Information
A propos Al-Sabil
Numéros en texte
intégral
Numéro 07
Dégradation du patrimoine ksourien du sud algérien
Cas du tissu résidentiel des Ziban (Biskra)
Sami Zerari, Leila Sriti et Khaled Mansouri
Joseph Hiriart et Jean-Marcel Seignouret, Maîtres français de l'Art déco
Esquisse de dix années d'activités à Tunis (1927-1936)
Lauren Etxepare
et Esmahen Ben Moussa
Genèse du village colonial à Tébourba
Faiza Matri
2019 | 07
: قبرية أبي إسحاق إبراهيم اللخمي (993/1585)
طريقة مبتكرة في التأريخ وقاض وطاعون مجهولين
لطفي عبد الجواد
الفهرس
الملخّص
شاهد قبري قيرواني مفقود وغير منشور يحتوي عدد من المعلومات الفريدة حول شخصية تبدو على درجة من الأهمية والوجاهة تنحدر من أصول عربية عريقة وتتصف بالمعرفة الكبيرة في مجال الفقه والأصول والعلوم العقلية إلى جانب تقلدها منصب القضاء ومع كل هذا تصمت المصادر المختلفة عنها (أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن أبي إسحاق إبراهيم الأزدي الأنصاري اللّخمي). كما يحتوي الشاهد على ذكر للطاعون سببا للوفاة وهو الآخر غير مذكور في المصادر، هذا بالإضافة إلى طريقة مبتكرة في التأريخ للوفاة باعتماد « حساب الأبجد المغاربي المرتب تصاعديا من الآحاد إلى العشرات إلى المئات ».كما يقدم هذا الشاهد معطيات جديدة حول تطور فنون الكتابة والنقش على الحجارة وورشاتها بمدينة القيروان خلال النصف الثاني من القرن العاشر هجري (القرن 16 ميلادي).
الكلمات المفاتيح
أبو إسحاق اللّخمي، الطاعون،الخط المغربي، القيروان،النقائش الجنائزية.
Résumé
Une stèle funéraire kairouanaise aujourd’hui disparue et dont on ne possède que la photographie, fournie diverses d’informations inédites sur une haute personnalité ifiqiyenne inconnue des sources (le qâdi, faqih et savant Abou IshâqIbrahîm al-Lakhmî), décédée en l’année 993 / 1585 à cause d’une peste qui, à son tour, ne figure pas sur la liste des épidémies du XVIe siècle. Cette année est exprimée dans le texte avec un nouveau type de chronogramme en « abjad » basée uniquement sur les lettres ponctuées respectant l’ordre croissant des unités, des dizaines et des centaines. La graphie de cette stèle marque une évolution notoire dans le style « maghribî » et témoigne de l’existence d’un atelier lapidaire installé à Kairouan et exerçant depuis la fin de la première moitié du dixième siècle de l’Hégire (16e siècle J. C.).
Mots clés
Abou IshâqIbrahîm al-Lakhmî,peste, Kairouan,épgraphie funéraire.
Abstract
A Kairouanese funeral stele that has now disappeared and whose only photograph is available, provides various unpublished informations on a high Ifiqiyan personality unknown to the sources (qâdi, faqih and scholar Abu IshâqIbrahîm al-Lakhmî), who died in the year 993 / 1585 because of a plague that did not appear on the list of epidemics in the 16th century. This year is expressed in the text with a new type of chronogram in « abjad » based only on punctuated letters respecting the increasing order of units, tens and hundreds. The script of this stele marks a notable evolution in the « maghribî » style and testifies to the existence of a lapidary workshop installed in Kairouan and operating since the end of the first half of the tenth century of the Hegira (16th century A.D.).
Keywords
Abu IshâqIbrahîm al-Lakhmî, lapidary workshop,Kairouan, funeral ephraphy.
المرجع لذكر المقال
لطفي عبد الجواد، « : قبرية أبي إسحاق إبراهيم اللخمي (993/1585) : طريقة مبتكرة في التأريخ وقاض وطاعون مجهولين »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 07، سنة 2019.
URL : https://al-sabil.tn/?p=11672
نص المقال
لم نستطع إلى حدّ هذا المستوى من البحث العثور على هذاالشاهد القبري موضوع الدّراسة، ولا نملك حولها سوى بطاقة صورة محفوظة بأرشيف مكتبة الصور بالمعهد الوطني للتراث بتونس مكتوب على ظهرها رقم شريحة الفلم (cl. 8195A) وتاريخ التصوير (جانفي 1954) وعبارتي « القيروان » و « سيدي بوخريصان ».وهذه الإشارة الأخير تحيل على تربة بني خراسان الشهيرة والتي كشف عنها الفقيد سليمان مصطفى زبيس خلال حفريات سنة 1949 في موقع مقبرة السلسلة غير البعيد عن جامع القصر الخراساني بمدينة تونس (حي باب المنارة عدد 12 نهج بن محمود). هذه التربة يتصدرها ضريح مفتوح تعلوه قبة أمر بعملها « السلطان أبي محمد عبد العزيز والأميرأبو الطاهر إسماعيل ولدا الشيخ عبد الحق بن عبد العزيز بن خراسان سنة 486 / 1093 » كما يشير إلى ذلك الشريط التخليدي الذي يتوّج واجهاتها الأربعة. وقد تم تحويل هذه التربة إلى متحف مفتوح في الهواء الطلق للنقائش العربية بعد أشغال التي أجريت فيما بين سنتي 1981-1983. وأما عبارة القيروان فهي تحيل دون شك على مصدر الشاهد، فقد ضمت مجموعة متحف سيدي بوخريصان عددا لا بأس به من نقائشهذه المدينة.
بالرغم من اندثار الجزء الأعلى للنص فإنّ المقاربة الصياغيّة تمكّن بسهولة من إتمامه وتبيّن ملامحه العامة.وقد ظهرت بعد فك رموزه مجموعة من العناصر تؤهله لنيل درجة عالية من الأهمية ضمن مدونة النقائش الإفريقية عامة والمدونة القيروانية بصفة خاصة. فهو يتضمن ذكرا لشخصية بارزة ارتبطت بها مجموعة من الألقاب والصفات بعضها غير مألوف في النقائش، كما تتضمن ذكرا للطاعون سببا لوفاة هذه الشخصية وتاريخا مشفرا بطريقة مبتكرة هي على حد علمنا الأقدم استعمالا بين نقائش إفريقية.
بعض المعطيات حول الجوانب المادية للشاهد المفقود
نشير في البداية الى أنه يمكن إبداء جملة من الملاحظات وتقديم بعض المعطيات اعتماداعلى صورة الشاهد المفقود وعلى مقارنة هذا الأخيرمع شاهد قيرواني آخر على درجة كبيرة من التشابه معه من حيث الشكل والزخرفة والكتابة محفوظ حاليا بمخازن متحف رقادة(تحت رقم الجرد عدد 1028) وقد كان في الأصل موجودابزاوية سيدي عبد الله بن ابي زيد القيرواني1. وقد يظهر للوهلة الأولى أنالشاهد نقش على لوحة حجرية مستطيلة لها قاعدة سفلية ولكن الحقيقة ان هذه القاعدة إنما هي إضافة لاحقة يؤلّفهاملاط جيري استعملفي عملية تثبيت اللوحة. ويكفي الانتباه إلىالسطرين الغائرين الذين نقشا خارج حقل الكتابةوالذين تغطي جزءا منهما هذه الطبقةالجيرية دليلا علىى ذلك. ويبدو أن النقيشة المحفوظة برقادة قد تعرّضت هي الأخرىإلى نفس المصير في فترة معينة ولكن وقع فيما بعد إزالة الطبقة الجيرية التي بقيت بعض آثارها في السطر الأخير منها وفي شريط زخرفتها الأسفل. ويمكن استغلال هذا المعطى السالف الذكر مؤشرا للدلالة على اشتراك النقيشتين ضمن إطار دفن ضيق واحد.
وفي غياب أي مؤشر دقيق حول المادة التي نقش عليها هذاالشاهدأو حول أبعاد اللوحة وأحجام الحروف، يمكن لنا ان نلتجئ أيضا الى مبدأ القياس على نقيشة رقادةالتي أنجزت على لوحة من الرخام الأبيض-الرمادي، يبلغ عرضها 47.5 صم وارتفاعها 82 صم وسمكها8.5 صم.ويحيط بالنص إطار على شكل شريط نباتي مؤلف من أغصان متموّجة تتخلل أركانهالأربعة وريدات مكونة منبتلات ثمانية. ويلاحظ أنّ هذه الزخرفة تشبه تماماتلك التي نفّذ بها إطار نقيشة رقادة.
ويتألف هذا النص في الجملة من 14 سطرا، نقشاثنا عشر منهابطريقة بارزة داخل الحقل المخصص للكتابة-وذلك باعتبار الأسطر الثلاثة الأولى المندثرة-بينما نقش سطران غائران في حروف اقل حجما خارج هذا الحقل وتحديدا أسفل الشريط الأسفل للإطار الزخرفي ويمكن تفسير هذا التباين في الحجم والتقنية بعدم كفاية الفضاء المخصص للكتابة. ويلاحظ أن الأسطر الكائنة داخل حقل الكتابة لا تفصلها مساطر على عكس ما هو موجود في نقش رقادة. وقد استعمل في هذا النص الاعجام وعلامات الاعراب كما استعملت بعض الزخارف النباتية المنفصلةبغاية ملء الفراغ فوق الحروف المنخفظة.
النص
الأسطر المكتوبة داخل حقل الكتابة:
1. [بسم الله الرحمن الرحيمصلى الله على … ؟]
2. [……………………………………………………………؟ ]
3. [الحمد لله الدائم لا إلى امد الباقي بعد كل أحد]
4. [سبـ] ـحنه (هكذا) [مـ]ـا اتـ[ـخـ]ـذ صاحبة ولا و [لد تعالى عن]
5. الاضداد والانداد وجل ان يعتريه شيء
6. من امور العباد وأرسل محمدا صلى الله عليه
7. وسلم رحمة للعباد هذا قبر القاضي
8. العدل الفقيه المعقولي الاصولي
9. المحدث الفرضي المدرك المشارك ابو اسحاق
10. ابراهيم ابن (هكذا)2 الحسن ابن العبد الفقير إلى الله
11. ابو اسحاق ابراهيم الازدي الانصاري اللخمي توفي (في) (هكذا)3
12. الطاعون يوم الاربعة (هكذا) ثاني عشرين من شعبان عام جـ ضـ غـ(هكذا)4
خارج حقل الكتابة (كتابة غائرة):
13. وهو يشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وان وعد الله حق وان السا
14. [عة (هكذا) آتية لاريب فيها وانالله يبعث من في القبور]
1. طريقة مبتكرة في التأريخ بحساب الأبجد
إن الحروف الثلاثة الواردة معجمة ومنفصلة عن بعضها بعد الإشارة إلى يوم الوفاة (جـ ضـ غـ) تدعو إلى افتراض منطقي يحيل دونما عناء كبير على السّنة التي سجّلت فيها هذه الوفاة. وبمجرّد تطبيق قاعدة البحث عن القيمة الرقمية للحروف باعتماد الجداول المعروفة في « حساب الجُمّل »والخاصّة بمنطقة المغرب الإسلامي، وبعد القيام بعملية الجمع، تمّ التّوصّل إلى تأريخ هذه النقيشة بما يساوي مجموعه سنة « ثلاث وتسعين وتسعمائة » وذلك على اعتبار قيمة حرف الجيم الذي يوافق.العدد ثلاثة وحرف «الضاد » الذي يوافق العدد تسعون وحرف « الغين » الذي يوافق العدد تسعمائة. ويوافق هذا التاريخ بالتقويم الميلادي يوم 19 أوت من سنة 1585.
ويسجل هنا أول تأريخ بنقائش إفريقية استعملت في صياغته طريقة « حساب الجُمّل » المغاربي بحروف منفصلة. كما يلاحظ أن هذه الحروف خاضعة للترتيب الأبجدي التصاعدي وأن اجتماعها خاضع أيضا للمنطق التصاعديلأرقام الآحاد والعشرات والمئات قراءة وترتيبا. ويسجّل هنا أقدم تأريخ بإفريقية يكون فيه العدد على هذا المنوال.
ومن المهمّ الإشارة بالنسبة للنقيشة موضوع الدرس إلى أن اللجوء إلى هذا الأسلوب في التأريخ لم يكن اختياريا بقدر ما هو تصرف من قبل النقاش لتجاوز عقبة ضيق المساحة المتبقية والتي لا تسمح بأيّ من الأحوال بكتابة التاريخ على الطريقة التقليدية المعروفة في كل نقائش إفريقية إلى حدود ذلك الوقت وحتى تلك التي أنتجتها الورشة ذاتها بالقيروان. ولعل مواصلة النص بتقنية النحت الغائر خارج حقل الكتابة دليل واضح على هذا الارتباك وعلى غياب التخطيط المسبق والمحسوب. ولعل الحرص على ضبط المعطيات المتعلقة باسم المتوفى ونسبه وأصوله ومكانته العلمية والدينية (خمسة أسطر) كان على حساب الصيغ الأخرى التي تليها. ويمكن استغلال هذا التصرف للتأكيد على شيوع استعمال هذه الأساليب في التأريخ والمعرفة بها في ذلك الوقت وربما من قبل ذلك.
ويجدر التذكير بأنّ هذه الطريقة قد استعملت في التأريخ لدى العرب واليهود منذ زمن قديم في مجالي علم التنجيم والسحر وكذلك في الشعر5. وعلى حدّ علمنا يرجع أقدم استعمال لهذه الطريقة على المحامل الأثرية بإفريقية إلى سنة746 ه / 1345-1346م وذلك في التاريخ المكتوب على مزولة عثر عليها بموقع قرطاج « صنعها أبو القاسمبن حسن الشدّاد سنة ذمو بتونس »6. كما يشار إلى وجود مزولة أخرى بمدينة تلمسان تعود إلى سنة 747 ه / 1346-1347م وقد « صنعها أحمد بن محمّد اللمطىّفى شهريا من سنة ذمز »7.
وقد عثر في ضريح زاوية الشيخ ابي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الجليل بن فندار المرادي بالقيروان على لوحة خشبية مؤرخة بهذه الطريقة تعود إلى سنة 782 / 1380-1381، إلا انه يشك في كون نصها قد صيغ أو أعيدت صياغته في زمن متأخر8.
ونشير في هذا السياق الى أن مبدأ الترتيب على منوال الآحاد والعشرات والمئات يمكن تطبيقه على تلك المزولة القيروانية التي تحمل حروفا ثلاثة متصلة للدلالة على تاريخ صنعها بما يوافق سنة 1099 هـ / 1687-1688 م (« صنعة محمد بن فارس / في عام طضش »9).
2. قاض قيرواني مجهول
بالرغم من الوضوح التام لتركيبة اسم المتوفى من حيث الكنية والاسم والنسب والانتماءالقبلي (ابو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن أبي إسحاق إبراهيم الأزدي الأنصار اللّخمي)، وبالرغم من علوّ مكانته العلمية والاجتماعية كما تشير الى ذلك جملة الالقاب والصفات التي نسبت اليه (« القاضي العدل الفقيه المعقولي الأصولي المحدّث الفرضي المدرك المشارك »)، إلّا أنّ المصادر المختلفة الأخرى - أدبية كانت أو وثائقية - لا تذكرهذه الشخصية وهو أمر يدعو إلى التساؤل والاستغراب. ولعلّ أهم القائمات التي رصدت قضاة القيروان والتي لم تذكرأبا إسحاق إبراهيم كتاب « تاريخ قضاة القيروان » للشيخ محمد الجودي (ت. 1373/1943) الذي اعتمد في تأليفه على كتب التاريخ والتراجم وعلى الرسوم والوثائق العتيقة بهذه المدينة10. إنّ هذا الصمت يمكن تفسيره بفرضيّة أولى قوامها أن يكون المتوفي قاضيا بمدينة أخرى من مدن افريقية وقد يكون لدفنه بالقيروان علاقة بانتمائه إليها موطنا. وأما الفرضية الثانيةفهي أن يكون أبا إسحاقشخصية مقرّبة منالدوائر الضيقة لرواد للحركة الشّابيّة وانه ربما لعب دورا ضمن المؤسسات التي كانت تسيّرها11 فاستحق الدفن في فضاء قريب جدا من مقام عرفة الشابي وهو ما توحي به تلك التّشابهات الكبيرة المذكورة أعلاه مع شاهد قبر حفيد هذا الأخير. ومن المؤكّد أنّ أبا إسحاق عاش مرحلة استقلال الإمارة الشابّيّة بالقيروان سنة 942/ 1535 حتى سقوطها سنة 964 / 1557 كما أنه عاصر حملة سنان باشا على تونس سنة 981 / 1573 وتحول هذه الأخيرة إلى إيّالة عثمانية في السنة الموالية. لكنّ فرضية انتمائه الى الحركة الشابية تصطدم بغيابه أيضا من مصادر تاريخ هذه الحركة.
أما التركيبة الثلاثية للنسبة القبلية لأبي إسحاق (الأزدي الأنصاري اللّخمي)فهي تحيل على رغبة في تأكيد أهميّة انتمائه العرقي لكون « لخم » و « أزد » تشترك في انحدارهما من قسم العرب العاربة القحطانيين ومن قبيلة كهلان تحديدا (القبيلة الثانية من بني سبأ). وأما نسبة «الأنصاري» فهي كناية عن قبيلتي « الأوس » و الخزرج « وهما بطنانمن بطون « الأزد ». وفي هذا السياق يشير القلقشندي إلى أنّ الأوس والخزرج » «انتشروا في الفتوحات الإسلامية في الآفاق شرقاً وغرباً، وهم موجودون بكل قطر، إلا أنّه قلّ منهم من يعرف نسبه من الأوس والخزرج، بل اكتفوا بالنسبة إلى الأنصار»12. إنّ هذا التراكم في الانتساب القبلي يمكن أن يكون ناتجا عن اختلاف انتماء الوالدين، كأن يكون والد المتوفىأنصاريامن « الأوس » أو « الخزرج » الأزديّين ووالدته من « لخم » أو العكس بالعكس. كما يمكن أن يكون هذا التراكم ناتجا عن الانتماء لقبيلة والولاء لأخرى، وهو أمر معروف في تاريخ العرب.
إنّ جملة الصفات التي اتّصلت باسم هذا القاضي تعبرعن علو درجته العلمية وعن تبحّره في الفقه الإسلامي وأصوله (الأصولي) ومعرفة الدقيقة بعلم المواريث (الفرضي). وعلى معرفته بالعلوم المنطقية العقلية (المعقولي)وعلى حضوره ومشاركته في هذه العلوم المختلفة. وكل هذه المصطلحات يتردد ذكرها في كتب التراجم بصفة خاصة عند الترجمة للعلماء المشهورين في عصرهم13.
3. طاعون مجهول
إنّ الطاعون المذكور سببا لوفاة أبي إسحاق سنة 993 / 1585 غير معروف في المصادر المختلفة. وتجدر الإشارةإلى أن اقربطواعين إفريقية إلى هذا التاريخ ورد في شاهد قبر قيرواني مؤرخ بشهر محرم من سنة982 / 1574 م أي قبل إحدى عشرة سنة من حدوثه14. كما يوجد شاهد قيرواني ثان يؤرخ للوفاة بالطاعون في سنة 981 هـ / 1573 م15. وتجدر الإشارة إلى أن طاعونا ضرب مدينة نانت الفرنسية في سنة 991 / 161585 كما ضرب بقوة من قبله طاعون آخر مدينة البندقية في شهر جوان من سنة 983 / 1575 وتواصل بها إلى حدود سنة984 / 1577 وكان مصدره القسطنطينية 17. ولعلّ سبب هذا الصمت المسجل في المصادر حول هذا الطاعون طابعه المحلّي أو محدوديته الزمنية، هذا علاوة عن التغير في النظرة إليه وتوسع دائرة الأوبئة القاتلة المنضوية تحت مسمّاه حتّى وان لم تكن واسعة الانتشار.إلاّ أنه يجدر التنويه الى أنّ عبارة « توفي (في) الطاعون »الواردة في النصّ قد تكون لها دلالة على انتشار ولو محدود للوباء وتنفي صفة الخلط بين الأوبئةالأخرى. كما يجدر التذكيربأن الإشارة إلى الوباءفي حدّ ذاتهاإنّما تعبّر عن أحد موقفين سائدين ينبني على الحديث النبوي الذي يربط بين الموت بسبب الطاعون ودرجة الشهادة. ولكن غيابصفة « شهيد الطاعون » في نصّنا علىعكس ما ورد نقائش الطواعين الأخرىالسابقة بالقيروان18 لا يبدو مرتبطا بموقف مغاير وإنّما هو مجرّد اقتصاد في المساحة بالنظر إلى ضيقها -كما بيّنا أعلاه-حيث تمّ اللجوء الى طريقة حساب الأبجديالمختصرة في التأريخ للوفاة وإلى الكتابة خارج إطار النص لإتمام محتواه.
ومهما يكن الأمر، فإن كان طاعون سنة 993 / 1583 وباءا حقيقيّا، فإنّ نصّنا يمثل وثيقة فريدة لإدراجه ضمن الدورة الوبائية المتكررة بإفريقية فيما بين القرنين الثامن والتاسع الهجريين (القرنين 14 و15 ميلاديين).
4. ورشة قيروانية جديدة وأساليب فنية متطورة
إن الملاحظة الأولى التي تجلب الانتباه تتمثل في محاولة النقاش أو الخطاط تقليد الأسلوب الكوفي المورّق المنتشر بالقيروان وخاصة خلال الفترة الصنهاجية. ويظهر هذا التقليد جليّا في النّهايات الثلاثية الفصوص المتناظرة وفي أشكال بعض الحروف مثل العين وكذا الشأن بالنسبة إلى الإطار الذي يحيط بالكتابة. وهذه الظاهرة شاعت في القيروان منذ نهاية القرن الثامن وبداية القرن التاسع الهجريين (ق. 14 و 15م). وهي مرحلة سجّل فيها انقطاع للأسلوب النسخي المتطوّر المعروف في الفترة الحفصية سواء في شواهد القبور أوفي نقائش العمارة،في مقابل اعتماد أسلوب جديد يمكن تشبيهه بأسلوب « الخط المغربي المتمشرق » لما يحتويه من مراوحة هجينة بين الكتابتين المغربية والكوفية في النص الواحد بل داخل الكلمة الواحدة كان من نتائجها عدم الاستقرارعلى نسق ثابت.
إن التّشابهات الكبيرة المسجلة بين شاهد أبي إسحاق اللّخمي وشاهدين آخرين لحفيدين من أحفادالشيخ عرفة الشابّي مؤرخين تباعا بسنة 963 هـ / 1556 موسنة 950 هـ / 1543 م19، تسمح بنسبة هذه المجموعةإلى ورشة واحدة عملت بالقيروان طوال هذه الفترة. وبالرغم من صعوبة تصنيف الورشات خلال هذه المرحلة من تطور الكتابة في نقائش القيروان، فإنه يمكن نسبة هذه المجموعة إلى ورشة محلية وقّع صاحبها على شاهد مؤرخ بسنة 940 هـ/1534 م (« عمل عبد الله الـ …. »؟). وقد كتب هذا الشاهد الأخير أيضا بأسلوب مغربي ينهل كثيرا من الأساليب الكوفية20. وبنا على هذه السلسلة من التواريخ تبرز أهمية شاهد أبيإسحاق اللّخمي كمؤشّر على طول عمر هذه الورشة حيث تجاوزت نصف القرن من العمل. وإن كان الأمر كذلك فإنه يمكن اعتمادها مؤشرا على اتجاه في تطوير أساليبها الفنّية نحو كتابة أكثر توازنا وجمالية وانتظاما. ولكن تعترضنا في هذا المضمار صعوبة تتمثل في قلّة النقائش التي يمكن نسبتها إليها ضمن مجموع نقائش هذه الفترة اللّهم إذا ضممنا إليها تلك الكتابات الشاهدية المنجزة بأساليب مغربية أخرى مترددة ومختلفة عنها نسبيا.
الخاتمة
اجتمعت في نصّ هذا الشاهد القبري المفقود معلومات متنوعة وفريدة حول شخصية تبدو على درجة من الأهمية والوجاهة وحول طاعون وطريقة مبتكرة في التأريخ للوفاة وكذلك حول تطور فنون الكتابة والنقش على الحجارة بمدينة القيروان.
أمّا بالنسبة إلى الشخصية موضوع التخليد فهي غير معروفة في مختلف المصادر المتوفرة إلى حد الآن حول قضاة إفريقية وعلمائها في التاريخ المشار إليهفي النصّ. وفي انتظارما قد يستجدّ حولها أو حول أسباب الصمت عن ذكرها يمكن اعتماد نصّهذه النقيشة وثيقة دالّة على وجودها والبناء عليها في إدراج الفقيه العالم أبي إسحاق إبراهيم بن الحسن بن أبي إسحاق إبراهيم الأزدي الأنصاري اللّخمي ضمن قائمة المتصدّرينلمنصب القضاء بصفة رسمية بالقيروان أو بإحدى الحواضر الإفريقية الكبرى أو بصفة غير رسمية ضمن إحدى مؤسسات الإمارةالشابّية التي استقلّت بالقيروان في حياة أبي إسحاق. ولا شيء ينفي في كل هذه الحالاتوجود علاقة تربط هذا الأخير بسلالة العالم الشهير أبي الحسن علي اللّخمي أصيل القيروان ونزيل صفاقس والمتوفّي سنة 478 / 1085. وأما الطريقة المبتكرة في التأريخ فهي تعتمد الحروف المنفصلة باستعمال « حساب الجُمّل الأبجدي » المغاربي، وهي الأقدم إلى حدّ الساعة بين نقائش إفريقية التونسية. بل إنها الأقدم أيضا من حيث خضوعها للمنطق التصاعدي لأرقام الآحاد والعشرات والمئات قراءة وترتيبا.
أمّا الطاعون المذكور سببا لوفاة أبي إسحاق سنة 993 / 1585 فهو غير معروف في المصادر المختلفة أيضا. ولعلّ مردّ هذا الصمت راجع إلى طابعه المحلّي أو محدوديته الزمنية كما يستنتج من عبارة « توفي (في) الطاعون » الواردة في النصّ. ومهما يكن الأمر فإنّ نصّنا يمثل وثيقة تسمح بإدراجه ضمن الدورات الوبائية المتكررة بافريقية فيما بين القرنين الثامن والتاسع الهجريين (القرنين 14 و15 ميلاديين).
وأمّا فيما يتعلق بتطور فن صناعة النقائشالإسلامية، فإنّ هذا الشاهد يقدّم أدلة قاطعة وجود ورشة حاولت النهوض بالخط وتجويده من خلال إحياء عديد التقنيات الكتابية والزخرفية المعروفة في الأسلوب الكوفي المورّق المنتشر بالقيروان وخاصة خلال الفترة الصنهاجية ودمجها ضمن الكتابة اللينة. وقد مكنت المقارنات مع مجموعة من الشواهد القيروانية الراجعة إلى القرن العاشر الهجري (القرن 16ميلادي) من رصدورشة محلية عملت بهذا الأسلوب الكتابي والزخرفي لمدة طويلة لا تقل عن الثلاثين سنة فيما بين سنتي 963 و993 / 1556 -1585.
الهوامش
1 هذا الشاهد نشرمنذ سنة 1939 لدى مانشيكور في كتابه عن القيروان والشابية ، ص. 80-81 وهو شاهد قبر أحد أحفاد عرفة الشابي (مؤرخ بسنة 964/ 1557)، وهو اليوم محفوظ بمخازن الآثار بمتحف رقادة تحت رقم الجرد عدد 1028: « ………… هذا قبر سيدي ابو الخير بن احمد بن ابي عبد الله محمد بن احمد ابن مخلوف الشابي الهذلي توفي ليلة الخميس لست يقين من ربيع الثاني عام اربعة وستين وتسعماية وهو يشهد ان …………… »
2
texte
3 يبدو ان النقاش استغنى متعمّدا عن حرف الجرّ « في » واستعمل حرفي « الفاء » و »الياء » في نهاية كلمة « توفي » لتعويضه. وهذه ممارسة معروفة يفرضها ضيق المساحة. انظر مثلا النقيشة رقم 112، ص. 247-248 في:
Lotfi Abdeljaouad, 2001.
4 حروف منفصلة تحيل على التاريخ بطريقة « حساب الابجد » (انظر أسفله).
5 انظر: Georges Ifrah,1981, p. 229-236
6 انظر: فتحي الجراي،2015، ص. 30-31.
RYCKMANS et F. MOREAU, 1926, p. 33-34 et 41
7 انظر: Charles BROSSELARD, 1860, p. 324 et Rachid BOUROUIBA, 1984, p. 148
8 انظر: .Fathi Jarray,2007, t. II, p. 745
9 .Fathi JARRAY, 2016, p.227-236
10محمد الجودي القيرواني ت. 1373/1943)، 2004.
11 حول هذه المؤسسات انظر: يوسف بن حيدة، 2016-2017، ص. 112.
12 أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي، المتوفى سنة 821/ 1418-1419)، 1982، ص. 15-27. انظر ايضا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد القرطبي الظاهري ابن حزم الأندلسي، المتوفى: 456هـ، 1983، ج. 2، ص. 484.
13 محمد بن قاسم الأنصاري أبو عبد الله الرصاع، التونسي المالكي (المتوفى: 894هـ)، 1350هـ ج 1 ص 9 « (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللَّهُ -لَمَّا كَانَ إمَامًا فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مُحَقِّقًا بِحَقَائِق الدَّقَائِقِ ». أنظر أيضا: الجبرتي (عبد الرحمن بن حسن، المتوفى: 1237هـ)، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل بيروت، ج 1، ص. 550 ومات الفقيه النبيه المتقن المتفنن الأصولي النحوى المعقولي الجدلي الشيخ مصطفى المعروف بالريس البولاقي الحنفي » وص 601 ج 1 « ومات أوحد الفضلاء وأعظم النبلاء العلامة المحقق والفهامة المدقق الفقيه النبيه الأصولي المعقولي المنطقي الشيخ أبو الحسن بن عمر القلعي ابن علي المغربي المالكي ».
14 هذا الشاهد غير منشور الى الآن وهو منسوب إلى إحدى الشخصيات الدينية المرتبطة بالولي القيرواني المشهور سيدي أبي يوسف يعقوب الدهماني. هذا الشاهد محفوظ حاليا بمستودع الآثار قسم النقائش الإسلامية بمتحف رقادة ويحمل رقم الجرد عدد 263: »[……. قبر] أبي عبد الله محمد بن الشيخ / المرابط ابي عبد الله محمد الد / هماني (هكذا) اليوسفي …/ توفي شهيد الطاعون وهو يشهد / ان لا إله إلا الله وان محمد رسول الله / في شهر محرم عام اثنين وثمانين و (هكذا) / تسعماية »
15 انظر: لطفي عبد الجواد، 2013، ص. 96-98: « بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمدالنبي الشـ(ـفـ)ـيع واله وصحبه وامتهقل هو نبا عظيم أنتم عنه معرضونهذا قبر القاري الاكمل الاحفل الامام المرحوم أبي العباس احمد بن الشيخ المرابطي محمد بن الشيخ احمدبن عبد الرحمن بن الشيخ محمدبن الشيخ عبد الله بن الشيخ الوليالصالح ابو محمد(هكذا) بن عبيد الغرياني صاحبزاوية شيخه الجديدي توفي في اوايل محرم شهيد الطعون(هكذا) عام أحد(هكذا) وثمانين تسعماية »، حول النقيشة انظر أيضا:
B.ROY et P.POINSSOT, 1983, n° 607, p. 148
16 انظر:
Inventaire sommaire des archives communales antérieures à 1790 (ville de Nantes), Série Bb., 1582-1583.
17 انظر:
PRETO (Paolo), peste e societa a Venezianel 1576, Vencence Neri Pozza, 1978 ; Venezia e la peste, 1348-1797, Comune di Venezia, Assessorato alla cultura e belle arti, Marsilioedotori, Venise, 1979.
18 انظر: لطفي عبد الجواد،2013، ص. 93-94 و97.
19 هذا الشاهد يحمل رقم الجرد عدد 1028 ضمن نقائش مستودع الآثار بمتحف رقادة.
20 هذا الشاهد يحمل رقم الجرد عدد 975 ضمن نقائش مستودع الآثار بمتحف رقادة
المصادر والمراجع
الجبرتي عبد الرحمن بن حسن، المتوفى: 1237هـ، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل بيروت.
ابن حزم الأندلسي أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد القرطبي الظاهري، المتوفى: 456هـ، جمهرة أنساب العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1983.
الرصاع محمد بن قاسم الأنصاري، أبو عبد الله، التونسي المالكي المتوفى: 894هـ، الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية، المكتبة العلمية، 1931.
القلقشندي أبو العباس أحمد بن علي، المتوفى سنة 821/ 1418-1419، قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان، تحقيق إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني، الطبعة الثانية، 1982.
الجراي فتحي، قياس الوقت في تونس عبر التاريخ، مدينة العلوم، تونس، 2015.
الجودي محمد، القيرواني المتوفي سنة 1373/1943، تاريخ قضاة القيروان، تقديم وتحقيق أنس العلاني، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون « بيت الحكمة »، قرطاج، 2004.
ابن حيدة يوسف، التواصل الصوفي للطرق الصوفية بين الجزائر وتونس خلال الفترة العثمانية الطريقة الشابية نموذجا، أطروحة دكتوراه، جامعة جيلالي ليباس – سيدي بلعباس -الجزائر، 2016-2017.
عبد الجواد لطفي، « الطاعون بإفريقية من خلال شواهد قبور قيروانية جديدة »، في القيروان وجهتها: دراسات جديدة في الآثار والتراث، أعمال الندوة العلمية الدولية الثالثة لقسم علم الآثار (القيروان 1-4 أفريل 2009)، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان-مركز النشر الجامعي، تونس، 2013، ص. 96-98.
Abdeljaouad Lotfi, 2001, Inscriptions arabes des monuments islamiques des grandes villes de Tunisie : Monastir, Kairouan, Sfax, Sousse et Tunis (2e s. / 8e s. – 10e s. / 16e s.), Thèse de doctorat nouveau régime, sous la direction de S. ORY, Université de Provence Aix-Marseille 1.
Brosselard Charles, « Les inscriptions arabes de Tlemcen », dans Revue Africaine, 4ème année, t. IV, février 1860.
Bourouiba Rachid, 1984, Les inscriptions commémoratives des mosquées d’Algérie, Alger.
Ifrah Georges, 1981, Histoire universelle des chiffres, Paris.
Inventaire sommaire des archives communales antérieures à 1790 (ville de Nantes), Série Bb., 1582-1583.
Jarray Fathi, 2007, Inscriptions des monuments de la Régence de Tunis à l’époque ottomane : étude épigraphique et historique, Thèse de Doctorat, Sous la direction de S. Ory et de M. Chapoutot-Rémadi, Aix-Marseille 1.
Jarray Fathi, 2016, « Muhammad ben Fâris : un gnomoniste kairouanais du XVIIe », Actes du cinquième colloque international Peuplement, territoire et culture matérielle dans l’espace méditerranéen (Kairouan 15, 16 et 17 avril 2014), Tunis, p.227-236.
Manchicourt Charles, 1939, Kairouan et la Chabbïa (1450-1592), Tunis.
Preto Paolo, 1978, Peste e societa a Venezianel 1576, VencenceNeriPozza, 1979, Venezia e la peste, 1348-1797, Comune di Venezia, Assessorato alla cultura e belle arti, Marsilioedotori, Venise.
Roy Bernard et POINSSOT Paule, 1983, Inscriptions de Kairouan, 3eme partie, publiée avec le concours de S. M. ZBISS, Notes et Documents, 3ème série, vol. 5, Institut National d’Archéologie et d’Art (I. N. A. A.), Imprimerie al-ASRIA, Tunis.
Ryckmans G.et Moreau F., 1926, «Un gnomon arabe du XIVe siècle (?) », dans Le Muséon-Revue d’Etudes Orientales, t. XXXIX, Louvain, p. 33-34 et 41.
الكاتب
لطفي عبد الجواد
مكلف بالبحوث الأثرية والتاريخية بالمعهد الوطني للتراث.
مخبر الآثار والعمارة المغاربية – جامعة منوبة.