Information
A propos Al-Sabil
Numéros en texte
intégral
Numéro 08
La vacherie du Parc de la Tête d’or, 1904
La première construction de l’architecte Tony Garnier
Sana Smadah et Clémentine Enrenaz
2019 | 08
سراية صالح شيبوب بضواحي غار الملح : دراسة تاريخية ومعمارية
وجيدة الصكوحي
الفهرس
الملخّص
يتناول المقال دراسة تاريخية ومعمارية لسراية أمير اللواء صالح شيبوب، وهي إحدى أهم المنتزهات الموسمية المشيدة بضواحي بلدة غار الملح خلال منتصف القرن التاسع عشر التي لاتزال صامدة رغم انهراس الكثير من أجزاءها وفقدان أهم ملامحها. وقد صمَم القصر وفق طراز معماري أوروبي مستجد عرف انتشارا كبيرا خاصة خلال الفترة الحسينية أين لاقى استحسان الطبقات الميسورة والفئات الحاكمة.
وللتعمَق في تاريخ هذا المبنى والكشف عن حيثيات تشييده، تم الاعتماد على المصادر المكتوبة إلى جانب المستندات الأرشيفية التي قدَمت لنا معطيات هامة حول حظائر البناء وتكاليف الأشغال المنجزة كما تطرقت لأصحاب الصنائع والعمال. في حين مكننا العمل الميداني، من التعرَف على تفاصيله ومكوَناته المعمارية فضلا عن تحديد خصائصه الهندسية وأساليبه الزخرفية وتقصي أهم التأثيرات المحلية والأجنبية.
الكلمات المفاتيح
قصر، صالح شيبوب، غار الملح، البايات الحسينين، حظائر البناء.
Résumé
La présente étude historique et archéologique se concentre autour du sérail de l’amiral Salah Chiboub, une importante résidence saisonnière édifiée durant le XIXe siècle dans les environs de la ville de Ghar-el-Meleh et qui, aujourd’hui, malheureusement menace ruine. En effet, l’intérêt accordé à ce bâtiment découle notamment de sa morphologie architecturale inédite ainsi de sa richesse ornementale qui furent empruntés au répertoire occidental. Ce nouveau modèle fut apprécié par les dignitaires de la cour beylicale husseinite ainsi que par les fortunés, il fut abondamment propagé surtout dans les environs de la capitale Tunis.
L’investigation s’engage dans une démarche scientifique basée sur les sources littéraires et le recours aux documents d’archives qui se contentent de relater les détails des chantiers de constructions, les coûts ainsi les mains d’œuvres encourus. Cependant, l’expertise du bâtiment demeure fondamentale dans cette démarche pour déchiffrer ses spécificités architecturales, ornementales et déterminer les multiples influences locales et empruntés.
Mots clés
Palais, Salah Chiboub, Ghar-el-Meleh, les beys husseinites, chantiers de construction.
Abstract
This historical and archaeological study focuses on the palace of Admiral Salah Chiboub, is an important seasonal residence built during the 19th century in the region of Ghar-el-Meleh and which today unfortunately is going to ruin. Indeed, the interest related to this building stems from its unique architectural morphology and its attractive richness which were borrowed from the European repertoire. This new model was appreciated by the dignitaries of the Husseinite beylical court as well as by the wealthy minority; it was abundantly propagated especially in the surroundings of the capital Tunis.
The investigation engages in a scientific approach based on literary sources and archival documents which relate the details of construction sites, the costs and the labor involved. However, building expertise remains fundamental in this approach to decipher its architectural and ornamental specificities and to determine the multiple local and borrowed influences.
Keywords
Palace, Salah Chiboub, Ghar-el-Meleh, The husainid Beys, the building sites.
المرجع لذكر المقال
إسم الكاتب، « سراية صالح شيبوب بضواحي غار الملح : دراسة تاريخية ومعمارية »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 08، سنة 2019.
URL : https://al-sabil.tn/?p=12172
نص المقال
لقد اعتاد البايات الحسينيون، لاسيما أعوانهم وأفراد حاشيتهم، اتخاذ عدَة منتجعات للرَاحة والاستجمام بأماكن مختلفة من حاضرة تونس أو ضواحيها القريبة، في حين فضّل البعض منهم الابتعاد واختيار مرابع جديدة داخل الإيالة على غرار منطقة غار الملح الذائعة الصَيت، ولعلَ اختيار هذه البلدة من قبل أمير اللَواء "صالح شيبوب" لإقامة قصر موسمي للنزهة لم يكن قرارا اعتباطيا، فلا غرابة أن تكون مثل هذه المنطقة بفضل هوائها النقي وجمال طبيعتها متنفَسا سكنيا وقبلة الطبقة الارستقراطية الحسينية1 حيث كانوا يرتادونها لمدَة من الزمن خلال فصل الصيَف للتمتع بجمال البحر والغابة اللَذين كانا عاملا الجذب الرئيسي لهذه المنطقة، إضافة إلى الخاصيَات الفلاحية والطبيعية والمناخية والأمنية الملائمة، الأمر الذي يفسَر نشأة هذا المنتزَه الموسمي بهذه الناحية دون غيرها.
1. تاريخ بناء السراية ومميزات موقعها
تجدر الاشارة إلى أننا لا نملك تاريخا محددا ومضبوطا لبناء القصر، لكن المعطيات المتوفرة تعلقت بحظائر البناء التي تمت على مراحل وانحصرت بين سنتي 1840 و1853، الأمر الذي يجعلنا نرجَح منتصف القرن 19م الأقرب لضبط تاريخ البناية. وقد شيَده أمير اللواء صالح شيبوب2 الذي تقلَد العديد من الخطط الهامة في الدولة وارتقى في المراتب العسكرية والسياسية، حيث عيَنه المشير أحمد باي الأول (1837- 1855) بنباشي3 ثم صيَره أمير لواء عساكر غار الملح وبنزرت وكلفه بجمع الجباية. وقد أشرف أيضا على عدة إنجازات معمارية منها بناء قشلة غار الملح، وإحداث مباني سكنية قاربت في تصاميمها أبنية المحمديَة على حدَ قول ابن أبي الضياف. كما بعثه سفيرا لإيطاليا لتبليغ نيشان البيت الحسيني لملك سردانيا فكتور4 إيمانويل II وذلك سنة
51850. وفي سنة 1855 عزله المشير محمد باي (1855-1859) وجرَده من جميع ممتلكاته6 وسجنه ثم نفاه إلى موطنه الأصلي بجزيرة جربة7، إلى أن توفي في أوائل سنة 1865.
ولا يمكن النفي بأي حال من الأحوال أنَ صالح شيبوب قد تمكن خلال مدَة خدمته في الدولة من جمع ثروات طائلة مكنته من امتلاك العديد من العقارات والرَباعات الموزَعة بالحاضرة تونس وأيضا بالعديد من المدن، كالمعاصر والحوانيت والمقاهي والمطاحن، ولعل أهمَها بناية بسانيته الواقعة بنواحي باردو والتي تم إحداثها في سنة 1261/1844 وأخرى ببني خيار8 ودار ببلدة سليمان9 ودار بالمحمدية وأخرى برحبة الغنم من مدينة تونس إلى جانب الثروة الحيوانية والسواني والهناشر10 المشجرة بأنواع الغراسات بالعالية وسليمان وزغوان والمنزل وماطر وغار الملح ومرناق وتاكلسة التي بحوزته11. وقد سجلت هذه الممتلكات في أزمَة بيان تقييد الرسوم باسم صالح شيبوب المؤرخة في سنة
121276/1859. وعموما هذه الأملاك إلى جانب مرتبه الشهري والمقدر ب100 ريال13 من الدولة، كانت تدرَ عليه أموالا طائلة مكنته من شراء وبناء العديد من المباني الفخمة في دواخل الايالة.
أقيمت سراية أو « بلاص شيبوب »14 كما سميَت في الوثائق الأرشيفية15 بالضواحي الريفية الغربية المتاخمة لمدينة غار الملح بمكان منبسط أسفل الغابة الجبلية ويعرف « بطرف الغابة »16 على الطريق الرابطة بين منطقة عوسجة وبلدة غار الملح. ويتمتَع القصر بواجهة شديدة الثراء والتنميق17 تشرف مباشرة على البحر بحكم وجوده على الشريط الساحلي لبحيرة غار الملح، وهو ما جعله من الأماكن الساحرة ذات مواصفات قلَما تتوفر في معلم واحد. والملاحظ منذ الوهلة الأولى أنَ محيط القصر يتكوّن من ضيعات وبساتين تابعة له وتحيط به من الجهات الأربعة، ممَا يعني أنَه منذ إنشاءه وإلى حدود أواخر العهد الحسيني قد احتفظ المبنى بحدائقه وببساتينه الممتدة المحيطة به التي ميَزته منذ البداية، وسوف لن يتلاشى هذا المشهد إلى يومنا هذا رغم تسجيل بعض التغيرات الطفيفة في ملامح بعض المناطق المجاورة. ويوفَر هذا الظهير الزراعي، في نفس الوقت، احتياجات المدينة من المنتوجات الفلاحية كالزراعات البعلية والسقوية وغيره18 إلى جانب تربية الماشية والصيد البحري، وقد أعجب الرحالة بيليسيي -الذي عين قنصلا بالايالة التونسية- بثراء الغطاء النباتي الذي يمتد من الجبال إلى سفح البحيرة19. وقد كانت أراضي هذه الجهة على ملك البايليك20 وأعوانهم وجزء من الأرستقراطية الحضرية لمدينة غار الملح21، ونوعية الملكية المنتشرة بها هي التي ساعدت على ظهور بعض الحدائق والقصور في هذه المنطقة22.
وعلى صعيد آخر فإنَ الموضع الساحلي للمدينة الممتد بين جبل الناظور- الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 325م23 - من جهة والسواحل البحرية المشرفة على البحيرة من جهة ثانية، مثل موقعا استراتيجيا هاما لمراقبة الغزوات الخارجية وردَ جميع الهجومات البحرية المباغتة، بحيث مثلت حتما منطقة دفاعية وثغرا من الثغور الشمالية الساحلية التي تمكن من مراقبة حركة السفن التجارية والحربية ، وقد لعبت هذه المنطقة خلال الفترات التاريخية القديمة ثم الوسيطة دورا عسكريا ودفاعيا هاما، وقد تواصل تنامي هذا الدور خلال الفترة الحديثة، وما ينهض شاهدا على الصبغة العسكرية للمنطقة وجود الميناء البحري والقشل مقر احتشاد الحاميات العسكرية إلى جانب الحصون والابراج العسكرية24 التي شيدت جميعها خلال الحقبة العثمانية. ففي بداية القرن XVIIم أخذ الحكام الجدد على عاتقهم بناء العديد من المشيدات الدفاعية والعسكرية أين عمد الباي المرادي علي باشا (1677-1696) إلى تحصين المدينة وبناء ثلاثة أبراج عسكرية دفاعية ومراسي بحرية، وهو نفس التوجَه الذي دأب عليه الحسينييون فيما بعد أين ارتأى المشير أحمد باي(1837-1855) إلى إحداث دار صناعة للأسلحة وقد كان « الكاهية »25 المعين من قبل الباي هو الذي يتولى الشؤون الادارية بمنطقة غار الملح وضواحيها.
من جهة ثانية، ساعد قرب بلدة غار الملح من الحاضرة ووجودها في المجالات الشمالية القريبة الخاضعة للسيطرة التامة للسلطة المركزية إلى جعلها منتجعا ملكيا ممتازا لحكام البلاد وأعوانهم مما يضعها كمنطقة جغرافية في دائرة الاهتمام بصفة مستمرة الأمر الذي شجع الكاهية صالح شيبوب على بناء قصره بهذه الربوع، بالقرب من سراية أحمد باي26، والتي زارها الرحالة الفرنسي قيرانGérin.V في أواخر شهر ماي سنة 1862 أين تمَت استضافته من قبل الكاهية27. كما نجد أيضا برج بن عياد28 الواقع غير بعيد عن الموقع الأثري أوتيك وقد اندثر حاليا.
كما سهَل وجود شبكة من الطرقات والمسالك الرابطة بين الحاضرة تونس وبلدة غار الملح والمدن المجاورة عملية التنقل، وكان لها الفضل في تشجيع بعض أعيان الدولة الحسينية على الاستقرار بهذه النواحي البعيدة. وقد حظي هذا الجانب خلال مجمل الفترات التاريخية وخاصة منها الفترة الحسينية بالعناية الفائقة من قبل الحكام، الذين ساهموا في تمهيد الطرقات ومدَ الجسور ونذكر من بين أهم هذه الانجازات قنطرة بنزرت29 الواقعة على وادي مجردة التي تعدّ الطريق الوحيدة التي تمكننا من الوصول إلى بنزرت ونواحيها في تلك الفترة.
2. حظائر البناء ومواد البناء المستعملة
تمدَنا المستندات الأرشيفية30 المتعلقة بحظائر بناء كل من السراية وجميع ملحقاتها كالحمام والمخازن والدويرية إلى جانب البئر والسانية المحيطة بها، بحيثيات ومعطيات سير المرمَة وتطورها منذ بداية الأشغال، وهي وثائق حينيَة وسجلات بيانية في شكل أزمَة وتذاكر سُجَلت بها مصاريف نقدية يومية لسير الحظيرة، وقد وردت جدَ مفصلة مما يسمح لنا بمتابعة تقدَم الأشغال اليومية، كما تمدَنا بتفاصيل دقيقة قلَما نجدها، منها أسعار بعض مواد البناء والأدوات المستعملة والكميات المشتراة لتوفير مستلزمات الحظيرة والتي يختلف فيها تقدير واقتناء المواد اللازمة حسب اختلاف نوعية الأعمال المنجزة ومدى تقدَم نسق البناء، إلى جانب الاشارة إلى عدد العمَال وتنوَع اليد العاملة المستنفرة وجملة الاختصاصات اللازمة، ويتعدى ذلك إلى ذكر المواد المستوردة لمصالح القصر مع تحديد أثمانها والمشرفين على جلبها وأصولهم العرقية والدينية. كما تدوَن في نفس الوقت جميع الأشغال والمصاريف من قبل مراقبين أو شهود مُعيَنين مباشرة من قبل صاحب القصر.
1.2. حظيرة مبنى السراية
كان انطلاق الحظيرة31 يوم السبت 11 شوال سنة 1256/ 9 ديسمبر 1840 لتتواصل إلى 5 صفر 1257/ 30 مارس 1841، بمعنى أن الاشغال امتدت مبدئيا لمدة 5 أشهر، وقد أشرف على الحظيرة الوكيل حميدة الزين برفقة شاهده حمودة قميحة. وقدَرت جملة المصاريف ب3785 ريال وربع و9 ناصري، خصصت لدفع أجور العمال ولشراء مواد بناء منها كميات هامة من اللوح البندقي (400 لوحة) ومسمار من النوع القلعي وحلاقم وغيرها. ثم استأنفت الأشغال في أواخر صفر 1257/ مارس-أفريل 1841 أين سجلنا استبدال الوكيل السابق الذكر ليشغر مكانه المسمَى « شعبان المقدم » الذي سيتولى الإشراف على سير حظيرة البناء التي ستمتد لمدَة أربعة سنوات لتنتهي في ربيع الأول 1261/ مارس 321845. ولا نعلم الاسباب الكامنة التي دفعت إلى تغيير الوكيل. وبهذا الدفتر وثَقت جميع المصاريف النقدية والعينية اليومية والشهرية لجميع التذاكر. ويجدر بالذكر أن حظيرة البناء استغرقت عدة سنوات لإقامة القصر وإتمامه وذلك لضخامة المبنى وتعدد عناصره المتكونة من طابق أرضي وآخر علوي وملحقاته ومرافقه الضرورية هذا من ناحية أولى، كما سجلنا مصاريف ذات مبالغ كبيرة خصَت أجرة بعض الاختصاصات الباهضة شأن الدهانة (500 ريال/ الشهر)، إضافة لمبالغ كبيرة وقع صرفها في شراء بعض المواد المستوردة مثل الحلاقم المالطي (60 ريال) واللوح الطرطوشي إلى جانب الجبس والزليج الأسود، وقد بلغت التكاليف الجملية للمرمة طوال السنوات1257/1841 إلى حدود سنة1261/ 1845 حوالي 51745.5ريال و5 نواصر. ونتبيّن بالنظر إلى القيمة الجملية للمصاريف أن الأشغال المنجزة تمت في إطار الانشاء وليس من قبيل الصيانة أو الترميم.
2.2. بناء ملاحق القصر
احتلت هذه الوحدات المعمارية الجزء الخلفي من القصر وتسمى « الرَوى »، وتكوَنت من « دويرية »، حمام، ساقية، مخازن، وإسطبلات لإيواء الدواب والحيوانات والمراكيب. ولعلَ أشغال بناء الملحقات كانت متزامنة مع انطلاق أشغال حظيرة السانية حيث اشتمل نفس السجل35 مصاريف إتمام البلاص بالإضافة إلى مصاريف الحديقة وكان ذلك في 19 جمادى الاول 1269/ 27 فيفري 1853 على يد محمد بالي حسن البنباشي، وقد عمد هذا الوكيل إلى استنفار مجموعة من العمال ذوي اختصاصات متباينة من بينها خدامة لحفر بئر الكنيف، ونجارة لتركيب أبواب الحمام وورديان وأمين بناء ومعلم وخدامة مناولة ونشارة وبراملي لإصلاح الدولاب، كما استقدم عمالا لجلب الجبس من مدينة رفراف وخدمته، والتجأ إلى « معلم فنايري » لمدة نصف يوم لصناعة « ركب الحمام » ومدَ قنواته، وقد بلغت تكاليف هذه الحظيرة 218 ريال و9 نواصر ونصف. كما انطلقت أيضا أعمال التبييض والدَهان في 23 رمضان 1269/ 29 جوان 1853، أين عمد الوكيل علي بوخريص البنباشي36 على استقدام أحد النصارى الموجودين بالحاضرة تونس برفقة صناعه وأوكلت له مهمَة دهن القصر وملحقاته.
3.2. حظائر تهيئة السانية وبناء البئر
• بناء البئر
شرع الوكيل محمد بالي حسن بنباشي في البناء يوم 13 ربيع الثاني 1269⁄ 23 جانفي 1853 واستقدم مجموعة من اليد العاملة المختصة في البناء إلى جانب خدامة المناولة والليقة وخلط العجنة والحفر وخدامة الحطب والسواقة والجباسة ونجارة ونشارة رخام وورديان وبراملي وفنايرية وغيرها من الاختصاصات اللازمة. و نتبين من خلال قوائم المصاريف مشاركة يد عاملة أجنبية تكونت من"ثلاثة بناية نصارى" تم استدعاءهم خصيصا لحظيرة البئر، وهذه العناية الواضحة بهذا العنصر المعماري تعكس بالضرورة الاهتمام الكبير والمكانة الخاصة بجمالية المكان الذي يطوق القصر، فقد صمَم مبنى البئر على شاكلة جديدة لم نعهدها بين منازل وقصور تلك الفترة أين تفرد بهندسة خاصة أضفت على المكان تناسقا وجمالا. وتبدو أن هذه الأشغال كانت هامة من خلال الكم الهائل من العملة الذين تم إحضارهم من نواحي غار الملح ورأس الجبل وماتلين ورفراف39، كما استوجبت عملية بناء البئر كميات كبيرة من حجارة الجبس التي تم جلبها من الجبال القريبة لغار الملح40 فضلا عن مادة الجبس في شكل قفيز تم نقلها عن طريق الدواب من بلدة رفراف. وقد قام بحفر "التخم" أربعة عمال بمساعدة مجموعة من الخدامة فاق عددهم العشرين نفرا، وذلك للقيام بقطع الحطب ووقده وخلط العجنة ومناولتها كما قام النجارة بصناعة أبواب للبئر. في حين عني "الأضباشي حمزة الخراط" بتركيب روس السواري بوسط السانية، وقد أشرف الأمين علي بن حليلة على مرمَة البئر.
بلغت الكلفة الجملية لليد العاملة حوالي 221.75 ريال و¼ ناصري، وقد استغرقت مدة الاشغال حوالي ثلاثة عشر يوما لتنتهي يوم الجمعة 26 ربيع الثاني1269/ 5 فيفري 1853، يتقاضى خلالها العمال أجرة نقدية يومية تختلف كل حسب نوعية النشاط الذي يتعاطاه، في حين أنَ العمال النصارى ومعلم البناء "بطاليس" واللياقة يتقاضون أجرة شهرية تقدر بمئة ريال على يد مساعد الوكيل المدعو "ونَاس قايم مقام"، كما صرفت مؤونة عينية للعملة تكونت من فطور اشتمل على خبز وزيت مع ذكر تفصيل لمقدارها والتنصيص على كلفتها على اعتبار أنها جزءا من الراتب اليومي .
ويبرز هذا الجدول أجور بعض الاختصاصات:
● أشغال تهيئة السانية
نطلقت أشغال السانية في 13 ربيع الثاني 1269/ 1853 بالتوازي مع حظيرة بناء البئر، أين عمد المشرف والوكيل محمد بالي حسن بنباشي، على تجنيد يد عاملة مختصَة ذات كفاءة عالية في مجال البستنة تكوَنت من ثلاثة جنَانة مشرفين على خدمة السانية وعلى تسيير العمَال وهم « علي حليلة » و »سليمان بن محمود النفاتي » و »ميلاد الجنان » الذي كان قد أشرف قبل ذلك على سانية الباي بحمام الأنف42. ومن جهة أخرى حتمت شساعة السانية وامتدادها على فراسخ عديدة من استنفار عشرات العمَال يطلق عليهم « خدامة معونة » تمَ جلبهم من المدن المجاورة شأن بلدة رأس الجبل وغار الملح وماتلين ورفراف، وقد بلغ عددهم 73 نفرا43. كلف هؤلاء بالعديد من الأشغال المتنوعة بالسانية منها زراعة الكليل، وحفر السياج أو « التخم » وإصلاح الممشات وتقليع شجر التوت من نواحي رأس الجبل لإعادة غراسته بالسراية، وحراثة الأرض، وجرَ الماء لسقي الاشجار المثمرة وزرع بعض النباتات ومدَ السواقي بالسانية.
وتفيدنا الوثائق أنَ أشغال البناء والحراثة والغراسة بالحديقة قد امتدَت من منتصف ربيع الثاني إلى 24 جمادى الأولى، مع وجود تقطع زمني أثناء هذه المدَة، فبعد هذا التاريخ الأنف الذكر تنقطع دفاتر حظيرة السانية، لتعود مجددا في تاريخ لاحق مبدأه شهر شعبان من نفس السنة، وفي الاثناء يتغير الوكيل المشرف على الاشغال ليحل محلَه « علي بوخريص البنباشي »44، الذي أشرف على إتمام أشغال الحديقة وتوقيف السواري بها ومدَ السواقي وحراثة الأرض وسقي الغراسات وتوفير مواد البناء والأدوات اللازمة لمصلحة مرمَة البير، وتابع أيضا أعمال الدَهان والتبييض التي جرت في شهر رمضان والتي كلف بها أحد النصارى القادمين من تونس برفقة صناعه45. كما أحظر الوكيل أحد النصارى الذين عرفوا بتفوقهم في مجال البستنة وقد اختص في تهيئة الحدائق والسواني ويدعى « سينسوي المالطي الجنان »46. وقد تركب فريق العمل من عدة عمَال لكل اختصاصه منها جنَانة وخدامة لزرع الكليل وغرس الشجر ومنها « سقاية بانكولة » إلى جانب السواقة وخدامة الحفير، أمَا المجموعة الثانية فاعتنت بتركيب الممشات بالحديقة وصنع الجير والمناولة وإقامة الأحواض الزراعية وغرس النباتات ومدَ الحلاقم. ويتقاضى هؤلاء أجرة نقدية يومية قارَة كل حسب اختصاصه، كما تقدَم أجرة عينية لفائدة كافة العمَال الموجودين بالحظيرة47.
ونستخلص في نهاية هذا العنصر إلى أنَ التعرض لتحليل ودراسة حظيرة بناء سراية شيبوب بغار الملح من خلال الدفاتر والوصولات والتذاكر العينية التي تمَ العثور عليها في طيات وثائق الارشيف الوطني، قد تضمنت تفاصيل نادرة جدَا ودقيقة للغاية، سمحت لنا بتتبع حيثيات عملية البناء وتتطور المبنى منذ الوهلة الأولى لبدء الاشغال، فقد دوَنت جميع الجزئيات بالحظيرة أين نلمس مدى تقدم الأشغال من فترة لأخرى ورصد مراحلها الكبرى، كما لاحظنا عن كثب المراوحة بين عملية البناء وشراء المواد، فكلما تتقدم الاشغال كلما يتم تزويد المرمة بمواد البناء اللازمة، حيث تسير على نسق متواصل وعلى نفس الوتيرة دون انقطاع إلا في بعض الحالات التي يتعطل فيها العمل بسبب الظروف الطبيعية على غرار تهاطل الأمطار بكثافة مما يعوق العمال عن مواصلة الاشغال48، كما نسجل في بعض الأحيان تواصل العمل ضمن حصص ليلية تسمى « حركة ليلية »49 كانت تقتضيها أحيانا ضرورة العمل القصوى.
ونشير إلى أنه رغم انعدام وجود الرَسومات الهندسية للمبنى، إلاَ أنَ عملية البناء لم تكن قط اعتباطية أو من قبيل الصدفة، بل هي عملية متكاملة المراحل تعتمد استراتيجية تنظيمية تنمَ عن وجود إلزامي لتصوَر مسبق ومدروس للحدائق والأجنة المتاخمة والمحيطة بالقصر كما تتبع ضوابط نظرية وتطبيقية يتوجب احترامها والالتزام بها قبل بداية الأشغال50، وتخضع أيضا لآليات مضبوطة وتتم وفق دراسة هندسية مبدئية متكامة فيها دراية بجميع مقومات المبنى وأبعاده وعناصره المعمارية. كما ترتبط عملية تهيئة السواني أو الحدائق بعدَة مهارات وفنون متمازجة تجمع بين حسن الاختطاط ومهارة البنائين ومعرفة المزارعين ذوي الخبرات العالية في مجال تهيئة الحدائق، ويحرص على تطبيقها وكيل الحظيرة الذي يقوم بالمتابعة والاشراف على جميع الأعمال طوال مراحل العملية إلى جانب التنسيق بين العديد من الأطراف سواء تعلق الأمر بمزوَدي الحظائر بمواد البناء الأولية أو بطاقم العمَال المختصَين.
4.2. مواد البناء المستعملة
إنَ أغلب مواد البناء الأولية المستخدمة في مراحل البناء الأساسية من حجارة وجير وجبس هي مواد محليَة بالأساس يقع جلبها من مناطق داخل البلاد، فالجبس كان يقتطع من مقاطع متفرقة في جهات مختلفة، كرأس الجبل، والمناطق الجبلية المجاورة لغار الملح ورفراف وهو الأكثر استهلاكا في حظيرة السراية، يتم استعماله في هذه الحظائر بنوعيه الجبس الأكحل في البناء كمادة لاحمة أو كميلاط والجبس الأبيض المصفى لنقش حديدة ويذكر في دفاتر حساب الحظائر بلفظ « الشهبة ».
وبالتمعَن في سجلات حظائر السراية نلاحظ استعمالا مزدوجا لمواد بناء مستوردة من أوروبا إلى جانب أخرى محلية مجلوبة سواء من منطقة غار الملح ونواحيها أو من المناطق الداخلية للبلاد. وقد قدرت مواد البناء المحلية النسبة الأكبر من الناحية الاستهلاكية وذلك لأنها مثلت في غالب الأحيان مواد أولية أساسية كالجير والجبس والاجر والحجارة والرمل والحديد، كما نشهد استعمال الزليج المطلي المحلي المصنوع في القلالين كالزليج بنوعيه الأكحل والأصفر51 إلى جانب حجارة الكذال التي تم جلبها من مقطع سليمان52. وتتصف هذه المواد عموما بانخفاض أسعارها مقارنة بنظيرها المجلوبة من الخارج. في حين تكونت المواد المستوردة من أنواع من الرخام الجيّد والزليج المطلي المستورد من ايطاليا والسواري المرمرية ذات التيجان المنقوشة إلى جانب بعض الاقفال والحروجات، أما في ما يخص استعمال الخشب، ورغم أن هناك أنواع محلية متعددة مثل اللوح « السليماني » ولوح « الصنوبر » أو »السرداوي و »الصفصاف »، إلا أن الكميات المستهلكة كانت من الخشب الرفيع المستورد بنوعيه « الطرطوشي » و »البندقي » الذي يتم شراءه من النَصراني خيمي المالطي. واتجهت استعمالات جميع هذه المواد في هيكل البناء وبنسبة أكبر في الزَخرفة أو ما يعبَر عنه في الوثائق « بحروجات المبنى » وذلك لجودتها رغم أنها باهضة الثمن مقارنة بالمواد المحلية، فعلى سبيل المثال كان الفرق بين 100 قطعة زليج برَ النصارى و100 قطعة زليج تونس الأصفر ما يناهز عن ثلاثة وعشرين ريالا، لذلك كانت مواد البناء الأجنبية حكرا على حظائر البايليك عموما وعلى الأعيان والفئات الثرية من العامة دون غيرهم نظرا لقدرتهم على تسديد أثمانها، وقد توفَر لدينا حصر لأثمان بعض المواد المستوردة من الخارج والمستعملة في أغراض شتى:
3. الوصف المعماري للسراية
1.3. المدخل الخارجي للقصر
تقع البوابة الخارجية للسراية على حافة الطريق الرئيسية المؤدية لمدينة غار الملح على مسافة تناهز 154م عن بناية القصر، وقد وقع هدمها في السنوات الأخيرة إثر إعادة توسيع الطريق. وبالاستناد إلى الصور الأرشيفية للمعهد الوطني للتراث لسنة 1984 فإن البوابة الرئيسية كانت تتألف من باب حديدي تحفه من الجانبين ساريتان سميكتان مثمنتا الأضلاع، انتصب في أعلاهما إفريز بارز مدرَج من الجصَ، وتُوَجت قمة كل سارية بتاج مدبَب اتخذ شكلا هرميا، وقد شابه من حيث الشكل والزخرفة ونمط البناء سواري البئر الموجود بالسانية. وعموما يفضي هذا المدخل إلى طريق الكروسة المستقيم الذي كان مبلطا بممشات للعبور. ويحيط بالسانية سياج من الأشجار الكثيفة الأوراق والأغصان يسمَى « تخم ».
2.3. الواجهات الخارجية للسراية
يقدم لنا قصر شيبوب أو « البلاص » مشهدا معماريا جذابا من الخارج فهو يبهرنا منذ الوهلة الأولى بحجمه الضخم والمساحة الممتدة والشاسعة التي يحتلها وسط المزارع والحقول والبساتين المتنوعة الغراسات رغم تلاشي واندثار معظم أجزاءه، حيث اختفت من الواجهات النحوت الحجرية والبروزات الجصيَة وانقرضت منه أغلب العناصر والوحدات الزخرفية. وأكثر ما يشدنا على الإطلاق هو منظر الجدران الخارجية الصمَاء الشاهقة ذات اللون الأبيض، ونوافذ الطوابق العليا المرتفعة لترسم واجهة منمَقة حسنة التنضيد توحي مباشرة بانتماء صاحبها للطبقة الثرية من المجتمع، ويتميز المبنى بتناسق التفاصيل الزخرفية وحسن توزَع العناصر المعمارية المشكلة للواجهة والموضوعة بدقة محكمة وعن دراية بالأبعاد والقياسات الدقيقة وقوامها التماثل والتناظر الذي طبع جميع عناصر المبنى من الخارج والداخل. كما يغلب على هذا القصر من الخارج كما من الداخل طابع التربيع والخطوط المستقيمة والزوايا القائمة مع استطالة ظاهرة في بعض الأجزاء تهم خاصة الغرف والوحدات الرئيسية. وتعتبر الواجهة الجنوبية ذات الاطلالة الساحلية الواجهة الرئيسية للبلاص، يبلغ ارتفاعها حوالي 11م وتمتد على نحو 23,70م. وتوَجت أعالي البناية ستة فتحات إهليجية الشكل موضوعة على مسافات متساوية يعتليها إفريز متدرج تعكس شدة التأثر بالفنون الغربية الايطالية. ويتوسطها مدخل رئيسي ينتمي إلى الطراز الأوروبي وهو العنصر الأكثر تهذيبا وتزويقا ضمن واجهة الطابق الأرضي. وفتحت بها سلسلة من النوافذ المستطيلة والمتناظرة آعتلت جميعها الطابق العلوي عكست الرغبة الجامحة في الانفتاح على المحيط الخارجي والتمتع بجمال الحدائق والأجنة التي تطوَق المبنى، كما تقطع في نفس الوقت مع العمارة السكنية الكلاسيكية الموروثة التي وجَهت تصاميمها نحو الانغلاق والصدَ عن العالم الخارجي.
أما على المستوى الهيكلي فقد اتخذ المبنى شكل بناية تتسم بقدر كبير من الحصانة والمناعة تضمن سلامة وأمن صاحبه خاصة مع وجوده بمناطق معزولة وبعيدة عن مواطن العمران حيث كان القصر كفيلا بتوفير الحماية اللازمة من خلال تصاميم جدرانه الحجرية السميكة والشاهقة والمنيعة التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 11مترا، إلى جانب اختزال عدد الفتحات والمنافذ بالطابق الأرضي وحمايتها بمشبك حديدي.
وتتوزَع بقية ملحقات السراية بالناحية الخلفية للمبنى أين نجد جميع المنافع المتكونة من مخازن واسطبلات وحمام ومطبخة ودويرية، إلى جانب وحدات سكنية مخصَصة للخدم، وللأسف فقد طمست أغلب ملامحها ولم يبقى منها صامدا سوى المخازن والاسطبلات التي تؤم الدواب.
وبالناحية الشرقية للسراية وعلى مسافة 36 مترا، انتصب مبنى البئر وسط الحديقة المحيطة حيث تفرَد بهندسته الرائعة والفريدة من نوعها والتي لم نعرف لها مثيلا بقصور ذات الفترة.
3.3. الطابق الأرضي
يفضي الباب الرئيسي للقصر مباشرة إلى دريبة ذات استطالة (9.70م / 6.20م)، سقفت بأقبية متقاطعة وخلت جدرانها السميكة من جميع ضروب الزخرفة وفتحت بها نافذتين لإضاءة الفضاء وثلاثة أبواب خشبية تفضي إلى مقاصر جانبية، وقد بلطت أرضيتها بمربعات من حجارة الكذال. ويقودنا الباب المحوري نحو مجموعة من الغرف والقاعات المتباينة الاحجام تتخللها تقسيمات داخلية وأروقة الضيقة ومنافذ متعرجة جعلت منه شديد التعقيد من حيث التصميم الداخلي، وهو ما يوحي لنا بأن غرف هذا الطابق لم تخصَص للاستعمال الشخصي لصاحب الدار بل كانت مخصصة لايواء الخدم والحرَاس.
4.3. الطابق العلوي
خصص الطابق العلوي لسكنى صاحب القصر وعائلته ومرافقيه، ويتم الولوج إلى فضاءاته عبر مدخل وحيد مُدمج بالطابق الأرضي للواجهة الغربية، ويفتح هذا الباب مباشرة على سلم متكوَن من سلسلة من الدرجات الرخامية طولها 1,45م تنعرج في اتجاه اليمين، وقد فتحت فيه نافذة لإضاءة المكان عرضها 1,70م، وكسيت جوانبه بمربعات من الزليج الايطالي المحلَى بزخارف نباتية وأخرى هندسية إلى مستوى 60 صم. ويوصلنا أعلى الدرج إلى مدخل معطوف إلى اليمين عرضه 1.55م، يفتح على بهو مثمن الأضلاع (3.25م) احتل المحور المركزي للطابق العلوي وهو تصميم جديد ومستحدث لم يكن رائجا في العمارة السكنية التقليدية. وتنتظم حوله هذا الفضاء المسقوف جميع مكونات هذا الطابق، غرف النوم وقاعات الاستقبال الرئيسية الموزَعة بشكل متقن ومحكم يعكس القدرة الابداعية في التأليف والمزج بين مختلف الأشكال المعمارية.
وقد لبست جدران هذه الوسطية كسوة خزفية جلبت خصيصا من ورشات برَ النصارى وهي مربعات ذات بريق معدني صنعت بمدينة نابولي الإيطالية54، (19/19صم) حملت رسوما نباتية وزهرية، وغشيت بسقف خشبيَ مثمن صنع من اللوح الطرطوشي الملوَن لا زالت آثارها موجودة.
وتمتدَ قاعة الاستقبال الكبرى أو « بيت ديواني »55 على كامل الواجهة الرئيسية للسراية المطلة على البحر(21م/9م)،. وتخترقها سبعة « شبابيك أرضية » متشابهة تعلوها أقواس خفيفة الانحدار، استقبلت خمسة منها الواجهة المطلة على بحيرة غار الملح، بينما توزَعت بقية النوافذ على الواجهة الشرقية والغربية المشرفة على الحدائق والبساتين المحاذية.
ازدانت جدران هذه القاعة بوزرات من الخزف المزجَج ذات بريق معدني، القادم خصيصا من الورشات الأوروبية (19صم)، حمل ضروبا شتىَ من الزخارف الهندسية والنباتية المتنوعة طغت عليها الألوان الزاهية كالأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي، حيث وضعت في شكل متناسق وعلى وتيرة منتظمة زادت المكان جمالا ورونقا، وقد زخرفت بنوعين من الجليز، امتد النوع الأول إلى مستوى 80صم ويفصله عن الصنف الثاني شريط خزفي أسود.
وحمل السقف غشاء خشبيا أملس من اللوح الطرطوشي الرفيع المستورد يسمى « سقف مالطي » ولكن للأسف تم تقليعه وإزالته، ولكن بالاستئناس بالمصادر الارشيفية يمكن القول أنَ السقف قد حمل رسوما وزخارف ملونة من إنجاز أمهر الرَسامين في هذا المجال الذين تم جلبهم من أوروبا خصيصا لهذا القصر، وتتدلى منه فوانيس بلوريَة مجلوبة من البندقية لإضاءة المكان. أما أرضيتها فقد فرشت بمربعات كبيرة من المرمر الرفيع الناصع البياض تم إحضاره من مناجم الكرارة بإيطاليا أين عثرنا على بعض اللقى الاثرية بالمكان.
أما قاعة الاستقبال الثانية فتقع بالناحية الغربية من الطابق العلوي وهي أقل مساحة من القاعة الرئيسية وتتصل بها عبر مدخل خاص، أبعادها 8م/ 5,5م، بها نافذة أرضية وحيدة شرقية المفتح عرضها 1,60م، وحشر بركنها الجنوبية الشرقية تجويف غائر بالحائط يعلوه قوس قليل الانحدار وعلى الأرجح أنها كانت خزانة ذات طاقات لوضع التحف.
امتازت هذه الغرفة بكسوة جدارية ملفتة للنظر واستأثرت بنمط زخرفي مغاير عن بقية القاعات الأخرى، فقد لبست جدرانها كسوة من المرمر المجزَع إلى مستوى ارتفاع 60صم عن الأرضية، ثم كسيت بقية المساحة بلوحات ملساء من الرخام المستورد56 متباينة الألوان والمتراصفة بشكل عمودي، طول اللوحة 1,90م وعرضها 0,5م، بحيث شكلت شريطين متراتبين تفصل بينها عوارض رخامية متعامدة عرضها 7صم، وفرشت أرضيتها ببلاطات من الرخام الأبيض وغشيت بسقف خشبي أملس مزخرف، وقد شابهت هذه القاعة الأنيقة من الناحية الزخرفية « بيت البلاَر » بباردو التي وصفها بن ابي الضياف57 في كتابه. وعموما عكس هذا الجناح الملكي الفخم مدى ثراء صاحبه الذي تقلد أعلى مراتب في الدولة.
أما القاعة الثالثة والتي تمثل الجناح الخصوصي لمالك القصر، فقد احتلت الناحية الشمالية المشرفة على الجبال المجاورة، وقد صمَمت على الطريقة التقليدية حيث تكونت من بيت « بالقبو والمقاصر »، امتد طول القبو حولي 10 أمتار وعرضه 6.20م، وغشيت بسقف خشبي أملس من النوع الطرطوشي، وفتحت بها شرفة تطل على الجبال، في حين بلغ طول المقاصر 4,60م/6,20م، وكل مقصورة تحتوي على نوافذ أرضية ذات شرفة تطل الشرقية منها على بئر السانية والحدائق المجاورة، أما الثانية فتفتح على الجبال الخلفية. كسيت جدرانها الداخلية بالكامل بمربعات من الزليج المستورد المماثل لزليج الصحن المستورد يفصلها شريطين من الخزف ذي زخارف مغايرة ويحفها شريط خزفي أسود « قضيب ».
وبالناحية الغربية للبهو المركزي الأنف الذكر، حشر الدرج المفضي في السابق للكشك العلوي وقد كسيت جنباته بالخزف المطلي المماثل للوسطية، بينما جميع درجاته الرخامية فقد اندرست بالكامل، وبالجهة المقابلة للمدخل الرئيسي نجد فضاءات ضيقة على الأرجح أنها كانت تمثل الكنيف لوجود آثار الأنابيب الفخارية أو ما يسمى بوثائق الأرشيف « حلاقم مالطي ». والجدير بالذكر أنَ الطابق العلوي قد احتكر أهم القاعات الرئيسية بالقصر كقاعات استقبال الضيوف العلوية أو بيت « الديواني »، إلى جانب غرفة نوم صاحب الدار، وحضي هذا القسم بأنماط زخرفية متنوعة وفي نفس الوقت أنيقة وفاخرة، على عكس الطابق الارضي فإذا استثنينا الدريبة والمدخل الرئيسي للبرج فبقية الفضاءات والأجزاء الأرضية قد تميزت بالبساطة والتقشف وهي أقل ثراء من الناحية الزخرفية حيث وردت جميع جدرانها ملساء وتفتقد من الداخل إلى جميع ضروب الزخرفة.
5.1. الملحقات الخارجية للقصر
يحتوي المبنى كغيره من المباني الضخمة على وحدات نفعية تعدَ من ملحقاته الضرورية التي لم تدمج بالمبنى بل احتلت الناحية الخلفية، تكونت أساسا من مسكن للخدم ودويرية، ومجموعة من المخازن والاسطبلات إلى جانب الحمام وفرناقه، وقد تكوَنت من طابقين وشغلت مساحة جملية تقارب 600م².
● الدويرية
تقع فوق المخازن والاسطبلات وتفتح على الواجهة الشرقية قبالة البئر الذي لا يبتعد عنها إلا بعض المترات بحيث يسهل عملية جلب الماء إليها، وتحتوي الدويرية على مطبخة، وغرف الخدم والعملة القائمين على شؤون القصر وأصحابه من تنظيف وطبخ وغيرها، لكن للأسف فإن الطابق المخصص للدويرية قد دحض بالكامل ولم نتمكن من تحديد ملامحه الاصلية.
● المخازن
احتلت الطابق الأرضي وقد التصقت بنيانها بالقصر، وتركبت من أربع مخازن مرتفعة ذات أقباء طولية عرضها حوالي 2,60م، وقد اتسمت بجدران سميكة بنيت من حجارة الحرش يعلوها قبو نصف برميلي من الاجر الملآن الموضوع بطريقة القائم والنائم، تستغل هذه الفضاءات لخزن الأعلاف والمؤونة السنوية والمحاصيل الزراعية التي يتم جمعها من الاراضي التابعة للقصر.
● الاسطبلات
تحتل بدورها الطابق الأرضي ويقع بابها من الجهة الشرقية، خصَصت لإيواء الحيوانات والدواب والماشية التي يمتلكها صاحب المالك وأخرى « مخزن المراكيب » لوضع العربات المجرورة المخصصة للتنقل. وقد تركبت من فناء مربع فسيح تكون من ثلاث بلاطات عرضية وثلاث طولية، جاءت على شكل صفين من الأقباء المتقاطعة قليلة الارتفاع، ارتكزت مساقط عقودها الوسطى على ثلاثة أعمدة حجرية سميكة، وفتحت بأعلى الجدار الجوفي ثلاثة نوافذ ذات مشبك حديدي لإضاءة المكان وتهوئته. كما نجد غرفة ملاصقة للإسطبل لعلها كانت غرفة الحارس أو الراعي.
● الحمام
تشير وثائق الارشيف إلى وجود حمام وفرناق ذو نحاسة، لكننا لم نتكمن من تحديد مكانه خاصة وأن المكان قد أعيد استغلاله ووقعت عليه عدة إضافات وتحويرات من شأنها أن طمست أغلب ملامحه.
● البئر ذو السواري
يحتل مبنى البئر الناحية الشرقية من القصر، وقد تفرد هذا العنصر بهندسته المعمارية النادرة واللافتة للأنظار في ذات الوقت، كما أنه من السهل منذ الوهلة الأولى أن نستخلص الملامح الأوروبية أو بالتحديد الايطالية منها المستلهمة من الفن الباروكي أساسا المتميز بميله الشديد نحو الخطوط الملتوية إضافة إلى كثرة الانحناءات الداخلية والخارجية وانعدام الانتظام والتدرج، فقد صمم البئر في شكل « سبيل » حيث تكون من بناية مثمنة الاضلاع ذات جدران ملساء وملتوية، مع استطالة بارزة في اتجاه الساريتين اللتان تحفان به من الجانبين، ويبلغ طول ضلع بناية البئر حوالي 5,30م، أما عرضها فحوالي 3.34م في حين بلغ ارتفاعها الجملي ما يناهز 6م، وحشرت بوسط الواجهة الرئيسية للبئر التي تستقبل مبنى القصر حنية غائرة في شكل محراب يعلوها قوس نصف دائري، حشرت بحنيتها نافورة يخرج من فوهتها الماء ليصب مباشرة بالحوض الرخامي الدائري الذي يتقدم هذه الواجهة. وتحف بجانبي المبنى ساقية ماء مكشوفة إلى السماء متعرجة الشكل عرضها 20 صم تصب بدورها في نفس الحوض الذي يتقدم البئر. أما الواجهة الخلفية للبئر، فعرضها حوالي2,85م، وتتقدمها بضع درجات تم تقليعها توصلنا إلى مسطبة مبلطة بمربعات من الرخام يبلغ طول ضلعها 70صم. وقد حشر بها قوس منخفض الانحدار علوه 2,40م، تعلوه شمسية غائرة أقل عمقا طولها حوالي 20صم، وأسفل هذا العقد نجد حفرة البئر. ويتوج أعالي الجدران إفريز بارز ومتدرج من الجصَ على شكل حاشية.
وانتصبت على جانبي مبنى البئر وعلى بعد حوالي ثلاثة أمتار ونصف، ساريتين اسطوانيتين ملساء ارتفاعها 6م وذات قاعدة مستديرة قطرها 80 صم، تعتليها تيجان هرمية متدرجة منحوتة من الجصَ، وهو صنف جديد من السواري الذي يعكس تسرَب بعض الأنماط الزخرفية الأوروبية التي لم تكن معهودة سابقا. تم تجهيز البئر بدواليب لاستخراج الماء من أعماق المائدة السطحية التي تسكب فيما بعد في حوض مائي على شكل جابية قليلة الارتفاع لإفراغ المياه، كما تربط بقنوات مكشوفة لتحويل ومدَ المياه للمباني الداخلية للقصر وأيضا لريَ الحدائق والبساتين المحيطة بالقصر. وقد أضفى البئر ذو السواري منظرا خلابا على المكان والحدائق المجاورة.
وعموما تعتبر الآبار قوام خدمة السواني واستخراج خيراتها، كما تعتمد في قضاء مصالح القصر، وهي من الوحدات المعمارية الضرورية ضمن عملية التهيئة المائية داخل الاقامات الريفية بالذات، وقد تمكن مصمَمي هذه المصانع المائية من التنسيق وايجاد الانسجام بين المتطلبات التقنية من جهة وبين الناحية الشكلية والجمالية المتناغمة مع المشهد الطبيعي العام من جهة ثانية، لتفي في نفس الوقت بالحاجة العملية وتحقق متعة الناظر للمبنى.
● نافورة الماء
قد سجلنا خلال زيارتنا الميدانية للمكان وجود بقايا نافورة ماء رخامية أو ما يسمى في الوثائق الارشيفية « خصَة ماء »، وعلى الأرجح أنها كانت تقع بالواجهة الأمامية للقصر على غرار قصور تلك الفترة، أين عثرنا على حوضها الرخامي، وهو حوض مثمن الأضلع، طول ضلعه 60صم، وعمقه 20صم، وتعدَ الخصَة إحدى العناصر الأساسية في زخرفة الحديقة وتزيينها إلى جانب تصاميم ممشات العبور والبئر، وفي هذا السياق تشير المحفوظات الارشيفية إلى أنه تم صرف ما قيمته 8645 ريال للماركانتي « شولان » ثمن رخام إلى سانية غار الملح في جمادى الثانية سنة 1270 و قد كان من بين هذه المصاريف ثمن النافورة الرخامية.
الخاتمة
يمكن أن نعتبر قصر شيبوب مرجعا معماريا وفنيَا هامَا للتعرف على خصائص قصور القرن التاسع عشر وكيفية زخرفتها إلى جانب طريقة بناءها، لاسيما وأنَ السراية تعدَ نمطا معماريا مستحدثا ودخيلا على المنظومة المحلية المألوفة والتي كان يتصدَر فيها "البرج التقليدي" المكانة الأبرز طيلة عقود. وقد استلهمت أهمَ ملامحها من التأثيرات الأجنبية الأوروبية بالأساس، وانعكست تجلياتها بادئ الأمر على مخططها المعماري، فالسراية وهي نمط هندسي ظهر خلال القرن التاسع عشر قد عرف رواجا كبيرا بضواحي الحاضرة تونس ثم ما انفك ينتشر بدواخل الإيالة58 رغم أنَ عددها يظل محتشما نسبيا. لكن عموما هذا النموذج لاقى استحسانا من قبل الفئات الثرية كالوجهاء والأعوان والبايات، مقابل التخلي التدريجي عن النمط التقليدي.
وتجدر الاشارة إلى أنه لم يتم القطع كليا مع الانماط الهندسية الموروثة ضمن هذه المنظومة المستوردة، بل هناك مراوحة بين الأساليب المعمارية القديمة من ناحية والمستحدثة ذات الطابع الغربي من ناحية أخرى، فقد امتزجت فيه التأثيرات المحلية والمستوردة على حد السواء مما أفرز في نهاية المطاف تناغما وتناسقا منتهي النظير، وهو ما تم ملاحظته في تصاميم الغرف، فقد اشتمل المبنى على صنفين من القاعات المتجاورة، الصنف التقليدي أو ما يسمى بيت بالمقاصر إلى جانب "بيت الديواني" وفيه تقليد واضح لقاعات الاستقبال الاوروبية، وهذه الازدواجية تعكس أولا التخلي التدريجي عن النمط المتوارث في العمارة السكنية .
ونخلص انطلاقا من هذا النموذج، أنَ وظائف المسكن كانت محددة ومقسمة بوضوح داخل الفضاء، حيث اشتمل على مساكن ومنافع شرعية باتت لازمة للحياة اليومية الحضرية، كما تتراءى لنا بجلاء تلك التراتبية داخل المنزل الواحد حيث يتم الفصل تماما بين المجال المخصص لأصحاب البيت والمجالات الخاصة بالخدم وبقية الملحقات والمنافع. وهو ما يعكس حتما الجدلية الواضحة بين التخطيط العام للمبنى بمختلف أجزاءه الدقيقة وبين النظام الداخلي للعائلات الثرية خلال تلك الفترة.
كما يظهر بجلاء تأثر عمارة القصور بالفنون الزخرفية الأوروبية من خلال استعمال مواد بناء مستوردة من الخارج، كالرخام الإيطالي والخشب الطرطوشي لصنع السقوف والأبواب والنوافذ، إلى جانب مربعات الخزف الأوروبي والمستورد تحديدا من مدينة نابولي التي تمَ تلبيسها للجدران والأرضيات. ولم يستثني هذا المدَ الغربي تصاميم الحدائق والأجنة، فقد ساهمت اليد العاملة الأجنبية المختصة في مجال البناء والبستنة في اقتباس الكثير من الاساليب الغربية الأمر الذي يفسر كيفية تسربها ووصولها إلى العديد من المدن التونسية خلال تلك الفترة. وعموما، فإن قصر شيبوب رغم تفرَده بخاصيات هندسية وزخرفية كانت خاضعة لرَغباته الذاتية وللرؤى الشخصية لصاحبه، يظل شاهدا على الثراء المعماري بالإيالة التونسية طيلة القرن XIXم.
الصور والملاحق
الهوامش
1 Paul Cézilly, 1912, p. 5.
2
بن أبي الضياف، 1990، ج. 8، ص. 138-139.
3 بنباشي: رتبة عسكرية في الجيش التركي.
4 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 248 مكرر، ملف 27.
5 بن أبي الضياف، 1989، ج. 4، ص. 152.
6 بن أبي الضياف، 1989، ج. 4، ص. 218-219.
7 بن أبي الضياف، 1990، ج. 8، ص. 139.
8 بني خيار: هي بلدة من بلدان جزيرة الوطن القبلي.
9 سليمان: هي بلدة من بلدان جزيرة الوطن القبلي.
10 الهنشير: مصطلح محليَ يطلق على الأرض الفلاحية الشاسعة، وتتراوح مساحته بين 200 و330 هكتارا.
11 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 451-458.
12 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 451-458.
13 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 442.
14 بلاص: هي تعريب للكلمة الإيطالية Palatio والتي تعني القصر.
15 الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
16 طرف الغابة: منطقة تقع على الطريق الرابطة بين بلدة غار الملح والحاضرة تونس، وتبتعد عن بلدة غار الملح حوالي ثلاث كلم.
17 V. Guérin, 1862, p. 13:"Nous continuons de marcher entre de riches et riants vergers, dont le plus remarquable appartenait, il y a quelques années, à un général tunisien appelé Salah-Chiboub, qui avait dû à la faveur son élévation et son opulence".
18 V. Gérin., 1862, p. 13:" En sortant d'El-Aoudja, nous longeons sur notre gauche une suite de montagnes qui s'étendent de l'ouest à l'est vers la mer; par leur prolongement, elles constituent le promontoire appelé Ras-Sidi-Aly-el-Mekki. Des jardins plantés d'olives, de figuiers, d'amandiers et de plusieurs autres arbres fruitiés, déploient à notre droite une végétation luxuriante".
19 E. Pellissier, 1980, p. 17: « Le petit territoire de Ghar el Melah est pittoresque et bien planté. Une végétation fraiche et riche s’étend de la montagne aux rives même du lac ».
20 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 216، ملف 315، ص. 160
21 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 216، ملف 315، ص. 160.
22 Paul Cézilly, 1912, p. 5.
23 Ahmed Saadaoui et Néji Djelloul, 1997, p. 185.
24 ابن أبي الضياف، 1989، ج. 2، ص. 52.
25 E .Pellissier, 1980, p. 26.
26 الارشيف الوطني التونسي، دفتر عدد 5834، إحصاء كسوة وحروجات صراية الباي بغار الملح، يعود تاريخه إلى 14 شعبان 1271/1855، أي فترة الباي المشير محمد باي (1271/1855-1276/1859) الذي قام بعزل صالح شيبوب وأخذ سائر كسبه وسجنه قبل أن ينفيه إلى جزيرة جربة، ففي هذا الدفتر، سجلت نتائج عملية إحصاء كسوة وحروجات المبنى وجميع الأثاث الموجود به.
27 Gérin.V, 1862, p. 14.
28 B.N.F, Carte Itinéraire de Tunis à Bizerte et à la frontière d'Algérie, publication. par le Dépôt de la guerre ; gravé par Erhard 12 rue Duguay-Trouin, Paris, 1880.
29 ابن أبي الضياف، 1989، ج. 2، ص. 211.
30 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ودفتر 1: اشتمل الملف على دفاتر لحظائر منازل صالح شيبوب منها دار باردو ودار بني خيار و"بلاص" غار الملح الذي يعنينا في هذا البحث.
31 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ودفتر 1، ص. 11.
32 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، دفتر 1، ص. 1-2-3.
33 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884.
34 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص1.
35 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 420.
36 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 424.
37 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
38 الجابية: حوض مائي
39 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
40 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
41 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884.
42 الارشيف الوطني التونسي، دفتر 2237، بية العبيدي، 2013، ص. 172.
43 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
44 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 423.
45 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 424.
46 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 423.
47 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
48 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 420.
49 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 130.
50 بية العبيدي، 2013، ص. 132-133.
51 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 106.
52 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 106.
53 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 1.
54 Clara-Ilham Dopico, 2010, p. 881.
55 بيت ديواني: هو صنف من الغرف تميز بغياب التقسيمات الداخلية ومتأثر بالعمارة الأوروبية.
56 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 438.
57 بن أبي الضياف، 1986، ج. 3، ص. 191، " وله من المباني الأنيقة، البيت المعروف ببيت البلار في قصر باردو، وأبدع فيها ما شاء من كسو حيطانها بالمرمر، وتزيين سقفها بالصنعة المعروفة"بالعربي" مثل النقش ووراءه مرائي البلار، ولطخ أخشابها بخالص الذهب".
2
بن أبي الضياف، 1990، ج. 8، ص. 138-139.
3 بنباشي: رتبة عسكرية في الجيش التركي.
4 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 248 مكرر، ملف 27.
5 بن أبي الضياف، 1989، ج. 4، ص. 152.
6 بن أبي الضياف، 1989، ج. 4، ص. 218-219.
7 بن أبي الضياف، 1990، ج. 8، ص. 139.
8 بني خيار: هي بلدة من بلدان جزيرة الوطن القبلي.
9 سليمان: هي بلدة من بلدان جزيرة الوطن القبلي.
10 الهنشير: مصطلح محليَ يطلق على الأرض الفلاحية الشاسعة، وتتراوح مساحته بين 200 و330 هكتارا.
11 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 451-458.
12 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 451-458.
13 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 442.
14 بلاص: هي تعريب للكلمة الإيطالية Palatio والتي تعني القصر.
15 الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
16 طرف الغابة: منطقة تقع على الطريق الرابطة بين بلدة غار الملح والحاضرة تونس، وتبتعد عن بلدة غار الملح حوالي ثلاث كلم.
17 V. Guérin, 1862, p. 13:"Nous continuons de marcher entre de riches et riants vergers, dont le plus remarquable appartenait, il y a quelques années, à un général tunisien appelé Salah-Chiboub, qui avait dû à la faveur son élévation et son opulence".
18 V. Gérin., 1862, p. 13:" En sortant d'El-Aoudja, nous longeons sur notre gauche une suite de montagnes qui s'étendent de l'ouest à l'est vers la mer; par leur prolongement, elles constituent le promontoire appelé Ras-Sidi-Aly-el-Mekki. Des jardins plantés d'olives, de figuiers, d'amandiers et de plusieurs autres arbres fruitiés, déploient à notre droite une végétation luxuriante".
19 E. Pellissier, 1980, p. 17: « Le petit territoire de Ghar el Melah est pittoresque et bien planté. Une végétation fraiche et riche s’étend de la montagne aux rives même du lac ».
20 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 216، ملف 315، ص. 160
21 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 216، ملف 315، ص. 160.
22 Paul Cézilly, 1912, p. 5.
23 Ahmed Saadaoui et Néji Djelloul, 1997, p. 185.
24 ابن أبي الضياف، 1989، ج. 2، ص. 52.
25 E .Pellissier, 1980, p. 26.
26 الارشيف الوطني التونسي، دفتر عدد 5834، إحصاء كسوة وحروجات صراية الباي بغار الملح، يعود تاريخه إلى 14 شعبان 1271/1855، أي فترة الباي المشير محمد باي (1271/1855-1276/1859) الذي قام بعزل صالح شيبوب وأخذ سائر كسبه وسجنه قبل أن ينفيه إلى جزيرة جربة، ففي هذا الدفتر، سجلت نتائج عملية إحصاء كسوة وحروجات المبنى وجميع الأثاث الموجود به.
27 Gérin.V, 1862, p. 14.
28 B.N.F, Carte Itinéraire de Tunis à Bizerte et à la frontière d'Algérie, publication. par le Dépôt de la guerre ; gravé par Erhard 12 rue Duguay-Trouin, Paris, 1880.
29 ابن أبي الضياف، 1989، ج. 2، ص. 211.
30 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ودفتر 1: اشتمل الملف على دفاتر لحظائر منازل صالح شيبوب منها دار باردو ودار بني خيار و"بلاص" غار الملح الذي يعنينا في هذا البحث.
31 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ودفتر 1، ص. 11.
32 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، دفتر 1، ص. 1-2-3.
33 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884.
34 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص1.
35 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 420.
36 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 424.
37 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
38 الجابية: حوض مائي
39 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
40 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
41 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884.
42 الارشيف الوطني التونسي، دفتر 2237، بية العبيدي، 2013، ص. 172.
43 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
44 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 423.
45 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 424.
46 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 423.
47 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 413.
48 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 420.
49 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 130.
50 بية العبيدي، 2013، ص. 132-133.
51 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 106.
52 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 106.
53 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 1.
54 Clara-Ilham Dopico, 2010, p. 881.
55 بيت ديواني: هو صنف من الغرف تميز بغياب التقسيمات الداخلية ومتأثر بالعمارة الأوروبية.
56 الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 884، ص. 438.
57 بن أبي الضياف، 1986، ج. 3، ص. 191، " وله من المباني الأنيقة، البيت المعروف ببيت البلار في قصر باردو، وأبدع فيها ما شاء من كسو حيطانها بالمرمر، وتزيين سقفها بالصنعة المعروفة"بالعربي" مثل النقش ووراءه مرائي البلار، ولطخ أخشابها بخالص الذهب".
المصادر والمراجع
المصادر الأرشيفية
الأرشيف الوطني التونسي، دفتر عدد 2494.
الارشيف الوطني التونسي، دفتر 2237.
الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 75، ملف 881- 882 - 883- 884.
الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 216، ملف 315.
الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 248 مكرر، ملف 27.
الارشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، 248bis ملف 27، سفر صالح شيبوب أمير لواء إلى إيطاليا ،1850-1859
الارشيف الوطني التونسي، دفتر عدد 5834، إحصاء كسوة وحروجات صراية الباي بغار الملح، 1271/1855.
الارشيف الوطني التونسي، دفتر عدد2492 كشف لمصاريف قام بها الوكيل عثمان صالح أغة أمير لواء صالح شيبوب1845-1846
الارشيف الوطني التونسي، دفتر عدد 2501 كشف أموال التي قبضها محمد الغمادي وكيل أملاك صالح شيبوب
Bibliothèque Nationale de France, Carte Itinéraire de Tunis à Bizerte et à la frontière d'Algérie, publication. par le Dépôt de la guerre ; gravé par Erhard 12 rue Duguay-Trouin, Paris, 1880.
االمصادر والمراجع
ابن أبي الضياف أحمد، 1989، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تونس، 8 أجزاء.
بن عبد العزيز حمودة، 1970، الكتاب الباشي، تحقيق محمد ماضور، الدار التونسية للنشر، تونس.
بن يوسف محمد الصغير، 1980، المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي التركي، تقديم أحمد الطويلي، تونس.
الفندري محمد، 2003، طبيب المحلة، البلاد التونسية فيما بين 1863-1868 من خلال رسائل الطبيب الألماني غوستاف تختغال، تونس.
ابن عاشور محمد الفاضل، 1992، "قصر العبدلية"، دائرة المعارف الإسلامية، عدد3.
ابن عاشور محمد العزيز، 1993، قصور باردو، منشورات مجلس النواب.
بوترعة محمد، 1995، المحمدية: فرساي المشير الأول، تونس.
التايب منصف، 1990، بلاط باردو في عهد حسين بن علي 1705-1735، شهادة الكفاءة في البحث، تونس.
صكوحي وجيدة، 2017، قصور البايات و أعيان الدولة الحسينية في دواخل الايالة التونسية، دراسة تاريخية ومعمارية، أطروحة شهادة دكتورا، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.
ضيف رضا، 2001، الحياة اليومية في البلاط الحسيني في عهد احمد باشا باي 1837- 1855، شهادة كفاءة في البحث، تونس.
العبيدي بية، 2004-2005، قصور البايات الحسينيين في ضواحي مدينة تونس: العبدلية بالمرسى ودار الباي بحمام الأنف، شهادة ماجستير في الآثار والفنون الاسلامية، كلية الآداب والفنون بمنوبة، تونس.
العبيدي بية، 2013، قصور البايات بالأحواز الشمالية لمدينة تونس خلال الفترة الحسينية 1705- 1957، تونس.
عودي عدوني رجاء، النابلي عبد المجيد، 2003، آثار وإقامات منوبة، تونس.
مستغانمي محمد فوزي، 2007، بلاط باردو زمن حمودة باشا 1782-1814، أطروحة شهادة دكتورا، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس.
Alvarez Dopico Carla-Ilham, 2002, La céramique architecturale tunisoise des XVIIe, XVIIIe et XIXe siècles, Un exemple illustratif : Le palais beylical du Bardo, D.E.A en Histoire de L’Art et Archéologie Islamique, Université Paris IV- Sorbonne.
Guérin Victor, 1862, Voyage archéologique dans la régence de Tunis, Paris 2.
Paul Cézilly, 1912, Notice sur Porto Farina (Tunisie) Port corsaire et arsenal des beys, imprimerie Person Frères, Paris.
Pellissier. E, 1980, Description de la Régence de Tunis, Editions Bouslama, Tunis.
Revault Jacques, 1971, Palais et demeures de Tunis XVIIIe– XIXe siècle, CNRS, Paris.
Revault Jacques, 1974, Palais et résidences d’été de la région de Tunis XVIe– XIXe siècle, CNRS, Paris.
Revault Jacques, 1984, Palais, demeures et maisons de plaisance à Tunis et ses environs, CERES.
Revault Jacques, 1971, « Influences de l’art turc sur l’art tunisien entre la fin du XVIe et le XIXe siècle », Congrès international d’Art turc, p. 201-208.
Revault Jacques, 1978, L’Habitation tunisoise : pierre, marbre et fer dans la construction et le décor, CNRS, Paris.
Saadaoui Ahmed, 2001, Tunis, ville ottomane, trois siècles d’urbanisme et d’architecture, Centre de publication universitaire, Tunis.
Saadaoui Ahmed, 2002, « Le marbre d’Italie dans l’architecture de la ville de Tunis à l’époque ottomane », in Architectures Italiennes de Tunisie, éd. Finzi, Tunis, p. 66-99.
Saadaoui Ahmed et Djelloul Néji, 1997, « Ghar-el-Meleh : une ville portuaire tunisienne du XVIIe siècle », Institut National du patrimoine, Africa, XV, p. 185-231.
الكاتب
وجيدة الصكوحي
مخبر الآثار والعمارة المغاربية – جامعة منوبة.