Al Sabîl

Index

Information

A propos Al-Sabil

Numéros en texte
intégral

Numéro 07

2019 | 07

حول تأريخ قنطرة وادي زهانة على طريق بنزرت من خلال معطيات أرشيفية جديدة

رمزي جوابلية

الفهرس

الملخّص

لا تزال هذه القنطرة الواقعة، تقريبا، في منتصف الطريق الرئيس الرابط بين مدينتي تونس وبنزرت، وتحديدا في مدخل قرية زهانة التابعة لمدينة أوتيك، محافظة على جلّ مكوّناتها المعماريّة؛ إلّا أنّنا لا نملك عنها معلومات حول تاريخ تأسيسها. الأمر الذي دفعنا إلى اعتماد معطيات ومقاربات أخرى قوامها المقارنة المعماريّة مع سائر القناطر المماثلة المشيّدة خلال الفترة العثمانيّة. وتطالعنا بعض وثائق الأرشيف بمعلومات قيّمة حول حظيرة إصلاح القنطرة في أواسط القرن التاسع عشر. فبيّنت لنا نوعيّة الأشغال المنجزة وتكاليفها، وعدّدت مختلف مواد البناء والأدوات المستعملة محدّدة كميّاتها وأثمانها، فضلا عن إيراد تفاصيل وافية عن مختلف اختصاصات أصحاب الصنائع والعمّال ورتبهم المهنيّة وأعدادهم وأجورهم. وتتميّز عمارة هذه القنطرة ببساطتها وصرامتها وتجذّرها في التقاليد المحليّة. وهي تتشابه إلى حدّ التماهي، خاصّة على المستويين التخطيطي والإنشائي، مع أغلب القناطر المشيّدة بتونس خلال حقبة الدايات والبايات المراديّين. الأمر الذي ساعدنا على ترجيح نسبتها إلى القرن السابع عشر.

الكلمات المفاتيح

قنطرة، قرية زهانة بأوتيك، حظائر ترميم، عمارة، الفترة العثمانية.

Résumé

Ce pont situé, presque à mi-chemin entre Tunis et Bizerte, et plus précisément à l’entrée du village de Zhana appartenant à la ville d’Utique, préserve encore la majorité de ses éléments architecturaux. Cependant, nous ne possédons aucune information historique concernant sa date de construction. Par conséquent, une étude architecturale comparative avec les autres ponts similaires édifiés durant l’époque ottomane s’impose.

Un document d’archives nous dévoile des données précieuses sur le chantier de restauration du pont en question au milieu du dix- neuvième siècle. Ce document nous renseigne sur les différents travaux exécutés et leurs dépenses. Il énumère également l’outillage et les matériaux de construction employés avec des indications sur les quantités utilisées et leurs prix. En outre, il donne dans le détail les différentes catégories de salariés et leurs salaires. L’architecture de ce monument apparaît modeste, austère, sévère et enracinée dans les traditions locales. Elle ressemble d’une manière très remarquable, à la plupart des ponts fondés dans la Régence de Tunis au temps des deys et des beys mouradites, surtout au niveau du plan ainsi que les matériaux et techniques de construction. Ce qui nous amène à conclure que ce pont a été fondé probablement au dix-septième siècle.

Mots clés

Pont, Village de Zhana, Chantiers de restauration,Architecture, Époque ottomane.

Abstract

This bridge, located almost in the middle of the main road between the cities of Tunis and Bizerte, is located at the entrance to the village of Zhana, which belongs to the city of Utica, which preserves most of its architectural components. We do not have any information about the date of its establishment. This led us to use other approaches based on the architectural comparison With other similar bridges built during the Ottoman period.

An important archival document revealed to us some valuable information about the Qantara restoration site in the middle of the nineteenth century. The quality of the works performed and their costs were enumerated. The various building materials and tools used were specified in their quantities and prices, as well as detailed details of the various occupations and professional ranks of workers.The architecture of this architrave is simple, firm and rooted in local traditions. And it is similar to the extent of identification, especially at the planning, materials and construction techniques with most of the bridges built in the regency of Tunis during the era of deys and beys Mouradites. This helped us to conclude that this bridge was probably founded on the seventeenth century.

Keywords

Bridge, Village of Zhana, Restoration sites, architecture, Ottoman era.

المرجع لذكر المقال

رمزي جوابلية، « حول تأريخ قنطرة وادي زهانة على طريق بنزرت من خلال معطيات أرشيفية جديدة »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 07، سنة 2019.

URL : https://al-sabil.tn/?p=11720

نص المقال

المقدمة

أولى الحكّام الأتراك، لا سيما الدايات والبايات، عناية فائقة بتجهيز الإيالة التونسيّة بالعديد من القناطر تيسيرا لحركة المواصلات ونقل البضائع وتسريعا لتنقل المحلة بين مختلف الجهات سواء لجمع الجباية أو لقمع حركات التمرّد والعصيان. ولا يزال عدد هامّ من تلك القناطر قائما إلى اليوم، بعضها حظي بدراسات مستفيضة كقنطرتي رادس على وادي مليان وقنطرة الجديدة وقنطرة طريق بنزرت وقنطرة البطان وقنطرة مجاز الباب1، وبعضها الآخر ظلّ مغمورا كقنطرة وادي زهانة موضوع دراستنا فلا نعلم تاريخ تأسيسها ولا مؤسّسها باستثناء وثيقة أرشيفيّة وحيدة تطرّقت إلى حظيرة إصلاحها في أواسط القرن التاسع عشر2.

ويزداد الأمر صعوبة وتعقيدا خاصّة عندما نكتشف افتقار المعلم إلى نقيشة تخلده. فكان لزاما علينا الاعتماد على مقاربات أخرى تساعدنا على تأريخه ولو نسبيّا، لعلّ أهمّها الخصوصيّات المعماريّة للقنطرة بالمقارنة الدقيقة مع نظائرها المشيّدة خلال الحقبة الحديثة، ولا سيما قبل سنة 1274 ھ/ 1857-1858 م، تاريخ ترميم المعلم.

1. موقع القنطرة وموضعها

تقع هذه القنطرة، تقريبا، في منتصف الطريق الرئيس الرابط بين مدينتي تونس وبنزرت، وتحديدا في مدخل قرية زهانة التابعة لمدينة أوتيك على بعد 33 كلم شمالي تونس و31 كلم من بنزرت3. ولا يفصلها سوى 6,1 كلم عن قنطرة سيدي عبيد المعروفة بقنطرة طريق بنزرت على وادي مجردة (صورة 1).

.صورة 1. صورة جوية لقنطرة وادي زها
Google maps : المصدر

وقد كان ذلك الطريق الواصل بين تونس وبنزرت مرورا بقرى أوتيك مزدحما بعربات النقل زمن عبور طبيب المحلّة الألماني غوستاف نختغال به سنة 1864. و« أمّا السبب في كثافة حركة القوافل بين تونس وبنزرت فيعود بالخصوص إلى نقل السمك الذي يصطاد بكثرة في بحيرات بنزرت الكبرى ليباع في سوق تونس»4.

ويغلب على موضع قرية زهانة – حسب الخريطة الطوبوغرافية لسنة 51893– الانخفاض لا سيما على كامل الناحية الشرقية، ممّا يجعلها منطقة لتجميع مياه الأمطار المنحدرة من المرتفعات الشماليّة والغربيّة المجاورة، وبالتالي عرضة للفيضانات خاصّة خلال المواسم المطيرة. الأمر الذي يجعل من إقامة قنطرة في مدخلها، فوق وادي الشرشارة أو كما تسمّيه وثائق الأرشيف وادي زهانة6، أمرا حيويّا وضروريّا سواء بالنسبة إلى المقيمين فيها أو المارّين بها.

مخطط 1. موقع قنطرة وادي زهانة بطريق بنزرت حسب أطلس آثار البلاد التونسية سنة 1893.
المصدر : MM. E. Babelon, R. Cagnat, S. Reinach, 1893, feuille de Porto-Farina

2. حظيرة إصلاح القنطرة

يطالعنا أحد دفاتر الأرشيف الوطني التونسي بمعلومات قيّمة حول اسم القنطرة المدروسة المنسوب إلىوادي زهانة بطريق بنزرتومرمّة إصلاحها على يد السيّد حسن أمير ألاي وكاهية بنزرت وغار الملح، بمباشرة نائبه السيّد الحاج إبراهيم الغمّادي، بداية من يوم السبت 27 شعبان 1274 ھ/ 12 أفريل 1858 م، إلى غاية يوم الأحد 23 ذي القعدة من نفس السنة المذكورة آنفا7. فيبيّن لنا نوعيّة بعض الأشغال المنجزة وتكاليفها ولعلّ أهمّها « عمل الجير ». ويعدّد لنا مختلف مواد البناء كالآجرّ والجير والجبس، والأدوات المستعملة من قلال فخّاريّة وزنابيل وقفف من الحلفاء وغيرها، محدّدا لنا كمّيّاتها وأثمانها دون الإشارة إلى مصادرها، علاوة عن ذكر الدوابّ المعتمدة من أحمرة وبغال، وأعدادها وكمّيّات الأعلاف التي استهلكتها وأسعارها8.

كما يورد لنا مصدرنا تفاصيل دقيقة عن مختلف اختصاصات أصحاب الصنائع والعمّال ورتبهم المهنيّة وأعدادهم وأجورهم سواء أكانت نقديّة أم عينيّة ونقديّة9، دون أن يذكر أسماءهم أو انتماءاتهم العرقيّة وأصولهم الجغرافيّة؛ ومن هؤلاء نورد أمين البنّائين ومعه عدد من الصنّاع و « خدّام المرمّة »، و « أمين الجيّارة » بمعيّة عجّان وعدد من السوّاق والورديانات والخدّام المختصّين في قطع الحطب ووقد فرن الجير أو « كوشة الجير »، فضلا عن معلم نجّار ومعلم بيّاض ومعلم برادعي لإصلاح البرادع و « كرارطي » وعمّال لرعاية دوابّ الحظيرة.

وقد بلغت جملة المصاريف لهذه « المرمّة » ما قدره ثلاثة آلاف ريال واثنين وستّين ريالا وستّة خرارب تونسيّة صغرى، وذلك بشهادة محمود بن الطاهر عدل بغار الملح، بتاريخ أواخر ذي القعدة 1274 ھ/ 12 جويلية 1858 م10.

وتبرهن كلّ هذه المعطيات الأرشيفيّة على الدور الفعّال للسلطة الحاكمة في صيانة هذا الصنف من المنشآت المائيّة من ناحية، وأهمية هذه القنطرة ومكانتها ضمن شبكة المواصلات خلال الفترة الحديثة من ناحية أخرى. كما أنّ معرفة تاريخ إصلاح القنطرة ساعدنا على وضع حدّ أعلى لا يمكن تجاوزه في تأريخ هذا المعلم الذي تزامنت أشغال ترميمه مع حظائر مماثلة لقناطر أخرى مثل قنطرة وادي مجردة على طريق بنزرت وقنطرة البطان وقنطرة الجديدة وقنطرة سيدي علي أبي حميدة بالفحص على وادي مليان11، وهي قناطر تعود كلها إلى القرن السابع عشر12. الأمر الذي جعلنا لا نستبعد نسبة هذه القنطرة إلى الفترة المذكورة آنفا، لكن تظل المقاربة المعمارية الوسيلة المثلى لرفع الالتباس حول هذه المسألة.

3. عمارة قنطرة وادي زهان

تتّخذ قنطرة وادي زهانة شكل « ظهر حمار »، أي « أنّ بناءها يصعد بالتدريج إلى نصف القنطرة ثمّ ينحدر نازلا إلى منتهاها»13. وكانت هذه التقنية سائدة في إفريقيّة منذ الفترة الوسيطة14. وهي تتطلّب عددا فرديّا للعقود الحاملة للممشى أو للمسلك15.

مخطط 2. قنطرة وادي زهانة بطريق بنزرت
المصدر: المعهد الوطني للتراث

ويمتدّ المسلك على طول حوالي 54 م. ويبلغ عرضه 4,23 م. أمّا ارتفاعه فيتراوح بين 3,5 م و4 م. وهو مبلّط بحجارة صلبة متفاوتة الأحجام16 (صورة 2). ومحمي من كلا الجانبين بحاجز من الحجارة المهندمة يتراوح ارتفاعه بين 0,83 م و 0,97 م، ولا يتعدّى عرضه 0,40 م.ويفتقر كلا الحاجزان إلى تلك الزخارف الكتابيّة التي تحملها النقائش التخليديّة لبعض القناطر الأخرى كقنطرة طريق بنزرت17 أو قنطرة مجاز الباب18 أو قنطرة علي باي الثاني برادس19 (صورة 2-3).

صورة 2. قنطرة وادي زهانة: منظر عام
المصدر: صورة الكاتب
صورة 3. مسلك القنطرة
المصدر: صورة الكاتب

وتنتصب القنطرة فوق ثلاثة عقود نصف دائريّة. ويتميّز عقدها الأوسط بكبر حجمه، إذ يبلغ ارتفاعه 2,5 م، ويصل عرضه إلى 3,8 م. أمّا العقدان الجانبيّان فأبعادهما متساوية20 (مخطط 2). وتخلو جميع العقود من شتّى أنواع النقوش التي تحلّي نظرائها في بعض القناطر الأخرى كقنطرة طريق بنزرت أو قنطرة علي باي الثاني برادس.

وترتكز تلك العقود على دعائم ضخمة. وقد عزّزت كلتا الدعامتان المحوريّتان من الجهة الأماميّة، حيث مدخل الوادي، بمكسر مثلث الشكل ذي زاوية حادّة مواجهة لمجرى الماء ممّا يحدّ من شدّة تدفّقه وقوّة ارتطامه أو اصطدامه بالأسس وبالتالي يحمي القنطرة من التآكل والانهيار (صورة 4).

ويتخلّل القسم العلوي لكلتا الدعامتين المحوريّتين فتحة معقودة بعقد نصف دائري يبلغ اتساعها 1,13 م، وارتفاعها 1,10 م، وهي مجرّدة من تلك الزخارف النباتيّة التي توشّي نظائرها في بعض القناطر الأخرى كقنطرة طريق بنزرت.وتيسّر تلكما الفتحتان عمليّة سيلان الماء وانسيابهلاسيما عند ارتفاع منسوب الوادي وفيضانه ممّا يحافظ على سلامة القنطرة ويضمن ديمومة استغلالها والانتفاع بها (صورة 4).

وتمّ تدعيم الطرف الأيمن للواجهة الأماميّة للقنطرة بقاعدة متينة ذات قوالب ضخمة من الحجارة الصلبة المصقولة المرصوفة أفقيّا بشكل يمكّن المعلم من مقاومة الضغوط الجانبيّة للمياه (صورة 5).

صورة 4. دعامة ضخمة محمية في الأسفل بمكسر مغمور بالطمي وفي الأعلى بفتحة صغيرة
المصدر: صورة الكاتب
صورة 5. قاعدة حجريّة متينة مغمورة بالأعشاب والأتربة تحمي القنطرة.
المصدر: صورة الكاتب

4. محاولة تأريخ القنطرة

تغافلت مصادرنا المحلّيّة والأجنبيّة عن ذكر هذه القنطرة وإيراد تاريخ تأسيسها أو الإشارة إلى مؤسّسها، باستثناء وثيقة أرشيفيّة وحيدة بيّنت لنا مصروف مرمّة إصلاح القنطرة في أواسط القرن التاسع عشر.

وبالرجوع إلى المعلم، نكتشف افتقاره إلى نقيشة تخليديّة. الأمر الذي دفعنا إلى اعتماد المقاربة المعماريّة لمحاولة تأريخه ولو نسبيّا، وذلك بالوقوف على خصوصيّاته المعماريّة ومقارنتها بدقّة مع سائر القناطر المشيّدة خلال الحقبة العثمانيّة، ولا سيما قبل سنة 1858 م تاريخ ترميم المعلم.

وفعلا،قد مكّنتنا الدراسة المعماريّة للقنطرة من الوقوف على عدّة نقاط تشابه وتماثل مع قناطر أخرى مجاورة لها أو بعيدة عنها. فعلى المستوى التخطيطي، نلاحظ أنّ معلمنا شيّد طبقا لتقنية « ظهر الحمار » المعتمدة في بناء أغلب القناطر العثمانيّة بتونس على غرار قنطرة طريق بنزرت وقنطرة البطان وقنطرة الجديدة وقنطرة رادس وقنطرة مجاز الباب وغيرها21 (صور 6-7-8-9-10). وهي كلها قناطر مؤرّخة سواء بنصوص تاريخيّة أو بنقائش تخليديّة أو بالاثنين معا.

صورة 6. قنطرة طريق بنزرت
المصدر : Mongi Ben Ouezdou, 2004
URL :https://structurae.net/en/photos/28182-masonry-bridge-at-kantarat-binzart-tunisia

صورة 7. قنطرة البطان
المصدر: صورة الكاتب

صورة 8. قنطرة الجديدة.
المصدر : Ahmed Saadaoui, 2000, p. 128.

صورة 9. قنطرة رادس.
المصدر : M. Bousige, 1936, Fig. 2, p. 456.

قنطرة مجاز الباب: منظر عام.
المصدر: Ahmed Saadaoui, 2000, p. 130.

أمّا على المستوى الإنشائي، فإنّنا نلاحظ حضور الحجارة المهندمة ذات الأحجام المتوسّطة والمشدودة بعضهاببعض بواسطة ملاط جيري سريع الالتحام. وهي نفس المواد المستعملة في إقامة غيرها من القناطر المذكورة آنفا. كما تمّ اعتماد نفس عناصر الحمل والدعم والوقاية المتمثلة في تلك العقود والدعائم الضخمة المحميّة بمكاسر مياه في الأسفل وفتح في الأعلى22 ، بشكل متماثل يصل حدّ التماهي خاصّة مع قنطرة طريق بنزرت التي أقامها عثمان داي سنة 1017 ھ/ 1608 م (صورة 5)، وقنطرة مجاز الباب التي أمر ببنائها مراد باي الثاني (1666-1675)، وتمّ الفراغ من تشييدها – حسب نص النقيشة المثبتة على المعلم، سنة 1088 ھ/ 1677 م، أي بعد حوالي سنتين من وفاة المؤسّس (صورة 10).

وإجمالا، لا تمثل قنطرة وادي زهانة، من الناحية المعماريّة، استثناء أو أنموذجا طريفا؛ وإنّما هي تحمل عدّة نقاط تشابه سواء من حيث مخططها أو مواد بنائها وأسلوب إنشائها مع أغلب القناطر المشيّدة بتونس، خلال الفترة العثمانيّة ولا سيما فترة الدايات والبايات المراديّين. وعليه، فإنّنا نرجّح نسبتها إلى الحقبة المذكورة آنفا،وتحديدا القرن السابع عشر. وبالتالي يكون تاريخ ترميمها في أواسط القرن التاسع عشر أمرا مقبولا ومعقولا خاصّة بعد مرور أكثر من قرنين على إقامتها.

الخاتمة

تتميّز هذه القنطرة بصغر حجمها وتناسق أبعادها وانتظام مخططها التقليدي، واعتمادها الكلي على مواد بناء وأساليب إنشاء محلية. أمّا من الناحية الزخرفيّة فقد طغى عليها طابع الصرامة والتقشف. وهي تنطوي على عدّة نقاط تماثل سواء على المستوى التخطيطي أو الانشائي مع جلّ القناطر المقامة بتونس، خلال الحقبة الحديثة ولا سيما زمن الدايات والبايات المراديين. الأمر الذي ساعدنا على ترجيح نسبتها إلى القرن السابع عشر.

الهوامش

1 M. Bousige, 1936, p. 451-465.L. Poinssot, 1942, p. 321-333. Abdelhakim Gafsi-Slama, 1999, p.309-320. Ahmed Saadaoui, 2000, p. 112-135.

ثرية الدخلي ، 2005-2006، ص. 105-161.
2 الأرشيف الوطني التونسي (أ. و. ت. )، دفتر 2236، بيان مصروف مرمّة إصلاح قنطرة وادي زهانة بطريق بنزرت على يد السيّد حسن أمير ألايوكاهية بنزرت وغار الملح، بمباشرة نائبه السيّد الحاج إبراهيم الغمّادي، بداية من يوم السبت 27 شعبان 1274 ھ، إلى غاية يوم الأحد 23 ذي القعدة من نفس السنة، ص. 1-21.
3 لا تزال قنطرة وادي زهانة قائمة إلى اليوم، لكن تمّ الاستغناء عن خدماتها وعوّضت بأخرى جديدة لا تبعد عنها سوى بعض الأمتار.
4 غوستاف نختغال، أورده منير الفندري، 2003، ص. 93.

5 MM. E. Babelon, R. Cagnat, S. Reinach, 1893, feuille de Porto-Farina.

6 أ. و. ت. دفتر 2236، ص. 1-21.
7 أ. و. ت. دفتر 2236، ص. 1.
8 استهلكت تلك الدوابّ طيلة الأشغال أربعة أقفزة ومكيلتين وثلاثة أصواع شعيرا بثمن قدره مائتين ثنتين ريالا وسبعة ريالات وثلاثة أرباع الريال وثمنه تونسيّة صغرى. أنظر أ. و. ت.، دفتر 2236، ص. 19-21.
9 يتقاضى كلّ أصحاب الصنائع والعمّال أجورا نقديّة متفاوتة حسب اختصاصاتهم ورتبهم المهنيّة. على أنّ البعض منهم يحظى كذلك بامتيازات عينيّة في شكل مونة، ومن هؤلاء نذكر أمين البنّائين وصنّاعه والورديانات.
10 أ. و. ت. دفتر 2236، ص. 12.
11 أ. و. ت. دفتر 2231، مصاريف شراء شعير لعلفة دواب حظيرة بناء قنطرة مجردة بطريق بنزرت، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م.
أ. و. ت. دفتر 2239، مصاريف لإتمام بناء قنطرة وادي مجردة بطريق بنزرت، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م. يبين لنا هذا الدفتر مختلف مواد البناء المستعملة في إصلاح القنطرة المذكورة محددا كمياتها وأسعارها وأحيانا مصادرها. كما يورد لنا أصحاب الصنائع والعمال وأجورهم والمنحدرات الجغرافية للبعض منهم. أنظر ثرية الدخلي، 2005-2006، ص. 111-114.
أ. و. ت. دفتر 2230، مصاريف إصلاح قنطرة طبربة، بين سنتي 1271 ھ- 1272 ھ/ 1854 م-1856 م.
أ. و. ت. دفتر 2233، مصاريف بناء قنطرة الجديدة، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م.
أ. و. ت. دفتر 2229، مصاريف ترميم وبناء قنطرة سيدي علي أبي حميدة بالفحص على وادي مليان، بين سنتي 1271 ھ- 1275 ھ/1854 م- 1859 م.
12 ابن أبي دينار، 1967، ص. 207، و 284-287. حسين خوجة، 1972، ص. 92 و 94. الوزير السراج، 1985، ج. 1، ص. 345. الوزير السراج، 1985، ج. 3، ص. 252. ابن أبي الضياف، 1990، ج. 2، ص. 37.
13 حسن حسني عبد الوهاب، 1981، ج. 2، ص. 80.

14 Victor Guérin, 1862, t.1, p.83.

حسن حسني عبد الوهاب، 1981، ج. 2، ص. 80.
15 فتحي الجراي، 2009، ص. 100.
16 لم يبق من تلك الحجارة إلّا النزير.
17 أنظر

Poinssot, 1941, p. 271, note 2. Abdelhakim Gafsi-Slama, 1999, p. 314..

ثرية الدخلي، 2005-2006، ص. 115-117.
18 أنظر محمد بن عبد الوهاب المكناسي، 2003، ص. 320-321.

Filippi, cité par Ch. Monchicourt,1929, p. 192 et note 2. Voir également l’appendice de Ch. Monchicourt, 1929, p. 290-292. Abdelhakim Gafsi-Slama, 1993, p. 48-49. Ahmed Saadaoui, 2000, p. 130-131.

19 أنظر حمودة بن عبد العزيز، 1970، ج. 1، ص. 323-325.

Bousige, 1936, p. 460-464.

ثرية الدخلي، 2005-2006، ص. 119-123.
20 يصل عرض كلّ واحد منهما إلى 3,5 م. أمّا الارتفاع فلا يتجاوز 2,1 م.
21 قنطرة طريق بنزرت: أقامها عثمان داي سنة 1017 ھ/ 1608 م. أنظر حسين خوجة، 1972، ص. 92. الوزير السراج، 1985، ج. 1، ص. 345. الوزير السراج، 1985، ج. 3، ص. 252. محمود مقديش، 1988، ج. 2، ص. 90. ابن أبي الضياف، 1990، ج. 2، ص. 35. محمد الباجي المسعودي، 1905، ص. 91.
قنطرة البطان: شيّدها يوسف داي سنة 1025 ھ/ 1616 م. ثمّ شهدت عدّة إضافات خلال الفترات اللاحقة. أنظر ابن أبي دينار، 1967، ص. 207، و284-287.
محمود مقديش، 1988، ج. 2، ص. 92.

Alphonse Rousseau, 1864, p. 44. Abdelhakim Gafsi-Slama, 1993, p. 46.

قنطرة الجديدة: أنشأ هذه القنطرة الأنيقة يوسف داي ( 1610-1637). أنظر ابن أبي الضياف، 1990، ج. 2، ص. 37.

Poinssot, 1941, p. 271-272 et notes 3 et 4. L. Poinssot, 1942, p. 321-333.

قنطرة رادس: هي في الأصل قنطرة حفصية شيدها أبو زكرياء الحفصي ( 1228-1249 م)؛ لكن أعيد بناؤها في عهد حمودة باشا المرادي ( 1631-1666). أنظر أبو محمد عبد الله التجاني، 1981، ص. 9.

Alphonse Dilhan, 1866, p. 127. M. Bousige, 1936, p. 451-452.

قنطرة مجاز الباب: تجمع مصادرنا حول نسبة هذه القنطرة البديعة إلى مؤسّسها مراد باي الثاني (1666-1675). وتثبت النقيشة المثبتة على المعلم بصفة قطعية تاريخ الفراغ من تشييدها سنة 1088 ھ/ 1677 م، أي بعد حوالي سنتين من وفاة المؤسّس. أنظر حسين خوجة، 1972، ص. 98.

Filippi, cité par Ch. Monchicourt,1929, p. 192 et note 2.

ابن أبي الضياف، 1990، ج. 2، ص. 55. محمد الباجي المسعودي، 1905، ص. 98.

Voir également l’appendice de Ch. Monchicourt, 1929, p. 290-292. André Louis et Léon Verplancke, 1966, p. 171, note 46.

ثرية الدخلي، 2005-2006، ص. 153-154.
هنالك قناطر أخرى على شاكلة ظهر حمار مشيّدة خلال الفترة الحسينيّة ومؤرّخة بنقائش على غرار قنطرتي هرقلة: قنطرة واد بوعموش (1266 ھ/ 1849-1850 م) وقنطرة حلق المنجل ( 1270 ھ/ 1853-1854 م). أنظر:

Houdas et René Basset, 1882, p. 161-200.

فتحي الجراي، 2009، ص. 99-110.
22 غابت تلك الفتح المعقودة التي تتخلل الأقسام العليا للدعائم عن قناطر البطان والجديدة ورادس.

المصادر والمراجع

وثائق الأرشيف الوطني التونسي

دفتر 2229، مصاريف ترميم وبناء قنطرة سيدي علي أبي حميدة بالفحص على وادي مليان، بين سنتي 1271 ھ- 1275 ھ/1854 م- 1859 م.

دفتر 2230، مصاريف إصلاح قنطرة طبربة، بين سنتي 1271 ھ- 1272 ھ/ 1854 م-1856 م.

دفتر 2231، مصاريف شراء شعير لعلفة دواب حظيرة بناء قنطرة مجردة بطريق بنزرت، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م.

دفتر 2233، مصاريف بناء قنطرة الجديدة، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م.

دفتر 2236، بيان مصروف مرمّة إصلاح قنطرة وادي زهانة بطريق بنزرت على يد السيّد حسن أمير ألايوكاهية بنزرت وغار الملح، بمباشرة نائبه السيّد الحاج إبراهيم الغمّادي، بداية من يوم السبت 27 شعبان 1274 ھ، إلى غاية يوم الأحد 23 ذي القعدة من نفس السنة.

دفتر 2239، مصاريف لإتمام بناء قنطرة وادي مجردة بطريق بنزرت، بين سنتي 1272 ھ-1274 ھ/ 1855 م- 1858 م.

المصادر والمراجع

ابن أبي دينار محمد بن أبي القاسم القيرواني، 1967، المؤنس في أخبار إفريقيّة وتونس، تحقيق وتعليق محمد شمّام، المكتبة العتيقة، تونس.

ابن أبي الضياف أحمد، 1990، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق الشيخ محمد شمّام، الدار التونسية للنشر، تونس، 8 أجزاء.

ابن عبد العزيز حمّودة بن محمد، 1970، الكتاب االباشي، تحقيق الشيخ محمد ماضور، الدار التونسيّة للنشر، تونس، الجزء الأوّل.

الباجي المسعودي محمد، 1905، الخلاصة النقية في أمراء إفريقية، تونس.

التجاني عبد الله، 1981،الرحلة، تقديم حسن حسني عبد الوهاب، الدار العربية للكتاب، ليبيا- تونس.

مقديش محمود، 1988، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار، تحقيق علي الزواري ومحمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الجزء الثاني.

خوجة حسين، 1972، ذيل بشائر أهل الإيمان بفتوحات آل عثمان، تحقيق وتقديم الطاهر المعموري، الدار العربيّة للكتاب، ليبيا- تونس.

المكناسي محمد بن عبد الوهّاب، 2003، رحلة المكناسي، إحراز المعلّى والرقيب في حجّ بيت الله الحرام وزيارة القدس الشريف والخليل والتبرّك بقبر الحبيب، تحقيق محمد بوكبوط، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت.

نختغال غوستاف، 2003، طبيب المحلة، البلاد التونسيّة فيما بين 1863-1868 من خلال رسائل الطبيب الألماني غوستاف نختغال، نقلها إلى العربيّة باعتماد الأصل المخطوط وعلق عليها منير الفندري، وشارك بالتقديم والتعليق جمال بن طاهر، مركز النشر الجامعي، تونس.

الوزير السراج محمد بن محمد الأندلسي، 1985، الحلل السندسيّة في الأخبار التونسيّة، تحقيق وتقديم محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 3 أجزاء.

الجراي فتحي، 2009، « قنطرتا هرقلة ونقيشتاهما التخليديّتان »، المجلة التاريخيّة العربيّة للدراسات العثمانيّة، عدد 39، ص. 99-110.

الدخلي ثريّة، 2005-2006، الطرقات والقناطر بتونس في العهد العثماني، رسالة لنيل شهادة الماجستير في تاريخ العالم المتوسّطي وحضارته، إختصاص آثار وفنون إسلامية، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، منوبة.

عبد الوهّاب حسن حسني، 1981، ورقات عن الحضارة العربيّة بإفريقية التونسيّة، مكتبة المنار، تونس. الجزء الثاني.

Babelon MM. E., Cagnat R., Reinach S.,1893, Atlas archéologique de la Tunisie, Paris.

Bousige M., 1936, « Deux pontsvoisins de Radès », in Revue Tunisienne, n°25, p. 451-465.

Dilhan Alphonse, 1866, Histoire abrégée de la régence de Tunis, Paris.

Gafsi-Slama Abdelhakim,1993, Monuments andalous de Tunisie, Agence Nationale du Patrimoine, Tunis.

Gafsi-Slama Abdelhakim, 1999, « Le pont sur la route de Tunis à Bizerte : Est-il une œuvre morisco-andalouse ? », in ArabHistorical Review for ottoman Studies, n°19-20, p. 309-320.

Guérin Victor, 1862, Voyage archéologique dans la Régence de Tunis, Paris, t. 1.

Houdas O. et Basset René, 1882,« Epigraphie Tunisienne », in Bulletin de Correspondance Africaine, n° IV, p. 161-200.

Louis André et Verplancke Léon, 1966, « La Tunisie au XVIIe siècle d’après la " Description de l’Afrique " du Dr. O. Dapper », IBLA, n° 114-115, p. 143-213.

Monchicourt Charles, 1929, Relations inédites de Nyssen, Filippi et Calligaris (1788, 1829, 1834), Publiées avec des notices, notes ou appendices, Paris.

Poinssot Louis, 1941, « Une inscription de Thignica concernant le proconsul C. Annius Anullinus », in Revue Tunisienne, p. 271-284.

—, 1942, « Le pont de Jedeïda », in Revue Tunisienne, p. 321-333.

Rousseau Alphonse, 1864, Annales Tunisiennes, ou Aperçu historique sur la régence de Tunis, Alger.

Saadaoui Ahmed, 2000, « Les Andalous», in Ifriqiya, Treize siècles d’art et d’architecture en Tunisie, Éditions Déméter, Tunis, p. 112-135.

الكاتب

رمزي جوابلية

مخبر الآثار والعمارة المغاربية – جامعة منوبة.

Retour en haut