Information
A propos Al-Sabil
Numéros en texte
intégral
Numéro 12
2021 | 12
مُلاحظات حول الحضور الموريسكي في جهة الوطن القبلي (الشمال الشرقي التونسي)
حسام الدين شاشية
الفهرس
المقدمة
بيبلوغرافيا الحضور الموريسكي في الوطن القبلي
توطين الموريسكيين بالوطن القبلي: شراء أم إقطاع (هبة)؟
الأنشطة الاقتصادية لموريسكيي الوطن القبلي
سليمان: عاصمة الموريسكيين في الوطن القبلي
قرمبالية: مدينة شيخ الأندلس مصطفى دي الكرديناص أو القرمبالي
قرى وبلدات موريسكية أخرى: نيانو، الخوين، الجديدة، بلي
الخاتمة
الملخّص
نحاول من خلال هذا المقال دراسة بعض من الجوانب التي يطرحها الحضور الموريسكي في الوطن القبلي، على اعتبارها أحد المناطق الجغرافية المخصوصة التي استقر بها الموريسكيون عند قدومهم للبلاد التونسية. في العنصر الأول قمنا بمراجعة لبيبلوغرافيا هذا الحضور، ثم طرحنا موضوع كيفية استقرار هؤلاء السكان الجدد بالمنطقة أي عن طريق الشراء أم الإقطاع (الهبة) من السلطات. في العنصر الثالث حاولنا الوقوف على أهم الأنشطة التي مارسها الموريسكيون في المنطقة. أما بدايةً من العنصر الرابع، فقد قدمنا أهم المدن والبلدات التي استقر بها المُهجرون، أي بدايةً سليمان، بإعتبارها عاصمة الموريسكيين بالمنطقة، تليها قرمبالية التي اشتهرت بنسبة شيخ الأندلس مصطفى دي كرديناص أحد أهم الشخصيات الموريسكية لها، ثم مُدن ذات مستوى ثالث، على غرار: بلي، نيانو والخوين. اعتمدنا في هذه الدراسة بالإضافة إلى المصادر التونسية، كتابات الرحالة الأجانب، أي خصوصًا يوميات الراهب الإسباني فرنثيسكو خيميناث التي اطلعنا عليها في لغتها الإسبانية الأصلية، وهي مكونة من سبع مجلدات مخطوطة مازالت إلى اليوم غير منشورة ومحفوظة بالأكاديمية الملكية للتاريخ بمدريد. كما اعتمدنا كذلك وثائق الأرشيف الوطني التونسي، والزيارات الميدانية التي بدأنا القيام بها للمنطقة منذ سنة 2008.
الكلمات المفاتيح
الموريسكيون، الوطن القبلي، سليمان، قرمبالية، مصطفى دي كرديناص.
Résumé
A travers cet article, nous essayons d’étudier quelques facettes de la présence des morisques au Cap Bon ; une des aires géographiques où ils se sont installés en Tunisie. La première partie est consacrée à une relecture de la bibliographie relative à ce sujet. Nous avons ensuite présenté les différentes procédures d’installation : par achat ou par don des autorités locales. La troisième partie décrit les principales activités exercées par les morisques dans la région. Nous avons ensuite présenté les villes d’installation : Soliman, qui été la capitale morisque dans la région, Grombalia, une ville liée au nom d’une des plus importantes personnalités morisques : Cheikh Mustafa de Cardenas, et trois autres villes moins importantes : Belli, Nianou et Lakhouine. En plus des sources tunisiennes, nous nous sommes basés sur les récits des voyageurs européens, notamment, le journal du moine espagnol Francisco Jimenez, consulté dans sa langue d’origine. Ce journal, composé de sept volumes et conservé à l’Académie Royale d’Histoire à Madrid, est encore inédit. Nous avons aussi consulté les documents des archives nationales tunisiennes et effectué plusieurs visites de terrain depuis 2008.
Mots clés
Morisques, Cap Bon, Soliman, Grombalia, Mustafa de Cardenas.
Abstract
Through this article, we try to study some facets of the presence of Moriscos in Cap Bon; one of the geographical areas where they settled in Tunisia. The first part is devoted to a rereading of the bibliography relating to this subject. We then presented the different installation procedures: by purchase or donation by the local authorities. The third part describes the main activities carried out by the Moriscos in the region. We then specified the cities of installation: Soliman, which was the Morisco capital in the region, Grombalia, a city linked to the name of one of the most important Morisco personalities: Cheikh Mustafa de Cardenas, and three other less important cities: Belli, Nianou, and Lakhouine. In addition to Tunisian sources, we relied on the accounts of European travelers, in particular the diary of the Spanish monk Francisco Jimenez, consulted in his native language. This diary, composed of seven volumes and kept at the Royal Academy of History in Madrid, is still unpublished. We also consulted documents from the Tunisian national archives and made several field visits since 2008.
Keywords
Moriscos, Cap Bon, Soliman, Grombalia, Mustafa de Cardenas.
المرجع لذكر المقال
حسام الدين شاشية، « مُلاحظات حول الحضور الموريسكي في جهة الوطن القبلي (الشمال الشرقي التونسي) »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 12، سنة 2021.
URL : https://al-sabil.tn/?p=12488
نص المقال
على الرغم من أن الحضور الموريسكي في تونس قد حظي باهتمام مُحترم من قبل الباحثين التونسيين والأجانب1، فإن العديد من الجوانب المتعلقة بهذا الحضور مازالت غامضة، إذ نلاحظُ نقصًا في الدراسات الجهوية، أي دراسة مناطق جغرافية محددة.
هنا يُمكن أن نلاحظ الاهتمام النسبي بجهة أقصى الشمال، أي منطقة بنزرت-العالية-غار الملح، وقرى ومُدن شريط حوض وادي مجردة، وتحديدًا مدينة تستور2، التي تعتبر عاصمة الحضور الموريسكي في تونس. في المقابل، وعلى الرغم من كثافة التركًّز الموريسكي بجهة الوطن القبلي، واشتهار نسب سكانها في الأوساط الشعبية والعالمة للأندلس3، فإن هذا الحضور لم يحظى حسب رأينا بالعناية الكافية من قبل الباحثين، ما يجعل العديد من الجوانب والتفاصيل المُتعلقة بتوطين الموريسكيين بهذه المنطقة غامضة وفي حاجة إلى مزيد الدرس والبحث، من خلال توظيف مُقاربات جديدة، تقوم خصوصًا على المقاربة التراثية والأنطروبولوجية، أو بالاعتماد على مصادر ووثائق لم يتم التعويل عليها من قبل.
1. بيبلوغرافيا الحضور الموريسكي في الوطن القبلي
قبل أن نقُدم محاولتنا، سنحاول القيام بمراجعة بيبليوغرافية للدراسات التي اهتمت بحضور الموريسكيين في الوطن القبلي، أين نلاحظ تركيز الباحثين على مدينة سليمان، وتحديدًا جامعها، حيث يمكن أن نذكر بحث سليمان مصطفى زبيس « جامع بلد سليمان » المنشور سنة 1977 بمجلة الهداية4. كذلك خصص الأستاذ أحمد السعداوي فصلاً لهذا الجامع في أطروحته المنشورة سنة
51996. هذا بالإضافة إلى كتابات أحمد بوغلاب، ككتابيه « سليمان درة الأوطان » (2012)6 و « سليمان ذاكرة الأيام » (2015)7، التي تطرق فيها للجامع وكذلك بعض الجوانب الأخرى المتعلقة بالحضور الموريسكي في سليمان، كذكر بعض الشخصيات والعادات والمأكولات ذات الأصول الموريسكية. أيضًا حول مدينة سليمان نجد مقالاً بالإسبانية لمحي الدين بن علي، يحمل عنوان « قرية أندلسية في القرن التاسع عشر: سليمان »8.
حول مدينة سليمان أيضًا، نظمت جمعية صيانة المدينة سنة 2009، في إطار إحياء الذكرى أربعمائة لصدور قرار طرد الموريسكيين مؤتمرًا دوليًا بعنوان: « التأثيرات الحضارية الموريسكية في التراث التونسي »، تم فيه تقديم عدد من المداخلات الهامة، ومن بينها مداخلة الأستاذ محمد فوزي مستغانمي معنونة بـ: « جوانب من العلاقات الاجتماعية في سليمان من خلال دفاتر العدول ».
كذلك وفي عملية رصدنا للبيبلوغرافيا الحضور الموريسكي في الوطن القبلي، يمكن الإشارة إلى دراسة حافظ ستهم حول مساهمة الموريسكيين في تطوير الفلاحة بالوطن القبلي9، والدراسة التي خصصها لطفي بن ميلاد لمدينة منزل بوزلفة، والمنشورة في مجلة دراسات أندلسية بعنوان « الأصول الوسيطية لقرية موريسكية: منزل بوزلفة نموذجًا »10. كما نذكر الدراسة الهامة للأستاذ أحمد السعداوي المنشورة سنة 2017، والتي تناول فيها العديد من الجوانب المتعلقة بالعمارة الموريسكية في الوطن القبلي، وتحديدًا في قرمبالية وسليمان11. كذلك نُشير إلى عدد من الأعمال التي أنجزت في الجامعة التونسية في مستوى الماجستير: كعمل تراكي برباري المعنون بـ: « بلدة سليمان في الفترة ما بين 1875 – 1877 من خلال دفتر عدول »12.
ربما يمكن تفسير قلة الدراسات –نسبيًا- حول الحضور الموريسكي في الوطن القبلي بشُح المصادر والوثائق الأرشيفية خصوصًا في القرنين السابع عشر والثامن عشر (يختلف الأمر مع القرن التاسع عشر لتوفر الوثائق الأرشيفية13، فالمصادر الإخبارية التونسية، كالمنتصر القفصي في كتابه « نور الأرماش في مناقب القشاش » (1623)، لا يُقدم إلا بعض الإشارات المُقتضبة، حيث يشير إلى سكن الموريسكيين بالوطن القبلي بالقول: « ولما كثرت الأندلس بتونس وعمروا إقليمها ودوايرها وعمروا الجزيرة… »14. أما ابن أبي دينار، فيُخبرنا في كتابه « المؤنس في أخبار أفريقية وتونس » (1692) بأن الموريسكيين قد استقروا بعدد من مدن المنطقة، وبأنهم قد مارسوا عددًا من الأنشطة الفلاحية، دون تقديم أي تفاصيل أخرى، فهو يذكر في مُؤنسه: « …ومن بُلدانهم المشهورة سليمان وبلي ونيانو أو قرنيالية، وتركي… »15. كذلك، ينسخ كُل من الوزير السراج في كتابه « الحلل السندسية في الأخبار التونسية »16 (1724) وأحمد ابن أبي الضياف في كتابه «الإتحاف في أخبار ملوك تونس وعهد الأمان » (1870) ما أورده ابن أبي دينار17.
شُح المصادر التونسية المحلية، يجعلنا في حاجة مُلحة للاعتماد على ما توردهُ المصادر الأجنبية، حيث أننا سنعتمد في هذه الدراسة خصُوصًا كتابات18 ويوميات الراهب الإسباني فرنثيسكو خيميناث دي سانتا كتالينا، الذي استقر في تونس بين سنتي 1720 و
191735، وزار مُدن وقرى الوطن القبلي في أكثر من مُناسبة. أيضًا، وبالإضافة إلى خيميناث فإننا سنعتمد الأخبار التي يسوقها الطبيب الفرنسي جون أندريه بيسونال الذي زار الوطن القبلي في نهاية شهر سبتمبر من سنة
201724.
2. توطين الموريسكيين بالوطن القبلي: شراء أم إقطاع (هبة)؟
يمكن أن نقف من خلال قصة أحد الموريسكيين الذي يُسمى محمد كورال الأندلسي على بعض جوانب العلاقات الاجتماعية التي ربطت موريسكي الوطن القبلي وتحديدًا مدينة سليمان وأحوازها بالسكان المحليين، فهذا الأخير ذكر لخيميناث بأنهم طردوا من إسبانيا لأنهم كانوا يتهمونهم بأنهم مسلمون، في حين أنهم هنا وللتقليل من شأنهم ينعتهم السكان المحليون بأنهم: « مسيحيون، أبناء مسيحيون »21.
هذه الشهادة المهمة تعكس ربما جانبًا من طبيعة العلاقة التي جمعت موريسكيي الوطن القبلي بالجماعات الأخرى، علاقة لم تتسم دائمًا بالتواصل، بل قامت كذلك على المنافسة الاقتصادية والاجتماعية، فنحن لا نعلم بالضبط كيف تمت عملية التوطين في السنوات الأولى من وصول الموريسكيين إلى تونس، فهل وهبت الدولة الموريسكيين الأراضي التي استقروا بها في الوطن القبلي، لكسب مناطق على حساب القبائل غير الخاضعة لسلطتها بصفة كلية أو جزئية؟ خصوصًا ونحن نعلم أن هذه الدولة كانت لا تزال في بداية القرن السابع عشر في مرحلة تأسيس، تحاول السيطرة على كل مجالها؟ أم أن الموريسكيين قد اشتروا حقًا تلك الأراضي كما يذكر ابن أبي دينار ومن ورائه الوزير السراج، الذي يقول: « …وأذن لهم في إنشاء بلدان، فاشتروا هناشير ووضعوا فيها بُلدانًا ».
حتى وإن رجحنا أن الفرضية الثانية هي الأقرب إلى الحقيقة، فإننا لا نعتقد أن استقرار الموريسكيين بالوطن القبلي، كان كما يذهب ابن أبي دينار بمحض إرادة هؤلاء، فنحن نرى أن عملية التوطين الجغرافي للموريسكيين قد تمت بتوجيه من جهاز الدولة، التي كانت توازن في هذه العملية بين مصالحها ومصالح القادمين الجدُد، فمصلحة الدولة تقتضي أن تنجح عملية التوطين، لذلك فإن المناطق التي أُنزل بها المهجرون ومنها الوطن القبلي قريبة من مركز السلطة (تونس)، ليكونُوا دائمًا تحت مُراقبتها وحمايتها المباشرة.
في هذه النقطة، نحن لا نوافق ما يذهب إليه بعض الباحثين من أن جهاز الدولة قد شكل من خلال خريطة الانتشار الموريسكي هلالاً، يبدأ من الوطن القبلي، مرورًا بزغوان، فشريط وادي مجردة، وصولاً إلى منطقة العالية-غار الملح-بنزرت ليحمي العاصمة من هجمات القبائل، فالمجموعات الموريسكية التي استقرت في تونس، لم تكن مجموعات محاربة كما هو الشأن لنظيرتها التي استقرت بشمال المغرب وتحديدًا بقلعة سلا، كما أن الخصائص العمرانية للقرى والمدن الموريسكية تدُل على أنها لم تكن مشيدة لغايات دفاعية، حيث تؤكد البقايا الأثرية ونصوص الرحالة غياب تحصينات أو أسوار تحمي هذه التجمعات، التي كانت على ما يبدو هدفًا لهجمات بعض القبائل، كما يلمح الوزير السراج، فهو بعد أن يذكر عددًا من المدن والقرى التي أنشأها الموريسكيون والتي كانت أكثر من عشرين بلدًا، يقول: « ولكنها تلاشتها يد الفتن وانقرض أهلها ونفى أكثر سكانها الرعاع »22.
إذن، يمكن القول أن الدولة عملت على استغلال الإمكانيات التقنية للموريسكيين، لذلك وجهتهم نحو مناطق تتوافق مع معارفهم في المجال الزراعي. في هذا الإطار أي تطوير الموريسكيين للنشاط الفلاحي في الوطن القبلي، يذكر خيميناث حول الموريسكيين المُستقرين في مدينة سليمان: « هؤلاء الموريسكيون أكثر موهبةً من العرب في مجال الفلاحة، كما لاحظنا أن بساتين الزيتون والعنب التي يملكونها في أحواز المدينة، كلها محروثة جيدًا بمساعدة البغال، الأحصنة والبهائم. إنهم يستعملون الكراريط كما هو الحال في إسبانيا. أشجار الزيتون والعنب مزروعة بطريقة مرتبة كما هو الأمر في اسبانيا… ليسهل فيما بعد عملية قطف الثمار »23.
3. الأنشطة الاقتصادية لموريسكيي الوطن القبلي
يُخبرنا خيميناث عند زيارته لمدينة قرمبالية أن مصطفى دي كرديناص شيخ الأندلس أمر في بداية القرن السابع عشر بزراعة ثمانية عشر ألف شجرة زيتون، وأثنى عشر ألف شجرة لوز وعنب وأشجار مثمرة أخرى. ويذكر السراج في نفس المعنى: «…وأحدثوا بها جنات من أعناب وزيتون وغريب الفواكه والثمار»24.
بالإضافة إلى النشاط الفلاحي، كان الموريسكيون في الوطن القبلي يمارسون أنشطة تحويلية في علاقة بهذا النشاط، فخيميناث يذكر أن مصطفى دي كرديناس أو كرديناص كان يملك معصرة زيتون25. أما بيسونال، فيُخبرنا أن موريسكيي سليمان كانوا يصنعون الجبن والزبدة26. كما تخبرنا بقايا طاحونة الريح التي مازالت موجودة في مدينة سليمان عن استعمال الموريسكيين لهذه التقنية المستوردة من اسبانيا في طحن الحبوب وغيرها27.
يبقى السؤال مطروحًا حول الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي مارسها الموريسكيون في جهة الوطن القبلي، فخيميناث يذكر بعض الأنشطة الاقتصادية البسيطة المتعلقة بالبيع والشراء، في حين يشير بيسونال إلى أنهُ كان يوجد بقصر مصطفى دي كرديناص بقرمبالية ثلاثون نولاً لغزل الحرير، وصناعة الحرير هي من الصناعات التي یُرجح أن الموريسكيين هم الذين أدخلوها للبلاد أو على الأقل طوروها، فقد كانوا یُربون دودة الحریر في أشجار التوت وكان هذا النشاط يُمارس خصوصًا بمدينة الحرايرية في جهة منوبة.
من جهة أخرى يمكن أن نلاحظ –حسب ما يتوفر لنا من معطيات إلى حد الآن- أن موريسكيي الوطن القبلي لم يشاركوا في أهم نشاط حرفي مارسهُ الموريسكيون في تونس، أي صناعة الشاشية، عكس موريسكيي المناطق الأخرى، كالعالية، البطان، زغوان، والموريسكيين المُستقرين بتونس العاصمة.
من جملة النيف والعشرين بلدًا التي يشير إليها السراج، يذكر ابن أبي دينار أربعة عشر بلدة، منها ست توجد في الوطن القبلي، أي سليمان، بلي، نيانو، قرمبالية، تركي والجديدة. أما خيميناث، فيذكر في ترجمته الإسبانية لكتاب « المؤنس » الأسماء الإسبانية التي كان يطلقها الموريسكيون على بعض هذه القرى والمدن28:
4. سليمان: عاصمة الموريسكيين في الوطن القبلي
1.4. السراج أم السرايري: الوزير الموريسكي أصيل سليمان؟
يبدأ حديث بيسونال عن الموريسكيين بذكر الخزندار محمود السرايري، الذي يذكر بأن أصلهُ يعود إلى مدينة سليمان، يقول: « …ولكن خزندار هذه المملكة، فهو من أهل البرّ الذين أتحدث عنهم. إن سيدي محمود أندلسي الأصل، ولد في سليمان بالمملكة، ويشغل منصب خزندار أو وكيل مال الباي… »29. يذهب المُترجم والباحث محمد العربي السنوسي إلى أن بيسونال قد أخطأ في التسمية وأن المقصود هو محمد الأندلسي المعروف بالوزير السراج، وهو ربما ما جعل معظم الباحثين يذهبون إلى أن الوزير السراج، أصله من مدينة سليمان والصحيح هو محمود خزندار.
التأكيد على أن مسقط رأس محمود السرايري يعود إلى مدينة سليمان هو أن السرايري قد سلّم إلى خيميناث عند نيته زيارة مدينة سليمان رسالة توصية إلى شيخ المدينة، يقول: « …زرت الخزندار الذي سلمني رسالة إلى شيخ سليمان، التي أنوي زيارتها… ».
حول محمود السرايري، يذكر بيسونال بأنهُ كان مهتمًا بالأدب والثقافة وأنهُ دفع الباي إلى تكليف عدد كبير من النساخ بنسخ عديد الكتب في مواضيع شتى، وهو الأمر الذي يؤكدهُ خيميناث مُشيرًا إلى أنهُ كان يعمل على إنشاء مكتبة تضم أربعمائة ألف كتاب30. كذلك يخبرنا بيسونال عن إقامته هو وقناصل فرنسا وهولاندا وجنوة بحقل الخزندار المزروع كرومًا في أحواز مدينة تونس (على الأرجح في جهة سكرة) ويتحدث عن الوليمة الكبيرة التي أُعدت لهم.
2.4. الجماعة الموريسكية بسليمان وعلاقتها بالمحليين
من خلال سيرة محمود السرايري31 كما يذكرها بيسونال وخصوصًا خيميناث يمكن أن نقف على بعض الجوانب من الحضور الموريسكي في مدينة سليمان، أي أولاً: استقرار عائلات موريسكية ذات أهمية بالمدينة (من الأعيان)، ما يدحض الرأي القائل بأن الذين استقروا بالمناطق الريفية (الوطن القبلي وحوض وادي مجردة) هم فقط من طبقة العملة الريفيين والطبقة المتوسطة.
ثانيًا، ومن خلال حديث خيميناث عن أصل عائلة الخزندار، أي كما أخبرهُ أب الخزندار وعمه الذي كان يتكلم بالإسبانية32 في لقائه بهما بتاريخ 17 ماي 1722 أن أصل العائلة يعود إلى مدينة سرقسطة، التابعة لجهة أراغون، يمكن أن نذهب إلى أن عددًا مهمًا من الموريسكيين المستقرين بمدينة سليمان هم من هذه الجهة، وهو ما تؤكدهُ إشارة خيميناث إلى أن عددًا من العائلات المستقرة بالمدينة هم من الثغريين، أي الأراغونيين.
بالإضافة إلى الثغريين، فإننا نعلم من خلال قصة موريسكي آخر اسمهُ محمد كورال أن عددًا من الموريسكيين القشتاليين قد استقروا بالمدينة وأحوازها، فهذا الموريسكي الذي أهدى خيميناث دجاجتين وديكين، ذكر لهُ بأنهُ مستقر في سليمان وأن أصل عائلته يعود إلى مدينة لارودا La Roda، الواقعة في أقليم ألباثاتي Albacete بجهة قشتالة، يقول: « قدّم لنا محمود كورال الأندلسي دجاجتان وديكان. هو من أحفاد الأندلسيين الذين طردوا من إسبانيا، وكان أجدادهُ أصيلي مدينة لارودا. سبب هذه الهدية أننا إسبان، وأنهُ يسعدهُ أن يكون لهُ صداقات مع الإسبان. يقول بأنهُ من مكان يسمى سليمان ولا يبعد كثيرًا عن مدينة تونس… »33.
يُخبرنا خيميناث أنهُ وصل إلى مدينة سليمان في 22 أكتوبر 1724 في الساعة الثانية بعد منتصف النهار، حيث سلم شيخ المدينة رسالة التوصية من الخزندار فأنزلهم بمنزل جيد. أما عن الوصف الذي يقدمهُ عن المدينة فهو يذكر أنها مكونة من تسعمائة منزل متوسطة، بعضها مسقف على الطريقة الإسبانية، والبقية على الطريقة المحلية، وأن هندسة هذه المنازل تقوم على مجموعة من الغرف التي تحيط بوسط الدار حيث يوجد بئر.
بعد ذلك، يتحدث خيميناث عن الساحة التي مازالت موجودة في المدينة حتى اليوم، أين كان يوجد مقهى يقول بأنهُ وسيلة الترفيه الوحيدة للسكان، حيث كانوا يشربون القهوة، يدخنون ويعزفون. كما يشير أيضًا إلى الجامعين الموريسكيين بالمدينة، أي الجامع الأول الذي يقول بأنهُ كان على ما يبدو معبدًا كبيرًا وإلى الجامع الكبير غير البعيد عنهُ.
أما عن سكان المدينة فيقول خيميناث أن ثلاثمائة عائلة هم من الموريسكيين، في حين أن ستمائة عائلة أخرى هم من المحليين، بمعنى أن الموريسكيين لم يكونوا يمثلون إلا نسبة 33 بالمائة من السكان، ورغم ذلك وكما يذكر خيميناث فإن السلطة المحلية المكونة من شيخ وثلاثة مساعدين أو محلفين Alguazils هي بيد الموريسكيين، وهؤلاء المحلفين والشيخ يتم انتخابهم من قبل الموريسكيين ويزكيهم فيما بعد الباي.
من خلال المقارنة بين هذين الرسمين البيانيين، يظهر أن الحضور الموريسكي بمدينة سليمان قد حافظ على امتداد أكثر من قرن على نفس حجمه تقريبًا. كما يمكن أن نؤكد تواصل حضور عدد من العائلات الموريسكية في مراتب الصدارة والوجاهة، على غرار عائلات ماضور، الريشكيو، ليبيرسو، كريستو وغيرها. يتحدث خيميناث عن علاقة سكان المدينة بالسلطة المركزية، حيث يشير إلى إعفائهم من قبل عثمان داي من دفع ضرائب إضافية، فهم لا يدفعون إلا العشُر، في حين أن البدو يدفعون الغرامة المفروضة على الأراضي المحروثة. كذلك يحدثنا خيميناث عن الاختلاف الفيزيولوجي بين الموريسكيين (ذوي البشرة البيضاء) والمحليين (ذوي بشرة أكثر سمرة) والتمايز في العادات والأكل، حيث يقول بأن أكلهم على الطريقة الإسبانية مع بعض الاختلاف، أي ربما في إشارة إلى القرص، البناضج والكويارس التي مازالت تطبخ إلى اليوم في مدينة سليمان35، وأن هندامهم ولباسهم جيد، ويحبون المعرفة.
أيضًا، يخبرنا الراهب الإسباني عن حضوره زواج موريسكي بالمدينة، والذي يُشبه في طقوسه كما يذكر عادات الزواج في بعض القرى الإسبانية، ويحدثنا عن التضامن بين الموريسكيين عند الزواج، حيث يقدم أهالي العروسين مساعدات مادية لهما لمساعدتهما على تحمل مصاريف الحفل وحاجيات المنزل الجديد. هذا التضامن يظهر كذلك في حديث خيميناث عن المساعدات التي كان يقدمها أثرياء الموريسكيين بالمدينة إلى الفقراء، الأيتام، الأرامل والعجزة36. كما يظهر هذا التضامن في رواية بناء الجامع الكبير-كما أخبرنا بعض الأهالي- حيث كان الموريسكيون يضعون تحت سجادة محراب المسجد الأول الذي شيدوه بعد صلاة الصبح قدرًا من المال، ثم يأتي المسؤول على البناء ليأخذ ما يستحقهُ من الأموال.
5. قرمبالية: مدينة شيخ الأندلس مصطفى دي الكرديناص أو القرمبالي
بعد يومين من الإقامة في سليمان، وصل خيميناث أول مرة إلى قرمبالية في 22 أكتوبر 1724 والتي زارها في مرتين أُخْرِيَيَنِ، أي في 22 سبتمبر 1726 و17 أكتوبر 1727. في زيارته الأولى، يُخبرنا خيميناث أن القرية مكونة من ثلاثين منزلاً من السكان المحليين، وبأنهُ لم يقابل إلا عجوزًا واحدة فقط تتكلم الإسبانية، أخبرتهُ بأنها ولدت هناك في حين أن والديها ولدا في إسبانيا. كذلك يُشير في هذه الزيارة إلى قصر محمد باي الذي كان يعود إلى مصطفى دي كرديناص. بالإضافة إلى ما ذكرناهُ أنفًا فنحن نعلم أن مُصطفى دي كرديناص قد كان على الأرجح ثاني شيخ للأندلسيين في تونس بعد لويس ثباتا، وبأنهُ كان من أثريائهم، حيث بالإضافة إلى ممتلكاته الفلاحية بقرمبالية كان يتاجر في العبيد والشاشية وكان يسافر بين تونس، إيطاليا وفرنسا، كما كان لهُ علاقات مهمة مع حاكم البلاد يوسف داي والسلطات العثمانية في القسطنطينية، ولعب دورًا مهمًا في الصراع الحدودي الجزائري-التونسي سنة 1627-1628 أو ما يعرف « بوقعة السطارة »، ويقال بأنهُ هو الذي أنقذ تونس من الغزو الجزائري37.
المكانة الرفيعة لمصطفى دي كرديناص والأدوار الهامة التي لعبها لم تشفع لهُ، حيث وقع خلاف بينهُ وبين حمودة باشا حاكم تونس في خمسينات القرن السابع عشر، يقول ابن أبي دينار: « …وممن كان يأنف من مقامه، ويأبى أن يكون من خُدامه، الشيخ مُصطفى شيخ الأندلس، مكث عدة سنين في انحرافه وخلافه فأذاقهُ هوانًا، وألبسهُ من ثياب الذل ألوانًا، واستصفى جميع ما كان لهُ ومات طريدًا في غير وطنه »38. حول نفس القضية يذكر خيميناث أن حسد الباي لهُ جعلهُ يحاول قتلهُ، لكنهُ علم بهذه المحاولة فهرب إلى القسطنطينية حيث استقبل كأحسن ما يكون، ثم سكن بعض الوقت بالقاهرة وبعدها استقر بصفة نهائية بعنابة حيث زرع أشجار الزيتون والعنب كما فعل في قرمبالية39، وكان لهُ بها قصر شهير وجميل يُعرف بـ « سرايا الكرديناص » أو « قصر القرمبالي »، كما عُرف في عنابة بتأليفه وإنشاده للمالوف، حيث يُنسب لهُ عدد من الأغاني، كقصيدة « حسن الحبيب »، التي يُعبر في بعض أبياتها عن حنينه لوطنه تونس الذي نفي عنهُ، يقول: ما نموتتش غريب في بلاد السحابة+++يا ورد الشام وقرنفل عنابة40.
في زيارته الثانية سنة 1726، يذكر خيميناث أن القرية تضم 30 منزلاً ومسجدًا وبأن سكانها من الموريسكيين والبدو وأن شيخ المدينة موريسكي41. في زيارته الثالثة التي كانت في طريقه إلى صفاقس سنة 1727 يشير فقط خيميناث إلى أن قرية قرمبالية موريسكية، بالإضافة إلى حديثه مرة أخرى عن قصر مصطفى دي كرديناص42. من هذه الإشارات، لا يمكن أن نقف على حجم الوجود الموريسكي بمدينة قرمبالية، كما يمكن أن نُلاحظ الاختلاف في رواية خيميناث بين زيارته الأولى التي لم ينسب فيها المدينة إلى الموريسكيين، وبين زيارته الثانية والثالثة التي أكد فيها أن القرية موريسكية. على كل حال يمكن أن نرجح أن وضعية قرمبالية شبيهة بسليمان، أي أنهُ على الرغم من أن الموريسكيين لم يشكلوا أغلبية عددية، فإنهم كانوا يُمسكون بزمام السلطة المحلية.
6. قرى وبلدات موريسكية أخرى: نيانو، الخوين، الجديدة، بلي
فيما يتعلق بقرى نيانو، الخوين، الجديدة وبلي فيذكر خيميناث بأنهُ زارها خلال رحلته الثانية للوطن القبلي، أي سنة 1726. لا يقدم لنا خيميناث عن هذه القرى إلا بعض المعطيات القليلة، أي أن سكانها من الموريسكيين، مُفصلاً الحديث قليلاً عن بلي التي يقول بأنها أُنشأت على أنقاض مدينة قديمة وبأنها تضم ثلاثمائة منزل من الموريسكيين والبدو، وجامعًا (وجد به نقيشة لاتينية) وعددًا من الزوايا، وأن سكانها من الموريسكيين والمحليين43. من هذه الشهادة نلاحظ أهمية بلي التي وُجد بها ثلاثمائة منزل بالمقارنة مع قرمبالية التي لا يوجد بها إلا ثلاثين منزلاً.
بالإضافة إلى هذه المناطق التي ينسبها خيميناث إلى الموريسكيين، فإن بيسونال يخبرنا عن مدينة طبرنق، التي زارها وقد أضحت في حالة من الخراب، بعد أن كان الموريسكيون قد سكنوها عند قدومهم من إسبانيا، وأعادوا بنائها على أنقاض مدينة قديمة، « ولكن مرض وبائي، ونوع من الطاعون، أفنى كُل السكان، وهكذا أصبحت مرة ثانية خربة ومهجورة. ونُلاحظ بقايا المدينة القديمة والحديثة »44.
إذن، باستثناء هذه المناطق التي ذكرناها آنفًا فإن خيميناث وبيسونال لا يشيران إلى أي وجود موريسكي آخر في منطقة الوطن القبلي، فبالنسبة إلى منزل بوزلفة التي زارها خيميناث سنة 1726 فهو يقول أن إنشائها يعود إلى أحد الأتراك الذي يسمى « حميدة بوزلفة »، ما ينفي نظرية أن تسمية المدينة تعود إلى عائلة موريسكية كانت تقطن بالعالية، حملت لقب « بوزلفة. كذلك يذكر خيميناث بأنهُ كان يوجد بالقرية مئتي منزل، جامع وعدد من الزوايا وأن سكانها من المحليين ويشتغلون بالأنشطة الفلاحية.
هذا الأمر يجعلنا ندعم نظرية أن منزل بوزلفة وغيرها من مدن الوطن القبلي، قد عرفت هجرات موريسكية داخلية بعد زيارة خيميناث لها، أي بعد حروب العائلة الحسينية الداخلية والغزوات الجزائرية، التي كان يتم فيها كل مرة إخلاء القرى الموريسكية الموجودة في حوض وادي مجردة، أي خصوصًا مواجهات سنتي 1735 و1756.
كذلك، فإننا نعتقد أن بعض الموريسكيين الذين كانوا مُستقرين بالوطن القبلي، عادوا بعد مدة وبالنظر للصعوبات التي واجهوها في علاقتهم بالسكان المحليين للعيش في مدينة تونس، وهو الأمر الذي يشير لهُ خيميناث بالقول: « …بعض هذه المناطق والبلدان عانت بعد ذلك من الخراب الكبير بسبب الحروب. توجه المُلاك للعيش في مناطق كبيرة، وبقي هناك الخماسون والرُعاة ».
وإن حصرت المصادر وشهادات الرحالة الحضور الموريسكي في الوطن القبلي ببعض المناطق، فإن بعض الألقاب والتسميات توسع هذا الحضور إلى مناطق أخرى، فمثلاً نجد بمدينة بني خلاد بعض العائلات الموريسكية كعائلة « شلاكو »، « السياري » و »اللونقو ». كما نجد في وثائق الأرشيف الوطني بنفس المدينة تسمية « غرس بئر الأندلسي » أي حقل بئر الأندلسي، ما يعكس ربما حضورًا موريسكيًا بالمدينة. أما مدينة منزل بوزلفة فنجد بها بعض العائلات المنسوبة للموريسكيين كـ: « الإمام »، « مورو »، « الشيخ » وغيرها.
الخاتمة
من كل ما سبق، يتأكد مرةً أخرى الحاجة إلى تعميق معرفتنا بالحضور الموريسكي في الوطن القبلي، فمن جهة – وأمام غياب المصادر الإخبارية والوثائق الأرشيفية- مازلنا نجهل الكثير من التفاصيل عن فترة التوطين، فهل حقًا أن المدن والقرى الموريسكية الموجودة بالوطن القبلي قد وقع انشائها من الصفر أم أن الموريسكيين قد أُنزلوا بتجمعات ريفية صغيرة كانت موجودة قبلهم، ثم ساهموا في تطويرها ديمغرافياً واقتصاديًا ومعماريا، لترتقي إلى مستوى المدن المتوسطة كما هو حال سليمان أو إلى مستوى البلدات الصغيرة كما هو الأمر بالنسبة لبلي وقرمبالية؟
من جهة ثانية، نحن في حاجة لإعادة تركيب تطور الحضور الموريسكي بالوطن القبلي، أي كيف تطور هذا الحضور منذ بداية القرن السابع عشر إلى يوم، فمثلاً، نحن مازلنا نجهل الكثير عن النصف الثاني من القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، على الرغم مما يمكن أن تقدمهُ لنا المُعطيات الواردة في وثائق الأوقاف ودفاتر العدول. كذلك، نحن في حاجة أكيدة للقيام بدراسات تراثية، لجرد ما بقي من معالم وعادات موريسكية، كما تبدو الدارسات الأنثروبولوجية ذات أهمية بالغة، لمعرفة مدى الحضور الموريسكي في ذاكرة السكان سواء كانوا موريسكيين أو محليين.
الملاحق
مدينة سليمان (زيارة مؤرخة بـ 22 أكتوبر 1724)
ذهبتُ لزيارة الخزندار الذي اعطاني رسالة لشيخ سليمان، التي قررتُ زيارتها في اليوم الموالي هي والمواقع القريبة منها. وصلنا إلى سليمان في الساعة الثانية بعد الظهر. أعطيتُ للشيخ الرسالة التي سلمني إياها الخزندار، فأسكننا في منزل مقبول…تسعمائة منزل…متوسطة، وبعضها لديها أسقف على الطريقة الإسبانية، والبقية أسقفها على الطريقة التونسية. كلها بها فناء مُبلط وأَبْار…
ساحة صغيرة…وهناك يوجد مقهى، يذهب إليه الموروس (المسلمين) للترويح عن أنفسهم، لأنهُ ليس لديهم أي وسيلة ترفيه أخرى؛ أخذنا (هناك) قهوة، دخّنا وعزفنا على بعض الآلات الموسيقية. بُنيت هذه القرية على أنقاض قرية قديمة، تسمى كاسولا Cassula (وقد) بناها الموروس الأندلسيون الذين طردوا من إسبانيا بقرار من فيليب الثالث في سنة 1610.
يسكن حاليًا (سليمان) ثلاثمائة عائلة من الموروس الأندلسيين والثغريين وستمائة (عائلة) من البدويين. السلطة القضائية دائمًا في يد الأندلسيين؛ وهي تتكون من حاكم أو شيخ، ثلاث قضاة وثلاثة مأمورين قضائيين Alguazils: الأول مُنتخب بالتصويت من كل أحفاد الموروس الذين قدموا من إسبانيا، وإذا لم يطالب الناس بواحد آخر فأن فترتهُ تتواصل. القضاة هم من الموروس الإسبان ونفس الشيء بالنسبة للمأمورين القضائيين…
منذُ انشائهم لهذه القرية، وقع الاتفاق مع عُثمان داي على اعفائهم من الضرائب، باستثناء العُشر على الفواكه، وخلال بعض السنوات بهذه الجهة كانوا يدفعون بعض الأشياء على المحلات وأماكن البيع العامة. العرب (البدو) الذين يسكنون هناك كانوا يدفعون الغرامة للباي؛ لا تتدخل السلطة الأندلسية للحصول على هذه الضرائب، فمن يقوم بهذه المُهمة هو وزير مُعين من الباي، ليس لهُ أي سلطة أخرى سوى تحصيل هذه الضرائب، لأن بقيت القضايا هي من مشمولات القضاء الاندلسي.
الموروس الأندلسيون مُختلفون عن العرب أو البدو في لون بشرتهم، كمال أجسامهم، في التصرف والعادات. الأندلسيون أكثر بياضًا، أجسادهم مقدودة وبدينة بشكل أفضل، يُشبهون الإسبان في كل شيء، أكثر فضولاً وأفضل لباسًا، وهي العادات التي حملوها من إسبانيا. اسمع ماذا يقول كاتب موريسكي مجهول في كتاب باللغة الإسبانية: « بعد عودتنا إلى أرض الإسلام، اتسمت حياتنا بالبساطة، ولكن…الشهوة… والغرور لا يتركون مجالاً لما هو جيد، وكان الناس يتمتعون بإظهار تأنقهم وثرائهم، الذي لم يكن موجودًا عندما جئنا. اليوم هم (الموريسكيون) في وضعية مُترفة إلى درجة أنهُ يمكن مقارنتهم بأرقى الأكابر، خصوصًا فيما يتعلق بزينة النساء، بحيث كل واحدة منهن تضع مقدارًا من الذهب لا نراهُ إلا في دكاكين (الصاغة) الأكثر ثراءً. وكانت العادة تفرض أن حتى الأكثر فقرًا (من الموريسكيين) يضعون أشياء حتى ملكات هذه البلاد لم يكونوا يضعونها قبل قدومهم »، انتهى الكاتب المُشار إليه.
هؤلاء الموروس أكثر تحضُرًا ولباقةً من العرب؛ أكلهم على الطريقة الإسبانية مع بعض الاختلاف. عندما كنتُ في هذه القرية، كانوا يحتفلون بزواج بعض الأندلسيين. يحتفلون لمدة ثلاثة أيام بآلات موسيقية قبل إقامة الزواج في منزل العريس. في اليوم الأخير، كل أفراد هذه الأمة (يقصد كل الموريسكيين)، يذهبون إلى العروس لحملها إلى العريس، يحملون الشموع المُشتعلة ويغنون الأغاني التي تعودوا على ترديدها في الطريق، والمختلفة عن العرب.
وبالإضافة إلى الاحتفالات الدينية المُشتركة، فلديهم عادة، نجدها في بعض القرى الإسبانية، والتي تتمثل في أن كُل رجال هذه الأمة، متزوجون أو عزاب يقدمون هدايا أو أموال للزوج، في حين أن السيدات أو الصبايا يفعلون نفس الشيء مع العروس، ما يجعل الزوجين الجديدين يحُصّلان ثروة مُحترمة ليتمكنوا في بداية حياتهم من تدبير أمرهم. وبدورهم يقدمون أشياء بنفس القيمة عندما يتزوج الآخرون. ينفقون العديد من المصاريف خلال الزيجات، لأن كل أفراد هذه الأمة مدعوون للمشاركة في الاحتفال، وبسبب المهر والهدايا التي يقدمها الأقارب لبعضهم البعض، فإن الزوج يمكن أن يُنفق حوالي من خمسمائة إلى ستمائة بسوس.
هؤلاء الموروس الأندلسيون أكثر حذقًا من العرب في فلاحة الأرض كما لاحظنا في الحدائق، بساتين الزيتون والعنب التي يملكونها في أحواز القرية؛ كلها محروثة بشكل جيد بمساعدة البغال، الخيول والثيران. يستعملون العربات كما في إسبانيا. أشجار الزيتون والعنب مزروعة بطريقة هندسية مُنظمة كما هو الأمر في إسبانيا…لكي يتم قطف ثمارها على أحسن ما يكون.
مياه الآبار-لأنهُ لا يوجد لا عيون ولا أنهار- جيدة جدًا وتفتح الشاهية، حسب رأيي. لديهم ألف بسوس تركها بعض الأثرياء الأندلسيين لتقدم كصدقات إلى الفقراء. قاموا بتوزيعها بعدل على الأرامل، الأيتام، الفقراء، المتسولين والشيوخ العاجزين. بالنسبة للجنازات فإنهم مُختلفون بعض الشيء عن الموروس الأخرين.
من القرية القديمة، لم يبقى سوى بناء من الحجارة البسيطة والذي على ما يبدو قد كان معبدًا كبيرًا، وقد تم تحويلهُ اليوم إلى جامع للموروس… بجانب الجامع الرئيسي للأندلسيين، نرى حجارتان…
مدينة قرمبالية (زيارة مؤرخة بـ 29 أكتوبر 1724)
انطلقنا من هنا نحو قرمبالية أين قضينا الليلة. قرمبالية هي قرية تضم حوالي ثلاثون منزلاً؛ قابلتُ عجوزًا واحدة فقط تحدثت معي باللغة الإسبانية وقالت لي بأن والديها قد قدما من إسبانيا، وأنها ولدت بهذه الأرض.
أهم منزل هو منزل محمد باي، الذي كان قد بناهُ الشيخ مصطفى، مورو غني، من الذين قدموا من إسبانيا. هذا الأخير زرع هنا غابة زيتون تضم ثلاثين ألف شجرة، وفيما بينها (زرع) أشجار لوز. وجلب إليها الماء من الجبال المُجاورة. كان يملُك ثلاثمائة عبد أسود ومسيحي. زرع كرمات العنب وغيرها… للمنزل حديقتان، ونوافير مياه جميلة جدًا مع بركة مياه.
كان هذا المورو قويًا جدًا إلى درجة أن باي تونس وبسبب الحسد، حاول قتلهُ. ولكنهُ علم بذلك فرحل إلى القسطنطينية أين وقع استقبالهُ بإجلال. ثم قضى بعض الوقت في القاهرة ثم جاء إلى عنابة، أين زرع أشجار زيتون وعنب كما فعل في قرمبالية حتى وفاتهِ.
مدينة قرمبالية (زيارة مؤرخة بـ 22 سبتمبر 1726)
وصلنا في بداية المساء إلى قرمبالية، وهي قرية أنشأها مُصطفى دي كرديناس الأندلسي، سكنا في المنزل الذي أنشأهُ والذي يعود الآن إلى محمد باي. يوجد بهذا المنزل حقلين وبئرين. لقد زرع هو بنفسه ثمانية عشر ألف شجرة زيتون وإثنى عشر ألف شجرة لوز وعنب، أشجار فواكه، وبه أيضًا معصرة زيتون؛ والتي قد اختفت. تتكون القرية من ثلاثين منزلاً وجامع وحيد…الذين يسكنون هنا هُم من المسلمين الأندلسيين لديهم شيخ من أمتهم وبعض البدويين. من بينهم بعض من عائلة ورفلة…
مدينة قرمبالية (زيارة مؤرخة بـ 17 أكتوبر 1727)
مررنا على قرمبالية، وهي قرية أندلسية حيث يوجد قصر، هو اليوم على ملك محمد باي، ولكن أنشأهُ مصطفى دي كرديناس، مسلم أندلسي من الذين طردوا من إسبانيا.
قرى نيانو، الخوين، تركي، الجديدة، بلي (زيارة مؤرخة بـ 23 سبتمبر 1726)
على اليد اليمنى تُوجد نيانو والتي هي قرية المسلمين الأندلسيين، وتوجد الخوين، تركي، الجديدة، يسكنها أيضًا الأندلسيون. دخلنا إلى بلي التي أنشأها ويسكن بها المسلمون الأندلسيون على أنقاض مدينة قديمة…
هذه القرية توجد في نفس السهل الذي توجد به سليمان…يوجد بها ثلاثمائة منزل، ويسكنها مسلمون أندلسيون وبدويين، (ويوجد بها) جامع وبعض الأولياء.
الهوامش
1 أحصينا أكثر من مئتي دراسة في مختلف المجالات وبعديد اللغات ما بين سنتي 1917 و2017. لمزيد التفاصيل والتعمق في قراءتنا لتطور المدونة البيبليوغرافية للحضور الموريسكي في تونس ومدلولاتها، أنظر دراستنا: حسام الدين شاشية، 2021، ص151-197.
2
من بين هذه الدراسات يمكن أن نذكر:
Marcel Gandolphe, 1918, p.47-48.
3 مثلاً حول اشتهار التأكيد على النسب الموريسكي لسكان الوطن القبلي، نجد في قصيدة أنشدها الكاتب والرحالة القيرواني محمد المقداد الورتتاني في الثلث الأول من القرن العشرين ونُشرت بجريدة الحاضرة حول الفيضانات التي عمت الوطن القبلي، يقول: الدهر شيمته يسر ويفجع/والنفس تجزع والتصبر أنجع/أهل الجزيرة عمهم سيل به/فقدوا الشعور ولم يسعهم موضع… أهل الجزيرة نسل أندلس أرى/من كان يخبر دهره لا يجزع/فكأن هذا اليوم يومكم الذي/هجرت جزيرتكم به والمربع. أورد الكاتب القصيدة في كتابه: محمد مقداد الورتتاني، 1914، ص156-157.
4 سليمان مصطفى زبيس، 1977، ص. 71-75.
6 أحمد بوغلاب، 2012.
7 أحمد بوغلاب، 2012.
8 Muhiddine Ben Ali,1976, p. 97-114.
9 Hafedh Sethom, 1973, p. 369-373.
10 لطفي بن ميلاد، 2009، ص.75-83<
11 Ahmed Saadaoui, 2017, p. 133-168.
12 تراكي برباري، 2014.
13 أنظر في الملاحق قائمة الدفاتر المُتعلقة بالوطن القبلي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والمحفوظة بالأرشيف الوطني التونسي.
14 المنتصر ابن المرابط القفصي، 1998، ص 140.
15 أبو عبد الله ابن أبي دينار، 1993، ص 228.
16 أبو عبد الله محمد السراج، 1984، ص 158.
17 أحمد ابن أبي الضياف، 1990، ج 2، ص 35.
18 Francisco Ximénez, 1934.
19 Francisco Ximénez, ms.9/6010 a 6014.
20 جون أندريه بيسونال، 2004، الرسالة الثامنة، ص99-106.
21 Francisco Ximénez, vol.5, ms.9/6012, f°37r, 24/04/1722.
22 أبو عبد الله محمد السراج، 1984، ص 152
23 .Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°117v-119v, 22/10/ 1724.
24 أبو عبد الله محمد السراج، 1984، ص 152.
25 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°120v, 29/10/1724.
26 جون أندريه بيسونال، 2004، ص 103.
27 Ahmed Saadaoui, 2017, p.163-164.
28 Budinar, ms.9/6015.
29 جون أندريه بيسونال، 2004، ص 44.
30 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°108r, 27/08/ 1724.
31 لمزيد التفاصيل حول السرايري أنظر: حسام الدين شاشية، 2015، ج.1، ص481-482.
32 Ximénez, Discurso de Túnez, op. cit., vol.5, ms.9/6012, f°87v, 88r, 29/06/1722.
33 Ximénez, Discurso de Túnez, op. cit., vol.5, ms.9/6012, f°37r, 24/04/1722.
34 بالإضافة إلى المعطيات التي قدمها لنا خيميناث، فقد اعتمدنا بالنسبة لسنة 1856 على المعطيات التي استخرجها رشاد الإمام من دفاتر الأرشيف الوطني. أنظر: رشاد الإمام، 1981، صص293-318.
35 لمزيد التفاصيل حول هذه المأكولات أنظر: « المأكولات الأندلسية في سليمان »، الرابط:
https://moriscostunez.blogspot.com/2009/04/las-comidas-dorigen-moriscas-en-soliman.html
بتاريخ 22 جويلية 2019.
36 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°117v-119v, 22/10/ 1724.
37 لمزيد التفاصيل حول مصطفى دي كرديناص، أنظر:
John Derek Latham, 1983, pp.157-178; Abdel-Hakim Gafsi, 1995, p.303-318.
38 أبو عبد الله ابن أبي دينار، 1993، ص261.
39 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°120v, 29/10/1724.
40 رابط الأغنية المنسوبة كلماتُها لمصطفى دي كرديناص:
https://youtu.be/omChJa2VAcI,
بتاريخ 28 جانفي 2022.
41 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°277r, 22/09/ 1726.
42 Francisco Ximénez, vol.7, ms.9/6014, f°43rv, 17/10/ 1727.
43 Francisco Ximénez, vol.6, ms.9/6013, f°277rv, 23/09/1726.
44 جون أندريه بيسونال، 2004، ص106.
45 اعتمدنا في عملية التعريب على النُسخة الأصلية من يوميات خيميناث والمقال الذي نشرهُ ميكال دي إيبالثا، وكذلك الترجمة الفرنسية لهذا المقال:
Mikel De Epalza, 1984, pp.195-228; Mikel De Epalza, 1980, p.79-108.
46 قمنا باستخراج هذه القائمة من كتاب: المنصف الفخفاخ، 1990.
المصادر والمراجع
المخطوطات
Budinar, Historia de Túnez, traducida del arábigo al español por Mohamet el Tahager de Urrea, siendo su amanuense Fr. Francisco Ximénez, Madrid, Real Academia de la Historia, 1727, ms.9/6015.
Ximénez Francisco, Discurso de Túnez, ms.9/6010 a 6014, Real Academia de la Historia, Madrid.
المصادر والمراجع
ابن أبي الضياف أحمد، 1990، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق محمد شمام، الدار التونسية للنشر، تونس.
ابن أبي دينار أبو عبد الله، 1993، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، دار المسيرة، بيروت.
ابن المرابط القفصي المنتصر، 1998، نور الأرماش في مناقب القشاش، تحقيق لطفي عيسى وحسين بوجرة، المكتبة العتيقة، تونس.
الإمام رشاد، 1981، « الأندلسيون في البلاد التونسية في منتصف القرن 19 من خلال خزينة الوثائق التونسية » ، المجلة التاريخية المغاربية، عدد 23-24، صص293-318.
برباري تراكي، 2014، بلدة سليمان في الفترة ما بين 1875 – 1877 من خلال دفتر عدول(ماجستير)، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، تونس.
بن ميلاد لطفي، 2009، « الأصول الوسيطية لقرية مورسكية: منزل بوزلفة نموذجًا » ، دراسات أندلسية، عدد41، ص.75-83.
بوغلاب أحمد، 2012، سليمان درة الأوطان، جمعية صيانة مدينة سليمان، تونس.
بوغلاب أحمد، 2015، سليمان ذاكرة الأيام، جمعية صيانة مدينة سليمان، تونس.
بيسونال جون أندريه، 2004، الرحلة إلى تونس، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، مركز النشر الجامعي، تونس.
السراج أبو عبد الله محمد، 1984، الحلل السندسية في الأخبار التونسية، تحقيق وتقديم الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
شاشية حسام الدين، 2015، السفارديم والمورسكيون، رحلة التهجير والتوطين في بلاد المغرب (1492-1756)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
شاشية حسام الدين، 2021، « الموريسكيون في تونس: إعادة قراءة لروايات الانتماء » ، في لطفي عيسى، مساءلة الانتماء من منظور المباحث التاريخية التونسية، كلمة للنشر والتوزيع تونس، صص151-199.
الفخفاخ المنصف، 1990، موجز الدفاتر الإدارية والجبائية بالأرشيف الوطني التونسي، تونس، الأرشيف الوطني التونسي، 1990.
مصطفى زبيس سليمان، 1977، « جامع بلد سليمان » ، مجلة الهداية، العدد 1، صص. 71-75.
الورتتاني محمد مقداد، 1914، البرنس في باريس: رحلة من القيروان إلى فرانسا وسويسرة، المطبعة الرسمية، تونس.
Ben Ali Muhiddine, 1976, « Un pueblo andalusí en el siglo XIXe: Solimán », Miscelánea de Estudios Árabes y Hebraicos, Granada, p.97-114.
De Epalza Mikel, 1980, « Nouveaux documents sur les Andalous en Tunisie aux débuts du XVIIe siècle », in Revue d’Histoire Maghrébine, N°17-18, p.79-108.
De Epalza Mikel, 1984, « Nuevos documentos sobre descendientes de moriscos en Túnez en el siglo XVIIIe » in Studia historica et philologica in honorem M. Batllori, Instituto Español de Cultura, Roma, p.195-228.
Gafsi Abdel-Hakim, 1995, « Aperçu sur l’ancien "palais" de Mustafa de Cardenas à Grombalia», in Mélanges Louis Cardaillac, F.T.E.R.S.I., Zaghouan, p.303-318.
Gandolphe Marcel, 1918, « Note inédite sur Testour et sur une famille hispano-juive habitant ce village en 1746 », in Revue Tunisienne, N°25, p.47-48.
Latham John Derek, 1983, « Muçt’afa de Cárdenas et l’apport des morisques à la societé tunisienne du XVIIIe siècle », in Études sur les moriscos andalous en Tunisie, Dirección General de Relaciones Culturales, Madrid-Tunis, p.157-178.
Saadaoui Ahmed, 1996, Testour du XVIIe au XIXe siècle. Histoire Monumentale d’une Ville Morisque de Tunisie, Publications de la Faculté des Lettres de la Manouba, Tunis.
Saadaoui Ahmed, 2017, « Les Andalous au Cap-Bon : mise en valeur des terres, urbanisation et architecture », in La péninsule du Cap Bon entre crises et mutation, Académie tunisienne des Sciences, des Lettres et des Arts, Carthage, p. 133–168.
Sethom Hafedh, 1973, « L’apport andalous à la civilisation rurale de la presqu’île du Cap Bon», in Études sur les moriscos andalous en Tunisie, Dirección General de Relaciones Culturales, Madrid-Tunis, p. 369-373.
Ximénez Francisco, 1934, Colonia trinitaria de Túnez, s.n., Tetuán.
الكاتب
حسام الدين شاشية
أستاذ مساعد ـ كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية ـ جامعة تونس.