Information
A propos Al-Sabil
Numéros en texte
intégral
Numéro 03
Arts traditionnels au Maghreb
Transmission des savoir-faire et enjeux de leurs expositions
Bernadette Nadia
Saou-Dufrêne
2017 | 03
جوامع عثمانية في بلاد المغارب
دراسة في صلة المركز بالأطراف في مجالي العمارة والفنون
أحمد السعداوي
الفهرس
المقدمة
الوقف والمنشآت المعمارية الكبرى
نماذج من المنجزات المعمارية المغاربية التي ترجع إلى العهد العثماني
بنية المعالم الكبرى ومعمارها بقي وثيق الارتباط بالتقاليد المحلية والمباني التي تحاكي العمارة العثمانية المركزية نادرة
عناصر تميز الجوامع الحنفية عن الجوامع المالكية
فنون الزخرفة: ظهور فنون مغاربية تؤلف بين التأثيرات المشرقية العثمانية والتأثيرات المتوسطية الأوروبية
الخاتمة
الملخّص
من خلال دراسة بعض الجوامع الكبرى التي أنشأتها السلط السياسية العثمانية في عواصم الايالات المغاربية الثلاث، طرابلس الغرب وتونس والجزائر، نسعى في هذا المقال إلى الإجابة عن التساؤلات التالية : خلال الأربعة قرون من الحكم العثماني، ما هي نوعية العلاقة التي كانت تربط الأنماط المعمارية والفنية التي تبلورت في الايالات المغاربية بالفنون السائدة في مركز الخلافة العثمانية؟ هل أنّ الفنون المعمارية التي سادت خلال هذه الحقبة الطويلة من تاريخ المنطقة كانت تنتمي إلى الأنماط العثمانية أم أنها كانت تنتسب إلى أنماط محلية مغاربية؟ ما هي نقاط التماثل والاختلاف بين الايالات الثلاث في هذا المجال؟ وهل تبلورت خلال العهد العثماني خصوصيات فنية ومعمارية اعتمدت في الفترة الحديثة لرسم خصوصيات الشخصية الوطنية في كل من البلدان الثلاثة.
الكلمات المفاتيح
المغرب العثماني، إيالة طرابلس الغرب، إيالة تونس، إيالة الجزائر، الجوامع، العمارة، الفنون.
المرجع لذكر المقال
أحمد السعداوي، « جوامع عثمانية في بلاد المغارب : دراسة في صلة المركز بالأطراف في مجالي العمارة والفنون »، السبيل : مجلة التّاريخ والآثار والعمارة المغاربية [نسخة الكترونية]، عدد 03، سنة 2017.
URL : https://al-sabil.tn/?p=10915
نص المقال
سيطر العثمانيون على قسم كبير من بلاد المغرب العربي على مراحل طيلة القرن السادس عشر. فقد استطاعوا فرض سلطتهم على الجزائر (1518)، ثم طرابلس (1551) وأخيرا تونس (1574)، ونصّبوا سلطا مركزية ساهمت في جمع شمل هذه الأقاليم وإدماجها في نطاق السلطنة العثمانية. وساعدت هذه العوامل في بسط نوع من الأمن ودفع حركة البناء والتشييد. كما استفادت أقطار المغرب العربي من استقرار مجموعات بشرية هامة واكبت التحوّلات السياسية. فقد فتحت مختلف أقطار هذا الإقليم أبوابها لاستقبال المشارقة والأوروبيين والهجرات الأندلسية. ممّا أدى إلى تنشيط حركة الإعمار والبناء في مختلف هذه الأقطار. نسعى من خلال هذه الورقة إلى استعراض بعض الأمثلة عن المنجزات المعمارية الكبرى بالمنطقة خلال هذه الحقبة الطويلة، والإجابة عن التساؤلات التالية : ما هي نوعية العلاقة التي ربطت، خلال الأربعة قرون من الحكم العثماني، الأنماط المعمارية والفنية التي تبلورت في الإيالات المغاربية الثلاث، طرابلس الغرب وتونس والجزائر، بالفنون السائدة في مركز الخلافة العثمانية؟ هل أنّ الفنون المعمارية التي سادت في غضون هذه الحقبة الطويلة من تاريخ المنطقة كانت تنتمي إلى الأنماط العثمانية أم أنها كانت تنتسب إلى أنماط محلية مغاربية؟ ما هي نقاط التماثل والاختلاف بين الإيالات الثلاث في هذا المجال؟ وهل تبلورت خلال العهد العثماني خصوصيات فنية ومعمارية اعتمدت في الفترة الحديثة لرسم خصوصيات الشخصية الوطنية في كل من البلدان الثلاثة؟
الوقف والمنشآت المعمارية الكبرى
ارتبط بعث المشاريع المعمارية الكبرى خلال العهد العثماني بالمؤسسة الوقفية ارتباطا كبيرا. ولقد صاحب إلحاق الإيالات الثلاث بالدولة العثمانية انتشار المذهب الحنفي على حساب المذهب المالكي المعتمد في هذه البلدان منذ قرون عدة. ونتج عن ذلك إحداث مؤسسات دينية تتبع المذهب الرسمي للسلطة العثمانية من جوامع ومساجد ومدارس. ولقد لعب المذهب الحنفي، المتسم بالمرونة في مجال الوقف1، دورا فعّالا في تسهيل اعتماد الحبس لدعم حركة التعمير والبناء. وفي ظل غياب إدارة أو سلطة بلدية تمّ الاعتماد على الوقف في تنظيم المدن وتسييرها، ويتجلى دور مؤسسة الحبس من خلال المنشآت الكبرى التي شكلت أحيانا عمليات عقارية واسعة. ويقوم الوقف في هذا المجال بتدارك نواقص التشريع الإسلامي في ميادين تنظيم المدن(l’urbanisme). ويتيح تحقيق الكثير من الإنجازات التي تحتاجها الحواضر من إنشاء مجمعات معمارية مندمجة. وتؤثر هذه المشاريع أحيانا في أحياء بأكملها، حيث يكون المعلم الديني قطب تعمير، وتساهم بذلك الأوقاف الكبرى، التي ينشئها حكام البلاد الأتراك، في تشكيل الفضاء الحضري وفي تطور المدينة وتجهيزها بالمباني الضرورية.
وتكشف نصوص الوقفيات الكثير من المعطيات المتعلقة بالمشاريع الكبرى الدينية والتعليمية، وهي تبين القصد من بعث مثل هذه المشاريع والسياقات السياسية والاجتماعية التي تندرج ضمنها. وتمدنا وثائقنا بكثير من المعلومات المتصلة بترتيب الوظائف، وإقامة الشعائر داخل المساجد والجوامع، ومن بينها وظيفة الإمامة. ويشترط الواقفون أن يكون الإمام حنفي المذهب. ويرتب الواقف في الجوامع إمامين : إمام للصلوات الخمس وآخر لصلاة الجمعة والعيدان، ويحدد رواتبهم.
كما حددت وثائق الأوقاف عدد المؤذنين ورواتبهم، ولقد ورد في وثائق أحباس جامع يوسف داي أن مؤسسه « رتّب خمسة من المؤذّنين التّرك واثني عشر مؤذّنا من مؤذّني العرب بالجامع المذكور. ورتّب معرّفا يصعد على المحفل عند جلوس الإمام على المنبر »2. وورد في وقفية جامع محمد باي أنه رتب « لخمسة مؤذنين حنفية أحد عشر ناصريّا كلّ يوم من ذلك لرئيسهم ثلاثة ناصريّة والباقي لمن عداه بالسّواء » و »لأثنى عشر مؤذّنا مالكية ربع ريال كلّ يوم لشيخهم من ذلك ناصريّان كلّ يوم والباقي بين من عداه بالسّواء »3. وتؤكد وثائق جامع حمودة باشا ترتيب « مؤذنين من الصنفين »،4 مالكيين وحنفيين. ويبلغ راتب المؤذن الحنفي ضعف راتب المؤذن المالكي، بيد أن عدد المؤذنين المالكيين يفوق الحنفيين. وتبين الوثائق أن المؤذنين الأتراك، ويسمون أحيانا الخوجات، يجلسون فوق المحفل ويرتلون الصلوات والأدعية والإنشاد الديني ويقومون بالتبليغ وراء الإمام. ويبدو أن مجموعة المؤذنين الأتراك هي التي صبغت الجوامع الرسمية الحنفية بصبغة شرقية وميزتها عن الجوامع المحلية التابعة للمذهب المالكي.
وتلحق بالجوامع الكبرى عادة مدارس يسكنها الطلبة. وقام الحكّام الأتراك بتوظيف هذه المدارس المحدثة أو المجدّدة لنشر المذهب الحنفي. فعيّنوا للتّدريس بها شيوخا من الحنفية استقدموهم من اسطنبول ومن مصر. كما يظهر أثر الأوقاف بوضوح في مجال الشروط التي يضعها الواقفون. وهي تخص عملية التعليم، أو ما يمكن أن نسميه بطرق التعليم والشروط التي يجب أن تتوفر في القائمين بالتدريس ومواعيد مختلف الدروس وغيرها من التنظيمات الإدارية والمالية. وتضطلع هذه المؤسسات بوظيفة تكوين الإطارات التي تشغل مختلف الوظائف السياسية والتعليمية والدينية والقضائية الخاصة بالإدارة العثمانية (مثل القضاة والمفتون والخطباء والأئمة والعدول والكتاب والمدرسون).
ويحرص الحكام الأتراك على تعيين كبار العلماء في الخطط الهامة المرتبطة بهذه المؤسسات، أي الخطابة والإمامة والتدريس. فقد عين يوسف داي رمضان أفندي عند قدومه من إسطنبول خلال العشرية الثانية من القرن السابع عشر برسم تولّي خطة القضاء الحنفي، وهي أعلى سلطة دينية في البلاد، عينه خطيبا في جامعه ومدرسا في المدرسة الملحقة بالجامع. وأورد حسين خوجة في ترجمته « أنه أول خطيب بجامع يوسف داي وأول مدرس بمدرسته، وأول من أفتى بمذهب الإمام أبي حنيفة بتونس. وأصل مجيئه إلى تونس كان بمنصب القضاء، فأمسكوه للانتفاع به ووظفوه فيما ذكر »5. وقدم بعده أحمد أفندي بن عبد النبي « بوظيفة القضاء فمنعوه من الرجوع ». وتولى مثل رمضان أفندي خططا هامة. وكان أول من تولى الخطابة بالجامع الجديد بالجزائر قرباش أفندي وخلفه مسلم أفندي الذي تولى الإفتاء عام 1090/1679، وأضحت القاعدة منذ ذلك التاريخ، أن يتولى الخطابة بالجامع الجديد الشيخ المفتي بالجزائر6.
نماذج من المنجزات المعمارية المغاربية التي ترجع إلى العهد العثماني
تنسب إلى الفترة العثمانية منجزات معمارية مغاربية عديدة. ولكننا سوف نقتصر في بداية هذه الورقة البحثية على الوقوف على بعض النماذج التي سوف نعتمدها في رسم خصوصيات العمارة الرسمية التي انجزها ممثلو السلطة العثمانية بالإيالات المغاربية الثلاث التابعة إلى الباب العالي. نذكر من ضمنها أول جامع أنشأه العثمانيون بمدينة طرابلس. بناه درغوث باشا حوالي سنة 1560، ويعدّ النّواة لمجمّع معماري مندمج « كليات ». ويتكون من الجامع، كوحدة معمارية أساسية، تتمّمه وحدات أخرى أهمّها الميضأة والتّرب والحمّام ومخازن ومرافق أخرى. لقد بنيت بعض العناصر في فترات متأخّرة عن تاريخ التّأسيس. ونذكر مثلا المئذنة التي أمر ببنائها اسكندر باشا سنة 1602 والحمّام الذي أضيف في نفس الفترة تقريبا.
ختلف تخطيط المجموعة المعماريّة المحيطة بجامع درغوث باشا عن الأنماط المتعارفة. فهي تمثل طرازا جديدا إنتقل إلى العمارة الليبية بتأثير عثماني. وتعرّض المعلم بعد الحرب العالمية الثانية إلى ترميم شامل أفقده الكثير من مميّزاته الأصليّة، على أن طريقة تغطية الجامع، بقبابه العديدة المتساوية، تعطي المعلم سمته المميّزة وتلحقه من حيث العمارة بنمط محلي أصيل. ولا يتعارض هذا مع التّأثيرات المشرقيّة التي تبرز من خلال التّخطيط، وتتجلّى أيضا في بعض عناصر المسجد كالمنبر والمحفل والمئذنة الأسطوانية الشّكل7. نذكر كذلك جامع يوسف داي بتونس الذي شيده أبرز حكّام فترة الدّايات سنة 1022/1615. وألحق بهذا المعلم وحدات أخرى عديدة ومتنوّعة من حيث الأغراض والعمارة. وتكوّن جميعها مركبا مندمجا يقول عنه الوزير السرّاج: « ولمّا بنى المسجد المذكور بنى حوله ثمانية أبواب معتبرة: المسجد الجامع والمدرسة والميضأة والقهوة والحمّام والفندق وسوق البركة والطّاحونة. والقطع كلّها ملتصقة بعضها ببعض بحيث لو نظر إليها منفردة عمّا جاورها لكانت قدر بلدة صغيرة »8.
ويشتمل الجامع على قاعة صلاة يتقدمها رواق وتحيط بها الصحون من ثلاث جهات، وتنتصب المئذنة وضريح المؤسّس لصق الجدار الجوفي للجامع ويطلان على سوق البشامقية. وتنتمي قاعة صلاة هذا الجامع من حيث العمارة إلى نمط محلّي كلاسيكي، فهي تمثّل بيتا مستطيلا مقسّما إلى عدّة بلاطات بواسطة شبكة من الأعمدة متأت أغلبها من المعالم القديمة. وتحمل هذه الأعمدة الرّخامية والحجرية أقبية متقاطعة تغطّي كامل البيت، ماعدا المربّع الذي يتقدّم المحراب والذي ترتفع فوقه قبّة نصف كروية موضوعة على أربع حنيات ركنيّة. ولا تختلف هذه القاعة كثيرا عن قاعات الصّلاة الإفريقية المشيّدة خلال العصور الوسطي، غير أنها تحتوي على بعض العناصر الجديدة على غرار المنبر المكسوّ بالرّخام الأبيض أو المحفل الخشبي الذي يتوسّط الرّواق الذي يقابله. أمّا المئذنة المبنية بحجارة موجهة فهي « على الذّوق الشّرقي » كما يقول محمّد بن الخوجة، لها ثمانية وجوه وترتكز على قاعدة مربّعة وتتوّجها شرفة تغطيها ظلة، تحمل جوسقا أو جامورا مثمّنا أيضا يغطّيه سقف خشبي مخروطي الشّكل. وقد ألحقت بهذا الجامع أول مدرسة تشيّد في مدينة تونس لتدريس المذهب الحنفي من طرف الحكام الأتراك. وكلف يوسف داي رمضان أفندي القاضي الحنفي بالتدريس فيها.
وألحقت بالجامع تربة شيدّت سنة 1049/1639 بعد وفاة المؤسّس، وهي عبارة عن قاعة مربّعة يغطّيها سقف هرمي الشّكل تكسوه القراميد الخضراء. وينتمي هذا الضّريح من حيث العمارة إلى نمط أندلسي مغربي عريق. ولا يخلو رغم ذلك من التّأثيرات العثمانيّة. ونذكر منها فكرة الجمع بين الضّريح الأميري والمعلم الدّيني فهي مظهر من مظاهر التأثير المشرقي. ونشير أيضا إلى اللّوحات الرّخاميّة الحاملة للنقائش والتي تحلّي الواجهات الأربع للضّريح وكتبت بقلم الثّلث، فهي مستوحاة بلا ريب من الفنون المشرقية التي أدخلها الأتراك إلى البلاد. وأخيرا تتميّز قبور هذا الضّريح عن القبور المحلّية بشواهد على شكل أعمدة صغيرة تغطّيها عمائم ولا نجد هذا في الشواهد التقليدية للبلاد. ويعد جامع يوسف داي المثال الذي شيّدت على نمطه كلّ الجوامع الكبرى التي بناها فيما بعد المراديّون ثمّ الحسينيّون بتونس. بل نجد هذا المثال حتّى في الجوامع التي بناها القرمانليّون بطرابلس.
ويعتبر الجامع الجديد في الجزائر أهم معلم يمثل الفترة العثمانية ضمن معالم المدينة. بني هذا الجامع سنة 1070/1660 بأمر الوجق، وبتمويل من مؤسّسه سبل الخيرات التي تدير الصدقات التي تجمع لفائدة طائفة الأحناف العثمانيين. وتعبر عمارته عن إرادة واضحة لتقليد الجوامع التركية. وأصبح هذا الجامع بعد بنائه أعظم مسجد تؤمه هذه الطائفة. كما يأوي مقر المفتي. ويقع في مواجهة البحر، ويراه كلّ قادم إلى المدينة من جهة الميناء، فيأخذ بشكله الجذاب وقبّته العالية وبياضه النّاصع. وكان رؤساء البحرية يحيونه عند الخروج للغزو بالطّلقات النارية تيمّنا بالنّصر.
وقد رسمت قاعة الصلاة في هذا المسجد حسب مخطط مستطيل، وهي تنقسم إلى بلاطة وسطى تحف بها بلاطتان جانبيتان. وتفصل بين هذه البلاطات دعائم تعلوها الأقواس التي تحمل القباب والأقبية المتعددة التي تغطي المسجد. وتتميز القبة المركزية البصلية الشكل عن سائر القباب الجزائرية. وهي تقوم على أربع عقود تحملها دعائم ضخمة. ويتمّ الانتقال من الشكل المربع إلى الشكل الدائري عبر مثلثات كروية توضع في الأركان، وتحليها زخارف جصيّة. وتحيط بالمربع الذي ترتفع فوقه هذه القبة العظيمة أربع أروقة، تغطيها أقبية طولية وقباب صغيرة مثمنة ترتفع فوق الأركان.
داخل المسجد يفتح المحراب، الذي تنتهي إليه البلاطة الوسطى، على قوس نصف دائري متجاوز، ينتصب على عمودين صغيرين من الرّخام الأبيض. وتكسو باطن هذا المحراب بلاطات خزفية متعدّدة الألوان حتّى مستوى تيجان الأعمدة. وتغطي الأقسام العليا وواجهة المحراب زخارف جصيّة منقوشة ومخرّمة تحمل موضوعات كتابية وهندسيّة ونباتيّة. وصنع المنبر الملاصق للمحراب من الرّخام الأبيض المطعّم بالحجارة الملوّنة، ويحمل موضوعات زخرفية أنجزها فنانون من أصول أوروبيّة9. وينتصب المحفل قبالة المنبر أسفل القبّة المركزية، وهو عبارة عن مصطبة مربّعة الشّكل ترتكز على أعمدة ويصعد إليها عبر سلّم يتوّجه سقف هرمي10. هذا الجامع، الذي يتميّز بمظهره الشّرقي، له مئذنة من النّوع المغربي مربّعة الشّكل تتوجّها الشرفات والجوسق. وتحلي واجهاتها أشكال اهليجية موضوعة داخل أطر مستطيلة11.
ويذكر جامع محمد باي بتونس بقبته العظيمة بالجامع الجديد بالجزائر؛ فهو يحتلّ مكانة خاصّة ضمن جوامع مدينة تونس المتأثّرة بالعمارة الشرقيّة التّركيّة. فهو يبتعد تماما عن التّقاليد المحليّة على عكس الجوامع الكبرى السّابقة له أو اللاّحقة به والتي أسّست في العهد العثماني. وتعبّر عمارته عن إرادة واضحة لمحاكاة جوامع اسطنبول.
ابتدأت أشغال بناء هذا الجامع سنة 1104/1692 وانتهت سنة 1109/1697 بعد موت محمّد باي12. وكان المؤسّس ينوي، حسبما ورد في رسم وقفية المعلم، إتمام جامعه بمنارة على شكل منارة جدّه للأب حمّودة باشا وبتربتين الأولى له ولأعقابه من الذّكور والثّانية لأزواجه وذريّته من الإناث، ولكن موته حال دون إنجاز هذه العناصر.
يرتفع الجامع فوق مصطبة عالية مهيأة فوق الحوانيت والمخازن. وقد رسمت قاعة الصّلاة وهي العنصر الرّئيسي في هذا الجامع حسب تخطيط مربّع تعلوها وتغطّيها قبّة ضخمة تستند إلى أربع عقود كبيرة ترتكز بدورها على أربع دعائم عظيمة. وتحيط بالقبّة المركزية من جوانبها الأربع أنصاف قباب كما تغطّي أركان المسجد أربع قباب صغيرة. وتحيط بقاعة الصّلاة أروقة عقودها وأعمدتها من الرّخام. ومن الدّاخل تتخلّل الكسوة الرخاميّة للدّعائم والجدران لوحات من البلاطات الخزفية المجلوبة من أزنيق ذات الألوان الزّاهية والرّسوم الدّقيقة.
نقف أخيرا عند جامع أحمد باشا القرمانلي بطرابلس الذي يعتبر من أعظم الإنجازات المعمارية التي أبدعتها العمارة اللّيبية في العصر الحديث. بناه مؤسّس الدّولة القرمانلية التي حكمت الولاية أكثر من قرن (1711-1835). يمثّل هذا المعلم بعناصره المعمارية المختلفة مجمّعا على النّمط العثماني، ويشتمل ثلاثة عناصر متكاملة ومختلفة الأغراض. يتوسّط المسجد المجمّع وتنتصب المدرسة ذات الطابقين في الجهة الشمالية الغربية، أمّا الترب فنجدها في الجهة المقابلة أي الجنوبية الشرقية بالإضافة إلى مرافق أخرى ومجموعة من الحوانيت الموقوفة على المباني الدينية.
ويذكر الفرنسي فيرو في حولياته، دون تحديد لمصادره، أنّ أحمد باشا القرمانلي استقدم بناة من تونس والجزائر لتشييد جامعه13. ويثبت تخطيط هذا المعلم وعمارته بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ البنائين والصنّاع تكوّنوا في تونس وشاركوا في بناء جامع حسين بن علي بالصبّاغين الذي انتهت الأشغال به عشر سنوات قبل جامع طرابلس. فجامع أحمد القرمانلي يقتبس تخطيطه من جوامع مدينة تونس التي تعود إلى العهد العثماني: بيت صلاة محاط من ثلاث جهات بثلاث صحون، أحدها رئيسي جوفي يفضي إلى المدرسة والميضأة والآخران جانبيان يحفّان ببيت الصّلاة من الجهة الشّرقيّة والغربيّة. ونستشف، من جهة أخرى، تطابق العديد من عناصر البناء والزّخرفة بهذا المعلم مطابقة تامّة مع جامع الصبّاغين بتونس.
يتكوّن المعلم من مستطيل أبعاده 50 م في 45 م ويشتمل في الجانب القبلي على قاعة للصّلاة مربّعة الشّكل طول ضلعها 23 م، وقد قسّمت بواسطة شبكة من الأعمدة الرّخاميّة إلى خمس بلاطات تتعامد مع جدار القبلة تقابلها خمس أخرى موازية لنفس الجدار. وتغطّي كامل القاعة قباب على عدد المربّعات التي تكوّنها شبكة الأعمدة، على غرار الكثير من المساجد المحلّية. وجاءت هذه القباب متساوية الارتفاع ما عدى قبتي المحراب والبهو فهي أكثر ارتفاعا من الأخرى. ويرمي ذلك إلى إبراز البلاطة الوسطى المحورية. ويتطابق هذا التنظيم مع تقاليد قديمة، نجدها في العمارة الإفريقية الكلاسيكية. ويؤكد التضليع الذي يميز هاتين القبتين عن القباب الأخرى علاقة جامع أحمد القرمانلي بالمدرسة المعمارية القيروانيّة. من حيث الهيكلة تنتصب القباب جميعا على مثلّثات كروية تكسوها نقوش جصّية تحمل رسوما نباتيّة وهندسيّة. وتنتصب هذه القباب على عقود نصف دائرية متجاوزة تحملها أعمدة منحوتة في الرّخام المجلوب من مقاطع الرخام الإيطالية الشّهيرة بكراره، والتي كانت خلال القرن الثامن عشر تهيمن على سوق الرخام في العالم المتوسّطي. ويتكون العمود من جذع وقاعدة وتاج من النّوع الدوري. وتكسو جدران هذه القاعة، حتّى مستوى تيجان الأعمدة التي تستند عليها الأقواس، البلاطات الخزفيّة ذات الألوان الزّاهية البرّاقة المجلوبة من مصانع القلالين بتونس. أمّا الأقسام العليا من الجدران فتغطّيها النقوش الجصيّة.
ومن ناحية أخرى تكسو باطن محراب الجامع البلاطات الخزفية، ما عدا نصف القبة التي تعلوه فتغطّيها نقوش جصّية مماثلة تماما لنقوش محراب جامع الصبّاغين بتونس السالف الذّكر. يقوم على جانبي المحراب عمودان صغيران من الرّخام أحدهما أسود والثاني أبيض، ويعلو كل منهما تاج من الصّنف الدوري. تحمل هذه الأعمدة قوس نصف قبة المحراب الذي يتميّز أيضا بفقراته المتناوبة بيضاء وسوداء. أمّا المنبر الرخامي الذي ينتصب على يمين المحراب فيماثل تماما منبر الصباغين. يكسوه الرخام المحفور المطعّم بأحجار ملوّنة تمثّل رسوما نباتية متأثرة بالفن الباروك السائد بإيطاليا في ذلك العصر.
ويقوم المحفل في آخر بلاطة المنبر، وراء المدخل الرّئيسي لقاعة الصّلاة، وهو عبارة عن دكّة خشبيّة مربّعة ترتكز على أربع أعمدة مفتولة. وهو » معدّ للمؤذّنين برسم تبليغهم حركات الإمام »، ويشتمل على درابزين مطلّ على المسجد.
وتمثل المئذنة من الخارج أبرز عناصر هذا المسجد، وهي مثمّنة البدن وتشرف على كامل الحي. وتكاد هذه المنارة أن تخلو من الزخرفة، ما عدا الحليات البسيطة التي تزخرف كل وجه من وجوه المثمّن بشكل غائر معقود يمتدّ من الأسفل حتّى مستوى الشرفة الوحيدة التي تتوجها. خلاف لشرفات جوامع تونس هذه الشرفة عارية، لا تغطيها ظلّة. وتنتهي المئذنة بجوسق مثمّن يغطيه سقف هرمي الشكل مكسو بورق الرصاص يحمل تفاحات نحاسية وهلال. وهي تنتمي إلى صنف جديد من المآذن ظهر في المنطقة في العصر العثماني، ونجد منه عديد النماذج خاصة بمدينة تونس.
ويمثل جامع أحمد باشا القرمانلي أحسن تمثيل الجوامع الرسمية التي شيّدت بليبيا خلال الفترة العثمانية ورغم تأثره بعمارة مسجد الصباغين في تونس، فهو يحمل عناصر عدّة مرتبطة بالتّأثيرات الشرقية العثمانية أو التّأثيرات الأوروبية مع تواصل التقاليد المحليّة التي تظهر من خلال استخدام القباب عوضا عن الأقبية لتغطية قاعة الصّلاة. لقد مثل هذا المعلم في عصره نموذجا يتبع في بناء المساجد، من ذلك جامع مصطفى القرجي الذي شيّد في أواخر الفترة القرمانلية (سنة 1833) وتأثّر في مخطّطه وبناءه وزخرفته بجامع أحمد باشا القرمانلي14.
بنية المعالم الكبرى ومعمارها بقي وثيق الارتباط بالتقاليد المحلية والمباني التي تحاكي العمارة العثمانية المركزية نادرة
نتبين من خلال دراسة المنجزات المعمارية المغاربية التي ترجع إلى الفترة العثمانية، وهي كثيرة، أنها غالبا ما بقيت وثيقة الارتباط بالتراث المحلي الوسيطي في أبعاده الافريقية والمغاربية والأندلسية. من ذلك أن أغلب الجوامع الجديدة المشيدة من طرف الإدارة العثمانية تنتمي من حيث الشكل العام ومن حيث العمارة إلى نمط محلّي كلاسيكي، حيث نجد أن المسجد أو قاعة الصلاة وهي أهم عناصر الجامع، تقسم من الداخل إلى بلاطات عدّة بواسطة شبكة من الأعمدة. وقد لاحظنا أن هذه الأعمدة في بعض هذه الجوامع، مثل جامع مراد آغا بتاجوراء قرب طرابلس (1553) أو جامع يوسف بتونس (1615)، مأخوذة من المواقع والمعالم القديمة، وذلك حسب التقاليد المعمارية الافريقية الكلاسيكية التي يمثلها الجامع الكبير في القيروان أو جامع الزيتونة في تونس. وهذا ما يضفي على بعض الجوامع الأولى التي شيدها الأتراك طابع محلي عتيق. وغلب في مرحلة ثانية استعمال أعمدة من الرخام الأبيض المجلوب من مقاطع كراره، نذكر من ذلك جامع حمودة باشا بتونس (1655) أو جامع أحمد باشا القرمانلي بطرابلس (1637). وغالبا ما تحمل هذه الأعمدة الرّخامية والحجرية في جوامع تونس أقبية متقاطعة أو طولية تغطّي كامل البيت. ويغلب في جوامع طرابلس التغطية بالقباب المتساوية حسب طريقة محلية غارقة في القدم.
ويندر في هذا المضمار أن نجد مباني تحاكي النماذج العثمانية. من ذلك جامع محمد باي الذي يمثل نموذجا مكتملا للعمارة الإسطنبولية ببلاد المغرب. أورد الوزير السراج المؤرخ الذي عاصر بناء الجامع وكان مندهشا لظهور نوع جديد من المعمار « لم يعهد مثله في الناحية الغربية شكلا وحلاوة منظر »، ونقل السراج بذلك ما كان يتداوله عامة الناس في شوارع تونس حول هذا المعلم العجيب، من أن محمد باي « أنشأه -على ما قيل-على أسلوب جامع الوالدة بالقسطنطينية العظمى »15، ويقصد الوزير السراج هنا جامع يني فاليدي أو جامع الوالدة الجديد الذي بنته تورهان والدة السلطان محمد الرابع وافتتح للصلاة سنة 1663. ويشير نفس المصدر أن الباي كان يتابع بنفسه تقدم أشغال البناء « واختار عشرة من مهرة المعلمين البنّائين ووافقهم عليه »16. ونحن نعتقد جازم الاعتقاد وجود معماري تركي، ضمن العشرة بنائين الذين ذكرهم الوزير السراج، عمل في إسطنبول وهو الذي رسم مخطط الجامع وتابع الإنجاز.
وفي نفس السياق تندرج عمارة الجامع الجديد بالجزائر، وهو أهم جامع بناه الأتراك بالمدينة، ضمن التقاليد المعمارية العثمانية، ويتجلى ذلك من خلال القبة المركزية العظيمة التي يناهز ارتفاعها من 24 مترا، فهي تذكر بقباب إسطنبول، ولكنها تتميز عنها بشكلها البيضاوي، مما يوحي بأن البناء ليس له دراية كافية بالعمارة العثمانية الكلاسيكية التي يحاول تقليدها. وتشير بعض الروايات إلى مساهمة معماري نصراني في عملية البناء، وتذكره أيضا وثائق الأرشيف، ولككنا لا نستطيع الجزم بأنه هو الذي رسم المبنى وأنجزه؛ فقد يكون البناء من المحليين الذين لهم بعض الإلمام بالعمارة البيزنطية والعثمانية. بالإضافة إلى الشكل الخارجي يستوحي الجامع الجديد بالجزائر مخططه الصليبي من الأشكال المعمارية البيزنطية التي انبثقت منها العمارة الكلاسيكية الإسطنبولية.
عناصر تميز الجوامع الحنفية عن الجوامع المالكية
نستطيع التأكيد، رغم وجود إرادة قوية لدى الأتراك لتمييز جوامعهم عن الجوامع المحلية، بأن المعالم الكبرى التي استوحت عمارتها من مركز الخلاقة قليلة في الإيالات المغاربية. واستخدمت بعض العناصر داخل المسجد وخارجه لتأكيد هذا الاختلاف ولعل أهمها المئذنة.
اعتمدت في الجوامع العثمانية بالبلدان المغاربية المئذنة الأسطوانية والمئذنة المثمنة الشكل للتمييز والتفريق بين الجوامع الحنفية والجوامع المالكية ذات المآذن المربعة الشكل. نجد المنارة الأسطوانية القلمية الشكل ذات الأصول العثمانية في بعض الجوامع منها جامع درغوث باشا بطرابلس أو جامع الأتراك بجربة.
على أن الشكل المعتمد بكثرة في العمارة الرسمية المغاربية هو الشكل المثمن الذي ظهر لأول مرة في جامع يوسف داي بتونس (1615) ثم وجدناه فيما بعد في عديد الجوامع في تونس وفي طرابلس وفي قسنطينة وفي عنابة وفي الجزائر وغيرها من مدن الإيالات الثلاث. يتميز هذا الصنف من المآذن المغاربية ببدن مثمن متوج بشرفة تغطيها ظلّة؛ ويرتفع فوق الشرفة جوسق أو جامور مثمّن أيضا يغطّيه سقف خشبي مخروطي الشكل مكسو بورق الرصاص، وتكون الشرفة أحيانا مكشوفة غير مغطاة بظلة مثلما هو الحال في جوامع طرابلس. وقد بيّنا في مقال صدر حديثا أن هذا الصنف من المآذن الذي تختص به العمارة المغاربية في العصر العثماني لا ينتسب فعليا للعمارة العثمانية الكلاسيكية، بل نجد مصدره في بلاد الشام17. هذه المآذن المشيدة على الذوق الشرقي، كما يقول ابن الخوجة، أصبحت السمة المميزة للجوامع الحنفية؛ ونجد لذلك محمد باي يشدد في وقفية جامعه (1692) على أن تكون الصومعة على هذه الشاكلة. ويدلّ هذا التأكيد على أن الأتراك العثمانيون كانوا شديدي الحرص على تفريق جوامعهم عن جوامع الأهالي، ويرمون بذلك إظهار تفوقهم والبرهنة على أنهم أصحاب السلطة ولهم الحق في الأفضلية.
ولم يكن لكافة الجوامع الرسمية العثمانية لم تكن لها جميعا مئذنة اسطوانية أو مثمنة الشكل، بل تعتمد أحيانا مآذن مربعة، من ذلك أن الجامع الجديد وهو أبرز جامع تركي في مدينة الجزائر، ألحقت به مئذنة مربعة الشكل من الصنف المحلي. وتبقى مع ذلك المئذنة من أهم العناصر التي تميز الجوامع العثمانية بالبلاد.
يتجلى تأثير المركز، بالإضافة إلى شكل المئذنة، في بعض التفاصيل أو العناصر الجزئية التي تبرز أساسا في المباني الرسمية وخاصة منها المباني الدينية المعدة للجالية العثمانية التي كانت تحكم البلاد. وقد ظهرت هذه العناصر الجديدة في مرحلة أولى عند تهيئة جوامع قديمة وتخصيصها لصلاة الجالية التركية. فقد استحوذ الحكّام الجدد بعد سيطرتهم على البلاد على بعض الجوامع والمساجد، وحولوها إلى المذهب الحنفي. وأحدثوا بها بعض الإصلاحات والتّعديلات المرتبطة بممارسة الشّعائر وفق المذهب الجديد، نذكر منها خاصّة تعويض المنبر الخشبي بآخر رخامي وإقامة محفل للخواجات أو المؤذّنين الأتراك. ونسوق على ذلك مثال جامع القصبة في مدينة تونس. فقد أورد الشيخ بيرم الرابع في حديثه عن أيمة جامع القصبة أنه « لمّا حدث المذهب الحنفي بتونس باستقرار الدولة التركية واتخذت القصبة دار ملك اقتداء بالملوك الحفصيين الذين كان استقرارهم بها اقتضى حالهم، أي الترك، أن رتبوا بجامعها، الذي هو محل عبادتهم، أيمّة من أهل مذهبهم، واستمر حاله على ذلك إلى يومنا هذا. ويذكر أن المنبر القديم كان من الخشب كما هو المألوف في الجوامع المالكية بتونس، فلمّا حول صنع له ذلك المنبر من الحجر كما هو الرسم في المنابر الحنفية »18. وتجاور منبر جامع القصبة لوحة رخامية ملصقة بجدار القبلة تحمل كتابة باللغتين العربية والتركية تذكر أن الباشا أحمد بن علي هو الذي بنى المنبر الرخامي الجديد سنة 19992/1584. وتتميز جميع الجوامع التابعة للمذهب الحنفي والمعدة للأتراك بالإيالات المغاربية بمنابرها الحجرية التي تحمل أحيانا زخارف منجزة بعناية بالرخام الملون كما هو الحال في بعض الجوامع التي ذكرناها.
وتعتبر المحافل من ضمن العناصر التي تميز هذه الجوامع، والمحفل هو عبارة عن دكّة خشبيّة مربّعة ترتكز على أربع أعمدة، تقام وسط قاعة الصلاة، في اتجاه المنبر، يجلس فوقها الخواجات أو المؤذّنين الأتراك للتبليغ أو الانشاد الديني. وللمحفل مكانة خاصة في الجوامع الحنفية. فقد أورد محمد بن الخوجة أن هذه المصاطب يصعد لها الحفاظ عند حضور وقت الصلاة لترتيل آيات الذكر الحكيم، يسمونهم في اصطلاحهم خوجات، يكون على رأسهم كبير لهم، يلقبونه بالباش خوجة. وهؤلاء الخوجات لهم تراتيب ضابطة لصناعتهم. وذكر ابن الخوجة أن الشيخ الكيلاني بن الطاهر كتب رسالة في هذا الموضوع أسماها « قانون الخوجات بالجوامع الحنفية »، ضمنها كل وارد وطريف من أحوال هذه الصناعة20. حيث يشير إلى استخدام اللسان التركي واتباع مجموعة من التراتيب والطقوس مأخوذة عن التقاليد الاسطنبولية. وتؤكد وثائق الأوقاف أهمية هذا الوظيف، وتشير إلى أنّ عدد الخوجات بكل جامع يكون خمسة أنفار باعتبار شيخهم، وأنّ رواتبهم هي ضعف رواتب المؤذنين المالكيين.
فنون الزخرفة: ظهور فنون مغاربية تؤلف بين التأثيرات المشرقية العثمانية والتأثيرات المتوسطية الأوروبية
تميزت العمارة في العهد العثماني باعتماد فنون زخرفية تختلف عن الفنون التي كانت منتشرة خلال العصر الوسيط. شملت هذه الفنون مجالات عدّة مثل الخط والكتابة والنقش على الحجارة والرخام وصناعة الخزف والرسم على الخشب والنقش على الجبس.
يأخذ الخط مكانة خاصة ضمن الفنون العثمانية. إذ تحمل غالب المنشآت المعمارية الرسمية في الإيالات العثمانية، وخاصة منها الجوامع والمدارس والترب والحصون والقشل، نقائش تاريخية تحمل اسم المؤسس، وتاريخ البناء ومعطيات تاريخية متنوعة. كتب هذه النقائش باللغة العربية أو باللغة التركية أو باللغتين في نفس الوقت. ونسجل استخدام اللغة التركية في فترة متأخرة في بعض المباني العسكرية، نذكر من ذلك الخمس القشلات التي أنشأها حمودة باشا في مدينة تونس في بداية القرن الثالث عشر للهجرة/التاسع عشر للميلاد. ومن الناحية الفنية غالبا ما تكون حروف هذه الكتابات مكتوبة بخط نسخي شرقي، يغلب عليه قلم الثلث، نشره العثمانيون في المنطقة وساد في الإيالات الثلاث التابعة للباب العالي. وتنجز هذه الكتابات غالبا بطريقة متميزة تتمثل في حفر اللوحات الرخامية الحاملة للنص وملئ النقش المحفور بالرصاص. ويأخذ المعدن بالتقادم وبفعل الهواء والرطوبة لونا داكنا يظهر جليّا على الأرضية البيضاء الرخامية. هذه النقائش التي تحمل نصوصا عربية أو تركية تنجز أحيانا على لوحات رخاميّة كبيرة تثبت بأعلى بالمباني وترى عن بعد وتدل لوحدها على انتماء المعلم إلى الحضارة العثمانية.
وقد لاحظنا كذلك توسّع استعمال البلاطات الخزفيّة في مباني هذه الفترة لتكسو مساحات هامّة من جميع أنواع المباني الدّينيّة والسّكنيّة. ونرصد في هذا الصدد أيضا استخدام المغاربة للخزف الإزنيقي العثماني بكميات محدودة. ونذكر على سبيل المثال البلاطات الخزفيّة الإزنيقية الرائعة التي تمثّل أزهار القرنفل والسّوسن وأوراق السّان التي تحلّي بعض المباني في تونس أو الجزائر. نجد البلاطات الخزفية الازنيقية في جامع محمد باي في تونس (1692-1697)، وكانت تغطي مساحات هامة من قاعة الصلاة. وتتميز هذه البلاطات بتنوعها وهي تحمل خاصيات خزف إزنيق من القرن السابع عشر التي تستخدم اللون الأحمر الطماطمي واللون الأزرق التركوازي واللون الأخضر الزرعي على أرضية بيضاء فيها زرقة خفيفة. ونذكر من العناصر النباتية المرسومة بدقة عالية الأوراق المسننة المعروفة بورق الساز، وزهرة اللوتوس، وزهرة القرنفل، وزهرة اللاله21. أما جامع حسين بن علي الذي انتهت أشغال بنائه سنة 1727 فكسيت قاعة الصلاة هي الأخرى بالجليز العثماني المجلوب من مصانع كوتاهية بضواحي إسطنبول. حيث نلاحظ تراجعا بالنسبة للتقاليد الإزنقية فالرسوم أقل دقة والألوان أقل لمعانا. ونلاحظ أن اللون الأحمر الطماطمي يكاد يكون منعدما تماما مع ظهور اللون الأصفر الشاحب الذي لا نجده في جامع محمد باي22.
ونجد بضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي بمدينة الجزائر الذي أعاد بناؤه الداي أحمد (1695-1698) وأستكمل في عهد عبدي باشا (1724-1732) نماذج من الخزف العثماني، بعضها من صنع إزنيق وبعضها الآخر من صنع كوتاهية. وتتسم بلاطات إزنيق هنا بالرقة والاتقان في الصنع والزخرفة وتحمل تقريبا نفس العناصر النباتية التي وجدناها في جامع محمد باي وهي الأخرى تنتمي إلى النصف الثاني من القرن السابع. ولعل أجمل بلاطات سيدي عبد الرحمان تلك التي تحتوي على كتابات زخرفية تتضمن أدعية ومقاطع من قصيدة البردة للبوصيري23.
كما استخدمت البلاطات الخزفية الأوروبية المتأتية من مصانع إسبانيا وإيطاليا، وكانت جدّ رائجة في عمارة المعالم التي تعنيها هذه الدراسة. مع تميز مدينة الجزائر بوجود العديد من البلاطات من صناعة مدينة دالفت الهولندية. نجده في العديد من معالم وقصور المدينة ومنها قصر الداي بالقصبة العليا، وقصر حسن باشا وقصر باردو ودار خداوج العمياء. وبعض هذا الجليز الأوروبي جلبه التجار وبعضه استولى عليه القراصنة.
واشتهرت تونس بصنع البلاطات الخزفيّة المطلية المتميزة، وعرف الحي المختص في هذه الصناعة بالقلالين، وهو ملاصق لحي الأندلس الذي كان يسكنه المهاجرون الأندلسيون. ويحاول هذا الخزف المحلّي المتميز أن يؤلف بين الخزف الشرقي العثماني والخزف الأوروبي. ويتضح من خلال الحليات الخزفية التي تحملها معالم العصر العثماني أن التصميمات الزخرفية لخزف القلالين خلال القرن السابع عشر كانت جدّ متأثرة بالجليز الإسباني، خاصة خزف مدينة بلنسية. ومنذ بدايات القرن الثامن عشر، لاحظنا غلبة الطابع العثماني عليها، حيث اتجه الحرفيون التونسيون إلى تقليد المواضيع الزخرفية التي تميز الخزف الإزنيقي. وفي القرن التاسع عشر وبفعل انتشار البلاطات الإيطالية انتجت مصانع تونس، إلى جانب الخزف التقليدي، أنواع جديدة تقلد بلاطات نابولي الإيطالية. ولاقى جليز القلالين بأصنافه العديدة رواجا كبيرا في عديد المدن المغاربية. وكانت الكثير من المعالم الكبرى الرسمية في الإيالات الثلاث تحليها ألوانا تونسية. ولازال جامعا أحمد باشا القرمانلي والقرجي، وهما من أبهى مساجد مدينة طرابلس، يحتفظان بكسوة جليزية على غاية من الجمال مستوردة من تونس. ويذكر أحد دفاتر مصاريف بناء الجامع الجديد بالجزائر أن القائمون على بناء الجامع اشتروا في دفعة واحدة سنة 1071/166، عشرون ألف بلاطة جليز من تونس لكسوة المعلم.
وقد عرفت جميع أصناف أبنية هذا العصر استعمال الجبس أو الجص للبناء أو للزخرفة وخاصة إكساء أقسام هامة من الجدران. حيث تغطى به الحيطان ثم ينقش وفيه بقية بلل « ويشكل على التناسب تخريما بمثاقب الحديد »، ومن هنا أخذ هذا النوع من العمل في بلاد المغرب اسم « نقش حديدة ». ومن نماذجه الجميلة تلك التي تزين جامع أحمد باشا القرمانلي بطرابلس أو جامع يوسف صاحب الطابع بتونس. ونلاحظ أن هذا الفن إلى جانب تقليده للموضوعات القديمة الموروثة عن العصر الوسيط أعتمد عناصر جديدة متأثرة بالفنون التركية. ولكنه بقي وثيق الارتباط بالتقاليد الاندلسية المغربية ذلك أن هذه الصناعة كان يسيطر عليها، في المدن الكبرى وخاصة تونس، أفراد الجالية الأندلسية، وهذا ما تؤكده عدة مصادر ويظهر على بعض الكتابات المنجزة على الجبس ومنها النقائش التي تحمل أسماء الصناع الذين أنجزوا رسومات جبسية. من ذلك ما وجدناه في التربة الملحقة بجامع حمودة باشا المرادي بتونس : « الحمد لله، صنع هذا النقش محمد الأندلس، عرف مالك، سنة سبع وتسعين وألف/ 1685 »24.
كذلك كان للرخام وللنحت والنقش على الرخام مكانة خاصة في زخرفة مختلف أصناف المباني في العصر العثماني وخاصة منها المباني الرسمية. وقد تواصل استغلال المواقع الرّومانية كمقاطع للحجارة والرّخام، واستعملت الأعمدة والتّيجان المأخوذة من المعالم القديمة الرومانية والبيزنطية والمعالم الوسيطية الإسلامية في تشييد المباني الدينية والمدنية على حد السواء. فمثلا نجد في جامع يوسف داي بتونس إلى جانب الأعمدة الرومانية عدة أعمدة مأخوذة من القصبة الحفصية، وأعيد استعمالها عند بناء هذا الجامع في بداية القرن السابع عشر25.
ومن ناحية ثانية، كان الرّخام يورّد من البلدان الأوروبية خاصة من إيطاليا منذ القرن السادس عشر، وتزايدت الكميات المجلوبة منه في القرون اللاحقة26. ولما جلبت أعمدة رخاميّة من ايطاليا جلبت معها التيجان الرائجة من إنتاج عصر النّهضة الأوروبيّة: دورية، أيونية وكورنتية خاصّة. كما اعتمدت تقنيات جديدة منها إكساء الحيطان والواجهات بوزرات من الرخام المحفور والمنزل بالحجارة المتعددة الألوان، وذلك حسب تقنية مميزة لفنون عصر النهضة بإيطاليا. وتتوفر لدينا أمثلة عديدة عن هذه الزخرفة في المعالم التي تعود إلى هذه الحقبة، مثل تربة المراديين في تونس أو جامع أحمد باشا القرمانلي بطرابلس، أو الجامع الجديد بالجزائر.
وقد ساهم استخدام يد عاملة من أصل أوروبي في تقوية التأثيرات الأوروبية على الفنون ببلاد المغرب العربي. فمثلا اعتمد درغوث باشا على الأسرى الأوروبيين في بناء جامعه بطرابلس خلال منتصف القرن السادس عشر، وكذلك فعل الحكام العثمانيون في الجزائر عند بناء الجامع الجديد في القرن الذي تلاه
27
.
كما صنع الفنانون المحليون من الرخام الإيطالي تيجانا وأعمدة وقواعد ذات طابع مغربي بحت، تنتمي خاصة إلى الصنف الأندلسي المغربي أو الصنف الحفصي. ونلاحظ أن أنواع التيجان العثمانية وخاصة منها التاج المقرنص، المزخرف بالأشكال الهندسية، المثلثية منها والمعينية، ذات السطوح الملساء والغائرة، لم نجد له أثرا في أي معلم في كامل بلاد المغرب.
واستخدمت مادة الرخام، إلى جانب نحت التيجان والأعمدة، في كسوة المباني وتبليط الأرضيات وتأطير النوافذ والأبواب، وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت الموضوعات الزخرفية العثمانية تغلب عليها. ثمّ تراجعت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبدأ تفوق الفنون الإيطالية وأصبحت النقوش والزخارف الرخامية جدّ متأثرة بالفنون السائدة في أوروبا في تلك العصور وخاصة فن الباروك والركوكو. وتبدو التأثيرات الإيطالية جليّة في زخرفة الكثير من المعالم هذا العهد، ونذكر من ضمنها الجامع الذي بناه يوسف صاحب الطابع بتونس في بداية القرن التاسع عشر؛ جمع هذا الوزير ثروة هائلة في التجارة والقرصنة وابتاع مقطعا من مقاطع كراره وكلف إحدى سفنه بالقيام بالعديد من السفرات إلى ميناء القرنة القريب من المقاطع لنقل الرخام لجامعه28.
الخاتمة
نستنج من كل ما سبق أن فنون العمارة تعكس التنوع العرقي والديني الذي كان يميز عواصم الإيالات الثلاث. فقد ساهمت مختلف الأعراق والأجناس المستوطنة بها من المحليين والأتراك والمشرقيين والأندلسيين والأوروبيين واليهود السفارديم، في انتاج فنون مغاربية متميزة ومنفتحة على الأقاليم المجاورة، خاصة منها البلدان المحيطة بالمتوسط. وتبلورت خلال هذا العهد فنونا مغاربية تؤلف بين التأثيرات المشرقية العثمانية والتأثيرات المتوسطية الأوروبية مع الارتباط الوثيق بالرصيد المحلي الإفريقي الأندلسي المغربي. وبدأنا منذ مطلع القرن السابع عشر نلمس من خلال بعض المنجزات المعمارية والفنية بوادر الانفتاح على النهضة والحداثة الأوروبية. وحدث ذلك بفعل المهاجرين الأندلسيين الفارين من إسبانيا وبفعل العدد الهائل للأسرى النصارى في عواصم الإيالات المغاربية.
ويتضح من خلال دراسة معالم تلك الفترة محدودية التأثيرات العثمانية المباشرة التي وجدناها في بعض النماذج الفريدة النادرة مثل جامع محمد باي بتونس. وتتجلى التأثيرات العثمانية كذلك في بعض الموضوعات الزخرفية التي نجدها في فنون النقش على الرخام، خاصة خلال القرن السابع عشر؛ أو تزيين البلاطات الخزفية وذلك بداية من القرن الثامن عشر. كما أن بعض الاشكال المعمارية كانت تعتمد من طرف الأتراك، الأتراك عرقا أو انتماء على السواء، كعناصر لإثبات هويتهم (القبة المركزية، المئذنة الاسطوانية أو المثمنة الشكل، المنير الرخامي، المحفل، خط الثلث، الشاهد المعمم…)، والغاية من ذلك التأكيد على تفوق العنصر التركي صاحب السيادة والسلطة. وساعدهم على ذلك اتباعهم المذهب الحنفي والصلاة في جوامع خاصة بهم، لها بعض العناصر التي تميزها عن جوامع الأهالي التابعة للمذهب المالكي.
ويتجلى من هذه الدراسة توظيف العمارة والفنون من طرف السلطة السياسية، ذلك أن المنجزات المعمارية الرسمية الكبرى تحمل في طياتها رسالة تؤكد تفوق العنصر التركي وتميزه عن العنصر المحلي. كما تكشف أحيانا عن طبيعة النظام السياسي، لذلك كانت المجمعات الكبرى دوما من إنجاز صاحب السلطة الفعلية في البلاد. ففي تونس أنجز يوسف داي، وهو من أبرز حكام فترة الديات (1598-1640)، أهم مجمع معماري خلال تلك الحقبة. وتنسب المنشآت الكبرى خلال حكم المراديين والحسينيين في تونس أو حكم القرمانليين في طرابلس إلى كبار رجال هذه الدول. ويكشف الجامع الجديد بالجزائر، الذي شيد بأمر من الوجق التركي، يكشف عن طبيعة النظام السياسي بالإيالة، حيث كان الجند الأتراك أصحاب السلطة الفعلية في البلاد.
كما تكشف المنجزات المعمارية تواصل كبير بين الإيالات الثلاث في مجال العمارة والفنون، وقد كنا أوردنا أنه عند بناء الجامع الجديد بالجزائر جلب الجليز من تونس بكمات ضخمة مما أضفى على المعلم الجديد ألوانا تونسية، وتذكر دفاتر المصاريف على بناء الجامع أيضا مساهمة بنائين من تونس في أشغال البناء. كذلك شيد جامع أحمد باشا القرمانلي بطرابلس على نمط جامع الصباغين الذي بني عشرة سنوات قبله بتونس.
ولا ينفي هذا التواصل بين الإيالات المغربية وجود بعض التباين المرتبط بالوسط الطبيعي وبالسياقات التاريخية والثقافية لكل إيالة. وقد اعتمدت هذه الاختلافات في الفترة المعاصرة للتأكيد على الشخصية الوطنية لكل من للدول الثلاثة التي حلت محل الإيالات الثلاثة. من ذلك أنه خلال المعرض الدولي بباريس، معرض الفنون والصنائع لسنة 1864، وقع الاختيار من طرف السلط التونسية على المئذنة المثمنة وجليز القلالين، لإبراز خصوصيات العمارة والفنون ذات الطابع الوطني. واستلهم خلال الفترة الاستعمارية الطراز المعماري المسمى بالمغربي بالجديد (Néo-mauresque) الكثير من عناصره من التقاليد المعمارية والفنية الموروثة عن العهد العثماني. واعتمدت، بعد الاستقلال، كل واحدة من البلدان الثلاث هذا التراث الثري والمتنوع لبلورة خصوصيات هويتها المعمارية.
الهوامش
1 يكمن الفرق الأساسي بين المذهب المالكي والمذهب الحنفي في أن المذهب الأول يرى ضرورة صرف الحبس على الطرف أو المصلحة العامة التي حبس من أجلها مباشرة بدون قيد ولا إرجاء. وهذا يؤدي إلى خروج الحبس من يد المحبس ويصير بحوزة الجهة المحبس عليها (الذرية أو المؤسسات الخيرية). وهذا الشرط غير وارد في مذهب أبي حنيفة الذي يبيح للمالك الانتفاع بوقفه مدى الحياة، ثم ترجع بعد ذلك للموقوف عليهم. وهذه المرونة التي تتمثل في استمرار المنفعة لصاحب الملك هي التي شجعت حركة التحبيس الواسعة التي عرفتها البلاد خلال الفترة العثمانية.
2
أ. د. ت.، دفتر 3992، ورقة 205
3 أ. د. ت.، دفتر عدد 1 (دفتر أوقاف المراديين)، ورقة 9-10.
4 المصدر السابق، ورقة 25.
5 حسين خوجة، 1972، ص. 169.
6 .Samia Chergui, 2011, p. 59
7 غاسبري ميسانا، 1998، ص 131-137.
8 الوزير السراج،1985، ج 2، ص 354.
9 هذا المنبر ينتمي في الأصل إلى جامع السيدة وحول إلى الجامع الجديد بعد تدمير الجامع الأوّل من طرف السّلط الاستعمارية الفرنسية في القرن 19.
10 Rachid Dokali, 1974, p. 59 et la planche 3
11 .Georges Marçais, 1954, p. 433-434
12 الوزير السرّاج، 1985، ج. 2، ص. 562-565.
13 .Ch. Féraud, 1927, p. 179
14 غاسبري ميسانا، 1998، ص 191-193
15 الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 562.
16 الوزير السراج، 1985، ج. 2، ص. 588.
17 .Ahmed Saadaoui, 2011, p. 85-110
18 بيرم الرابع، التراجم المهمة للخطباء والأيمة، ذكره ابن الخوجة، 1985، ص. 160.
19 أنظر مقالنا حول النقائش العربية والتركية في الجوامع التونسية في العهد العثماني (1999، ص. 131-132).
20 ابن الخوجة، 1985، ص. 224-225.
21 أنظر كتابنا بالفرنسية تونس مدينة عثمانية (2001، ص. 128-129).
22 نفس المرجع (2001، ص. 154-157).
23 عبد العزيز محمود لعرج، 1990، ص. 21-53.
24 أنظر كتابنا بالفرنسية تونس مدينة عثمانية (2001، ص. 92).
25 الفشتالي، 1972، ص 260-261.
.Ahmed Saadaoui, 2002, p. 64-91
26 .Pierre Grandchamp, 1920-1933, vol. 1, p. 54
27 .Samia Chergui, 2011, p. 267-269
28 ابن أبي الضياف، 1990، ج 7، ص 96.
المصادر والمراجع
ابن أبي دينار أبي عبد الله محمد، 1967، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، المكتبة العتيقة، تونس.
ابن أبي الضياف أحمد، 1990، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، الدار التونسية للنشر، 7 أجزاء، تونس.
ابن الخوجة محمد،1985، تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديد، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
الفشتالي عبد العزيز، 1972، مناهل الصفا في أخبار الملوك الشرفاء، الرباط.
الوزير السراج، محمد الأندلسي، 1985، الحلل السندسية في الأخبار التونسية، دار الغرب الإسلامي، 3 أجزاء، بيروت.
المراجع باللغة العربية
البلوش علي مسعود (تقديم ومراجعة)، 1980، موسوعة الآثار الإسلامية في ليبيا، الدار العربية للكتاب، ج 2، طرابلس-تونس.
البهنسي صلاح أحمد، 1998، « التأثيرات العثمانية على العمارة والفنون الإسلامية في ليبيا »، أعمال المؤتمر الثاني لمدونة الآثار العثمانية في العالم، زغوان، ص 67-83.
جبران مفيدة محمد (وآخرون)، 2002، دليل معالم مدينة طرابلس القديمة، مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة طرابلس.
سعد الله أبو القاسم، 1985، تاريخ الجزائر الثقافي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر.
السعداوي أحمد، 2011، تـونس في القرن السابع عشر : وثائق الأوقاف في عهد الدايات والبايات المراديين، منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، تونس.
السعداوي أحمد، 2015، تـونس زمن حسين بن علي وعلي باشا (1705-1756) وثائق أوقاف من العهد الحسيني، منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، تونس.
السعداوي أحمد، 2016، « التواصل بين إيالتي تونس والجزائر : وقف علي باي الحسيني على زاوية سيدي عبد الحفيظ بخنقة سيدي ناجي (1774) »، السبيل : مجلة التاريخ والآثار والعمارة المغاربية، [نسخة الكترونية] عدد 1.
عقاب محمد الطيب، 2000،قصور مدينة الجزائر، دار الحكمة، الجزائر.
لعرج عبد العزيز محمود، 1990، الجليز في العمارة الإسلامية بالجزائر في العصر التركي، المؤسسة الوطنية للنشر، الجزائر.
ميسانا، غاسبري، 1998، المعمار الإسلامي في ليبيا، دار الجيل، بيروت.
Chergui Samia, 2011, Les mosquées d’Alger : construire, gérer et conserver (XVIe-XIXe siècles), PUPS, Paris.
Djelloul Néji, 1995, Les fortifications côtières ottomanes de la Régence de Tunis (XVIe-XIXe siècles), éd. Témimi, Zaghouan, en 2 vol.
Dokali Rachid, 1974, Les mosquées de la période turque à Alger, SNED, Alger.
El-Ballush A.-M., 1984, A History of Libyan Mosque Architecture during the Ottoman and Karmanlli period, Tripoli.
Féraud Charles L., 1927, Annales Tripolitaines, Librairie Tournier et Librairie Vuibert, Tunis-Paris.
Golvin Lucien, 1988, Palais et résidences d’Alger, Alger Aix-en-Provence.
Grandchamp Pierre, 1920-1933, La France en Tunisie, 10 vol., Tunis.
Marçais Georges, 1954, L’architecture musulmane d’Occident, Arts et Métiers Graphiques, Paris.
Saadaoui Ahmed, « Inscriptions arabes et turques dans les mosquées tunisiennes de l’époque ottomane », Africa, XVII, p. 129-149.
Saadaoui Ahmed, 1999, Tunis, ville ottomane : trois siècles d’urbanisme et d’architecture, Centre de Publication Universitaire, Tunis 2001.
Saadaoui Ahmed, 2002, « Le marbre d’Italie dans l’architecture de la ville de Tunis à l’époque ottomane », in Architectures italiennes de Tunisie, édit. Finzi, Tunis.
Saadaoui Ahmed, 2010, Tunis, architecture et art funéraires : sépultures des deys et des beys de Tunis de la période ottomane, CPU, Tunis.
Saadaoui Ahmed, 2011, « Les minarets octogonaux au Maghreb ottoman : origine et filiation », Arab Historical Review for Ottoman Studies, t. 22, n°43, 2011, p.85-110 .
الكاتب
أحمد السعداوي
أستاذ تعليم عال، مخبر الآثار والعمارة المغاربية – جامعة منوبة.