siècle », Les Cahiers de Tunisie, n°33-34-35, p. 109-219.

الكاتب

ذاكر سيلـه

أستاذ مساعد- جامعة القيروان، مخبر الآثار والعمارة المغاربية-جامعة منوبة

Retour en haut