Information
A propos Al-Sabil
Numéros en texte
intégral
Numéro 04
La place Pichon à Sousse.
La construction de l’identité de la place publique au début du Protectorat
Afef Ghannouchi Bouachour
La cité minière de Djerissa 1887-2017
Genèse, évolution et devenir
à travers l'urbanisme
et l'architecture
Leila Ammar et Hayat Badrani
L'Alhambra de Tunis; une salle de cinéma de faubourg
Iness Ouertani
2017 | 04
مدونة النقائش بالإيالات العثمانية المغاربية وأهميتها في الدراسات المتعلقة بالعهد الحديث
فتحي الجراي
الفهرس
الملخّص
تسعى هذه الورقة* إلى استعراض أهم مراحل البحث في مجال علم النقائش للعهد العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث الجزائر وطرابلس الغرب وتونس ومحاولة تتبع تطور إنجاز المدونة ونتائجها والتعريف بطبيعة الدراسات المنشورة منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى حدود السنوات الأخيرة.
كما تحاول في مرحلة موالية تقدير مختلف إضافات هذا الصنف من الوثائق في كتابة تاريخ هذه الفترة وخاصة مساهمتها في معالجة بعض القضايا الكبرى مثل مسألة العثمنة الثقافية على ضوء اختبار درجة استعمال اللغة التركية وانتشارها في الايالات الثلاث والإجابة على الأسئلة المطروحة حول هوية فن النقائش المغاربي ورصد مواطن تأثره بنظيره العثماني ودرجة وفائه للإرث المحلي.
وتختم في النهاية بالدعوة إلى استكمال جرد هذه الكتابات سواء في إطار بحوث أكاديمية أو ضمن مشاريع مغاربية مشتركة والتأكيد على أهمية التطبيقات الرقمية وعلى الاستفادة من مشاريع الجرد الرقمي المنجزة في بعض المؤسسات البحثية العالمية.
الكلمات المفاتيح
نقائش، العهد العثماني، إيالة الجزائر، إيالة طرابلس الغرب، إيالة تونس، كتابات أثرية، العهد الحديث.
المرجع لذكر المقال
فتحي الجراي، « مدونة النقائش بالإيالات العثمانية المغاربية وأهميتها في الدراسات المتعلقة بالعهد الحديث »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 04، سنة 2017.
URL : https://al-sabil.tn/?p=11330
نص المقال
على الرغم من الجدل الكبير الذي طرحه العهد العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث الجزائر وطرابلس الغرب وتونس في خصوص طبيعة الحكم وعلاقته بالإرث السابق له وما ترتّب عنه لاحقا على الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية وربما العسكرية، إلا أنه يظلُّ من أكثر الفترات التاريخية ازدهارا بالتدخلات المعمارية والعمرانية بناء وترميما وتوسعة وتجديدا، إذ تُجمعُ أغلب البحوث اليوم أن العثمانيين قد ساهموا بشكل كبير في ازدهار المشهد العمراني بكامل الرقعة الترابية التي وصل إليها سلطانهم ويُحسبُ إليهم وبصفة خاصة استيعاب الموروث المعماري السابق وتطويعه لثقافتهم وتقاليدهم وحضارتهم وسياساتهم ومذهبهم.
وتثبيتا لسلطتهم ورسم مجالهم وإبراز إنجازاتهم، حرص العثمانيون على تخليد الكثير من أعمالهم بواسطة كتابات نقائشية مازالت تُرصّع مآثرهم حاملة لرسائل تاريخية متنوعة منها السياسي والثقافي والاجتماعي وتساهم بشكل كبير في كتابة التاريخ العمراني والمعماري للعديد من المدن خلال الفترة العثمانية.
في جانب آخر، حذا الأتراك حذو أسلافهم في مجال تأريخ موتاهم بقبريات حاملة لنصوص نقائشية ثرية جدا نهلت من عدة سجلات دينية وأدبية وجنائزية وقدّمت العديد من الإضافات إلى هذا الجنس من الوثائق الأثرية وهي تُعتبر مناجم ثرية جدا بالمعلومات حول أنساب المتوفين وحياتهم وخِصالهم ومساراتهم المهنية وفي بعض الأحيان أسباب وفاتهم وغيرها…
وعلى الرغم من أهميتها وإضافاتها الكبيرة والمتنوعة، لم تعرف هذه النقائش عددها النهائي رغم إنجاز عديد الدراسات والمدونات بالإيالات المغاربية الثلاث وبذلك ظلّ استغلال هذا الصنف من المصادر الأثرية محدودا وبقي مقتصرا على بعض المجالات دون سواها.
وتطمح هذه الورقة في محور أول إلى تقديم مُوازنة عامة لوضعية الأعمال المنجزة في هذا الميدان إلى حدود هذه المرحلة من البحوث، لتحاول في محطة ثانية إبراز أهمية هذا الصنف من الوثائق الأثرية في مختلف الدراسات المُتعلقة بالعهد الحديث واختبار درجة تأثره بالفن النقائشي العثماني أسوة بمختلف الفرضيات التي قُدّمت حول تأثير « المركــز » على « الأطــراف » في ميادين أثرية وتاريخية وفنية أخرى، ومن ثمة محاولة الإجابة على هوية هذا الفن: فهل هو فن نقائشي عثماني بالإيالات المغاربية أم فن نقائشي مغاربي خلال العهد العثماني؟، لتختم برصد لأهم الدراسات المنجزة في مجال نقائش العهد العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث؛ الجزائر وطرابلس الغرب وتونس.
1. البحث في ميدان نقائش العهد العثماني : من الدراسات الجزئية إلى المدونات المنهجية1
تعود بدايات الاهتمام بالكتابات الأثرية العربية والإسلامية عموما إلى الربع الأول من القرن التاسع عشر2 وتحديدا بالمشرق العربي في إطار البعثات الاستكشافية للرحالة الأوروبيين الذين نبّهوا إلى ضرورة توثيق هذه النقائش وحفظها بالنظر إلى التحوّلات السريعة التي كانت تعرفها المنطقة وما يمكن أن ينجرّ عنها من إتلاف لهذا الإرث التاريخي والأثري الهام.
ويعود أوّل مشروع لبعث مدوّنة للنقائش العربية إلى سنة 1892 عن طريق من نعتبره اليوم أب أو مؤسس علم النقائش العربية وهو المستكشف والمستشرق السويسري الأصل ماكس فان بارشام Max Van Berchem الذي نبّه في العديد من أعماله ورسائله إلى أهمية هذه الكتابات النقائشية العربية وضرورة بعث مشروع لتجميعها في مدونة للنقائش العربية Corpus Inscriptionun Arabicarum .
أما بالنسبة إلى الإيالات المغاربية فقد بدأ الاهتمام بهذا المجال من طرف المستكشفين الغربيين منذ مفتتح القرن التاسع عشر ليتواصل ذلك بصفة فارقيّة بعد انتصاب الاستعمار الفرنسي بكل من الجزائر في 1830 وتونس 1881 والاستعمار الإيطالي بليبيا في 1911. وقد كان ذلك أولا وبالأساس في إطار مبادرات شخصية لهؤلاء المستكشفين والرحالة لافتتانهم بهذا الإرث وشغفهم بتوثيقه وهو ما ساهم في نشأة وعي تُجاه هذا الصنف من التراث والدعوة إلى إنقاذه وحفظه ولاسيما في إطار الأشغال الكبرى التي كانت تُنجز ببعض المدن الشيء الذي دفع بالسلطات الاستعمارية إلى تركيز بعض الهياكل المتخصصة والمكلفة بالعناية بالتراث وجرده وتوثيقه خاصة مع انتشار ظاهرة تجميع عناصر التراث وبعث المتاحف الأثرية وغيرها.
وعموما يمكن رصد ثلاث مراحل كبرى من الدراسات في تاريخ البحث في علم النقائش بالنسبة إلى الإيالات المغاربية مع تفاوت كرونولوجي واضح بالنظر إلى الظرفية السياسية لكل إيالة والمصير الذي عرفته كل منها بعد سقوط الدولة العثمانية وتقلّص مجالها وظهور الحركات الاستعمارية في المنطقة.
1.1. مرحلة الدراسات الجزئية
تعود بدايات الاهتمام بالكتابات الأثرية العربية تُعرّف المرحلة الأولى أو الصنف الأوّل من هذه البحوث على أنها دراسات جزئية اقتصر الاهتمام فيها ببعض النصوص النقائشية من خلال تقديم النص وترجمته أو بعض النقائش من معالم أو من مدن مختلفة دون منهجية واضحة مع تركيز على الجانب الفني وخاصة نوعية الخط وجماليته دون استغلال كبير لمحتواها وللمعلومات التي توفّرها حول تاريخ المنطقة وتراثها على الرغم من الحاجة الأكيدة للمعلومات والمعطيات لكتابة تاريخ البلاد في فترة كانت فيها العديد من المصادر التاريخية لم يتم تحقيقها بعد ومازالت الأرشيفات تحت سيطرة السلطات الاستعمارية.
وبالرغم من محدوديتها وطابعها الجزئي تبقى هذه المبادرات هامة جدا على اعتبار أنها وثقت للعديد من النقائش التي لم تعد موجودة اليوم ولفتت الانتباه إلى هذا الصنف من الوثائق وضرورة جرده ودراسته وحفظه.
وتعتبر الجزائر أقدم الإيالات العثمانية المغاربية تأسيسا (1519) وأكبرها مساحة وامتدادا وقوة عسكرية وبالتالي أكثرها ثراء بالانجازات العثمانية بل إنها مثّلت مهد نشأة علم النقائش بالمغرب إذا ما اعتبرنا أنها عرفت أقدم البحوث من هذا الجنس. وتمتد مرحلة ما يُعرف بالدراسات الجزئية السابقة للمدونات الشاملة ولتبلور المناهج العلمية لهذا المجال من سقوط هذه الإيالة تحت الاستعمار الفرنسي في سنة 1830 إلى بداية القرن العشرين.
وقد بدأ ظهور هذه البحوث أساسا عند صدور الأعداد الأولى للمجلة الإفريقية Revue Africaine في سنة 1856 واهتمت ببعض النقائش في بعض المدن ذات الأهمية التاريخية والتراثية مثل الجزائر وتلمسان ومعسكر وقسنطينة وبجاية وعنابة وغيرها…
وبلغ عدد البحوث المنشورة في هذه المجلة إلى بدايات القرن العشرين حوالي الثلاثين بحثا أنجزت أساسا من طرف فرنسيين من موظفين مدنيين ومشرفين على الأشغال الكبرى وخاصة عسكريين أمثال LECLERC و BROSSELARD و CHERBONNEAU وتمكنت من نشر عشرات النصوص النقائشية من مختلف الأصناف قُدمت بوصفها مُكتشفات جديدة وتم الاكتفاء في العديد من الأحيان بتقديم النقيشة وقراءة نصها وترجمته دونما تحليل أو تعليق على محتواه وإبراز لخصائصه الفنية والتقنية3.
في خصوص البلاد التونسية فهي آخر الإيالات المغاربية تأسيسا (1574) والثانية التي تخرج على الباب العالي في سنة 1881 بعد أكثر من ثلاثة قرون من الحكم العثماني وإن كانت العلاقة بين الطرفين قد عرفت فتورا واضحا انطلاقا من منتصف القرن التاسع عشر.
وعلى غرار الجزائر، لم تشذ البلاد التونسية على هذا التقسيم الزمني والنوعي المتعلق بالبحوث في مجال الكتابات الأثرية إذ عرفت بدورها مرحلة مهمة من الدراسات الجزئية التي اقتصرت أهدافها على تجميع وتوثيق هذه النقائش دون استغلال كبير لمحتوى نصوصها أو لإضافاتها المتعددة.
وتعود أقدم دراسة اهتمت بالنقائش في تونس إلى سنة 1882 وهي دراسة هوداس وباسّي Houdas et Basset التي سُميت بعثة أو مهمة نقائشية في تونس Mission épigraphique en Tunisie اتخذت شكل الرحلة التي شملت بعض المدن بالبلاد التونسية انطلاقا من تونس وصولا إلى جزيرة جربة ومرورا بعدة مدن مثل القيروان وهرقلة وسوسة والمهدية وقابس، وقد جُمّعت فيها العديد من النقائش بمختلف أصنافها دون الالتزام بمنهج واضح أو صنف معين من النقائش.
وقد ظل الأمر طيلة فترة الاستعمار الفرنسي مقتصرا على بعض الدراسات الجزئية الموجهة لنشر عدد من النصوص النقائشية لبعض المدن التونسية الكبرى مثل صفاقس وقفصة وتونس والمهدية والمنستير وغيرها. وقد اعتمدت هذه البحوث تقريبا نفس الغاية ونفس التمشّي المنهجي إذ عادة ما تستهدف نقيشة أو أكثر بتقديمها كمكتشفات جديدة وتتضمن مقدمة مُقتضبة وقراءة للنص وترجمته وبعض الملاحظات اللغوية مع تعليق مختصر دون صور أو تفريغات أو دراسة فنية لها4.
أما بالنسبة إلى ليبيا والتي تعتبر ثاني إيالة تتأسس بالمغرب الإسلامي في سنة 1551 وآخرها التي تخرج عن العالم العثماني في سنة 1911 فقد عرفت مصيرا مختلفا تماما على كل من الجزائر وتونس. فعلى عكس الاستعمار الفرنسي الذي سعى ولو بشكل نسبي إلى إنقاذ بعض مقوّمات التراث وتوثيقه والتشجيع على دراسته، كان الحضور الإيطالي بليبيا عسكري بالأساس ولم يول اهتمام كبير بتراث البلاد واقتصرت المجهودات التوثيقية على المواقع الأثرية القديمة والرومانية على وجه الخصوص بحثا على شرعية تاريخية للاستعمار المعاصر.
وقد تواصل هذا الفراغ في البحوث الأثرية بعد حصول البلاد على استقلالها وخاصة بعد ثورة سبتمبر 1969 والتي وبالنظر إلى الإيديولوجيا التي قامت عليها عمدت إلى تهميش الفترة العثمانية وعدم الاهتمام بها وعليه ظلت البحوث المتعلقة بهذه الحقبة تاريخا وآثارا إلى بداية القرن العشرين قليلة جدا ناهيك على تلك المتعلقة بمجال النقائش والتي لا تتجاوز عدد أصابع اليد وهي في مجملها جزئية ونحت منحى التجميع وتقديم الاكتشافات الجديدة5.
2.1. مرحلة المدونات التجميعيّة
تتمثل هذه المرحلة أو هذه النوعية من الدراسات في إنجاز مدونة للنقائش حسب بعض المقاييس التاريخية أو الجغرافية المعينة دون تمييز بين أصناف النصوص النقائشية من جنائزية أو معمارية وغيرها كما تم في فترات لاحقة عندما أصبحت البحوث في هذا المجال تنحى أكثر نحو التخصص في جنس مُعين من الكتابات الأثرية. على أنه وبالنظر إلى طبيعة الاستعمار الذي ساد في مختلف البلدان المغاربية والفارقية في تاريخ استقلالها، فإن هذه المرحلة من البحوث كانت أيضا متفاوتة في تاريخها وفي طبيعتها وفي نوعيتها وفي مجالات اهتماماتها.
ففي الجزائر مثلا وعلى اعتبار أن المُستعمر كان يعدُّ هذه المنطقة تابعة لفرنسا (« الجزائر الفرنسية »l’Algérie française )، فقد حظيت بعض مكونات التراث الجزائري انطلاقا من بداية القرن العشرين بشيء من الاهتمام والدراسة بغرض معرفة البلاد وشعبها للسيطرة عليها وإخضاعها. وفي هذا الإطار، ظهرت أولى مدوّنات النقائش بشكل مُبكّر نسبيا من مدينة الجزائر في سنة 61901 ومدينة قسنطينة في السنة الموالية7 وهي مدونات تكتسي صبغة شمولية ولم تلتزم بفترة تاريخية محددة أو بصنف نقائشي معين.
وعلى الرغم من ذلك، تُعدُّ هذه الأعمال مهمة جدا ولاسيما أنها أنجزت في فترة مُبكّرة تم بفضلها توثيق كمٍّ هائل من النقائش التي لم تعد موجودة اليوم8 بل أنها جعلت الجزائر الوحيدة من بين الإيالات المغاربية التي تحظى باهتمام مؤسس علم النقائش العربية ماكس فان بارشام بدراسة مرجعية ومهمة جدا قدّمَ فيه تحليلا مُعمقا لمدونتي مدينتي الجزائر وقسنطينة9.
أما في تونس فتتنزل هذه المرحلة أو هذا الجنس من الدراسات في السياق العام الذي ميّز فترة بناء الدولة الوطنية بعد حصول البلاد على استقلالها في سنة 1956 والشروع في بناء مؤسساتها وتدعيم هويتها من خلال العودة إلى مقومات التراث الوطني وجرده وصيانته وتوثيقه ودراسته، على أن مدونات تلك الفترة اكتست صبغة عامة وشمولية إذ لم يتم تمييز أي نوع من الكتابات الأثرية الإسلامية ولم يتم التخصص في فترة تاريخية معينة وقد تم في بعض الأحيان الاكتفاء بقراءة النصّ وترجمته دون دراسة مستفيضة لمحتواه ونوعية خطه وزخرفته.
وقد اتجهت هذه المدونات أساسا إلى المدن الكبرى ذات الأهمية الحضارية وقد كان ذلك في إطار أشغال التهيئة التي عرفتها بعض مناطق المقابر وبعض المعالم التاريخية والتي اقتضت توثيق هذه النقائش قبل نقلها إلى المتاحف والمخازن الأثرية فتم إنجاز بعض المدونات لكل من القيروان وتونس والمنستير وسوسة10.
وعلى الرغم من كل ذلك، ظلت هذه المدونات مرجعا أساسيا إلى اليوم في مختلف البحوث المهتمة بهذه المجالات، بل إنها وثّقت لعشرات النقائش التي اندثرت لاحقا وظلت هي المصدر الوحيد حول هذه النصوص النقائشيّة.
أما بالنسبة إلى البلاد الليبية فقد عرفت محاولة وحيدة للمستشرق الإيطالي Ettore ROSSI حول النقائش العربية والتركية بمتحف طرابلس11 نحى فيها منحى العمل التجميعي واقتصار على قراءة النصوص النقائشية وترجمتها دون استغلال كبير لمحتواها ولإضافاتها في مختلف المجالات المتعلقة بتاريخ البلاد على غرار الدراسات المماثلة في كل من الجزائر وتونس. وباستثناء ذلك، ظل التراث النقائشي دون جمع أو توثيق إلى حدود العشرية الأخيرة عند ظهور بعض المدونات والبحوث الهامة والمؤسسة لبعض التقاليد في دراسة هذا النوع من الوثائق الأثرية والتي يمكن إدراجها ضمن المرحلة الثالثة من مسار البحث في مجال النقائش بالإيالات المغاربية.
3.1. مرحلة المدونات المتخصصة والدراسات النوعية المتعمقة
عرف علم النقائش الإسلامية خلال الربع الأخير من القرن المُنقضي تطوّرا كبيرا في مناهجه وأدواته وآليات تحليل واستغلال محتويات نصوصه وتوظيفها في طرح بعض الإشكاليات وفضّ بعض المسائل التاريخية والأثرية. وقد انعكس هذا التطور على واقع البحوث والأطروحات التي أنجزت في مجال النقائش ولاسيما في بعض الجامعات ومراكز البحث الغربية حيث برز هذا التخصص تدريجيا ضمن صفوف الباحثين والتوجهات البحثية خاصة من بين أصيلي الضفة الجنوبية للمتوسط الدارسين بهذه الدول.
وفي هذا الإطار، أنجزت عديد المدونات المتكاملة جمعًا ودراسةً وتوثيقًا وفق مناهج متطورة جدا استعملت في بعض الأحيان التكنولوجيات الحديثة والمحامل والتطبيقات الرقمية وغيرها… كما اهتمت بعض البحوث بقضايا دقيقة جدا في مجال النقائش عالجت عدة مسائل مهمة ظل تناولها عرضيًّا أو سطحيا إلى حدود هذه المرحلة على غرار الدراسة المستفيضة والمعمقة لتطور الخط العربي على النقائش أو السجل الزخرفي النقائشي أو الجوانب المتعلقة بالورشات والحرفيين المتخصصين في صناعة هذا الصنف من الوثائق والتقنيات المعتمدة في ذلك أو كذلك الإضافات المتصلة بمحتوى النصوص في مختلف المجالات.
ففي الجزائر مثلا ظهرت انطلاقا من ستينات القرن العشرين بعض الدراسات النقائشية الهامة جدا خُصصت لبعض أصناف المعالم على غرار أطروحة المرحوم رشيد بورويبة والتي ظلت لوقت طويل دراسة مرجعية ليس فقط للجزائر وإنما أيضا للبلدان المغاربية إذ تمت ترجمتها إلى العربية ونشرها من طرف الباحث التونسي إبراهيم شبّوح12 قبل أن يُعيد المؤلف نشرها في لغتها الأصلية في جزأين13.
غير أن ما عرفته البلاد خلال تسعينات القرن الماضي من اضطرابات سياسية وعسكرية كان له وقع كبير في حركة الإنتاج العلمي ولاسيما في مجال الدراسات الميدانية وأثر بشكل واضح على حركة الأفكار وتبادلها، فشهدت البحوث الجامعية ركودا نسبيا وخاصة في مجال الآثار.
وقد ظل الأمر تقريبا على حاله إلى مُفتتح القرن الواحد والعشرين عندما عادت مسيرة البحث في مجال النقائش بمختلف المدن الجزائرية وبدأت تظهر بعض المُدونات المخصصة لبعض المناطق أو لبعض أجناس الخط العربي السائدة على الكتابات الأثرية ونذكر هنا أساسا دراسات عبد الحق معزوز التي صدرت في ثلاثة أجزاء14.
وقد بلغت هذه المسيرة أوجها في السنوات الأخيرة بظهور بعض الأعمال القيمة سواء في شكل مدوّنات متخصصة في فترة معينة أهمها على الإطلاق عمل الباحث التركي الأصل محمد توتونجو Mehmet Tütüncü حول النقائش العثمانية بالجزائر15 و كذلك على شاكلة دراسات متخصصة في صنف معين من النقائش وإخضاعه لبعض المقاربات الاجتماعية والثقافية مثل الدراسات التي أنجزت في مركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران حول النصوص الجنائزية16 أو أيضا في إطار أطروحات جامعية لجهات معينة في مجالات العمارة والنقائش وغيرها حاولت تحيين النصوص النقائشية المنشورة وتقديم المكتشفات الجديدة وطرح بعض المقاربات والفرضيات مستغلة لبعض التصنيفات المستحدثة ومستفيدة من المناهج الحديثة لهذا التخصص وما توفر من مصادر ودراسات جديدة ساهمت بشكل كبير في فهم محتويات النقائش واستخراج إضافاتها في مختلف المجالات المرتبطة بتاريخ المنطقة وتراثها17.
وتظل الدراسات التونسية في مجال النقائش الإسلامية الأكثر حضورا وجدارة خلال هذه المرحلة على المستويين الكمّي والنوعي بفضل استفادتها الكبيرة من المناهج الجديدة والبرامج العلمية الرائدة في هذا المجال ولاسيما برنامج جامعة آكس أون بروفانس بفرنسا لرقمنة النقائش الإسلامية EPIMAC الذي كانت تشرف عليه الأستاذة صولانج أوري18 Solange Ory والذي ساهم بشكل كبير في تكوين أغلب المختصين التونسيين أو كذلك مشروع مدونة النقائش الإسلامية Thésaurus d’Epigraphie Islamique الذي يتم إنجازه بإشراف مؤسسة ماكس فان بارشام بجينيف بسويسرا19.
وتتجسم هذا الرّيادة في سلسلة الدراسات التي أنجزت منذ سبعينات القرن الماضي في شكل مدوّنات للنصوص النقائشية غطّت تقريبا كل الفترات التاريخية وكل المناطق وكل أجناس الكتابات الأثرية، وقد كان ذلك في إطار أطروحات دكتورا أو أيضا في شكل دراسات أكاديمية حرّة20، على أنه لا يجب إغفال العديد من النقائش التي دُرست ضمن بعض البحوث في مجالي العمارة والعمران على غرار دراسات الأستاذ أحمد السعداوي الذي نشر العشرات من النقائش ضمن أعماله حول العهد العثماني
21.
وبالإضافة إلى المجهود التجميعي والتوثيقي الذي تم إنجازه من خلال هذه الأعمال، حاول المختصون التونسيون في مجال النقائش معالجة العديد من القضايا على ضوء هذا الصنف من الوثائق منها ما هو في علاقة بالجوانب المادية لهذه النقائش وخصائصها الفنية ومنها ما يتعلق بمضمون نصوصها وإضافاتها في مختلف المجالات. فقد مكنت الجداول الأبجدية التي تم رسمها انطلاقا من هذه النقائش من التعرّف على مختلف الأجناس الخطية المعتمدة على هذا الصنف من المحامل وتطوّرها عبر الزمن بل إن نتائج هذه البحوث أصبحت مرجعا للمقارنة مع بقية مكوّنات إرث الخط العربي على بقية المحامل مثل العُملة والمخطوطات والأقمشة والخزف وغيرها22.
كما اهتمت الدراسات التونسية في هذا المجال بالسجل الزخرفي على النصوص النقائشية بصنفيها الكبيرين الجنائزي والمعماري وتمكنت من التعرّف على هويّة هذا السجل وأصوله وخصائصه خلال كل فترة وتطوره ورسم نماذج تندرج ضمن سلاسل مؤرخة وفّرت مؤشرات تأريخيّة ساعدت كثيرا على دراسة مختلف المواضيع الزخرفيّة على بقية أصناف المحامل23.
الجانب الثاني المميز للمدرسة التونسية هو الاستغلال المنهجي والمُعمّق لمضامين وإضافات هذه النصوص في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والمعمارية والعمرانية خاصة بالنسبة إلى الكتابات المتصلة بالمعالم التاريخية. كما وفّرت النقائش وخاصة الجنائزية منها العديد من المعلومات حول المجتمع وتركيبته وأنشطته وقد سجلت البحوث التونسية في هذا الصدد سبقا مُهما من خلال إنجاز قوائم في الأنشطة والحرف التي كانت سائدة والتي ورد ذكرها في النصوص النقائشية ساعدت كثيرا على فهم الحياة الاقتصادية والحرفية بالبلاد وأجابت على العديد من الأسئلة المتعلقة بأسواق المدن ومرافقها التجارية وخاصة من خلال مقارنتها ومقاربتها مع بقية أصناف الوثائق من وقفيات وأرشيفات وغيرها…
وبالنظر إلى أنها وثائق رسمية كُتبت من طرف السلطة لإيصال رسالة معينة، فقد تضمنت النقائش التخليديّة العديد من المعطيات الهامة المتعلقة بالحكام وألقابهم الفخريّة والسياسية ومختلف الرُّتب العسكرية وتسميات المنفذين للأشغال وكُتاب النقائش. وقد بلغت البحوث التونسية شوطا متقدما في استغلال هذه المعطيات وتوظيفها في دراسة وتصنيف مختلف هذه الرّتب والألقاب والوظائف ورصد مدلولاتها وتتبع تطورها عبر التاريخ.
ولعل أهم ما يُحسبُ للمدرسة التونسية هو تمكنها من التأسيس لتنميطات وتصنيفات لهذه النقائش حسب بعض المقاييس ساعدت كثيرا في نسبة النصوص غير المؤرخة إلى الفترات التي تنتمي إليها وبالتالي رسم تطور المعالم التاريخية والتطور العمراني للمدن والقرى. كما تم التوصّل وبالاعتماد على النصوص النقائشية إلى بلورة مجموعة من المرجعيات الفنية والأثرية والتقنية ساعدت كثيرا على تقديم بعض الفرضيات المتعلقة بمكونات التراث المادي والمكتوب ودعّمت مصداقية هذه الوثائق وحفّزت على الاهتمام بها والاعتماد عليها في مختلف البحوث التاريخية والأثرية.
أما بالنسبة إلى البحوث في مجال النقائش بليبيا والمندرجة ضمن هذه المرحلة فهي قليلة جدا وتعتبر متأخرة نسبيا مُقارنة بالجزائر وتونس، إذ لم تعرف أولى مدوناتها إلا في بداية القرن الحالي24 بينما ظلت نقائش الفترة العثمانية تنتظر إلى السنوات الأخيرة حتى يتم تجميعها في مدونتين25 تُعتبران الأكثر منهجية وشمولية تمكّن من خلالهما المؤلفان من تقديم أهم خصائص نقائش طرابلس الغرب وتطورها خلال الثلاثة قرون والنصف المحتوية للتاريخ العثماني بالبلاد.
2. مدونة النقائش بالإيالات المغاربية: خصائصها، أهميتها وآفاق اكتمالها
1.2. الكتابات الأثرية وبعض القضايا المُتعلقة بالعهد العثماني بالإيالات المغاربية
على الرغم من عدم اكتمال مدونة النقائش في الإيالات المغاربية إلى حد هذه المرحلة من البحوث إلا أن المُتوفر من النصوص يُقدّم إضافات كبيرة ويُساهم في حلّ العديد من القضايا التاريخية والأثرية، بل إنها أصبحت مصادر أساسية لا مناصَ منها في إنجاز أي بحث مهما كان موضوعه.
وبالإضافة إلى المسائل المباشرة المُتصلة بالمعلم التاريخي الذي يخلّدُ له النص النقائشي أو الشخص المتوفّى صاحب شاهد القبر أو بعض المعطيات ذات العلاقة بتاريخ المدن والمجتمعات، يمكن لمدوّنات النقائش إذا ما تمّت دراستها بشكل شمولي وإجراء سلسلة من المقارنات يمكن أن تخوض في العديد من القضايا الكبرى التي ظلت محل جدل كبير بين المختصين في التاريخ العثماني مثل مسألة العثمنة بمختلف مستوياتها ودرجة التأثيرات العثمانية في المجالات الثقافية والمعمارية والفنية وغيرها وطبيعة الوجود العثماني بالإيالات المغاربية والمصير الذي عرفه عند ظهور الحركات الاستعمارية الغربية خلال القرن التاسع عشر.
لقد مثلت العثمنة وطبيعة الوجود العثماني بالإيالات المغاربية إحدى أهم القضايا التي شغلت الباحثين وظلت محلّ اختلاف بين من يعتبرُ أن الدخول العثماني فتحٌ مُبينٌ أنقذ البلاد من المسيحيين الإسبان وبين من يضعُ ذلك ضمن الحركات الاستعمارية التي عرفتها المنطقة خلال العهد الحديث وبين الشقّ الثالث الذي يحاول أن يُنسّب الأمور مُركّزًا على الاختلاف في النظرة لهذا الحدث بين النخبة والأعيان الذين قبلوا بذلك وتفاعلوا معه وعامة الأهالي الذين تحفظوا على الوافد الجديد وعارضوا قدومه.
تنوعت المصادر المعتمدة في معالجة هذه القضية وتعددت بذلك الفرضيات واختلفت النتائج وظل الأمر مُغيّبًا أحيانا ومموّهًا أحيانا أخرى آخذا في الاعتبار الظرفية التي تمرُّ بها المنطقة وطبيعة الأنظمة السياسية السائدة بها وما يمكن أن يترتب عن إثارة هذه المسألة من انعكاسات على العلاقات الحالية مع تركيا.
وتوفّرُ النقائش بعض المؤشرات على درجة العثمنة الثقافية والتي يمكن دراستها من خلال مجمل التأثيرات الفنية والحضارية ولكن وبصفة خاصة عبر اختبار مستوى انتشار استعمال اللغة التركية في النقائش وإمكانية المقارنة بين الإيالات الثلاث خلال مختلف مراحل الحكم العثماني بها.
ولتحقيق غاياته التخليدية وإيصال الخطاب الرسمي الذي يحمله فإن النص النقائشي عادة ما يُثبتُ في موضع ظاهر على الواجهات الخارجية للمعالم وفي الأماكن الأكثر ترددا من طرف المارّة. وعليه فإن استعمال اللغة التركية من عدمه خلال العهد العثماني يَفترض وجود قُرّاء لها في المجتمع لذلك فهي تعتبر أحد أهم المؤشرات على انتشارها بين سكان الإيالات المغاربية.
وتُبرزُ الإحصائيات المُجراة في إطار أهم المدونات المنجزة أن استعمال اللغة التركية القديمة في النقائش قد اختلف من منطقة إلى أخرى ومن فترة إلى أخرى وارتبط بظرفية معينة وخضع كثيرا إلى طبيعة العلاقة مع الباب العالي ولكن وبصفة أخص إلى تأثير الماضي المحلّي والموروث السابق للوجود العثماني.
ففي إيالة تونس مثلا لم يتجاوز استعمال اللغة التركية القديمة 8 % على مجموع النقائش المدروسة وقد انحصر ذلك في فترة أولى تمتد من 1574 إلى حدود بداية القرن الثامن عشر لتغيب هذه اللغة من على النقائش بشكل شبه كلي خلال قسم كبير من فترة حكم الحسينيين بفضل اندماج العناصر التركية في المجتمع المحلي26 قبل أن تعود من جديد خلال فترة حكم حمودة باشا الحسيني (1782-1814) لأسباب إستراتيجية مرتبطة أساسا بالظرفية العامة التي مرت بها الإيالة آنذاك.
جغرافيا، انحصر حضور اللغة التركية في نقائش عاصمة الإيالة ومدينتي غار الملح وبنزرت بالساحل الشمالي باعتبار احتوائهما لجالية تركية ناشطة في مجال البحرية والقرصنة. من جهة أخرى، اقتصرت النقائش التركيّة في الغالب الأعمّ على صنف معين من المعالم التاريخية وهي القشلات والأبراج العسكرية ذلك أن المعنيين أساسا بالنص المنقوش هم الجنود الإنكشارية كما اتسم الخطاب بشُحنة تعبوية حاثة على الجهاد وعلى حماية الدولة العلية ومُذكّرا بمآثر السلاطين العثمانيين.
أما بالنسبة إلى إيالة الجزائر فقد بلغ عدد النقائش التركية 67 نصا من مدونة 221 التي درسها محمد توتونجو أي تقريبا بنسبة % 30، يستأثر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر بالنصيب الأكبر في حين لم يصلنا من القرن السادس عشر سوى 05 نقائش ومن القرن السابع عشر سوى 03 نقائش، وقد توقف استعمال اللغة التركية على النقائش في سنة 1829 أي سنة واحدة قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد.
من الناحية الجغرافية، يتركّز حضور اللغة التركية في النقائش بشكل واضح في العاصمة الجزائر ومحيطها (مدينة الجزائر: 60 نقيشة، البليدة: 02، المدية: 03) بينما لم يُسجّل بالغرب الجزائري سوى نقيشة واحدة بمدينة معسكر وكذا الشأن بالنسبة إلى مدينة قسنطينة على الرغم من احتواء مدونتها لـ 65 نقيشة. هذه الفارقيّة رُصدت كذلك في نوعية العمارة إذ تستأثر المعالم العسكرية بالنصيب الأكبر أي بـ 55 نصا تركيا وتتوزع البقية على الأصناف الأخرى من العمارة من جوامع وأسبلة وزوايا وأضرحة وغيرها.
ويمكن أن يؤشر هذا الحضور للغة التركية بعاصمة الإيالة دون بقية المناطق بتركّز الجالية التركية بهذه المدينة وتجاوبها مع التأثيرات الثقافية للعثمانيين مقابل محافظة بقية المناطق على وفائها إلى إرثها المحلي ولاسيما المناطق الشرقية مثل مدينة قسنطينة ذات التاريخ الحفصي العريق أو كذلك المناطق الغربية مثل تلمسان ومعسكر ومستغانم وغيرهم…
في خصوص إيالة طرابلس الغرب، فقد تمكن علي شايب بن ساسي من إحصاء 59 نصا نقائشيا مكتوبا باللغة التركية من بين 215 نقيشة متأتية من مدينة طرابلس أي بنسبة 37 % تقريبا. وما يُلاحظ بالنسبة إلى استعمال اللغة التركية بهذه الإيالة على ضوء مدونة مدينة طرابلس أنه تكثف خلال الطورين العثمانيين؛ الأول (1551-1711) والثاني (1835-1911) مع غياب شبه كلي خلال الفترة القرمانلية (1711-1835). كما أنه تواصل إلى حدود حلول الاستعمار الإيطالي بالبلاد أي إلى بداية القرن العشرين الشيء الذي لا نجده في إيالتي الجزائر وتونس حيث تراجع حضور هذه اللغة منذ بداية القرن التاسع عشر.
ويلاحظ أن النقائش الجنائزية هي الأكثر كتابة باللغة التركية في حين لم تسجّل مدونة مدينة طرابلس الكثير من النقائش المعمارية بهذه اللغة، وقد توزعت المجموعة التي توفرت على كل أصناف المعالم دون هيمنة صنف بعينه على عكس إيالتي تونس والجزائر حيث كانت المعالم العسكرية هي الأكثر استئثارا بهذا الصنف من النصوص النقائشية.
وتُظهر هذه المعطيات أن مسألة العثمنة بإيالة طرابلس الغرب لم تكن بنفس الدرجة خلال الثلاثة قرون والنصف للوجود العثماني وإنما اختلفت بين الأطوار الثلاثة وخضعت بالأساس إلى طبيعة العلاقات التي كانت تربط حكام الإيالة مع الباب العالي. كما أن محدودية استعمال اللغة التركية على النقائش المُخلّدة لمنشآت عمومية وكثافة استعمالها على النقائش الجنائزية يؤشر على أن العثمنة الثقافية لم تكن تتنزل في سياق رسمي ولم تكتسح الفضاء العام وإنما اقتصرت على النخبة وأعيان الإيالة من التجار والسياسيين وغيرهم كما تبرزه ذلك أنساب العائلات الواردة في مدونة النقائش الجنائزية بطرابلس الغرب.
2.2. نقائش عثمانية بالمغرب أم نقائش مغربية خلال العهد العثماني؟
لقد تمكّنت الدراسات النقائشية المتعلقة بالعهد العثماني سواء بالنسبة إلى المركز أو في خصوص مختلف الإيالات من ضبط الخصائص العامة لنقائش العهد الحديث من حيث محاملها وخطها وسجلها الزخرفي وطبيعة نصوصها وتركيبتها وتحقيبها حسب الفترات التاريخية الكبرى، وبيّنت بذلك أصول هذا الفن ورصدت درجة وفائه إلى الماضي المحلي ومدى انتشاره بكامل العالم العثماني.
وتُظهر المقارنات والمقاربات التي قُدّمت بشأن علاقة فن النقائش بالإيالات المغاربية بنظيره بالعاصمة اسطنبول نسبية وفارقية تأثير المركز على الأطراف بين عواصم الإيالات والمدن الكبرى من ناحية، وبقية المناطق الداخلية من ناحية ثانية. كما بينت ذات النتائج أن النقائش الحديثة ظلت متأثرة بنظيرتها الوسيطة لفترة تزيد عن نصف القرن في مختلف خصائصها الشكلية والمضمونية قبل بدايات ظهور التأثيرات العثمانية ولاسيما في المدن الكبرى وعلى النقائش الرسمية أساسا.
فباستثناء الاستعمال الواسع الذي حققه الخط الثلثي والقصائد الشعرية وبدرجة أقل طريقة التأريخ بحساب الجُمّل chronogramme التي كانت مُعتمدة أساسا على النصوص النقائشية الرّسمية في المراكز الكبرى ذات الحضور التركي الهام، ظلت بقية المناطق وفيّة إلى التقاليد التخليدية والنقائشية المحليّة الموروثة عن الفترات السابقة سواء بالنسبة إلى السجلّ الزخرفي المستوحى من الإرث الوسيط أو من البيئة المحلية المحيطة أو في خصوص الخط المغربي أو كذلك في ما يتعلق بشكل النصوص النثرية التي ظلت سائدة على النقائش منذ العهد الوسيط.
أما بالنسبة إلى طرق تنفيذ هذه الكتابات فقد ظهرت تقنية جديدة خلال العهد العثماني تقوم على تنزيل الرصاص بعد تذويبه في الكتابة الغائرة والذي مع مرور الوقت وتعرّضه لأشعة الشمس والهواء يعود إلى وضعه الصلب من جديد ويتأكسد ويُكوّن طبقة خارجية سوداء تُضفي تباينا بديعا مع لون الرخام الأبيض ويظهر وكأن الكتابة منفذة بالمداد الأسود.
هذه التقنية وعلى الرغم من ارتباطها بالنقائش الرسمية في المدن الكبرى حيث الجالية التركية وانتشارها في كل الإيالات المغاربية فقد ظلت أصولها غير معروفة وقد اكتفت أغلب الدراسات التي اهتمت بموضوع النقائش أو السجلات الزخرفية لهذه الفترة التاريخية بالوصف وتقديم بعض المُعطيات الإحصائية حول استعمالاتها دون الخوض في أصولها وتطوّرها وأصنافها خاصة وأنها لم تكن مُستعملة في العاصمة إسطنبول27.
ظلّ استعمال تقنية الترصيع بالرصاص في الإيالات المغاربية محدودا واقتصر على النقائش الرسمية في المدن الكبرى بينما ظلت المناطق الأخرى تُخلّد منشآتها وقبور موتاها بالتقنيات التقليدية والمتمثلة أساسا في الكتابة البارزة الموروثة منذ العهد الوسيط. ففي الجزائر لم يتجاوز عدد النقائش المرصعة بالرصاص ربع المدونة التي درسها محمد توتونجو بينما بلغ عدد النقائش من هذا الصنف بإيالة تونس قرابة مائة حالة على كامل المدونة المدروسة مع استئثار مدينة تونس بحوالي ثلثي هذا العدد.
أما في طرابلس الغرب فقد تم إحصاء 28 نقيشة منفذة بهذه التقنية من جملة المدونة المدروسة والمتعلقة أساسا بعاصمة الإيالة طرابلس ذلك أن هذه الإيالة وعلى عكس تونس والجزائر عرفت ظاهرة استجلاب شواهد القبور من عاصمة الدولة العثمانية ذاتها طوال العهد الحديث وخاصة خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر وطوال القرن التاسع عشر، وهو ما ساهم في انتشار النمط المعروف بالإسطنبولي الذي يستعمل كثيرا الخطوط المشرقية من ثلثي ورقعي وديواني ونستعليق وانتظام مستوياته الكتابية بشكل مائل وإحاطتها بأطر هندسية وهي غالبا ما تكون منفذة بتقنية الكتابة البارزة28.
الخاتمة
على الرغم من أن الآراء المقدمة في هذه الموازنة تبقى ظرفية جدا وتتسم بكثير من النسبيّة إلى حد اكتمال مدونة هذه النقائش بالإيالات المغاربية الثلاث ودراستها إلا أن النتائج التي توفّرت إلى حد هذه المرحلة من الدراسات تتفق جميعها حول أهمية هذه الوثائق الأثرية في كتابة تاريخ الفترة العثمانية بالإيالات المغاربية وإضافاتها في أهم المجالات المُتصلة بهذه الحقبة من تاريخ المنطقة، بل إنها يمكن أن تُساهم بشكل كبير، إلى جانب بقية المصادر التاريخية والأثرية من عمارة وعُملة وخزف وغيرهم في حسم العديد من القضايا الكبرى التي ظلت محل جدل بين المؤرخين على غرار قضية العثمنة ووحدة الفن العثماني وعلاقة المركز بالأطراف وخاصة بشأن السياسة العمرانية الكبيرة للعثمانيين بالمنطقة تشييدا وترميما وتجديدا إذ تمثل هذه الوثائق صدًى ميدانيا مُوثقا حول إنجازات مختلف السلالات عبر الثلاثة قرون المحتوية للتاريخ العثماني بالمنطقة.
ولئن اتسم مسار تطور الدراسات المتعلقة بالنقائش بشيء من الاختلاف بين الإيالات المغاربية الثلاث إلا أنه يشترك تقريبا في نفس المراحل الأساسية الكبرى ويظل مَدينٌ إلى البحوث الجزئية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في تكريس الوعي تُجاه هذا الإرث وضرورة المحافظة عليه وتوثيقه ودراسته وبذلك مثلت تلك الأعمال على جزئيتها النواة الأولى لنشأة هذا التخصص بالمنطقة إلى حد بلوغ مرحلة النضج بانجاز المدونات المتخصصة واعتماد المناهج الرقمية في عمليات الجرد والإحصاء والدراسة.
ويؤشرُ اختلاف استعمال اللغة التركية على النقائش بمختلف أنواعها بين الفترات التاريخية وداخل الفضاء المغاربي على التباين الهام بين الإيالات الثلاث في خصوص تبني الثقافة الجديدة ويشكل انعكاسا واضحا للتناقضات التي كانت تخترق المجتمع وتقف وراء تعدّد مواقفه إزاء الحكام العثمانيين ولاسيما بين المجتمع الحضري الذي أظهر شيء من الانفتاح والتقبل للتأثيرات العثمانية ومجتمعات الدواخل التي ظلت متوجّسة من ذلك وظل تعاملها مع السلطة العثمانية لا يتعدى الجوانب الإدارية والجبائية وفي بعض الأحيان العسكرية.
ومثلما كان الحضور العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث فارقيٌّ في تاريخه وفي طبيعته وبالتالي في مخلفاته فقد انعكست هذه التباينات بكل وضوح على مدونة النقائش وخصوصياتها وظلت العديد من الجهات محافظة على إرثها الوسيط في منأى عن تأثيرات الفن النقائشي العثماني الرسمي الذي ظل منحصرا في العواصم والمدن الكبرى ذات الحضور التركي.
ويتجلى دوام التقاليد النقائشية المحلية في تواصل استعمال الخط المغربي وتقنيات الكتابة البارزة واعتماد الصياغة التقليدية في كتابة النقائش مقابل الانتشار الكبير الذي حققه الخط الثلثي واعتماد النصوص الشعرية وبعض الخصائص الأخرى خاصة على النصوص النقائشية الرسمية المخلدة لتدخلات السلطة، بل ومثلت الكتابات الأثرية في عديد الأحيان آليات تخليدية من طرف السلطة العثمانية لتحويز مجال نفوذها ورسم حدوده.
ويتضح من خلال المقارنة والتنميطات المُقترحة بشأن هذا الصنف من الوثائق وتحليل مضمونها أنها مثلت في عديد الأحيان الوسيلة المُثلى للسلطة العثمانية لإيصال خطابها السياسي والتعبوي وتطويعه حسب الظرفية السياسية والعسكرية ومكنت عديد الحكام من إشهار أعمالهم والتعريف بانجازاتهم بحثا على شرعية لحكمهم أو مقارعة لمختلف الحركات المُعارضة لوجودهم.
ويبقى الأمل قائما في استكمال مدونة نقائش العهد العثماني بهذه الإيالات ونشرها ورقمنتها سواء في إطار البحوث الأكاديمية الفردية أو كذلك في إطار برامج التعاون المغاربية طويلة الأمد أسوة بالمشاريع الكبرى مثل مدونة النقائش الإسلامية لمؤسسة ماكس فان بارشام المذكورة آنفا والتي ظلت مقتصرة على الاهتمام بالنقائش الوسيطة السابقة للسنة 1000 هجرية، أو كذلك مشروع قاعدة البيانات للنقائش العثمانية Database for Ottoman Inscriptions الذي يُنجز بالتعاون بين الجمعية التركية التاريخية وجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية Turkish Historical Society and Tokyo University of Foreign Studies والذي اقتصر إلى حد هذه المرحلة على النقائش المعمارية بالعاصمة اسطنبول وبعض المدن التركية المهمة دون سواها29.
الهوامش
* لقد كانت هذه الورقة في الأصل مداخلة قُدمت في المؤتمر الدولي « العهد العثماني في الدراسات العربية المعاصرة » الذي نظمه مخبر تاريخ وتراث ومجتمع بجامعة قسنطينة 2، عبد الحميد مهري خلال الفترة المتراوحة بين 3 و6 أكتوبر 2015.
1 حول نشأة علم الكتابات الأثرية في العالم الإسلامي وفي المنطقة المغاربية، راجع: عوني، الحاج موسى، الرباط، 2010، ص. 33-56.
2 يمكن اعتبار أقدم دراسة حول النقائش العربية هي دراسة مارسال: . J.J.Marcel, Paris, 1826, p. 5-22
3 أنظر قائمة الدراسات التي أُنجزت في مجال نقائش العهد العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث في آخر هذه الدراسة.
4 أنظر دراسات لوسياني Luciani بالنسبة إلى مدينة صفاقس ومارسيي Mercier في خصوص مدينة قفصة وروا Roy بالنسبة إلى مدينتي المنستير والمهدية ورينو Renault لمدينة تونس وهانيزو Hannezo ومونليزون Monlezun بالنسبة إلى سوسة.
5 أبو حامد الصادق، 1995، ص. 35-44.
6 Gabriel Colin, 1901.
7 Gustave Mercier, 1902.
8 عند المقارنة بين عدد النقائش المقدمة في هذه المدونات والعدد الذي تمكن محمد توتونجو من معاينته نلاحظ أن عدد من النقائش قد فُقد أو أنه تم تحويله إلى وجهات غير معلومة من هنا تبقى المدونات الأولى مصادر لا غنى عنها.
9 Max Van Berchem, 1905, p. 160-191
10 Paule Poinssot et Bernard Roy, 1950-1958, Slimane Mustapha Zbiss, 1955, Marie-Madeleine Viré, P 1956, p. 450-493, Slimane Mustapha Zbiss, 1960
11 Ettore Rossi, 1953-b
12 رشيد بورويبة، 1979.
13 Rachid Bourouiba, 1984.
14 عبد الحق معزوز، 2001 و 2002.
15 Mehmet Tütüncü, 2013
16 محمد حيرش (تحت إشراف)، 2014.
17 العمري يحياوي، 2014-2015.
18 Solange Ory, 1996, p. 25-27.
19 أنظر حول هذا المشروع: www.fondationmaxvanberchem.com
20 Mustapha El-Habib, Juin 1972. Khira Skik, 1981. Khaled Maoudoud, 983. Raja Aoudi-Adouni, 1997. Lotfi Abdeljaoued, 2001. Fathi Jarray, 2007.
21 Ahmed Saadaoui, Tunis, 1998, 1999, 2001 et 2010.
22 فتحي الجراي، تونس، 2015.
23 Salma Kouraïchi, 2001-2002.
24 إيناس بوبطانة محمد علي، 2003.
25 سهام عبد الله جاد،2010 و Ali Cheib Ben Sassi, 2014
26 Mohamed Hedi Cherif, 1981, p. 177-197.
27 نقوم الآن بإعداد دراسة حول هذا الموضوع وهي في الأصل مداخلة بعنوان « تقنية الترصيع بالرصاص في العمارة والنقائش بالبلاد التونسية خلال العهد الحديث: ملاحظات أولية » كانت قد قُدّمت في الندوة العلمية الدولية الخامسة لقسم علم الآثار بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالقيروان حول التوطن والمجال والثقافة الماديّة في الفضاء المتوسّطي التي التأمت أيام 15 و16 و17 أفريل 2014.
28 Ali Cheib Ben Sassi, 2014, p. 637-649.
29 أنظر حول هذا المشروع: www.ottomaninscriptions.com
المصادر والمراجع
قائمة في الدراسات التي أُنجزت في مجال نقائش العهد العثماني بالإيالات المغاربية الثلاث: الجزائــر وطرابلــس الغرب وتونــس:
البلوش علي مسعود، 2007، تاريخ معمار المسجد في ليبيا في العهدين العثماني والقرمانلي 1551-1911؛ نشأة ونمو وتطور المساجد الليبية، طرابلس.
بن بلّة خيرة، 1993، دراسة النقوش الكتابية التذكارية على المباني بمدينة الجزائر في العهد العثماني، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة القاهرة.
بن ساسي علي الشايب، 2001، « ترب المركب المعماري درغوث باشا: اولى العمائر الجنائزية العثمانية بإيالة طرابلس الغرب »، المجلة التاريخية العربية لدراسات العثمانية، عدد 43، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، ص. 15-48.
بن ساسي علي الشايب، 2009، ترب العهد العثماني الأول (1551-1711) بمدينة طرابلس الغرب؛ دراسة أثرية وتاريخية، شهادة ماجستير في علوم التراث، تحت إشراف الأستاذ احمد السعداوي، جامعة منوبة.
بوبطانة محمد علي إيناس، 2003، الخط الكوفي على شواهد القبور في ليبيا بين القرنين 2 و4هـ/8–12م، رسالة ماجستير تحت إشراف سعدي الدراجي، جامعة قاريونس، بنغازي.
بوخشيم نوري، 2017، « من أجل مشروع مدونة نقائش جبلي مطماطة ودمّر »، دراسات في التراث المكتوب، تنسيق فتحي الجراي، المركز الوطني لفنون الخط، تونس، ص. 63-84.
بورويبة رشيد، 1979، الكتابات الأثرية في المساجد الجزائرية، ترجمة ابراهيم شبوح، الجزائر.
الجراي فتحي، 2000، النقائش المعمارية العثمانية بمدينة تونس: دراسة تاريخية وتقنية، شهادة الدراسات المعمقة في التراث والتنمية الثقافية، إشراف منيرة شابوطو-رمادي، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس.
- 2003، « النقائش التخليدية لقشلات وأبراج مدينة تونس »، أعمال المؤتمر الدولي الخامس لمدونة الآثار العثمانية في العالم، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، زغوان، ص. 15-34.
- 2009، « قنطرتا هرقلة ونقيشتاهما التخليديتان »، المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية، العدد 39، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، تونس، ص 99-110.
- 2011، « النقائـش المعماريّـة للفترة العثمانية المودعـة بالمتحف الوطنـي بباردو »، المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية، العدد 43، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، تونس، ص. 79-84.
- 2013، « ملاحظات حول بعض نقائش الأوقاف بإيالة تونس »، العمران والعمارة في المتوسط خلال العهدين القديم والوسيط، أعمال المؤتمر الدولي الثاني للمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس، تونس، ص 63-80.
- 2017، « التصرف في الماء والإشراف على الأسبلة خلال العهد الحسيني من خلال وقفية ونقيشتي سبيلي مصطفى البلهوان بقرية سيدي بوسعيد »، دراسات في التراث المكتوب، تنسيق فتحي الجراي، المركز الوطني لفنون الخط، تونس، ص. 205-238.
حيرش بغداد محمد (تحت إشراف)، 2014،الكتابة على شواهد القبور في عين البيضاء بوهران وأمدوحة بتيزي وزو، منشورات مركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، وهران.
السعداوي أحمد، 2016، « التواصل بين إيالتي تونس والجزائر: وقف علي باي الحسيني على زاوية سيدي عبد الحفيظ بخنقة سيدي ناجي (1774) »، السبيل: مجلة التاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 1، ص 1-17.
الرابط: http://www.al-sabil.tn/?p=2063
- 2017، « جوامع عثمانية في بلاد المغارب؛ دراسة في صلة المركز بالأطراف في مجالي العمارة والفنون »، السبيل: مجلة التاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 3، ص. 1-23.
الرابط : http://www.al-sabil.tn/?p=2758
الصادق أبو حامد، 1995، « نقوش كتابية في طرابلس من العهد العثماني »، ليبيا القديمة، عدد 1، طرابلس، ص. 35-44.
صويد (جهاد)، 2017، » نقيشة جنائزية جديدة من مدينة المنستير »، دراسات في التراث المكتوب، تنسيق فتحي الجراي، المركز الوطني لفنون الخط، 2015، تونس، ص. 177-182.
عبد اللطيف محمد صالح، 1998، « الكتابات الخطية في تربتي يوسف داي وحمودة باشا المرادي »، أعمال المؤتمر الثاني لمدونة الآثار العثمانية في العالم، مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، زغوان، ص 191-200.
عبد الله جاد سهام، 2010، النقوش الشاهدية في طرابلس الغرب إبان العصر العثماني الأول، أطروحة دكتوراه، كلية الآثار، جامعة القاهرة.
العودي-العدوني رجاء، 1998، « نقائش أسبلة مدينة بنزرت »، مجلة إفريقية، 16، تونس، ص. 39-105.
عوني الحاج موسى، 2010، فن المنقوشات الكتابية في الغرب الإسلامي، الرباط.
الكسراوي بدر الدين، 1988، « إكتشاف ثلاث نقائش بمدينة صفاقس »، مجلة إفريقية، 10، تونس، ص 39-50.
- 1990، « أرباب صناعة البناء في مدينة صفاقس من خلال الكتابات التذكارية »، مجلة أشغال المعهد القومي للآثار والفنون، عدد 5، تونس، ص. 9-43.
- 1998، « الكتابات التذكارية والجنائزية التي تعود إلى العهد العثماني بمدن الجنوب التونسي » أعمال المؤتمر الدولي الثاني حول مدونة الآثار العثمانية، مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، زغوان 1998، ص. 243-271.
محفوظ (فوزي) – عبد الجواد (لطفي)، 2017، مدونة النقائش العربية بمعالم مدينة صفاقس، دار أمل للنشر والتوزيع (صدر بمناسبة احتفالية صفاقس عاصمة الثقافة العربية).
معزوز عبد الحق ولخضر درياس، 2001، جامع الكتابات الأثرية العربية بالجزائر، ج. 1: كتابات الشرق الجزائري، ج.2: كتابات الغرب الجزائري، بئر خادم.
معزوز عبد الحق، 2002، الكتابات الكوفية في الجزائر بين القرنين الثاني والثامن الهجريين (8-14م)، الجزائر.
يحياوي العمري، 2014-2015، الكتابات الأثرية في الغرب الجزائري: دراسة تنميطية، أطروحة دكتوراه في علم الآثار الإسلامية، تحت إشراف عبد الكريم عزوق، جامعة تلمسان.
«Inscription arabe à Cherchel», af., 1, 1856, p. 483.
«Inscription arabe de la Bibliothèque d’Alger», af., X, 1866, p. 301.
«Inscription arabe gravée sur liais provenant du cimetière musulman de Bab-el-Oued à Alger », af., VI, 1862, p. 231.
«Inscriptions arabe»; de Collo, af., III, 1858, p. 317.
Abdeljaoued Lotfi, 2001, Inscriptions arabes des monuments islamiques des grandes villes de Tunisie : Monastir, Kairouan, Sfax, Sousse et Tunis (2e/8e s. H. – 10e/16e s. J.-C.), Thèse de Doctorat nouveau régime, sous la direction de S. Ory, Université Aix-Marseille I.
Anonyme, 1859-1860, « Épitaphe arabe jadis dans la mosquée de la Casba à Constantine », af., IV, p. 157.
Aoudi-Adouni Raja, 1997, Stèles funéraires tunisoises de l’époque hafside (628-975/1230-1574), 2 vols., Tunis, I.N.P.
Bazin Louis, 1996, « Persistances préislamiques et innovations dans les stèles funéraires ottomanes», in G. Veinstein éd., Les Ottomans et la mort. Permanences et mutations Leyde, Brill, 19-38.
Bel Alfred, 1910, «Note sur une inscription de habous du musée de Tlemcen 1173 H », Bulletin Archéologique, p. 244-250.
Ben Sassi Ali Cheib, 2014, Inscriptions de Tripoli d’Occident à l’époque ottomane 1551-1911 : étude épigraphique et historique, Thèse de Doctorat, nouveau régime sous a direction cotutelle de Frédéric Imbert et de Ahmed Saadaoui, Université de Provence Aix-Marseille.
Berbrugger A., 1865, « Le fort de Cherchel [inscriptions arabes] », af., IX, p. 202.
Berbrugger A., 1868, «Inscription arabe du pont de l’Harrache», af., XII, p. 280.
Bigonet F., 1903, « Une inscription arabe de Constantine », af., XLVII, fig., p. 305 à 311.
Bourouiba Rachid, 1984, Les inscriptions commémoratives des mosquées de l’Algérie, Office des Publications Universitaires, Alger.
Brosselard Charles, 1859-1860, « Les inscriptions arabes de Tlemcen », af. IV, p. 1, 66, 81, 161, 241 et 321.
-1861, « Les inscriptions arabes de Tlemcen », af., V, p. 14, 161, 241, 321, et 401.
-1862, « Les inscriptions arabes de Tlemcen », af., VI, p. 11 et 161.
Charbonneau A., 1858, « Inscription arabe de la medrasa de Sidi l-Akhdar, à Constantine », af., III, p. 469.
-1868, « Note sur des inscriptions de Constantine », af., XII.
-1869, « Inscription arabe de la grande mosquée de Cherchel », af., XIII, p. 240.
Chérif Behija, 1996, Les inscriptions de Tunis de l’époque turque publiées à nos jours : Essai de bilan, Mémoire de maîtrise, sous la direction de Jean-Claude Garcin, Université de Provence.
Cherif Mohammed Hédi, 1981, «Déturquisation du pouvoir en Tunisie», T., n° 117-118, p. 177-197.
Colin Gabriel, 1901, Corpus des inscriptions arabes et turques de l’Algérie, Paris.
Dagorn René, 1973, «Quelques réflexions sur les inscriptions arabes des nécropoles Kairouanaises», O.M.M., n° 13-14, 1er semestre, p. 239-258.
Daoulatli Abdelaziz, 1973, «Inscription à la mosquée Andalouse d’al-‘Aliya», Recueil d’études sur les Moriscos Andalous en Tunisie, préparé par Roman Petit et Miguel De Epalza, Tunis, p.285-296.
Devoulx Albert, 1872, « Epigraphie indigène du musée archéologique d’Alger », af., XVI, p. 130, 259; et XVII, p.35, 141, 232, 322, 391 et 473.
El-Habib Mustapha, 1972, Stèles kairouanaises d’époque fâtimîde et zîrîde, thèse de Doctorat de troisième cycle, sous la direction de J. SOURDEL-THOMINE, Paris-Sorbonne.
Fey Henri-Léon, 1861, « Inscription de la grande mosquée du Pacha à Oran », af., V, p. 73.
Guin L., 1896, « Epigraphie indigène. Une inscription arabo-turque de Mascara », af., XL, p. 79.
Hannezo Capitaine, 1905, «Notes historiques de Sousse », Bulletin de la Société Archéologique de Sousse, p. 153-167.
Houdas Octave et Basset René, 1882, «Epigraphie tunisienne», Bulletin de Correspondance Africaine, N° IV, Alger, p. 1-40.
Houdas Octave , 1911, «Trois inscriptions de Tunis», A.C., p. 168-171.
Jarray Fathi, 2007, Inscriptions des monuments dans la Régence de Tunis à l’époque ottomane : étude épigraphique et historiques, Thèse de Doctorat de l’Université, sous la direction cotutelle de Solange Oryet Mounira Remadi-Chapoutot, Université de Provence.
Kouraïchi Salma, 2001-2002, L’art funéraire en Tunisie à l’époque ottomane, Thèse de Doctorat nouveau régime, sous la direction de Thierry BIANQUIS, Université Lumière, Lyon II.
Leclerc Docteur, 1859-1860, « Inscriptions arabes de Mascara. Mosquée d’Ain-Beidha », af., IV, p. 42.
Leclerc Docteur, 1856, «Epigraphie de Mascara et des environs », af., 1, p. 475.
Luciani N., 1890, « Inscription arabe découverte à Sfax [1306-1348] », af., XXXIV, p.68-78.
- 1890, «Les inscriptions de Sfaks», af., N° 34, p. 254.
- 1891, «Inscriptions de Sfax», Revue Africaine, N° 35, p. 238-240.
Mantran Robert, 1965-1966, «Quelques Inscriptions Turques de Tunis», Oriens, 18-19, Leiden, p. 185-192.
Mantran Robert, 1975, «Bilan et perspectives de l’épigraphie turque pour les périodes pré-ottomane et ottomane», H.M., 4, 1975, p. 217-220.
Maoudoud Khaled, 1983, L’art funéraire sous les Banû-Khurâsân (454-554 / 1062-1159), Thèse de Doctorat de troisième cycle, sous la direction de J. SOURDEL-THOMINE, Paris-Sorbonne.
Marçais William, 1902, «Six inscriptions du musée de Tlemcen », Bulletin Archéologique, p. 359-551.
Marçais William et Marçais Georges, 1903, Monuments arabes de Tlemcen, Paris.
Marcel J.J., 1826, « Mémoire sur les inscriptions koufiques », Apud Description, Etat moderne, T. XV, Paris, p. 5-22.
Mercier Ernest, 1893, «Inscriptions arabes inédites de Tunisie», Recueil des notices et mémoires de la société archéologique du département de Constantine, 7e volume de la troisième série, p. 1-32.
Mercier Ernest, 1894, «Nouvelle inscription arabe de Gafsa», Recueil des Notices de la société archéologique de Constantine, p. 131-135.
Mercier Gustave, 1902, Catalogue des inscriptions arabes et turques de l’Algérie, Département de Constantine, Paris.
Monlezun Capitaine, « Topographie d’Hadrumète (Sousse) », Revue archéologique, Janvier-juin 1900, p. 195-215.
Ory Solange, 1996, «Epigraphie et informatique», Islâm Düyasinda Mezarlikar ve Defin Gelenekleri’nden ayribasim, Türk Tarih Kurumu Basimevi, Ankara, p. 25-27.
- 1998, «L’épigraphie arabe d’aujourd’hui», Quaderni di studi Arabi ( S. A.), 16, Dipartimento di Scienze dell’Antichità e del Vicino Oriente, p. 5-22.
- 2001, «Epigraphie arabe tunisienne : Perspectives», Mélanges d’archéologie, d’épigraphie et d’histoire offertes à Slimane Mustapha Zbiss, I. N.P., Tunis, p. 237-246.
Papier A.-L. et Patorni F., 1890, «Sur l’inscription arabe et rythmée de la mosquée de Bône », af., XXXIV, p. 263.
Poinssot Paule et Roy Bernard, 1950-1958, Inscriptions arabes de Kairouan, Publications de l’Institut des Hautes Etudes de Tunis, 2 vols., Klincksieck (C.), Paris, 2 fasc., (624 p., 16 fig., 98 pl.).
Renault Jacques, 1911, «Tunis : inscription ornant l’entrée de la bibliothèque publique», Revue Tunisienne, IV, p. 110-114.
Rossi Ettore, 1953a, « Epigrafi musulmane del Museo di Tripoli », Libia, 1, Tripoli, p. 103-107.
Rossi Ettore, 1953b, Le inscrizioni arabe e turche del museo di Tripoli (Libia), Tripoli.
Roy Bernard, 1915, «Inscriptions arabes de Mahdia», Revue Tunisienne, N° 122, p. 29-34.
Roy Bernard, 1918, «Inscriptions arabes de Monastir», Revue Tunisienne, N° 18, p. 85-91.
Saadaoui Ahmed, 1998, «Inscriptions historiques et funéraires dans les mausolées des Deys et des Beys de Tunis», Actes du IIe Congrès International : pour un Corpus d’Archéologie Ottomane, FTERSI, Zaghouan, p. 119-150.
- 1999, «Les inscriptions Arabes et Turques dans les mosquées tunisiennes de l’époque Ottomane», Africa, XVII, Tunis, p. 129-153.
- 2001, Tunis, ville ottomane : trois siècles d’urbanisme et d’architecture, Tunis.
- 2010, Tunis, architecture et art funéraire, Sépultures des deys et des beys de Tunis de la période ottomane,
Seker Mehmet, 1994, Bessehir Tunus’taki Turkçe Kitâbeler, Dunyasi Arastirmalari Vakfi, Istambul.
Skik Khira, 1981, Les tissus musulmans jusqu’à l’époque fatimide : étude de la collection conservées dans les musées de Tunisie, 2 vol., Thèse de Doctorat de troisième cycle, sous la direction de S. ORY, Université Aix-Marseille I.
Sourdel-Thomine Janine, 1962, «Quelques étapes et perspectives de l’épigraphie arabe», Studia Islamica, XVII, p. 5-22.
Tütüncü Mehmet, 2012, «Ottoman heritage in Orán (Wahran). Inscriptions and Architecture», Las Campanas de Orán 1509-2009, Estudios en homenaje a Fatma Benhamamouche, Universidad de Alcalá, Publicaciones ; Edición : 1, 215-235.
Tütüncü Mehmet, 2013, Cezayir’de osmanli izleri (1516-1830), çamlica, Istanbul.
Van Berchem Max, 1903 et 1979, Matériaux pour un Corpus Inscriptionum Arabicarum, première partie : Egypte (le Caire), Beyrouth.
- 1905, «L’épigraphie musulmane en Algérie, Étude sur le corpus», Revue Africaine, XLIX, p. 160 – 191.
- 1922 – 1925, Matériaux pour un Corpus Inscriptionum arabicarum, 2e partie, Syrie du Sud, Jérusalem ville, t. II, Haram, Le Caire.
- 1949, Matériaux pour un Corpus Inscriptionum arabicarum, tome I, Jérusalem ville, fasc. 1-2, Le Caire 1922 – 1923; tome II, Jérusalem Haram, fasc.1-2, Le Caire, 1925-27; tome III, planches, fasc. 1-2, Le Caire.
Van Berchem Max, et Sobernheim M., 1909, Matériaux pour un Corpus Inscriptionum arabicarum, t. I, ‘Akkâr, Hisn al-Akrâd, Tripoli, 15 pl., Le Caire.
Viré Marie-Madeleine, 1956, «Inscriptions arabes et stèles funéraires du Musée de Sousse», Cahiers de Tunisie, n° 16, 4e trimestre, 1956, p. 450-493.
Zbiss Soliman Mustapha, 1955, Corpus des inscriptions arabes de Tunisie : les inscriptions de Tunis et de sa banlieue, Notes et documents, vol. XIII, tome 1, Direction des Antiquités et des arts de Tunis, Tunis.
Zbiss Soliman Mustapha, 1960, Inscriptions arabes de Monastir, 2e partie du Corpus des inscriptions arabes de Tunisie, Imprimerie La Presse, Tunis.
الكاتب
فتحي الجراي
جامعة تونس - مخبر الآثار والعمارة المغاربية.